المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(مسألة) * (ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر والأكل في الفطر قبل الصلاة والامساك في الأضحى حتى يصلي) - الشرح الكبير على المقنع - ط المنار - جـ ٢

[ابن أبي عمر]

فهرس الكتاب

- ‌(مسألة) * (فان صلى ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد استحب له إعادتها إلا المغرب فإنه يعيدها ويشفعها برابعة)

- ‌(مسألة) * (وإن أقيمت وهو في نافلة أتمها خفيفة)

- ‌(مسألة) * قال (ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة)

- ‌(مسألة) * ثم أفقههم ثم أسنهم ثم أقدمهم هجرة ثم أشرفهم ثم أتقاهم ثم من تقع له القرعة متى استووا في القراءة

- ‌(مسألة) * وصاحب البيت وإمام المسجد أحق بالإمامة إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان)

- ‌(مسألة) * (لا تصح الصلاة خلف كافر بحال)

- ‌(مسألة) * (ولا إمامة الصبي لبالغ إلا في نفل على إحدى الروايتين)

- ‌(مسألة) * ولا تصح إمامة محدث ولا نجس يعلم ذلك

- ‌(مسألة) * (ويصح ائتمام مؤدي الصلاة بمن يقضيها)

- ‌(مسألة) * (وإن أم امرأة وقفت خلفه)

- ‌(مسألة) * (وان اجتمع رجال وصبيان وخناثى ونساء تقدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء)

- ‌(مسألة) * (ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة أو محدث يعلم حدثه فهو فذ، وكذلك الصبي إلا في النافلة)

- ‌(مسألة) * (فان صلى فذاً ركعة لم تصح)

- ‌(مسألة) * (وإن ركع فذاً ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الامام صحت صلاته وإن رفع ولم يسجد صحت، وقيل إن علم النهي لم تصح وإن فعله لغير عذر لم تصح)

- ‌(مسألة) * (ويكره للإمام إطالة القعود بعد الصلاة مستقبل القبلة)

- ‌(مسألة) * (وإن فرقهم أربعاً فصلى بكل طائفة ركعة صحت صلاة الاوليين وبطلت صلاة الامام والاخريين ان علمنا بطلان صلاته)

- ‌(مسألة) * (ومن هرب من عدو هرباً مباحاً أو سيل أو سبع أو نحوه فله الصلاة كذلك سواء خاف على نفسه أو ماله أو أهله)

- ‌(مسألة) * (وهل لطالب العدو الخائف فواته الصلاة كذلك)

- ‌(مسألة) * (وهي واجبة على كل مسلم مكلف ذكر حر مستوطن ببناء ليس بينه وبين موضع الجمعة.أكثر من فرسخ إذا لم يكن له عذر)

- ‌(مسألة) * (ولا تجب على مسافر ولا عبد ولا امرأة ولا خنثى)

- ‌(مسألة) * (ومن حضرها منهم أجزأته ولم تنعقد به ولم يجز له أن يؤم فيها وعنه في العبد أنها تجب عليه)

- ‌(مسألة) * (ومن سقطت عنه لعذر إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به)

- ‌(مسألة) * (ومن صلى الظهر ممن عليه حضور الجمعة قبل صلاة الامام لم تصح صلاته والأفضل لمن لا تجب عليه أن لا يصلي الظهر حتى يصلي الإمام)

- ‌(مسألة) * (ويجوز قبله وعنه لا يجوز، وعنه يجوز للجهاد خاصة السفر بعد الزوال فيجوز للجهاد خاصة

- ‌(مسألة) * (فإن خرج وقتها قبل فعلها صلوا ظهراً لفوات الشرط لا نعلم في ذلك خلافاً) *

- ‌(مسألة) * (وإن خرج وقد صلوا ركعة أتموها جمعة، وإن خرج قبل ركعة فهل يتمونها ظهراً أو يستأنفونها على وجهين)

- ‌(مسألة) * (الثاني أن تكون بقرية يستوطنها أربعون من أهل وجوبها فلا تجوز اقامتها في غير ذلك)

- ‌(مسألة) * (ومن أدرك مع الإمام منها ركعة أتمها جمعة)

- ‌(مسألة) * (فإن لم يمكنه سجد إذا زال الزحام إلا أن يخاف فوات الثانية فيتابع الامام فيها وتصير أولاه ويتمها جمع

- ‌(مسألة) * (فإن لم يتابع الامام عالما بتحريم ذلك بطلت صلاته، وإن جهل تحريمه فسجد ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلام الامام وصحت جمعته وعنه يتمها ظهراً)

- ‌(مسألة) * (ومن سننهما أن يخطب على منبر أو موضع عال لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس على منبر)

- ‌(مسألة) * (ويسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم)

- ‌(مسألة) * (ثم يجلس إلى فراغ الاذان ويجلس بين الخطبتين)

- ‌(مسألة) * (ويخطب قائماً)

- ‌(مسألة) * (ويعتمد على سيف، أو قوس، أو عصا)

- ‌(مسألة) * (ويقصد تلقاء وجهه)

- ‌(مسألة) * (ويستحب تقصير الخطبة)

- ‌(مسألة) * ويستحب أن يدعو لنفسه والمسلمين والمسلمات والحاضرين، وإن دعا لسلطان المسلمين بالصلاح فحسن

- ‌(مسألة) * (ولا يشترط إذن الإمام وعنه يشترط)

- ‌(مسألة) * (ويستحب أن يقرأ في الاولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين)

- ‌(مسألة) * (وتجوز إقامة الجمعة في موضعين من البلد للحاجة ولا يجوز مع عدمها)

- ‌(مسألة) * (فإن فعلوا فجمعة الامام هي الصحيحة)

- ‌(مسألة) * (فإن استويا فالثانية باطلة وإن لم يكن لاحداهما مزية على الأخرى لكونهما جميعاً مأذونا فيهما أو غير مأذون)

- ‌(مسألة) * (فإن وقعتا معاً أو جهلت الأولى بطلتا معاً)

- ‌(مسألة) * (ويتنظف ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه)

- ‌(مسألة) * (ولا يتخطى رقاب الناس إلا أن يكون إماماً أو يرى فرجة فيتخطى إليها وعنه يكره)

- ‌(مسألة) * (ولا يقيم غيره فيجلس في مكانه إلا من قدم صاحباً له فجلس في موضع يحفظه له)

- ‌(مسألة) * (ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما)

- ‌(مسألة) * (ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا له أو لمن كلمه)

- ‌(مسألة) * (ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها وعنه يجوز فيها)

- ‌(باب صلاة العيدين) *

- ‌(مسألة) * (وأول وقتها إذا ارتفعت الشمس وآخره إذا زالت)

- ‌(مسألة) * (فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال خرج من الغد فصلى بهم)

- ‌(مسألة) * (ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر والأكل في الفطر قبل الصلاة والامساك في الأضحى حتى يصلي)

- ‌(باب صلاة الكسوف) *

- ‌(مسألة) * (وإن أتى في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع فلا بأس)

- ‌(باب صلاة الاستسقاء) * *

- ‌(مسألة) * (وصفتها في موضعها وأحكامها صفة صلاة العيد)

- ‌(مسألة) * (وإذا أراد الإمام الخروج إليها وعظ الناس

- ‌(مسألة) * (وبعدهم يوماً يخرجون فيه)

- ‌(مسألة) * (ويتنظف لها بالغسل والسواك وازالة الرائحة قياسا على صلاة العيد)

- ‌(مسألة) * (ويخرج متواضعاً متخشعاً متذللاً متضرعاً)

- ‌(مسألة) * (ويجوز خروج الصبيان كغيرهم من الناس)

- ‌(مسألة) * (فيصلي بهم ثم يخطب خطبة واحدة يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد)

- ‌(مسألة) * (ويرفع يديه فيدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(مسألة) * (ويستقبل القبلة في أثناء الخطبة ويحول رداءه ويجعل الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر ويفعل الناس كذلك ويتركونه حتى ينزعوه مع ثيابهم)

- ‌‌‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الجنائز

- ‌(مسألة) * (ويستحب أن يلقنه قول لا إله إلا الله مرة)

- ‌(مسألة) * (وأحق الناس بغسل المرأة وصيها ثم الأقرب فالأقرب من نسائها أمها ثم بنتها ثم بناتها ثم أخواتها كما ذكرنا في حق الرجل)

- ‌(مسألة) * (وللرجل والمرأة غسل من له دون سبع سنين وفي ابن السبع وجهان)

- ‌(مسألة) * (ويستر الميت عن العيون، ولا يحضره إلا من يعين في غسله)

- ‌(مسألة) * (ثم يلف على يده خرقة فينجيه ولا يحل مس عورته، ويستحب أن لا يمس سائر بدنه الا بخرقة)

- ‌(مسألة) * (ثم ينوي غسلهما ويسمي)

- ‌(مسألة) * (والماء الحار والخلال والاشنان يستعمل إن احتيج إليه)

- ‌(مسألة) * (ويقص شاربه ويقلم أظافره ولا يسرح شعره ولا لحيته)

- ‌(مسألة) * (ويصلى على الغائب بالنية فإن كان في أحد جانبي البلد لم تصح عليه بالنية في أصح الوجهين)

- ‌(مسألة) * (ولا يصلى الإمام على الغال ولا من قتل نفسه)

- ‌(مسألة) * (وإن وجد بعض الميت غسل وصلي عليه وعنه لا يصلى على الجوارح)

- ‌(مسألة) * (وإن اختلط من يصلي عليه بمن لا يصلى عليه صلي على الجميع ينوي من يصلي عليه)

- ‌(مسألة) * (وإن لم يحضره إلا النساء صلين عليه)

- ‌(مسألة) * (ويدخل قبره من عند رجل القبر ان كان أسهل عليهم)

- ‌‌‌ كتاب الزكاة

- ‌ كتاب الزكاة

- ‌(مسألة) * (وتجب الزكاة في أربعة أصناف من المال:

- ‌(مسألة) * (وقال أصحابنا تجب في المتولد بين الوحشي والأهلي)

- ‌(مسألة) * (وفي بقر الوحش روايتان)

- ‌(مسألة) * (ويؤخذ من الصغار صغيرة ومن المراض مريض، وقال أبو بكر لا يؤخذ إلا كبيرة صحيحة على قدر المال)

- ‌(مسألة) * (والوسق ستون صاعا، والصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي، فيكون ذلك الفاً وستمائة رطل)

- ‌(مسألة) * (قال إلا الأرز والعلس - نوع من الحنطة يدخر في قشره -، فإن نصاب كل واحد منهما مع قشره عشرة أوسق)

- ‌(مسألة) * (وعنه أنه يعتبر نصاب ثمرة النخل والكرم رطبا ويؤخذ عشره يابسا)

- ‌(مسألة) * (وتضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب)

- ‌(مسألة) * (فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر.وقال القاضي لا يضم)

- ‌(مسألة) * (فإن سقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر)

- ‌(مسألة) * (ومتى ادعى رب المال تلفها من غير تفريطه قبل قوله من غير يمين سواء كان ذلك قبل الخرص أو بعده

- ‌(مسألة) * (ويجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابساً)

- ‌(مسألة) * (وإن كان نوعاً واحداً فله خرص كل شجرة وحدها)

- ‌(مسألة) * (ويخرج العشر من كل نوع على حدته فإن شق ذلك أخذ من الوسط)

- ‌(باب زكاة الاثمان) *

- ‌(مسألة) * قال (ولا في الفضة حتى تبلغ مائتي درهم فيجب فيها خمسة دراهم)

- ‌(مسألة) * (فإن شك فيه خير بين سبكه وبين الاخراج)

- ‌(مسألة) * (وهي واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عيالهيوم العيد وليلته صاع وإن كان مكاتباً)

- ‌(مسألة) * (وإن فضل بعض صاع فهل يلزمه إخراجه؟ على روايتين)

- ‌(مسألة) * (وتستحب الصدقة بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام)

الفصل: ‌(مسألة) * (ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر والأكل في الفطر قبل الصلاة والامساك في الأضحى حتى يصلي)

(فصل) فأما الواحد اذا فاتته حتى تزول الشمس وأحب قضاءها قضاها متى أحب.

وقال ابن عقيل لا يقضيها إلا من الغد كالمسألة قبلها وهذا لا يصح لأن ما يفعله تطوع فمتى أحب أتى به وفارق إذا لم يعلم الناس لأنهم تفرقوا على أن العيد في الغد فلا يجتمعون إلا الى الغد، ولا كذلك ها هنا لأنه يحتاج إلى اجتماع الجماعة ولأن صلاة الامام هي الواجبة التي يعتبر لها شروط العيد ومكانه، فاعتبر لها العيد بخلاف هذا * ‌

(مسألة) * (ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر والأكل في الفطر قبل الصلاة والامساك في الأضحى حتى يصلي)

يستحب تقديم الأضحى ليتسع وقت التضحية لأن التضحية لا تجوز إلا بعد الصلاة وتأخير الفطر ليتسع وقت اخراج صدقة الفطر لأن السنة اخراجها يوم العيد قبل الصلاة وهذا مذهب الشافعي ولا أعلم فيه خلافا.

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم " أن أخر صلاة الفطر وعجل الأضحى وذكر الناس " الحديث مرسل رواه الشافعي (فصل) ويستحب الأكل في الفطر قبل الصلاة وأن لا يأكل في الأضحى حتى يصلي، روى ذلك عن علي وابن عباس وهو قول مالك والشافعي ولا نعلم فيه خلافا لما روى أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وقال مرجأ بن رجاء حدثني عبيد الله قال حدثني أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ويأكلهن وترار رواه البخاري، وعن بريدة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي رواه الإمام أحمد والترمذي وهذا لفظه ورواه الأثرم ولفظ روايته حتى يضحي.

ويستحب أن يفطر على تمرات ويأكلهن وتراً لما ذكرنا من الحديث، وأما في الأضحى فإن كان له أضحية استحب أن يفطر على شئ منها.

قال أحمد والأضحى لا يأكل فيه حتى يرجع إذا كان له ذبح لأن النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 226

أكل من ذبيحته، وروى الدارقطني حديث بريدة وفيه وكان لا يأكل يوم النحر حتى يرجع فيأكل

من أضحتيه وإذا لم يكن له ذبح لم يبال أن يأكل * (مسألة) * (ويستحب الغسل والتبكير إليها بعد الصبح ماشياً على أحسن هيئة إلا المعكتف يخرج في ثياب اعتكافه أو إماماً يتأخر إلى وقت الصلاة) يستحب الغسل للعيد وكان ابن عمر يغتسل يوم الفطر رواه مالك في الموطأ، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال علقمة وعروة وعطاء والنخعي والشعبي ومالك والشافعي وابن المنذر لما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى رواه ابن ماجه إلا أنه من رواية جنادة بن مغلس وهو ضعيف، وروى أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع " ان هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك " علل بكونه عيداً ولأنه يوم يشرع فيه الاجتماع للصلاة فاستحب الغسل فيه كيوم الجمعة، وان توضأ أجزأه لأنه إذا أجزأ في الجمعة مع الامر بالغسل لها فها هنا أولى، ووقت الغسل بعد طلوع الفجر في ظاهر كلام الخرقي.

قال الآمدي ان اغتسل قبل الفجر لم يصب سنة لاغتسال، وقال ابن عقيل المنصوص عن أحمد أنه قبل الفجر وبعده ولأن زمن العيد أضيق من وقت الجمعة فلو وقف على طلوع الفجر ربما فات ولأن المقصود منه التنظيف وذلك يحصل بالغسل في الليل القربة من الصلاة، والأولى أن يكون بعد الفجر ليخرج من الخلاف ولأنه أبلغ في النظافة لقربه من الصلاة والغسل لها غير واجب.

قال ابن عقيل ويتخرج وجوبه بناء على غسل الجمعة لأنها في معناها (فصل) ويستحب التبكير الى العيد بعد صلاة الصبح والدنو من الامام ليحصل له أجر التبكير وانتظار الصلاة ويحصل له فضل الدنو من الامام من غير تخطي رقاب الناس ولا أذى أحد.

قال عطاء بن السائب كان عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن مغفل يصليان الفجر يوم العيد وعليهما

ص: 227

ثيابهما ثم يتدافعان الى الجبانة أحدهما يكبر والآخر يهلل، فأما الامام فانه يتأخر إلى وقت الصلاة لما روى أبو سعيد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شئ يبدأ به الصلاة رواه مسلم، قال مالك مضت السنة أن يخرج الامام من منزله قدر ما يبلغ

المصلى وقد حلت الصلاة، وروي عن ابن عمر أنه كان لا يخرج حتى تطلع الشمس، ويستحب أن يخرج ماشياً وعليه السكينة والوقار كما ذكرنا في الجمعة وهذا قول عمر بن عبد العزيز والنخعي والثوري والشافعي وغيرهم لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يركب في عيد ولا جنازة، وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرج إلى العيد ماشياً ويرجع ماشياً رواه ابن ماجه، وإن كان بعيداً فلا بأس أن يركب نص عليه أحمد لما روي أن عمر بن عبد العزيز قال على المنبر يوم الجمعة ان الفطر غداً فامشوا الى مصلاكم فإن ذلك كان يفعل، ومن كان من أهل القرى فليركب فاذا جاء الى المدينة فليمش الى الصلاة.

رواه سعيد (فصل) ويستحب أن يتطيب ويتسوك ويلبس أحسن ثيابه كما ذكرنا في الجمعة لما ذكرنا من الحديث، وروى ابن عبد البر باسناده عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتم ويلبس

ص: 228

برده الأحمر في العيدين والجمعة.

وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس في العيدين برد حبرة وباسناده عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده " والامام بذلك أحق لأنه المنظور إليه من بينهم إلا

ص: 229

أن المعتكف يستحب له الخروج في ثياب اعتكافه ليبقى عليه أثر العبادة والنسك.

قال أحمد في رواية المروذي: طاوس كان يأمر بزينة الثياب.

وعطاء قال هو يوم تخشع واستحسنهما جميعاً

ص: 230

(فصل) ويستحب أن يكون في خروجه مظهراً للتكبير يرفع به صوته.

قال أحمد يكبر جهراً إذا خرج من بيته حتى يأتي المصلى، وروي ذلك عن علي وابن عمر وأبي أمامة وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول عمر بن عبد العزيز وفعله ابن أبي ليلى والنخعي وسعيد بن جبير وهو قول الحكم وحماد ومالك وإسحق وابن المنذر.

وقال أبو حنيفة يكبر يوم الأضحى ولا يكبر يوم الفطر لأن ابن عباس سمع التكبير يوم الفطر فقال ما شأن الناس؟ فقيل يكبرون.

فقال أمجانين الناس؟

ولنا أنه فعل من سمينا من الصحابة وقولهم، فأما ابن عباس فكان يقول يكبرون مع الامام ولا يكبرون وحدهم وهذا خلاف مذهبهم، إذا ثبت هذا فانه يكبر حتى يأتي المصلى لقول أبي جميلة رأيت علياً رضي الله عنه خرج يوم العيد فلم يزل يكبر حتى انتهى إلى الجبانة.

قال الأثرم قيل

ص: 231

لأبي عبد الله في الجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى أو حتى يخرج الامام؟ قال حتى يأتي المصلى.

وقال القاضي فيه رواية أخرى حتى يخرج الامام (فصل) ولا بأس بخروج النساء يوم العيد الى المصلى.

وقال ابن حامد يستحب ذلك، وروي عن أبي بكر وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا حق على كل ذات نطاق أن تخرج إلى العيدين، وكان ابن عمر يخرج من استطاع من أهله إلى العيدين، وروت أم عطية قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى والعواتق ذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.

قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال " لتلبسها أختها من جلبابها " متفق عليه وهذا لفظ رواية مسلم.

وقال القاضي ظاهر كلام أحمد أن ذلك جائز غير مستحب، وكرهه النخعي ويحيى الأنصاري وقالا لا يعرف خروج المرأة في العيدين عندنا، وكرهه سفيان وابن المبارك، ورخص أهل الرأي للمرأة الكبيرة وكرهوه للشابة لما في خروجهن من الفتنة.

ص: 232

وقول عائشة رضي الله عنها لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني اسرائيل ولنا ما ذكرنا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أحق أن تتبع، وقول عائشة مختص بمن أحدثت دون غيرها، ولا شك في أن تلك يكره لها الخروج وانما يستحب لهن الخروج غير متطيبات ولا يلبسن ثوب شهرة ولا زينة ويخرجن في ثياب البذلة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " وليخرجن تفلات " ولا يخالطن الرجال بل يكن ناحية منهم * (مسألة) * (وإذا غدا من طريق رجع في أخرى)

الرجوع في غير الطريق التي غدا منها سنة وبه قال مالك والشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله.

قال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره.

قال الترمذي هذا حديث حسن، قال بعض أهل العلم إنما فعل هذا قصداً لسلوك الأبعد في الذهاب ليكثر ثوابه وخطواته الى الصلاة ويعود في الأقصر لأنه اسهل، وقيل كان يحب أن يشهد له الطريقان، وقيل كان يحب المساواة بين أهل الطريقين في التبرك بمروره بهم وسرورهم برؤيته وينتفعون بمسئلته، وقيل لتحصل الصدقة ممن صحبه على أهل الطريقين من الفقراء، وقيل ليشترك الطريقان بوطئه عليهما.

وفي الجملة الاقتداء به سنة لاحتمال بقاء المعنى الذي فعله لأجله ولأنه قد يفعل الشئ لمعنى ويبقى في حق غيره سنة مع زوال المعنى كالرمل والاضطباع في طواف القدوم فعله هو وأصحابه لإظهار الجلد للكفار وهي سنة.

قال عمر رضي الله عنه فيم الرملان الآن ولمن نبدي مناكبنا وقد نفى الله المشركين؟ ثم قال مع ذلك لا ندع شيئاً فعلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 233

* (مسألة) * (وهل من شرطها الاستيطان وإذن الامام والعدد المشروط للجمعة؟ على روايتين) يشترط لوجوب صلاة العيد ما يشترط لوجوب صلاة الجمعة من الاستيطان لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها في سفره ولا خلفاؤه، وكذلك العدد المشترط لصلاة الجمعة لأنها صلاة عيد فأشبهت الجمعة، وفي اشتراط أذن الامام روايتان أصحهما أنه لا يشترط كما قلنا في الجمعة، ولا يشترط شئ من ذلك لصحتها لأن انسا كان إذا لم يشهد العيد مع الامام جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما ولأنها في حق من انتفت فيه شروط الوجوب تطوع فلم يشترط لها ذلك كسائر التطوع.

وقد ذكر شيخنا ها هنا روايتين وكذلك ذكره أبو الخطاب.

وقال القاضي كلام أحمد يقتضي أن في اشتراط ذلك روايتين: إحداهما لا يقام العيد إلا حيث تقام الجمعة وهذا مذهب أبي حنيفة إلا أنه لا يرى ذلك إلا في المصر لقوله لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.

والثانية يصليها المنفرد والمسافر والعبد والنساء وهذا قول الحسن والشافعي لما ذكرنا إلا أن الإمام إذا خطب مرة ثم أرادوا أن يصلوا لم يخطبوا ثانياً وصلوا بلا خطبة كيلا يؤدي الى تفريق الكلمة.

وهذا التفصيل الذي ذكرناه أولى ما قيل به إن شاء الله تعالى (فصل) قال ابن عقيل إذا قلنا من شرطها العدد وكانت قرية الى جانب قرية أو مصر يصلى فيه العيد لزمهم السعي الى العيد سواء كانوا بحيث يسمعون النداء أم لا لأن الجمعة إنما لم يلزم إتيانها مع عدم السماع لتكررها بخلاف العيد فانه لا يتكرر فلا يشق إتيانه * (مسألة) * (وتسن في الصحراء وتكره في الجامع إلا من عذر) السنة أن يصلي العيد في المصلى أمر بذلك علي رضي الله عنه واستحسنه الأوزاعي وأصحاب

ص: 234

الرأي وهو قول ابن المنذر، وحكي عن الشافعي إن كان مسجد البلد واسعاً فالصلاة فيه أولى لأنه خير البقاع وأطهرها ولذلك يصلي أهل مكة في المسجد الحرام ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج الى المصلى ويدع مسجده وكذلك الخلفاء الراشدون بعده ولا يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه، ويتكلف فعل المفضول مع بعده، ولا يشرع لأمته ترك الفضائل ولأنا قد أمرنا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص ولأن هذا إجماع فان الناس في كل عصر يخرجون الى المصلى فيصلون فيه العيدين مع سعة المسجد وضيقه ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر مع شرف مسجده، وروينا عن علي رضي الله عنه أنه قيل له قد اجتمع في المسجد ضعفاء الناس وعميانهم فلو صليت بهم في المسجد؟ فقال أخالف السنة إذاً، ولكن أخرج الى المصلى واستخلف من يصلي بهم في المسجد أربعاً، وصلاة النفل في البيت أفضل منها مع شرفه، ويستحب للإمام إذا خرج أن يستخلف في المسجد من يصلي بضعفة الناس في الجامع لأن علياً رضي الله عنه استخلف أبا مسعود البدري يصلي بضعفة الناس في المسجد رواه سعيد، وهل يصلي المستخلف ركعتين أم أربعا على روايتين: إحداهما يصلي أربعا لما ذكرنا من قول علي، والثانية يصلى ركعتين وروي انه صلى أربعاً فان كان عذر من مطر أو نحوه صلى في المسجد لما روى أبو هريرة قال أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد.

رواه أبو داود

(فصل) ولا يشرع لها اذان ولا إقامة ولا نعلم في هذا خلافاً إلا أنه روي عن ابن الزبير أنه

ص: 235

أذن وأقام، وقيل أول من أذن في العيدين ابن زياد، وهذا يدل على انعقاد الإجماع قبله أنه لا يسن ذلك وبه يقول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وقد روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيدين بغير اذان ولا إقامة وعن جابر مثله متفق عليهما، وعن عطاء قال أخبرني جابر أن لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الامام ولا بعد ما يخرج الامام ولا إقامة ولا نداء ولا شئ، لا نداء يومئذ ولا إقامة رواه مسلم، وقال بعض أصحابنا ينادى لها الصلاة جامعة وهو قول الشافعي والسنة أحق أن تتبع * (مسألة) * (ويبدأ بالصلاة فيصلي ركعتين) وجملة ذلك أنه يبدأ في العيد بالصلاة قبل الخطبة لا نعلم في ذلك خلافاً إلا ما روي عن بني أمية وقيل أنه يروى عن عثمان وابن الزبير أنهما فعلا ذلك ولا يصح عنهما، وخلاف بني أمية مسبوق بالإجماع فلا يعتد به ولأنه مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ولخلفائه الراشدين فان ابن عمر قال أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كانوا يصلون العيدين

ص: 236

قبل الخطبة.

متفق عليه، وقد أنكر على بني أمية فعلهم وعد منكراً وبدعة فروى طارق بن شهاب قال قدم مروان الخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال خالفت السنة كانت الخطبة بعد الصلاة، فقال ترك ذلك يا أبا فلان: فقام أبو سعيد فقال أما هذا المتكلم فقد قضى ما عليه قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فلينكره بلسانه فمن لم يستطع فلينكره بقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق، ورواه مسلم بمعناه.

فعلى هذا من خطب قبل الصلاة فهو كمن لم يخطب لأنه خطب في غير محل الخطبة أشبه ما لو خطب في الجمعة بعد الصلاة (فصل) ولا خلاف بين أهل العلم أن صلاة العيد ركعتان وذلك المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك وفعله الأئمة بعده وقد قال عمر رضي الله عنه: صلاة العيد ركعتان تمام غير قصر

على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى

ص: 237

* (مسألة) * (يكبر في الأولى بعد الاستفتاح وقبل التعوذ ستا وفي الثانية بعد القيام من السجود خمساً) السنة أن يستفتح بعد تكبيرة الاحرام ثم يكبر تكبيرات العيد ثم يتعوذ ثم يقرأ.

هذا المشهور في المذهب ومذهب الشافعي، وعن الإمام أحمد أن الاستفتاح بعد التكبيرات اختارها الخلال وصاحبه وهو قول الأوزاعي لأن الاستفتاح يلي الاستعاذة.

قال أبو يوسف يتعوذ قبل التكبير لئلا يفصل بين الاستفتاح والاستعاذة ولنا أن الاستفتاح يشرع لإفتتاح الصلاة فكان في أولها كسائر الصلوات والاستعاذة شرعت للقراءة فهي تابعة لها فتكون عند الابتداء بها لقول الله تعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) وإنما جمع بينهما في سائر الصلوات لأن القراءة تلي الاستفتاح من غير فاصل فلزم أن يليه ما يكون في أولها بخلاف مسئلتنا وأيما فعل كان جائزاً (فصل) وعدد التكبيرات في الركعة الأولى ست تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس سوى تكبيرة القيام نص عليه أحمد فقال يكبر في الاولى سبعاً مع تكبيرة الاحرام ولا يعتد بتكبيرة الركوع لأن بينهما قراءة ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات ولا يعتد بتكبيرة النهوض ثم يقرأ في الثانية ثم يكبر ويركع وروي ذلك عن فقهاء المدينة السبعة وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك والمزني، وروي عن أبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وابن عمر ويحيى الانصاري قالوا يكبر في الاولى سبعاً وفي الثانية خمساً وبه قال الشافعي وأسحق إلا أنهم قالوا يكبر سبعاً في الأولى سوى تكبيرة الاحرام لقول عائشة رضي الله عنها وعن أبيها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الافتتاح رواه الدارقطني، وروي عن ابن عباس وأنس والمغيرة بن شعبة وسعيد بن المسيب والنخعي يكبر سبعاً.

وقال أبو حنيفة والثوري في الأولى

ص: 238

والثانية ثلاث ثلاث لما روى أبو موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر تكبيره على الجنازة

ويوالي بين القراءتين رواه أبو داود، وروى أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى وحذيفة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنازة.

فقال حذيفة صدق ولنا ما روى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في الأولى سبعاً قبل القراءة وفي الثانية خمساً قبل القراءة رواه الاثرم وابن ماجه والترمذي وقال هو حديث حسن وهو أحسن حديث في الباب، وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً سوى تكبيرتي الركوع رواه أبو داود.

قال ابن عبد البر قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة حسان أنه كبر في العيد سبعاً في الاولى وخمسا في الثانية من حديث عبد الله بن عمرو وابن عمر وجابر وعائشة وأبي واقد وعمرو بن عوف ولم يرو عنه من وجه قوي ولا ضعيف خلاف هذا وهو أولى ما عمل به وحديث عائشة المعروف عنها كما رويناه وحديثهم إنما رواه الدارقطني من رواية ابن لهيعة، وحديث أبي موسى ضعيف يرويه أبو عائشة جليس لأبي هريرة وهو غير معروف والله أعلم * (مسألة) * (ويرفع يديه مع كل تكبيرة) يستحب أن يرفع يديه في حال تكبيره كرفعهما مع تكبيرة الاحرام وبه قال عطاء والاوزاعي وأبو حنيفة والشافعي.

وقال مالك والثوري لا يرفعهما فيما عدا تكبيرة الاحرام لأنها تكبيرات في أثناء الصلاة أشبهت تكبيرات الركوع

ص: 239

ولنا ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير.

قال أحمد أما أنا فأرى أن هذا الحديث يدخل فيه هذا كله.

وروي عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة وفي العيد رواه الأثرم ولم يعرف له مخالف في الصحابه.

فأما تكبيرات الركوع قلنا فيها منع، وإن سلم فلان هذه يقع طرفاها في حال القيام فهي بمنزلة تكبيرة الافتتاح والله أعلم * (مسألة) * (ويقول الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلى الله

على محمد النبي وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً، وإن أحب قال غير ذلك) وجملة ذلك أنه متى فرغ من الاستفتاح في صلاة العيد حمد الله واثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم فعل ذلك بين كل تكبيرتين وإن قال ما ذكرها هنا فحسن لكونه يجمع ذلك كله، وإن قال غيره نحو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أو ما شاء من الذكر فجائز وبهذا قال الشافعي.

وقال أبو حنيفة ومالك والاوزاعي يكبر متوالياً لا ذكر بينه لأنه لو كان بينه ذكر مشروع

ص: 240

لنقل كما نقل التكبير ولأنه ذكر من جنس مسنون فكان متوالياً كالتسبيح في الركوع والسجود ولنا ما روى علقمة أن عبد الله بن مسعود وحذيفة وأبا موسى خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوماً فقال لهم إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ فقال عبد الله تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تقرأ ثم تكبر وتركع ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ثم تركع.

فقال حذيفة وأبو موسى صدق أبو عبد الرحمن رواه الأثرم، ولأنها تكبيرات حال القيام فاستحب أن يتخللها ذكر كتكبيرات الجنازة وتفارق التسبيح فانه ذكر يخفى ولا يظهر بخلاف التكبير، وقياسهم ينتقض بتكبيرات الجنازة.

قال القاضي يقف بين كل تكبيرتين بقدر آية متوسطة وهذا قول الشافعي * (مسألة) * (ثم يقرأ بعد الفاتحة في الأولى بسبح وفي الثانية بالغاشية ويجهر بالقراءة) لا خلاف بين أهل العلم في أنه يشرع أن يقرأ في كل ركعة من صلاة العيد بفاتحة الكتاب وسورة وأنه يسن الجهر في القراءة فيما نعلم إلا أنه روي عن على أنه كان إذا قرأ في العيدين أسمع من يليه ولم يجهر ذلك الجهر.

وقال ابن المنذر أكثر أهل العلم يرون الجهر بالقراءة، وفي أخبار من أخبر بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم فيها دليل على أنه كان يجهر ولأنها صلاة عيد أشبهت الجمعة.

ويستحب أن يقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية بالغاشية نص عليه أحمد لأن

النعمان بن بشير قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى

ص: 241

وهل أتاك حديث الغاشية وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما رواه مسلم.

وقال الشافعي يقرأ بقاف واقتربت وحكاه ابن أبي موسى عن أحمد لما روي أن عمر سأل أبا واقد الليثي ماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ به في الفطر والأضحى؟ فقال كان يقرأ بقاف والقرآن المجيد واقتربت الساعة وانشق القمر رواه مسلم.

قال أبو حنيفة ليس فيه شئ مؤقت وحكاه ابن عقيل رواية عن أحمد، وكان ابن مسعود يقرأ بالفاتحة وسورة من المفصل ومهما قرأ به كان حسناً الا أن ما ذكرناه أحسن لأنه كان مذهباً لعمر رضي الله عنه وعمل به ولأنه قد رواه مع النعمان ابن عباس وسمرة ولأن في (سبح) الحث عل الصلاة وزكاة الفطر على ما قاله سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز في تفسير قوله تعالى (قد أفلح من تزكى) فاختصت الفضيلة به كاختصاص الجمعة بسورتها * (مسألة) * (وتكون بعد التكبير في الركعتين وعنه يوالي بين القراءتين) المشهور عن أحمد رحمه الله أن القراءة تكون بعد التكبير في الركعتين روى ذلك عن أبي هريرة والفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك والشافعي والليث، وروى عن أحمد أنه يوالي بين القراءتين ومعناه أنه يكبر في الأولى قبل القراءة وفي الثانية بعدها اختارها أبو بكر وروي ذلك عن ابن مسعود وحذيفة وأبي موسى وأبي مسعود البدري والحسن وابن سيرين والثوري وهو قول أصحاب الرأي لما ذكرنا من حديث ابن مسعود، وعن أبي موسى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر تكبيره على الجنازة ويوالي بين القراءتين رواه أبو داود ولنا ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين سبعاً وخمساً قبل القراءة رواه أحمد في المسند.

وعن عبد الله بن عمر قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم " التكبير في الفطر

ص: 242

سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما رواه أبو داود والاثرم ورواه ابن ماجة عن سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، وحديث أبي موسى ضعيف قاله الخطابي وليس

في رواية أبي داود أنه والى بين القراءتين * (مسألة) * (فإذا سلم خطب خطبتين يجلس بينهما يفتتح الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة ويبين لهم ما يخرجون، ويرغبهم في الاضحية في الأضحى ويبين لهم حكم الأضحية) الخطبتان مشروعتان بعد صلاة العيد ويستحب الجلوس بينهما لما روى جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائماً ثم قعد قعدة ثم قام رواه ابن ماجه ويكونان بعد الصلاة وقد ذكرنا ذلك وصفتها كصفة خطبتي الجمعة قياساً عليهما إلا أنه يستفتح الأولى بتسع تكبيرات متواليات، والثانية بسبع متواليات.

قال القاضي وإن جعل بينهما تهليلاً أو ذكراً فحسن

ص: 243

لما روى سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله قال يكبر الامام يوم العيد على المنبر قبل أن يخطب بتسع تكبيرات ثم يخطب وفي الثانية بسبع تكبيرات، وروي عنه أنه قال هو من السنة ذكره البغوي.

ويستحب أن يكثر التكبير في أضعاف خطبته لما روى سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر التكبير في خطبة العيدين بين أضعاف الخطبة رواه ابن ماجه (1) واذا كبر في أثناء الخطبة كبر الناس بتكبيره.

وقد روي عن أبي موسى أنه كان يكبر يوم العيد على المنبر ثلاثين أو أربعين تكبيرة، ويستحب أن يجلس إذا صعد المنبر قبل الخطبة ليستريح كالجمعة وقيل لا يجلس لأن الجلوس في الجمعة للأذان ولا أذان ها هنا (فصل) فإن كان فطراً يحثهم على الصدقة ويبين لهم وجوب صدقة الفطر وثوابها وقدر المخرج وجنسه وعلى من تجب ووقتها، وإن كان أضحى ذكر لهم الأضحية وفضلها وتأكد استحبابها وما يجزي منها وما لا يجزي ووقت الذبح وصفة تفريقها وما يقول عند ذبحها ليعملوا بذلك.

وقد روى أبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم فإن كان له حاجة ببعث ذكره للناس أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها كان يقول " تصدقوا تصدقوا " وكان أكثر من يتصدق النساء

متفق عليه واللفظ لمسلم.

وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وقد أصاب سنة المسلمين "

" 1 " هو ضعيف ولفظه محرف وصوابه كما في المغني أعلاه

ص: 244

* (مسألة) * (والتكبيرات الزوائد والذكر بينهما والخطبتان سنة) لا تبطل بتركه الصلاة عمداً ولا سهواً بغير خلاف علمناه، فان نسي التكبير حتى شرع في القراءة لم يعد إليه، ذكره ابن عقيل وهو أحد قولي الشافعي لأنه سنة فلم يعد اليه بعد الشروع في القراءة كالاستفتاح.

وقال القاضي فيه وجه آخر أنه يعود إليه وهو قول مالك وأبي ثور والقول الثاني للشافعي لأنه ذكره في محله فيأتي به كما قبل الشروع في القراءة لأن محله القيام وقد ذكره فيه.

فعلى هذا يقطع القراءة ويكبر ثم يستأنفها لأنه قطعها متعمداً بذكر طويل، وإن كان المنسي يسيراً احتمل أن يبني لأنه يسير أشبه ما لو قطعها بقول أمين، واحتمل أن يبتدئ لأن محل التكبير قبل القراءة ومحل القراءة بعد التكبير، فان ذكر التكبير بعد القراءة فأتى به لم يعد القراءة لأنها وقعت موقعها، وإن لم يذكره حتى ركع سقط وجهاً واحداً لفوات محله، وكذلك المسبوق اذا أدرك الركوع لم يكبر فيه.

وقال أبو حنيفة يكبر فيه لأنه بمنزلة القيام بدليل إدراك الركعة به ولنا أنه ذكر مسنون حال القيام فلم يأت به في الركوع كالاستفتاح وقراءة السورة والقنوت عنده وإنما أدرك الركعة بإدراكه لأنه أدرك معظمها ولم يفته إلا القيام وقد حصل منه ما يجزي في تكبيرة الاحرام.

وأما المسبوق اذا أدرك الامام بعد تكبيره فقال ابن عقيل يكبر لأنه أدرك محله، ويحتمل ألا يكبر لأنه مأمور بالانصات لقراءة الامام.

فعلى هذا إن كان يسمع أنصت وإن كان بعيداً كبر (فصل) وإذا شك في عدد الركعات بني على اليقين فان كبر ثم شك هل نوى تكبيرة الإحرام

ص: 245

أو لا ابتدأ الصلاة هو والمأمومون لأن الأصل عدم النية إلا أن يكون وسواسا فلا يلتفت إليه (فصل) والخطبتان سنة لا يجب حضورها ولا استماعها لما روى عبد الله بن السائب قال شهدت

مع رسول الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال " إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب " رواه أبو داود وقال هو مرسل ورواه ابن ماجة والنسائي.

قال شيخنا وإنما أخرت الخطبة عن الصلاة والله أعلم لأنها لما لم تكن واجبة جعلت في وقت يتمكن من أراد تركها من تركها بخلاف خطبة الجمعة.

وذكر ابن عقيل في وجوب الانصات لها روايتين: إحداهما يجب كالجمعة والثاني لا يجب لأن الخطبة غير واجبة فلم يجب الانصات لها كسائر السنن والاذكار والاستماع لها أفضل وقد روي عن الحسن وابن سيرين أنهما كرها الكلام يوم العيد والامام يخطب.

وقال ابراهيم يخطب الامام يوم العيد قدر ما يرجع النساء الى بيوتهن، وهذا يدل على أنه لا يستحب لهن الجلوس لاستماع الخطبة لئلا يختلطن بالرجال، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في موعظته النساء بعد فراغه من خطبته دليل على أنهن لم ينصرفن، وسنته صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع (فصل) ويستحب أن يخطب قائماً لما روى جابر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائماً ثم قعد ثم قام رواه ابن ماجه، وإن خطب قاعداً فلا بأس لأنها غير واجبة أشبهت صلاة النافلة، وإن خطب على راحلته فحسن لما روى سلمة بن نبيط عن أبيه أنه حج فقال

ص: 246

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على بعيره رواه ابن ماجه.

وعن أبي جميلة قال رأيت علياً عليه السلام صلى يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب على دابته، ورأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب على راحلته رواه سعيد * (مسألة) * (ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها في موضع الصلاة) يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها في موضع الصلاة للإمام والمأموم سواء كان في المصلى أو المسجد وهو مذهب ابن عباس وابن عمر، وروي عن علي وابن مسعود وحذيفة وبريدة وسلمة بن الاكوع وجابر وابن أبي أوفى وبه قال شريح وعبد الله بن مغفل ومسروق والضحاك والقاسم والشعبي قال الزهري لم أسمع أحداً من علمائنا يذكر أن أحداً من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك ولا بعدها يعني صلاة العيد.

وقال ما صلى قبل العيد بدري ونهى عنه أبو مسعود البدري.

وروي أن

علياً رضي الله عنه رأى قوماً يصلون قبل العيد فقال ما كان هذا يفعل على عهد رسول الله عليه وسلم.

قال أحمد: أهل المدينة لا يتطوعون قبلها ويتطوعون بعدها وهذا قول علقمة والاسود ومجاهد والنخعي والثوري وأصحاب الرأي، وقال مالك كقولنا في المصلى وله في المسجد روايتان: إحداهما يتطوع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين " وقال

ص: 247

الشافعي يكره ذلك للامام لانه يستحب له التشاغل عن الصلاة ولا يكره للمأموم لأنه وقت لم ينه عن الصلاة فيه أشبه ما بعد الزوال ولنا ما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما متفق عليه ولأنه إجماع كما حكاه الزهري وغيره ولأنه وقت نهي الامام عن التنفل فيه فكره للمأموم كسائر أوقات النهي وكما قبل الصلاة عند أبي حنيفة وكما لو كان في المصلى عند مالك والحديث الذي ذكره مالك مخصوص بما ذكرنا من المعنى.

وقال الأثرم قلت لأحمد قال سليمان بن حرب انما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التطوع لأنه كان إماماً، قال أحمد فالذين رووا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتطوعوا، ثم قال: ابن عمر وابن عباس هما روياه وأخذا به يشير والله أعلم الى أن عمل راوي الحديث به تفسير له وتفسيره يقدم على تفسير غيره ولو كانت الكراهة للإمام كيلا يشتغل عن الصلاة لاختصت بما قبل الصلاة اذ لم يبق بعدها ما يشتغل به، وقد روي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في صلاة العيد سبعاً وخمساً ويقول:" لا صلاة قبلها ولا بعدها " رواه ابن بطة باسناده (فصل) قيل لأحمد فإن كان لرجل صلاة في ذلك الوقت قال أخاف أن يقتدى به.

قال ابن

ص: 248

عقيل كره أحمد أن يتعمد لقضاء صلاة وقال أخاف أن يقتدوا به (فصل) وإنما يكره التنفل في موضع الصلاة فأما في غيره فلا بأس به، وكذلك لو خرج منه ثم عاد إليه بعد الصلاة.

قال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول روي عن ابن عمر وابن عباس أن النبي

صلى الله عليه وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها ورأيته يصلي بعدها ركعات في البيت وربما صلاها في الطريق يدخل بعض المساجد.

وروي عن أبي سعيد قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئاً فإذا دخل إلى منزله صلى ركعتين رواه ابن ماجه * (مسألة) * (ومن كبر قبل سلام الامام صلى ما فاته على صفته) لأنه أدرك بعض الصلاة التي ليست مبدلة من أربع فقضاها على صفتها كسائر الصلوات، وإن أدرك معه ركعة وقلنا ما يقضيه المسبوق أول صلاته كبر في الذي يقضيه سبعاً، وان قلنا أخر صلاته كبر خمساً على ما ذكرنا من الاختلاف من قبل (فصل) فان أدركه في الخطبة فان كان في المسجد فقال شيخنا يصلي تحية المسجد لأنها اذا صليت في خطبة الجمعة مع وجوب الإنصات لها ففي خطبة العيد أولى، ولا يكون حكمه في ترك التحية

ص: 249

حكم من أدرك العيد.

وقال القاضي يجلس ويستمع الخطبة ولا يصلي لما ذكرنا من الأدلة قبل ولأن صلاة العيد تفارق صلاة الجمعة لأن التطوع قبلها وبعدها مكروه بخلاف صلاة الجمعة، وإن لم يكن في المسجد جلس فاستمع ولم يصل لئلا يشتغل عن استماع الخطبة ثم ان أحب قضاء صلاة العيد قضاها على ما نذكره * (مسألة) * (وإن فاتته الصلاة استحب أن يقضيها على صفتها وعنه يقضيها أربعاً وعنه أنه مخير بين ركعتين وأربع) وجملة ذلك أنه لا يجب قضاء صلاة العيد على من فاتته لأنها فرض كفاية وقد قام بها من حصلت به الكفاية وان أحب قضاءها استحب له أن يقضيها على صفتها نقل ذلك عن أحمد اسماعيل بن سعيد واختاره الجوزجاني وهو قول النخعي ومالك والشافعي وأبي ثور لما روي عن أنس أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الامام بالبصرة جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلي بهم ركعتين يكبر فيهما ولأنها قضاء صلاة فكانت على صفتها كسائر الصلوات وهو مخير إن شاء صلاها في جماعة كما ذكرنا عن أنس وان شاء صلاها وحده وعنه أنه يقضيها أربعا اما بسلام واحد أو بسلامين وهو قول الثوري لما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال من فاته العيد فليصل أربعا.

وروي عن علي أنه

قال إن أمرت رجلاً أن يصلي بضعفة الناس أمرته أن يصلي أربعاً رواهما سعيد ولأنه قضاء صلاة عيد فكانت أربعا كقضاء الجمعة، وعنه أنه مخير بين ركعتين وأربع وهذا قول الأوزاعي لأنها صلاة تطوع أشبهت صلاة الضحى * (مسألة) * (ويستحب التكبير في ليلتي العيدين)

ص: 250

يستحب إظهار التكبير في ليلتي العيدين في المساجد والطرق والأسواق والمسافر والمقيم فيه سوءا لقوله تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) قال بعض أهل العلم لتكملوا عدة رمضان ولتكبروا الله عند كماله على ما هداكم، ويستحب رفع الصوت به وإنما استحب ذلك لما فيه من إظهار شعائر الاسلام وتذكير الغير، وكان ابن عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً.

قال أحمد كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعاً.

والتكبير في الفطر آكد لورود النص فيه وليس التكبير واجباً.

وقال داود هو واجب في الفطر لظاهر الآية ولنا أنه يكبر في عيد فلم يكن واجباً كتكبير الأضحى، والآية ليس فيها امر إنما أخبر الله تعالى عن ارادته فقال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) الى قوله (ولتكبروا الله على ما هداكم) ويستحب أن يكبر في طريق العيد ويجهر بالتكبير.

قال ابن أبي موسى يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهراً حتى يأتي الامام المصلى فيكبر الناس بتكبير الامام في خطبته وينصتون فيما سوى ذلك.

وقد روي سعيد بإسناده عن ابن عمر أنه كان إذا خرج من بيته إلى العيد كبر حتى يأتي المصلى، وروي عن سعيد بن جبير وابن أبي ليلى.

قال القاضي التكبير في الفطر مطلق غير مقيد على ظاهر كلامه يعني لا يختص بادبار الصلوات وهو ظاهر كلام الخرقي لأن قوله تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) غير مختص بوقت.

وقال أبو الخطاب يكبر من غروب الشمس من ليلة الفطر الى خروج الامام الى الصلاة في إحدى الروايتين وهو قول الشافعي، وفي الأخرى الى فراغ الامام من الصلاة * (مسألة) * (وفي الأضحى يكبر عقيب كل فريضة في جماعة وعنه يكبر، وإن كان وحده من

ص: 251

صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق) وجملة ذلك أن التكبير في الأضحى مطلق ومقيد فالمطلق التكبير في جميع الأوقات من أول العشر إلى آخر أيام التشريق لقوله تعالى (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) وقال (واذكروا الله في أيام معددودات) فالأيام المعلومات أيام العشر والمعدودات أيام التشريق قاله ابن عباس.

قال البخاري كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان الى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما وروي أن ابن عمر كان يكبر بمنى في تلك الأيام خلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً ويكبر في قبته حتى ترتج منى تكبيراً (فصل) وأما المقيد فهو التكبير في أدبار الصلوات ولا خلاف بين العلماء في مشروعية التكبير في عيد النحر وإنما اختلفوا في مدته فذهب أحمد رحمه الله الى أنه من صلاة الفجر يوم عرفة الى العصر من آخر أيام التشريق وهو قول عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم وإليه ذهب الثوري وابن عيينة وأبو يوسف ومحمد وهو قول للشافعي.

وعن ابن مسعود أنه كان يكبر من غداة عرفة الى العصر من يوم النحر وإليه ذهب النخعي وعلقمة وأبو حنيفة لقوله تعالى (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) وهي أيام العشر، وأجمعنا على أنه لا يكبر قبل عرفة فلم يبق إلا يوم عرفة ويوم النحر.

وعن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز أن التكبير من صلاة الظهر يوم النحر الى الفجر من

ص: 252

آخر أيام التشريق وبه قال مالك والشافعي في المشهور عنه لأن الناس تبع للحاج يقطعون التلبية مع أول حصاة ويكبرون مع الرمي وإنما يرمون يوم النحر، وأول صلاة بعد ذلك الظهر وآخر صلاة بمنى الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق ولنا ما روى جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه فيقول " على مكانكم " ويقول الله اكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد " فيكبر من غداة عرفة الى العصر من آخر أيام التشريق.

وعن علي وعمار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق رواهما الدارقطني

إلا أنهما من رواية عمر بن شمر عن جابر الجعفي وقد ضعفا ولأنه قول عمر وعلي وابن عباس رواه سعيد عنهم.

قيل لأحمد بأي حديث تذهب الى التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال لإجماع عمر وعلي وابن عباس ولأن الله تعالى قال (واذكروا الله في أيام معدودات) وهي أيام التشريق فيتعين الذكر في جميعها، وأما قوله تعالى (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) فمحول على ذكر الله على الهدايا والأضاحي عند رؤيتها فانه مستحب في جميع العشر وهو أولى من تفسيرهم لأنهم لم يعملوا به في كل العشر ولا في أكثره، ولو صح تفسيرهم فقد أمر الله بالذكر في أيام معدودات وهي أيام التشريق فيعمل به أيضاً، وأما المحرم فإنما لم يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة

ص: 253

لاشتغاله عنها بالتلبيه كما ذكروا، وغيره يبتدئ من غداة يوم عرفة لعدم المنافع، وقولهم ان الناس في هذا تبع للحاج مجرد دعوى بغير دليل وقولهم أن أخر صلاة يصلونها بمنى الفجر من آخر أيام التشريق ممنوع لأن الرمي إنما يكون بعد الزوال (فصل) والتكبير المقيد إنما يكون عقيب الصلوات المكتوبات في الجماعات في المشهور عن أحمد.

قال الأثرم قلت لأبي عبد الله أذهب الى فعل ابن عمر أنه كان يكبر اذا صلى وحده؟ قال نعم.

وقال ابن مسعود إنما التكبير على من صلى في جماعة وهذا مذهب الثوري وأبي حنيفة وعنه رواية أخرى أنه يكبر عقيب الفرائض وإن كان وحده وهذا مذهب مالك لأنه ذكر مستحب للمسبوق فاستحب للمنفرد كالسلام.

قال الشافعي يكبر عقيب كل صلاة فريضة كانت أو نافلة منفرداً أو في جماعة قياساً على الفرض في الجماعة.

ولنا أنه قول ابن مسعود وفعل ابن عمر ولا مخالف لهما في الصحابة فكان إجماعاً (فصل) فأما المحرم فانه يبتدئ التكبير من صلاة الظهر يوم النحر لأنه يكون مشغولاً بالتلبية قبل ذلك وأول صلاة بعد قطع التلبية الظهر (فصل) والمسافرون كالمقيمين فيما ذكرنا لعموم النص.

وحكم النساء حكم الرجال في أنهن يكبرن في الجماعة وفي الانفراد روايتان.

وقال البخاري كان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان

ص: 254

وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد، وينبغي أن يخفضن أصواتهن حتى لا يسمعهن الرجال، وعن أحمد أنهن لا يكبرن لأنه ذكر يشرع فيه رفع الصوت فلم يشرع في حقهن كالأذان (فصل) والمسبوق ببعض الصلاة يكبر إذا فرغ من قضاء ما فاته نص عليه أحمد وبه قال أكثر أهل العلم.

وقال الحسن يكبر ثم يقضي لأنه ذكر شرع في آخر الصلاة فيأتي به المسبوق قبل القضاء كالتشهد.

وعن مجاهد ومكحول يكبر ثم يقضي ثم يكبر لذلك ولنا أنه ذكر مشروع بعد الصلاة فلم يأت به في أثناء الصلاة كالتسليمة الثانية والدعاء بعدها وان كان على المصلي سجود سهو بعد السلام سجد ثم كبر وبه قال الثوري والشافعي وإسحق وأصحاب الرأي لأنه سجود مشروع للصلاة فكان التكبير بعده وبعد تشهده كسجود صلبها (فصل) واذا فاتته صلاة من أيام التشريق أو من غيرها فقضاها فيها فحكمها حكم المؤداة في التكبير لأنها مفروضة في أيام التشريق، وان فاتته في أيام التشريق فقضاها في غيرها لم يكبر لأن التكبير مقيد بالوقت فلم يفعل في غيره كالتلبية، ويكبر مستقبل القبلة.

قال أبو بكر وعليه العمل وحكاه أحمد عن ابراهيم لأنه ذكر مختص بالصلاة أشبه الأذان والاقامة، ويحتمل أن يكبر كيفما شاء لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم فقال " الله أكبر الله أكبر " * (مسألة) * (وإن نسي التكبير قضاه ما لم يحدث أو يخرج من المسجد لأنه مختص بالصلاة) أشبه سجود السهو، فعلى هذا إن ذكره في المسجد بعد أن قام عاد الى مكانه فجلس واستقبل القبلة فكبر وقال الشافعي يكبر ماشياً.

قال شيخنا وهو أقيس لأنه ذكر مشروع بعد الصلاة أشبه سائر الذكر، فان ذكره بعد خروجه من المسجد لم يكبر لما ذكرنا وهو قول أصحاب الرأي، ويحتمل أن يكبر لأنه ذكر بعد الصلاة فاستحب وإن خرج كالدعاء والذكر المشروع بعد الصلاة وإن نسيه حتى أحدث فقال أصحابنا لا يكبر سواء أحدث عامداً أو ساهياً لأن الحدث يقطع الصلاة عمده وسهوه، وبالغ ابن عقيل فقال إن تركه حتى تكلم لم يكبر

ص: 255

قال الشيخ والأولى إن شاء الله أنه يكبر لأن ذلك ذكر منفرد بعد سلام الامام فلا يشترط له الطهارة كسائر الذكر ولأن اشتراط الطهارة إما بنص أو معناه ولم يوجد، وإن نسيه الامام كبر المأموم وهذا قول الثوري لأنه ذكر يتبع الصلاة أشبه سائر الذكر * (مسألة) * (وفي التكبير عقيب العيد وجهان) أحدهما يكبر اختاره أبو بكر.

وقال القاضي: هو ظاهر كلام أحمد لأنها صلاة مفروضة في جماعة

ص: 256

فأشبهت الفجر.

والثاني لا يسن قاله أبو الخطاب لأنها ليست من الصلوات الخمس أشبهت النوافل والأول أولى لأن هذه الصلاة أخص بالعيد فكانت أحق بتكبيره * (مسألة) * (وصفة التكبير شفعا الله اكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) وهذا قول عمر وعلي وابن مسعود وبه قال الثوري وأبو حنيفة وإسحق وابن المبارك إلا أنه زاد، على ما هدانا لقوله تعالى (ولتكبروا الله على ما هداكم) وقال مالك والشافعي يقول الله اكبر الله اكبر الله اكبر ثلاثا لأن جابراً صلى في أيام التشريق فلما فرغ من صلاته قال الله اكبر الله اكبر الله اكبر رواه ابن ماجه وهذا لا يقوله إلا توقيفاً ولأن التكبير شعار العيد فكان وتراً كتكبير الصلاة والخطبة

ص: 257

ولنا خبر جابر المذكور وهو نص في كيفية التكبير وأنه قول الخليفتين الراشدين وقول ابن مسعود وقول جابر لا يسمع مع قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقدم على قول أحد ممن ذكرنا فكيف قدموه على قول الجميع مع تقدمهم عليه في الفضل والعلم وكثرتهم ولأنه تكبير خارج الصلاة فكان شفعا كتكبير الأذان وقولهم ان جابراً لا يفعله إلا توقيفاً لا يصح لوجوه أحدها أنه قد روي خلاف قوله فكيف يترك ما صرح به لاحتمال وجود ضده، والثاني أنه إن كان قول توقيفاً فقول من ذكرنا توقيف وهو مقدم

ص: 258

على قوله بما بينا، والثالث أن هذا ليس مذهباً لهم، الرابع أن قول الصحابي إنما يحمل على التوقيف

اذا خالف الأصول وذكر الله تعالى لا يخالف الأصل لاسيما اذا كان وتراً (فصل) ولا بأس أن يقول للرجل في يوم العيد تقبل الله منا ومنك.

قال حرب سألت أحمد عن قول الناس في العيدين تقبل الله منا ومنكم؟ قال لا بأس به يرويه أهل الشام عن أبي أمامة قيل وواثلة بن الاسقع؟ قال نعم.

وذكر ابن عقيل في ذلك أحاديث منها أن محمد بن زياد قال كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا اذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك، وقال اسناد حديث ابي امامة إسناد جيد.

قال مالك لم نزل نعرف هذا بالمدينة، وروى عن أحمد أنه قال لا ابتدئ به أحداً وان قاله أحد رددت عليه (فصل) ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار ذكره القاضي.

وقال الأثرم سألت أبا عبد الله

ص: 259

عن التعريف بالأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة؟ قال أرجو ألا يكون به بأس قد فعله غير

ص: 260

واحد، وروى الأثرم عن الحسن قال: أول من عرف بالبصرة ابن عباس رحمه الله.

وقال أحمد أول

ص: 261

من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث، وقال أحمد لا بأس به إنما هو دعاء وذكر الله.

وقال

ص: 262

الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة، قيل له فتفعله أنت؟ قال أما أنا فلا، وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة

ص: 263

(فصل) ويستحب الاجتهاد في عمل الخير أيام العشر من الذكر والصيام والصدقة وسائر أعمال

ص: 264

البر لما روى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما العمل في أيام أفضل منها في

ص: 265

هذه " يعني أيام العشر.

قالوا ولا الجهاد؟ قال " ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم

ص: 266

يرجع بشئ " رواه البخاري.

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أيام

ص: 267

أعظم عند الله تعالى ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل

ص: 268

والتكبير والتحميد " رواه الإمام أحمد.

ص: 269