الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
(مسألة) * (لا تصح الصلاة خلف كافر بحال)
ولا تصح الصلاة خلف كافر ولا أخرس سواء علم بكفره قبل فراغه من الصلاة أو بعد ذلك، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي كمحدث وهو لا يعلم
ولنا أنه إئتم بمن ليس من أهل الصلاة أشبه ما لو ائتم بمجنون.
والمحدث يشترط أن لا يعلم حدث نفسه والكافر يعلم حال نفسه * (فصل) * إذا صلى خلف من يشك في إسلامه فصلاته صحيحة ما لم يبن كفره، ولأن الظاهر من المصلين الإسلام ولا سيما إذا كان إماماً، فإن كان ممن يسلم تارة ويرتد أخرى لم يصل خلفه حتى يعلم عن أي دين هو، فان صلى خلفه ولم يعلم ما هو عليه نظرنا، فإن كان قد علم إسلامه قبل الصلاة ثم.
شك في ردته فهو مسلم، وإن علم ردته وشك في إسلامه لم تصح الصلاة خلفه، وان كان
علم إسلامه فصلى خلفه فقال بعد الصلاة أسلمت أو ارتددت قبل الصلاة لم تبطل الصلاة لأنها كانت محكوما بصحتها فلم يقبل قوله في إبطالها لأنه ممن لا يقبل قوله * (فصل) * قال أصحابنا يحكم بإسلامه سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام وسواء صلى في جماعة أو منفرداً، فان رجع عن الإسلام بعد ذلك فهو مرتد، وإن مات قبل ظهور ما ينافي الإسلام فهو مسلم يرثه ورثته المسلمون دون الكفار.
وقال أبو حنيفة: إن صلى في المسجد حكم بإسلامه وإن
صلى في غير المسجد فرادى لم يحكم باسلامه، وقال بعض الشافعية لا يحكم باسلامه بحال لأن الصلاة من فروع الاسلام فلا يصير بفعلها مسلماً كالحج والصوم ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أمرت
أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فاذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها " وقال بعضهم إن صلى في دار الإسلام فليس بمسلم لأنه يقصد الاستتار بالصلاة واخفاء دينه، وإن صلى في دار الحرب فهو مسلم لعدم التهمة في حقه ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " نهيت عن قتل المصلين " وقال " بيننا وبينهم الصلاة " فجعل الصلاة حداً بين الإسلام والكفر، فمن صلى فقد دخل في حد الإسلام.
وقال " المملوك إذا صلى
فهو أخوك " رواه الإمام أحمد ولأنها عبادة تختص المسلمين، فاذا صلى حكم باسلامه كالشهادتين، فأما الحج فان الكفار كانوا يفعلونه والصيام ترك المفطرات فقد يفعله من ليس بصائم، فأما صلاته في نفسه فأمر بينه وبين الله سبحانه وتعالى فان علم أنه كان قد أسلم ثم توضأ وصلى بنية صحيحة فهي صحيحة وإلا فعليه الإعادة، لأن الوضوء لا يصح من الكفار.
واذا لم يسلم قبل الصلاة كان حال شروعه فيها غير مسلم ولا متطهر فتصح منه والله أعلم
* (فصل) * ولا تصح إمامة الأخرس بغير أخرس لأنه يترك ركناً وهو القراءة تركاً مأيوساً من زواله فلم تصح إمامته بقادر عليه كالعاجز عن الركوع والسجود.
فأما إمامته بمثله فقياس المذهب صحتها قياساً على الأمي والعاجز عن القيام يؤم مثله وهذا في معناهما والله أعلم.
وقال القاضي وابن عقيل لا تصح لأن الأمي غير مأيوس من نطقه والأول أولى * (فصل) * فأما الأصم فتصح إمامته لأنه لا يخل بشئ من أفعال الصلاة ولا شروطها أشبه
الأعمى، فان كان الأصم أعمى صحت إمامته كذلك.
وقال بعض أصحابنا لا تصح إمامته لأنه اذا سها لا يمكن تنبيهه بتسبيح ولا إشارة.
قال شيخنا والأولى صحتها لأنه لا يمنع من صحة الصلاة احتمال عارض لا يتيقن وجوده كالمجنون حال إفاقته * (مسألة) * (ولا تصح إمامة من به سلس البول ولا عاجز عن الركوع والسجود والقعود)
وجملة ذلك أنه لا تصح إمامة من به سلس البول ومن في معناه ولا المستحاضة بصحيح لانهم يصلون مع خروج النجاسة التي يحصل بها الحدث من غير طهارة.
فأما من عليه النجاسة فإن كانت على بدنه
فتيمم لها لعدم الماء جاز للطاهر الإئتمام به كما يجوز للمتوضئ الائتمام بالمتيمم للحدث، هذا اختيار القاضي وعلى قياس قول أبي الخطاب لا يجوز الائتمام به لأنه أوجب عليه الإعادة، وإن كانت على ثوبه لم يجز الائتمام به لتركه الشرط ولا يجوز إئتمام المتوضئ ولا المتيمم بعادم الماء والتراب ولا اللابس بالعاري ولا القادر على الاستقبال بالعاجز عنه لأنه ما ترك لشرط يقدر عليه المأموم أشبه ائتمام المعافى بمن به سلس البول ويصح ائتمام كل واحد من هؤلاء بمثله لأن العراة يصلون جماعة وكذلك الأمي يجوز أن يؤم مثله كذلك هذا
* (فصل) * ويصح ائتمام المتوضئ بالمتيمم بغير خلاف نعلمه لأن عمرو بن العاص صلى بأصحابه متيمما وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره، وأم ابن عباس أصحابه متيمماً وفيهم عمار بن ياسر في نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكروه ولأن طهارته صحيحة أشبه المتوضئ * (فصل) * ولا تصح إمامة العاجز عن شئ من أركان الأفعال كالعاجز عن الركوع والسجود بالقادر عليه سواء كان إمام الحي أو لم يكن، وبه قال أبو حنيفة ومالك وقال الشافعي يجوز لأنه
فعل أجازه المرض أشبه القاعد يؤم بالقيام، ولنا أنه أخل بركن لا يسقط في النافلة فلم يجز الائتمام به للقادر عليه كالقارئ بالأمي.
وأما القيام فهو أخف بدليل سقوطه في النافلة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المصلين خلف الجالس بالجلوس، ولا خلاف أن المصلي خلف الضطجع لا يضطجع فأما إن أم مثله فقياس المذهب صحته لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في المطر بالايماء والعراة يصلون جماعة بالايماء، وكذلك حال المسايفة ولأن الأمي تصح إمامته بمثله كذلك هذا
* (مسألة) * (ولا تصح خلف عاجز عن القيام إلا إمام الحي المرجو زوال علته) ولا تصح إمامة العاجز عن القيام بالقادر عليه إذا لم يكن إمام الحي رواية واحدة لأنه يخل بركن من أركان الصلاة أشبه العاجز عن الركوع، وتجوز إمامته بمثله كما يؤم الأمي مثله * (فصل) * فأما إمام الحي إذا عجز عن القيام فيجوز أن يؤم القادر عليه بشرط أن يكون ذلك لمرض يرجى زواله، لأن اتخاذ الزمن ومن لا ترجى قدرته على القيام إماماً راتباً يفضي الى تركهم القيام على الدوام وإلى مخالفة قوله عليه السلام " فإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون " ولا حاجة إليه ولأن
الأصل في هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكان يرجى برؤه، فاذا وجد فيه هذان الشرطان فالمستحب له أن يستخلف لأن الناس مختلفون في صحة امامته ففي استخلافه خروج من الخلاف ولأن صلاة القائم أكمل وكمال صلاة الامام مطلوب، فإن قيل فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ولم يستخلف قلنا فعل ذلك لتبيين الجواز واستخلف مرة أخرى ولأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قاعداً أفضل من صلاة غيره قائماً فان صلى بهم قاعداً جاز وصلوا وراءه جلوساً يروي ذلك عن أربعة من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم أسيد بن حضير، وجابر، وقيس بن فهد، وأبو هريرة، وهو قول الأوزاعي وحماد ابن زيد واسحق وابن المنذر، وقال مالك في إحدى الروايتين: لا تصح صلاة القادر على القيام خلف القاعد وهو قول محمد بن الحسن، قال الشعبي روي عن النبي صلى الله عليه أنه قال " لا يؤمن أحد بعد جالساً " أخرجه الدارقطني.
ولأن القيام ركن لا يصح ائتمام القادر عليه بالعاجز عنه كسائر الأركان، وقال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي يصلون خلفه قياماً، لما روي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر ثم وجد في نفسه خفة فخرج بين رجلين فأجلساه إلى جنب أبي بكر
فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد.
متفق عليه وهذا أخير الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه
ركن قدر عليه فلم يجز له تركه كسائر الاركان ولنا ما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون " متفق عليه، وعن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في بيته وهو شاك فصلى جالساً وصلى وراءه قوم قياماً فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال " إنما جعل الإمام ليؤتم به فادا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا صلى جالساً فصلو جلوساً أجمعون " أخرجه البخاري قال ابن عبد البر روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق متواترة من حديث أنس وجابر وأبي هريرة وابن عمر وعائشة كلها بأسانيد صحيحة فأما حديث الشعبي فمرسل ويرويه جابر الجعفي وهو متروك وقد فعله أربعة من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وأما حديث الآخرين فليس فيه حجة قاله أحمد لأن أبا بكر كان ابتدأ الصلاة فلما أتمها قائماً فأشار أحمد إلى امكان الجمع بين الحديثين بحمل حديثهم على من ابتدأ الصلاة قائماً والثاني على من ابتدأ الصلاة جالساً ومتى أمكن الجمع بين الحديثين كان أولى من النسخ ثم
يحتمل أن أبا بكر كان الامام قاله ابن المنذر في بعض الروايات وقالت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه وقال أنس صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعداً في ثوب متوشحاً به، قال الترمذي كلا الحديثين حسن صحيح ولا يعرف للنبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر صلاة إلا في هذا الحديث.
وروى مالك الحديث عن ربيعة وقال كان أبو بكر الامام قال مالك العمل عندنا على حديث ربيعة هذا، فإن قيل لو كان أبو بكر الامام لكان عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم.
قلنا يحتمل أنه فعل ذلك لأن وراءه صفاً والله أعلم * (مسألة) * قال (فإن صلوا قياماً صحت صلاتهم في أحد الوجهين)(أحدهما) لا تصح أومأ إليه أحمد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالجلوس ونهاهم عن القيام فقال في
حديث جابر " إذا صلى الإمام قاعداً فصلوا قعوداً وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، ولا تقوموا والإمام جالس كما يفعل أهل فارس بعظمائها " فقعدنا، ولأنه ترك الاقتداء بإمامه مع القدرة عليه أشبه تارك القيام في حال
قيام إمامه (والثاني) يصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وراءه قوم قياماً فلم يأمرهم بالإعادة، فعلى هذا يحمل الأمر على الاستحباب ولأنه تكلف القيام في موضع يجوز له الجلوس أشبه المريض اذا تكلف القيام، ويحتمل أن تصح صلاة الجاهل بوجوب القعود دون العالم كما قالوا في الذي ركع دون الصف * (مسألة) * (فان ابتدأ بهم الصلاة قائماً ثم اعتل فجلس أتموا خلفه قياماً لأن أبا بكر حين ابتدأ بهم الصلاة قائماً ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأتم الصلاة بهم جالساً أتموا قياماً ولم يجلسوا ولأن القيام هو الأصل فمن بدأ به في الصلاة لزمه في جميعها إذا قدر عليه كالذي أحرم في الحضر ثم سافر (فصل) فان استخلف بعض الأئمة في وقتنا هذا فزال عذره فحضر فهل يجوز أن يفعل كفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر؟ فيه ثلاث روايات (إحداها) ليس له ذلك قال أحمد في رواية أبي
داود وذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن هذا أمر يخالف القياس فان انتقال الامام مأموماً وانتقال المأمومين من إمام الى آخر لا يجوز إلا لعذر يحوج اليه وليس في تقدم الامام الراتب ما يحوج الى هذا أما النبي صلى الله عليه وسلم فانه من الفضيلة وعظم المنزلة ما ليس لأحد ولذلك قال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم (والثانية) يجوز نص عليه في رواية أبي الحارث فعلى هذا يكبر ويقعد الى جنب الامام ويبتدئ القراءة من حيث بلغ الامام لأن الأصل أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم يكون جائزاً لأمته ما لم يقم على اختصاصه به دليل (والرواية الثالثة) إن ذلك يجوز للخليفة دون بقية الأئمة فإنه قال في رواية المروزي ليس هذا لأحد إلا الخليفة وذلك لأن رتبة الخلافة تفضل رتبة سائر الأئمة فلا يلحق بها غيرها وكان ذلك للخليفة وخليفة النبي صلى الله عليه وسلم يقوم مقامه
* (مسألة) * ولا تصح إمامة المرأة والخنثى للرجال ولا للخناثى.
لا يصح أن يأتم رجل بامرأة في فرض ولا نافلة في قول عامة الفقهاء وقال أبو ثور لا إعادة على المصلي خلفها وقال بعض أصحابنا يجوز أن تؤم الرجال في التراويح وتكون وراءهم لما روي عن أم ورقة بنت الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لها مؤذناً يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها رواه أبو داود وهذا عام ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تؤمن امرأة رجلاً رواه ابن ماجه ولأنها لا تؤذن رجال فلم يجز أن تؤمهم كالمجنون وحديث أم ورقة انما أذن لها أن تؤم بنساء أهل الدار كذلك رواه الدارقطني وهذه زيادة يجب قبولها ولو لم يذكر ذلك لتعين حمل الحديث عليه وذلك لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض بدليل أنه جعل لها مؤذناً والأذان إنما يشرع في الفرائض ولا خلاف في المذهب أنها
لا تؤمهم في الفرائض فالتخصيص بالتروايح تحكم بغير دليل، ولو ثبت ذلك لأم ورقة لكان خاصاً بها بدليل أنه لا يشرع لغيرها من النساء اذان ولا إقامة فتختص بالامامة كما اختص بالأذان والإقامة (فصل) وأما الخنثى فلا يجوز أن يؤم رجلاً لاحتمال أن يكون امرأة ولا يؤم خنثى لجواز أن يكون الامام امرأة والمأموم رجلاً ولا أن تؤمه امرأة لجواز أن يكون رجلاً ويجوز له أنه يؤم المرأة لأن أدنى أحواله أن يكون امرأة وقال القاضي رأيت لأبي حفص البرمكي أن الخنثى لا تصح صلاته في جماعة لأنه إن قام مع الرجال احتمل أن يكون امرأة وان قام مع النساء أو وحده أو ائتم بامرأة احتمل أن يكون رجل وان أم الرجال احتمل أن يكون امرأة وان أم النساء فقام وسطهن احتمل أن يكون رجل وان قام أمامهن احتمل أنه امرأة، قال الشيخ ويحتمل أن تصح صلاته في هذه الصورة