الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
(مسألة) * (الثاني أن تكون بقرية يستوطنها أربعون من أهل وجوبها فلا تجوز اقامتها في غير ذلك)
الاستيطان شرط لصحة الجمعة في قول أكثر أهل العلم وهو الاقامة في قرية مبنية بما جرت به العادة بالبناء به من حجر أو طين أو لبن أو قصب أو شجر أو نحوه فلا يظعنون عنها صيفاً ولا شتاء لأن ذلك هو الاستيطان غالباً.
فأما أهل الخيام والحركات وبيوت الشعر فلا تجب عليهم الجمعة ولا تصح منهم لأن ذلك لا ينصب للإستيطان غالباً، وكذلك كانت قبائل العرب حول المدينة فلا يقيموا جمعة ولا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لو كان ذلك لم يخف ولم يترك نقله مع كثرته وعموم البلوى به، لكن إن كانوا مقيمين بموضع يسمعون النداء لزمهم السعي اليها كاهل القرية الصغيرة الى جانب المصر ذكره القاضي، فان كان أهل القرية يظعنون عنها في بعض السنة لم تجب
عليهم الجمعة، فان خرجت القرية أو بعضها وأهلها مقيمون بها عازمون على إصلاحها فحكمها باق في اقامة الجمعة بها، وإن عزموا على النقلة عنها لم تجب عليهم لعدم الاستيطان، ومتى كانت القرية لا يجب على أهلها بأنفسهم وكانوا بحيث يسمعون النداء من المصر أو من قرية تقام فيها الجمعة لزمهم السعي اليها لعموم الآية، وكذلك إن كان بناؤها متفرقاً تفرقاً لم تجر العادة به
* (مسألة) * (ويجوز إقامتها في الأبنية المتفرقة إذا شملها اسم واحد) وفيما قارب البنيان من الصحراء تجوز إقامة الجمعة المتفرقة البنيان اذا كان تفرقاً جرت العادة به في القرية الواحدة، فان كانت متفرقة في قرية تفرقاً لم تجر به العادة لم تجب عليهم الجمعة إلا أن يجتمع منها ما يسكنه أربعون فتجب بهم الجمعة ويتبعهم الباقون، ولا يشترط اتصال البنيان بعضه ببعض.
وحكي عن الشافعي اشتراطه ولنا أن القرية المتقاربة البنيان قرية مبنية بما جرت به عادة القرى أشبهت المتصلة
* (فصل) * ولا يشترط لصحة الجمعة البنيان بل يجوز اقامتها فيما قاربه من الصحراء وبهذا قال الإمام أبو حنيفة، وقال الإمام الشافعي لا يجوز لأنه موضع يجوز لأهل المصر قصر الصلاة فيه أشبه البعيد
ولنا ما روى كعب بن مالك أنه قال أسعد بن ذرارة أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات رواه أبو داود.
وقال ابن جريج قلت لعطاء يعني أكان
بأمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم.
والبقيع بطن من الأرض يستنقع فيه المأمدة، فاذا نضب الماء نبت الكلأ.
قال الخطابي حرة بني بياضة قرية على ميل من المدينة ولأنه موضع لصلاة العيد فجازت فيه الجمعة كالجامع ولأن الاصل إشتراط ذلك ولا نص في اشتراطه ولا معنى نص * (فصل) * ولا يشترط لصحة الجمعة المصر.
روي نحو ذلك عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز والاوزاعي والليث ومكحول وعكرمة والشافعي، وروي عن علي رضي الله عنه أنه لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.
وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وبه قال الحسن وابن سيرين وابراهيم وأبو حنيفة.
ولنا ما ذكرنا من حديث أسعد بن ذرارة رواه البخاري بإسناده عن ابن عباس أن أول جمعة بعد جمعة بالمدينة لجمعة جمعت بجوارنا من البحرين من قرى عبد القيس، وروى ابو هريرة أنه كتب إلى عمر يسأله عن الجمعة بالبحرين وكان عاملاً عليها، فكتب اليه عمر جمعوا حيث كنتم رواه الأثرم
قال الامام أحمد رحمه الله تعالى اسناده جيد فأما خبرهم فلم يصح، قال الامام أحمد ليس هذا بحديث إنما هو عن علي وقد خالفه عمر * (فصل) * وإذا كان أهل المصر دون الاربعين فجاءهم أهل قرية فأقاموا الجمعة في المصر لم تصح لأن أهل القرية غير مستوطنين في المصر وأهل المصر لا تنعقد بهم الجمعة لقلتهم، وإن كان أهل القرية ممن تجب عليهم الجمعة بأنفسهم لزم أهل المصر السعي إليهم إذا كان بينهما أقل من فرسخ فلزمهم السعي إليها كما يلزم أهل القرية السعي الى المصر اذا أقيمت به وكان أهل القرية دون الأربعين وإن كان في كل واحد دون الاربعين لم تجز إقامة الجمعة في واحد منهما * (مسألة) * الثالث (حضور أربعين من أهل القرية في ظاهر المذهب وعنه تنعقد بثلاثة)
حضور أربعين شرط لوجوب الجمعة وصحتها في ظاهر المذهب، روى ذلك عن عمر بن عبد العزيز وعبيد الله بن عبد الله وهو قول مالك والشافعي، وروي عن الإمام أحمد أنها لا تنعقد إلا بخمسين لما روى أبو بكر النجاد عن عبد الملك الرقاشي ثنا رجا بن سلمة ثنا عباد بن عباد المهبي عن جعفر ابن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تجب الجمعة على خمسين رجلاً ولا تجب على من دون ذلك " وبإسناده عن الزهري عن أبي سلمة قال قلت لأبي هريرة على كم
تجب الجمعة من رجل؟ قال لما بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين جمع بهم رسول الله صلى الله عليه، وعنه رواية ثالثة أنها تنعقد بثلاثة وهو قول الأوزاعي لأن اسم الجمع يتناوله فانعقدت به الجمعة كالاربعين ولأن الله تعالى قال (فاسعوا إلى ذكر الله) بصيغة الجمع فيدخل فيه الثلاثة.
وحكى أبو الحرث عن الإمام أحمد إذا كانوا ثلاثة من أهل القرى جمعوا فيحتمل أن يختص ذلك أهل القرى لقلتهم، وقال أبو حنيفة تنعقد بأربعة لأنه عدد زيد على أقل الجمع المطلق أشبه الأربعين وقال ربيعة تنعقد باثني عشر لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى مصعب بن عمير بالمدينة فأمره أن يصلي عند الزوال ركعتين وأن يخطب فيهما، فجمع مصعب بن عمير في بيت سعد بن خيثمة باثني عشر رجلا، وعن جابر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقدمت سويقة فخرج الناس إليها فلم يبق إلا اثني عشر رجلاً أنا فيهم فأنزل الله (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) الآية.
رواه مسلم، وما يشترط للابتداء يشترط للاستدامة ولنا حديث كعب الذي رويناه وفي الحديث قلت له كم كنتم يومئذ؟ قال أربعون.
رواه الدارقطني، وقول الصحابي مضت السنة تنصرف الى سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فأما حديث مصعب بن عمير أنهم كانوا اثنا عشر فلا يصح فإن حديث كعب أصح منه، رواه أصحاب السنن والخبر الآخر يحتمل أنهم عادوا فحضروا القدر الواجب، ويحتمل أنهم عادوا قبل طول الفصل.
وأما الثلاثة والأربعة فتحكم بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه لأن التقدير بابه التوقيف ولا معنى لاشتراط كونه جمعاً ولا للزيادة على الجمع إذ لا نص فيه ولا معنى نص، ولو كان الجمع كافيا لاكتفى باثنين
لأن الجماعة تنعقد بهما.