الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
(مسألة) * (فان صلى فذاً ركعة لم تصح)
لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا صلاة لفرد " رواه الأثرم *
(مسألة) * (وإن ركع فذاً ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل رفع الامام صحت صلاته وإن رفع ولم يسجد صحت، وقيل إن علم النهي لم تصح وإن فعله لغير عذر لم تصح)
من ركع دون الصف ثم دخل في الصف لم يخل من ثلاثة أحوال (أحدها) أن يصلي ركعة ثم يدخل فلا تصح صلاته لما ذكرنا (الثاني) أن يمشي وهو راكع ثم يدخل في الصف قبل رفع الامام رأسه من الركوع أو يأتي آخر فيقف معه قبل رفع الامام رأسه فتصح صلاته لأنه أدرك مع الإمام في الصف ما يدرك به الركعة، وممن رخض في ذلك زيد بن ثابت وفعله ابن مسعود وزيد بن وهب وعروة وسعيد بن جبير وجوزه الزهري والاوزاعي ومالك والشافعي إذا كان قريبا من الصف (والحال الثالث) أن لا يدخل في الصف الا بعد رفع الامام رأسه من الركوع أو يقف معه آخر في هذه الحال ففيه ثلاث روايات إحداهن تصح صلاته وهذا مذهب مالك والشافعي لأن أبا بكرة فعل ذلك وفعله من ذكرنا من الصحابة ولأنه لم يصل ركعة كاملة أشبه ما لو أدرك الركوع، والثانية تبطل صلاته بكل حال لأنه لم يدرك في الصف ما يدرك به الركعة
أشبه ما لو صلى ركعة كاملة، والثالثة أنه إن كان جاهلاً بتحريم ذلك صحت صلاته وإلا لزمته الاعادة اختارها الخرقي لما روى أن أبا بكرة انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل الى الصف فذكر ذلك للنبي الله صلى عليه وسلم فقال " زادك الله حرصاً ولا تعد " رواه البخاري فلم يأمره بإعادة الصلاة ونهاه عن العود، والنهي يقتضي الفساد، ولم يفرق القاضي والخرقي في هذه
المسألة بين من دخل قبل رفع رأسه من الركوع أو بعد الرفع، وذلك منصوص أحمد والدليل يقتضي التفريق فيحصل كلامهم عليه وقد ذكره أبو الخطاب على نحو ما ذكرنا * (فصل) * فإن فعل ذلك لغير عذر ولا خشي الفوات لم تصح صلاته في أحد الوجهين لأنه فاته ما تفوته الركعة بفواته وإنما أبيح للمعذور لحديث أبي بكرة فيبقى فيما عداه على قضية الدليل، والثاني تصح لأن الموقف لا يختلف بخيفة الفوات وعدمه كما لو فاتته الركعة كلها * (فصل) * السنة أن يتقدم في الصف الأول أولو الفضل والأسن وأن يلي الامام أكملهم وأفضلهم قال أحمد يلي الامام الشيوخ وأهل القرآن ويؤخر الصبيان لما روى أبو سعيد الأنصاري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ليلني منكم أولو الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين
يلونهم " (2) وقال أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً فقال " تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عزوجل " رواهما أبو داود.
وعن قيس بن عبادة قال أتيت المدينة للقاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت في الصف الأول فجاء رجل فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري فنحاني وقام في مكاني فما عقلت صلاتي، فلما صلى قال يا بني لا يسؤك الله فإني لم آت الذي أتيت بجهالة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا " كونوا في الصف الذي يليني " وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتهم غيرك.
وكان الرجل أبي بن كعب رواه أحمد والنسائي * (فصل) * والصف الأول أفضل للرجال، وللنساء بالعكس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " رواه أبو داود وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أتموا الصف الأول فما كان من نقص فليكن في الصف الآخر " رواه أبو داود، وعن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو تعلمون فضيلته لابتدرتموه " رواه الإمام أحمد، وميامن الصفوف أفضل لقول عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان الله وملائكته يصلون على ميامن
(2) رواه بهذا اللفظ أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن ابن مسعود بزيادة " واياكم وهيشات الاسواق أي جلبتها وخصوماتها " ورواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه من حديث أبي مسعود الانصاري بزيادة في أوله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وليلني منكم " الخ فعز والمصنف له إلى ابي سعيد غلط.
وحديث أبي سعيد " هو الخدري " الذي بعده رواه أيضا مسلم والنسائي وابن ماجه فالمؤلف فقيه لا محدث
الصفوف " رواه أبو داود، ويستحب أن يقف الامام في مقابلة وسط الصف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " وسطوا الإمام وسدوا الخلل " (1) * (مسألة) * وإذا كان المأموم يرى من وراء الامام صحت صلاته اذا اتصلت الصفوف، وإن لم ير من وراءه لم تصح وعنه تصح إذا كان في المسجد) وجملة ذلك أنه إذا كان الإمام والمأموم في المسجد يعتبر اتصال الصفوف.
قال الآمدي لا خلاف في المذهب أنه إذا كان في أقصى المسجد وليس بينه وبين الامام ما يمنع الاستطراق والمشاهدة أنه يصح اقتداؤه به وإن لم تتصل الصفوف وهذا مذهب الشافعي، وذلك لأن المسجد بني للجماعة فكل من حصل فيه فقد حصل في محل الجماعة، فإن كان المأموم خارج المسجد أو كانا جميعاً في غير المسجد صح أن يأتم به بشرط أمكان المشاهدة واتصال الصفوف وسواء كان المأموم في درجة المسجد أو في دار أو على سطح والامام على سطح آخر، أو كان في صحراء أو في سفينتين وهذا مذهب الشافعي إلا أنه يشترط أن لا يكون بينهما ما يمنع الاستطراق في أحد القولين.
ولنا أن هذا لا تأثير له في المنع مع الاقتداء بالامام ولم يرد فيه نهي ولا هو في معنى ذلك فلم يمنع صحة الائتمام به كالفعل اليسير إذا ثبت هذا فان معنى اتصال الصفوف أن لا يكون بينهما بعد لم تجر العادة به بحيث يمنع امكان
" 1 " رواه أبو داود عن أبي هريرة وفيه علتان، وان سكت عنه هو والمنذري
الاقتداء، وحكي عن الشافعي أنه حد الاتصال بما دون ثلاثمائة ذراع والتحديدات بابها التوقيف ولا نعلم في هذا نصاً ولا إجماعاً يعتمد عليه فوجب الرجوع فيه إلى العرف كالتفريق والاحراز * (فصل) * فإن كان بين المأموم والامام حائل يمنع رؤية الامام ومن وراءه فقال ابن حامد فيه روايتان إحداهما لا يصح الائتمام به اختاره القاضي لأن عائشة قالت لنساء كن يصلين في حجرتها لا تصلين بصلاة الامام فانكن دونه في حجاب ولأنه لا يمكنه الاقتداء به في الغالب، والثانية تصح قال أحمد في رجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة وأبواب المسجد مغلقة أرجو أن لا يكون به بأس، وذلك لأنه يمكنه الاقتداء بالامام فصح من غير مشاهدة كالأعمى ولأن المشاهدة تراد للعلم بحال الامام والعلم استماع التكبير فجرى مجرى الرؤية، وعنه أنه يصح إذا كان في المسجد دون غيره لأن المسجد محل الجماعة وفي مظنة القرب ولأنه لا يشترط فيه اتصال الصفوف، لذلك فجاز أن لا يشترط الرؤية واختار شيخنا التساوي فيهما لاستوائهما في المعنى المجوز أو المانع فوجب استواؤهما في الحكم وإنما صح مع عدم المشاهدة لأنه يشترط أن يسمع التكبير فإن لم يسمعه لم يصح ائتمامه بحال لأنه لا يمكنه الاقتداء * (فصل) * وكل موضع اعتبرنا المشاهدة فانه يكفي مشاهدة من وراء الامام من باب إمامه أو عن يمينه أو عن يساره ومشاهدة طرف الصف الذي وراءه لأنه يمكنه الاقتداء بذلك، وإن حصلت
المشاهدة في بعض أحوال الصلاة كفاه في الظاهر لما روت عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وجدار الحجرة قصير فرأى الناس شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أناس يصلون بصلاته والحديث رواه البخاري، والظاهر أنهم كانوا يرونه في حال قيامه * (فصل) * فإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن أو كانا في سفينتين مفترقتين ففيه وجهان أحدهما لا تصح اختاره أصحابنا وهو قول أبي حنيفة لأن الطريق ليست محلا للصلاة أشبه ما يمنع لاتصال والثاني تصح اختاره شيخنا وهو مذهب مالك والشافعي لأنه لا نص في منع ذلك ولا إجماع ولا هو في المعنى المنصوص لأنه لا يمنع الاقتداء والمؤثر في المنع ما يمنع الرؤية أو سماع الصوت وليس هذا بواحد منهما قولهم إن بينهما ما ليس محلا للصلاة ممنوع وإن سلم في الطريق فلا يصح في النهر بدليل
صحة الصلاة عليه في السفينة وحال جموده ثم كونه ليس محلاً للصلاة إنما يؤثر في منع الصلاة فيه، أما في صحة الاقتداء بالامام فتحكم محض لا يلزم المصير إليه، فأما إن كانت صلاته جمعة أو عيداً أو جنازة لم يؤثر ذلك فيها لأنها تصح في الطريق، وقد صلى أنس في موت حميد بن عبد الرحمن بصلاة الامام وبينهما طريق والله أعلم * (مسألة) * (ولا يكون الامام أعلى من المأموم، فإن فعل وكان كثيراً فهل تصح صلاته؟ وجهين) :
ويكره أن يكون الامام أعلى من المأموم في ظاهر المذهب سواء أراد تعليمهم أو لم يرد وهذا قول مالك والاوزاعي وأصحاب الرأي، وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا يكره واختاره الشافعي للإمام الذي يعلم من خلفه أن يصلي على الشئ المرتفع ليراه من خلفه ليقتدوا به، لما روى سهل بن سعد قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه يعني المنبر فكبر وكبر الناس وراءه ثم ركع وهو على المنبر ثم رفع ونزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ثم أقبل علي الناس فقال " أيها الناس إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي " متفق عليه ولنا ما روى عمار بن ياسر أنه صلى بالمدائن فتقدم فقام على دكان والناس أسفل منه فتقدم حذيفة فأخذ بيده فأتبعه عمار حتى أنزله حذيفة فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم " قال عمار فلذلك اتبعتك حين أخذت على يدي، رواه أبو داود ولأنه يحتاج أن يقتدي بامامه فينظر ركوعه وسجوده، فاذا كان أعلى منه احتاج الى رفع بصره اليه وذلك منهي عنه في الصلاة.
فأما حديث سهل فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على الدرجة السفلى لئلا يحتاج إلى عمل كثير في الصعود والنزول فيكون ارتفاعاً يسيراً لا بأس به جمعاً بين الأخبار، ويحتمل أن يختص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه فعل شيئاً ونهى عنه فيكون فعله لنفسه ونهيه لغيره، وكذلك لا يستحب لغيره عليه السلام ولأن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يتم الصلاة على المنبر فان سجوده وجلوسه انما كان على الأرض بخلاف ما اختلفنا فيه
* (فصل) * ولا بأس بالعلو اليسير كدرجة المنبر ونحوها لما ذكرنا من حديث سهل ولأن النهي معلل بما يفضي إليه من رفع البصر في الصلاة وهذا يختص الكثير * (فصل) * فإن كان العلو كثيراً أبطل الصلاة في قول ابن حامد وهو قول الأوزاعي لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه، وقال القاضي لا تبطل وهو قول أصحاب الرأي لأن عماراً أتم صلاته ولو كانت فاسدة لاستأنفها ولأن النهي معلل بما يفضي إليه من رفع البصر وهو لا يبطل الصلاة فسببه أولى * (فصل) * فإن كان مع الامام من هو مساو له ومن هو أسفل منه اختصت الكراهة بمن هو أسفل منه لوجود المعنى فيهم خاصة، ويحتمل أن يتناول النهي الامام لكونه منهياً عن القيام في مكان أعلى من مقامهم، فعلى هذا الاحتمال تبطل صلاة الجميع عند من أبطل الصلاة بارتكاب النهي * (فصل) * فإن كان المأموم أعلى من الامام كالذي على سطح المسجد أو رف أو دكة عالية فلا بأس لأنه روي عن ابي هريرة أنه صلى بصلاة الامام على سطح المسجد وفعله سالم وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي، وقال مالك يعيد اذا صلى الجمعة فوق سطح المسجد بصلاة الإمام.
ولنا ما ذكرنا من فعل أبي هريرة ولأنه يمكنه الاقتداء بامامه أشبه المتساويين، ولأن علو الامام إنما كره لحاجة المأمومين الى رفع البصر المنهي عنه وهذا بخلافه
* (مسألة) * (ويكره للإمام أن يصلي في طاق القبلة) يكره للامام أن يدخل في طاق القبلة، كره ذلك ابن مسعود وعلقمة والاسود لأنه يستتر عن بعض المأمومين فكره كما لو كان بينه وبينهم حجاب، وفعله سعيد بن جبير وأبو عبد الرحمن السلمي فأما إن كان لحاجة ككون المسجد ضيقاً لم يكره للحاجة اليه * (مسألة) * (ويكره للإمام أن يتطوع في موضع المكتوبة) نص عليه أحمد وقال: كذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: فأما المأموم فلا بأس أن يتطوع مكانه فعل ذلك ابن عمر وقال اسحق وروي عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يتطوع الإمام في مكانه الذي يصلي فيه بالناس " رواه أبو داود إلا أن أحمد
قال لا أعرف ذلك عن غير علي * (مسألة) * (ويكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفهم) وكره ذلك ابن مسعود والنخعي ورخص فيه ابن سيرين ومالك وأصحاب الرأي وابن المنذر ولنا ما روى معاوية بن قرة عن أبيه قال كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طرداً رواه ابن ماجه، فان كان الصف صغيراً لا ينقطع بها لم يكره لعدم ما يوجب الكراهة ولا يكره ذلك للإمام