الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
(مسألة) * (ثم يلف على يده خرقة فينجيه ولا يحل مس عورته، ويستحب أن لا يمس سائر بدنه الا بخرقة)
يستحب للغاسل اذا عصر بطن الميت أن ينجيه فيلف على يده خرقة خشنة بمسحه بها لئلا يمس عورته لأن النظر الى عورة الميت حرام فمسها أولى، ويزيل ما على بدنه من نجاسة لأن الحي يبدأ بذلك في اغتساله من الجنابة، ويستحب أن لا يمس سائر بدنه الا بخرقة لما روي أن علياً رضي الله عنه غسل النبي صلى الله عليه وسلم وبيده خرقة يمسح بها ما تحت القميص.
قال القاضي: يعد الغاسل خرقتين يغسل باحداهما السبيلين وبالأخرى سائر بدنه *
(مسألة) * (ثم ينوي غسلهما ويسمي)
النية في غسل الميت واجبة على الغاسل، وفي وجوب التسمية روايتان كغسل الجنابة، وإنما أوجبناها على الغاسل لتعذرها من الميت ولأن الحي هو المخاطب بالغسل.
وقال القاضي وابن عقيل ويحتمل أن لا تعتبر النية لأن القصد التنظيف فأشبه غسل النجاسة، والصحيح الأول لأنه لو كان كذلك لما وجب غسل متنظف ولجاز غسله بماء الورد، وكل ما يحصل به التنظيف وانما هو غسل تعبد فأشبه غسل الجنابة * (مسألة) * قال (ويدخل أصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح أسنانه وفي منخريه فينظفها ويوضيه ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه)
وجملة ذلك أنه إذا نجى الميت وأزال النجاسة بدأ بعد ذلك فوضاه وضوء الصلاة فيغسل كفيه ثم يأخذ خرقة خشنة فيبلها ويجعلها على أصبيعيه فيسمح أسنانه وأنفه حتى ينظفهما ويكون ذلك في رفق ثم يغسل وجهه ويتمم وضوءه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي غسلن ابنته " ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " متفق عليه ولأن الحي يبدأ بالوضوء في غسله ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه في قول أكثر أهل العلم منهم سعيد بن جبير والنخعي والثوري وأبو حنيفة، وقال الشافعي يمضمضه وينشقه كما يفعل الحي ولنا أن ذلك لا يؤمن معه وصوله الى جوفه فيفضي الى المثلة به ولا يؤمن من خروجه في أكفانه فيفسدها
* (مسألة) * (ثم يضرب السدر فيغسل برغوته رأسه ولحيته وسائر بدنه، ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر يفعل ذلك ثلاثا) يستحب أن يبدأ الغاسل بعد وضوء الميت بغسل رأس الميت فيغسله برغوة السدر ويغسل بدنه بالتفل يفعل ذلك ثلاثا، والمنصوص عن أحمد رحمه الله أنه يستحب أن يغسل ثلاثا بماء وسدر قال صالح: قال أبي: الميت يغسل بماء وسدر ثلاث غسلات.
قلت فيبقى عليه؟ قال أي شئ يكون هو أنقى له.
وذكر عن عطاء أن ابن جريج قال له أنه يبقى عليه السدر اذا غسل به كل مرة، قال عطاء هو طهور، واحتج أحمد بحديث أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته قال " اغسلنها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً أو أكثر من ذلك أن رأيتن بماء وسدر واجعلن في الأخيرة كافوراً " متفق عليه وذهب كثير من أصحابنا المتأخرين إلى أنه لا يترك في الماء سدر يغيره ثم اختلفوا فقال ابن حامد يطرح في كل المياه شئ يسير من السدر لا يغيره ليجمع بين العمل بالحديث ويكون الماء باقياً على إطلاقه، وقال القاضي وابو الخطاب يغسل أول مرة بالسدر ثم يغسل بعد ذلك بالماء القراح فيكون الجميع غسلة واحدة ويكون الاعتداد بالآخر دون الأول، لأن أحمد رحمه الله شبه غسله بغسل الجنابة، ولان السدر أن غير الماء سلبه الطهورية، وان لم يغيره فلا فائدة في ترك يسير لا يؤثر، والأول ظاهر كلام أحمد ويكون هذا من قوله دالا على أن تغيير الماء بالسدر لا يخرجه عن طهوريته، فان لم يجد السدر غسله بما يقوم مقامه ويقرب منه كالخطمى ونحوه لحصول المقصود به، وان غسله بذلك مع وجود السدر جاز لأن الشرع ورد بهذا لمعنى معقول وهو التنظيف فيتعدى الى كل ما وجد فيه المعنى، قال أبو الخطاب: ويستحب أن يخضب رأس المرأة ولحية الرجل بالحناء ويستحب أن يبدأ بشقه الأيمن فيغسل وجهه ويده اليمنى من المنكب الى الكفين وصفحة عنقه اليمنى وشق صدره وجنبه وفخذه وساقه وهو مستلق ثم يصنع ذلك بالجانب الأيسر ثم يرفعه من جانبه ولا
يكبه لوجهه فيغسل الظهر وما هناك من وركه وفخذه وساقه ثم يعود فيحرفه على جنبه الأيمن ويغسل شقه الأيسر كذلك، هكذا ذكره ابراهيم النخعي والقاضي وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم " ابدأن
بميامنها " وهو أشبه بغسل الحي (فصل) والواجب غسلة واحدة لأنه غسل واجب من غير نجاسة أصابته فكان مرة واحدة كغسل الجنابة.
قال عطاء: يجزيه غسلة واحدة ان نقوه، وقد روي عن أحمد أنه قال: لا يعجبني أن غسل واحدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اغسلنها ثلاثا أو خمسا " وهذا على سبيل الكراهة دون الاجزاء لما ذكرنا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم " اغسلوه بماء وسدر " ولم يذكر عدداً (فصل) والحائض والجنب اذا ماتا كغيرهما في الغسل، قال إبن المنذر هذا قول من نحفظ عنه من علماء الأمصار، وقد قال الحسن وسعيد بن المسيب: ما مات ميت الا جنب، وقيل عن الحسن أنه يغسل الجنب للجنابة والحائض للحيض ثم يغسلان للموت، والأول أولى لأنهما خرجا من أحكام التكليف ولم يبق عليهما عبادة واجبة، وانما الغسل للميت تعبد وليكون في حال خروجه من الدنيا على أكمل حال من النظافة وهذا يحصل بغسلة واحدة ولأن الغسل الواحد يجزي من وجد في حقه شيئان كالحيض والجنابة كذا هذا (فصل) وقال بعض أصحابنا: يتخذ الغاسل ثلاث أواني آنية كبيرة يجمع فيه الماء الذي يغسل به الميت تكون بالبعد منه، واناءين صغيرين يطرح من أحدهما على الميت والثالث يغرف به من الكبير في الصغير الذي يغسل به الميت ليكون الكبير مصوناً، فاذا فسد الماء الذي في الصغير وطار فيه من رشاش الماء كان ما بقي في الكبير كافياً، ويستعمل في كل أموره الرفق به في تقليبه وعرك أعضائه وعصر بطنه وتليبن مفاصله وفي سائر أموره احتراماً له فانه مشبه بالحي في حرمته ولا يأمن أن عنف به أن ينفصل منه عضو فيكون مثلة به وقد قال صلى الله عليه وسلم " كسر عظم الميت ككسر عظم الحي " وقال " إن الله يحب الرفق في الأمر كله "
* (مسألة) * (فإن لم ينفق بالثلاث وخرج منه شئ غسله إلى خمس فإن زاد فإلى سبع) اذا فرغ الغاسل من الغسلة الثالثة لم يمر يده على بطن الميت لئلا يخرج منه شئ، فان رأى الغاسل أنه لم ينق بالثلاث غسله خمساً أو سبعاً إن رأى ذلك ولا يقطع إلا على وتر.
قال الامام أحمد
ولا يزاد على سبع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعاً " لم يزد على ذلك وجعل ما أمر به وتراً، وقال أيضاً " اغسلنها وتراً " فإن لم ينق بالسبع فقال شيخنا: الأولى غسله حتى ينقى لقوله صلى الله عليه وسلم " اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك " ولأن الزيادة على الثلاث إنما كانت للانقاء أو للحاجة اليها، فكذلك ما بعد السبع، ولا يقطع إلا على وتر لما ذكرنا، ولم يذكر أصحابنا أنه يزيد على سبع (فصل) فإن خرج من الميت نجاسة بعد الثلاث وهو على مغتسله من قبله أو دبره غسله إلى خمس فإن خرج بعد الخمس غسله الى سبع، ويوضيه في الغسلة التي تلي خروج النجاسة.
قال صالح قال أبي يوضأ الميت مرة واحدة إلا أن يخرج منه شئ فيعاد عليه الوضوء وهذا قول ابن سيرين وإسحق، واختار أبو الخطاب أنه يغسل موضع النجاسة ويوضأ ولا يجب اعادة غسله وهو قول الثوري ومالك وأبي حنيفة لأن خروج النجاسة من الحي بعد غسله لا يبطله فكذلك الميت، وللشافعي قولان كالمذهبين ولنا أن القصد من غسل الميت أن يكون خاتمة أمره الطهارة الكاملة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا إن رأيتن ذلك بماء وسدر " فان خرجت منه نجاسة من غير السبيلين فقال أحمد في رواية أبي داود: الدم أسهل من الحدث يعني الدم الذي يخرج من أنفه أسهل من الحدث في أنه لا يعاد له الغسل لأن الحدث ينقض الطهارة بالاتفاق ويسوى بين قليله وكثيره، ويحتمل أنه إن أراد الغسل لا يعاد من يسيره كما لا ينقض الوضوء بخلاف الخارج من السبيلين * (مسألة) * (ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً) يستحب أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً لشده ويبرده ويطيبه لقول النبي صلى الله عليه