الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيدخل في عموم الحديث ولأن المقصود التنظيف وقد حصل ولأنه قد روي في الحديث " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة " * (فصل) * ومن لا يأتي الجمعة لا غسل عليه، قال أحمد ليس على النساء غسل يوم الجمعة وعلى قياسهن الصبيان والمسافرون، وكان ابن عمر لا يغتسل في السفر وكان طلحة يغتسل.
وروي عن مجاهد وطاوس استدلالا بعموم الأحاديث المذكورة ولنا قوله عليه السلام " من أتى الجمعة فليغتسل " ولأن المقصود التنظيف وقطع الرائحة لئلا يتأذى غيره به وذلك مختص بحضور الجمعة والأخبار العامة تحمل على هذا، ولذلك يسمى غسل الجمعة، ومن لا يأتيها فليس غسله غسل الجمعة، فإن أتاها من لا تجب عليه استحب له الغسل لعموم الخبر ووجود المعنى فيه *
(مسألة) * (ويتنظف ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه)
التنظف والتطيب والسواك مندوب اليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وسواك وأن يمس طيباً " ويستحب أن يدهن ويتنظف ما استطاع بأخذ الشعر وقطع الرائحة لحديث سلمان الذي ذكرناه، ويستحب أن يلبس ثوبين نظيفين لما روى عبد الله بن سلام أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة يقول " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته
سوى ثوبي مهنته " رواه مسلم.
وعن أبي أيوب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب إن كان له، ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج وعليه السكينة حتى أتى المسجد فيركع إن بدا له ولم يؤذ أحداً، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة ما بينها وبين الجمعة الأخرى " رواه الإمام أحمد.
وأفضلها البياض لقوله عليه الصلاة والسلام " خير ثيابكم البياض ألبسوها أحياءكم، وكفنوا فيها موتاكم " والامام في هذا ونحوه آكد لأنه المنظور إليه من بين الناس * (مسألة) * (ويبكر إليها ماشيا ويدنوا من الإمام) للسعي الى الجمعة وقتان: وقت وجوب ووقت فضيلة وقد ذكرنا وقت الوجوب.
وأما وقت الفضيلة فمن أول النهار فكلما كان أبكر كان أولى وأفضل.
وهذا مذهب الأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر، وقال مالك لا يستحب التبكير قبل الزوال لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من راح إلى الجمعة " والرواح بعد الزوال والغد قبله، قال النبي صلى الله عليه وسلم " غدوة في سبيل الله، أو روحة خير من الدنيا وما فيها " قال امرؤ القيس (تروح من الحي أم تبتكر) ولنا ما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن
راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يسمعون الذكر " متفق عليه.
وقال علقمة خرجت مع عبد الله إلى الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه فقال رابع أربعة وما رابع أربعة ببعيد، أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الناس يجلسون من الله عزوجل يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة " رواه ابن ماجه.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها " أخرجه الترمذي وقال حديث حسن ورواه ابن ماجة والنسائي وفيه " ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ " وقوله " بكر " أي خرج في بكرة النهار وهو أوله.
وقوله " وابتكر "
أي بالغ في التبكير أي جاء في أول البكرة على ما قال امرؤ القيس (تروح من الحي أم تبتكر) وقيل معناه ابتكر العبادة مع بكورة وقيل " ابتكر الخطبة " أي حضر الخطبة مأخوذ من باكورة الثمرة وهي أولها وغير هذا أجود لأن من جاء في بكرة النهار لزم أن يحضر أول الخطبة وقوله " غسل " أي جامع ثم اغتسل يدل على هذا قوله في الحديث الآخر " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة " قال الامام أحمد قوله " غسل واغتسل " مشددة يريد يغسل أهله.
وغير واحد من التابعين عبد الرحمن بن الأسود وهلال بن يساف يستحبون أن يغسل الرجل أهله يوم الجمعة يريدون أن يطأ لأن ذلك أمكن لنفسه وأغض لطرفه في طريقه.
وقال الخطابي المراد به غسل رأسه واغتسل في بدنه.
وحكي ذلك عن ابن المبارك فعلى هذا يكون معنى قوله " غسل الجنابة " أي كغسل الجنابة.
فأما قول مالك فمخالف
للآثار لأن الجمعة مستحب فعلها عند الزوال وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبكر بها، ومتى خرج الامام طويت الصحف فلم يكتب من أتى الجمعة بعد ذلك، فأي فضيلة لهذا؟ فان آخر بعد ذلك شيئاً دخل في النهي والذم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي جاء يتخطى رقاب الناس " أرأيتك؟ أنيت وآذيت " أي أخرت المجئ، وقال عمر لعثمان حين جاء والامام يخطب أية ساعة هذه؟ على وجه الانكار فكيف يكون لهذا بدنة أو بقرة أو فضل؟ فعلى هذا معنى قوله راح الى الجمعة أي ذهب اليها لا يحتمل غير هذا * (فصل) * ويستحب أن يمشي ولا يركب في طريقها لقوله عليه الصلاة والسلام " ومشى ولم يركب " لأن الثواب على الخطوات بدليل ما ذكرناه من الحديث ويكون عليه السكينة والوقار في مشيه، ولا يسرع لأن الماشي الى الصلاة في صلاة ولا يشبك بين أصابعه، ويقارب بين خطاه لتكثر حسناته.
وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج مع زيد بن ثابت إلى الصلاة فقارب بين خطاه ثم قال " إنما فعلت ذلك لكثرة خطانا في طلب الصلاة " وروي عن عبد الرحمن بن رواحة أنه كان يمشي الى الجمعة حافياً ويبكر ويقصر في مشيه رواهما الأثرم، ويكثر ذكر الله ويغض طرفه ويقول ما ذكرنا في أدب المشي إلى الصلاة ويقول اللهم اجعلني من أوجه من توجه إليك، وأقرب من
توسل اليك وأفضل من سألك ورغب اليك، وروينا عن بعض الصحابة أنه مشى الى الجمعة حافياً
فسئل عن ذلك.
فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار " * (فصل) * ويجب السعي الى الجمعة سواء كان من يقيمها عدلاً أو فاسقاً سنياً أو مبتدعا نص عليه الامام أحمد في رواية عباس بن عبد العظيم، وقد سئل عن الصلاة خلف المعتزلة فقال أما الجمعة فينبغي شهودها قال شيخنا ولا أعلم في هذا خلافا وذلك لعموم قوله تعالى (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " فمن تركها في حياتي أو بعد مماتي وله إمام جائر أو عادل استخفافاً بها فلا جمع الله له شمله " ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
فإن عبد الله بن عمر وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يشهدونها مع الحجاج ونظرائه ولم يسمع عن أحد منهم التخلف عنها ولأن الجمعة من اعلام الدين الظاهرة ويتولاها الأئمة أو من ولوه، فتركها خلف من هذه صفته يفضي الى سقوطها.
إذا ثبت هذا فإنها تعاد خلف من تعاد خلفه بقية الصلوات نص عليه الامام أحمد في رواية عباس بن عبد العظيم، وعنه رواية أخرى أنها لا تعاد لأن الظاهر من حال الصحابة رضي الله عنهم أنهم لم يكونوا يعيدونها لأنهم لم ينقل ذلك عنهم، وقد ذكرنا ذلك في باب الامامة
* (فصل) * ويستحب الدنو من الإمام لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ " وعن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " احضروا الذكر وادنوا من الإمام فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة " رواه أبو داود ولأنه أمكن له من السماع * (مسألة) * (ويشتغل بالصلاة والذكر ويقرأ سورة الكهف في يومها ويكثر الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا حضر قبل الخطبة اشتغل بالصلاة وذكر الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم " واعلموا
أن من خير أعمالكم الصلاة " ويقرأ سورة الكهف في يوم الجمعة لما روي عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة وإن خرج الدجال عصم منه " رواه زيد بن علي في كتابه بإسناده، وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه
إلى عنان السماء يضئ به إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين " ويستحب أن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لما روي عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإنه مشهود تشهده الملائكة " رواه ابن ماجه، وعن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي " قالوا يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ (أي بليت) قال " إن الله عزوجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء عليهم السلام " رواه أبو داود * (فصل) * ويستحب الإكثار من الدعاء يوم الجمعة لعله يوافق ساعة الإجابة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال " فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه " وأشار بيده يقللها وفي لفظ " وهو قائم يصلي " متفق عليه.
واختلف في تلك الساعة فقال عبد الله ابن سلام وطاوس هي آخر ساعة في يوم الجمعة وفسر عبد الله بن سلام الصلاة بانتظارها بقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يجلسه إلا الصلاة فهو في صلاة " رواه ابن ماجه، وروي هذا القول مرفوعاً، فعلى هذا يكون القيام بمعنى الملازمة والاقامة كقوله تعالى
إلا مادمت عليه قائما) وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس " أخرجه الترمذي، وقيل هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تنقضي الصلاة لما روى أبو موسى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " هي ما بين
أن يجلس الإمام إلى أن يقضي الإمام الصلاة " رواه مسلم، وعن عمرو بن عوف المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن في الجمعة ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئاً إلا آتاه الله إياه " قالوا يا رسول الله أية ساعة هي؟ قال " حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها " رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن غريب.
فعلى هذا تكون الصلاة مختلفة فتكون في حق كل قوم في وقت صلاتهم وقيل هي ما بين الفجر إلى طلوع الشمس، ومن العصر الى غروبها وقيل هي الساعة الثالثة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم لأي شئ سمي يوم الجمعة؟ قال " لأن فيها طبعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة والبعثة وفيها البطشة، وفي آخر ثلاث ساعات منها من دعا الله