الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولنا ما ذكرنا من المعنى ولأنه لا نص فيه ولا هو في معنى النصوص *
(مسألة) * (ويخرج العشر من كل نوع على حدته فإن شق ذلك أخذ من الوسط)
وجملة ذلك أنه إذا كان المال الزكوي نوعاً واحداً أخذ منه جيداً كان أورديا لأن حق الفقراء يجب على طريق المواساة فهم بمنزلة الشركاء ولا نعلم في هذا خلافاً وإن كان أنواعاً أخذ من كل نوع ما يخصه وهذا قول أكثر العلماء، وقال مالك والشافعي يؤخذ من الوسط وكذلك ذكره شيخنا ههنا وأبو الخطاب إذا شق عليه إخراج زكاة كل نوع منه دفعا للحرج والمشقة وقياساً على السائمة والأول أولى لأن الفقراء بمنزلة الشركاء فينبغي أن يتساووا في كل نوع ولا مشقة في ذلك بخلاف الماشية فان إخراج زكاة كل نوع منها يفضي إلى التشقيص وفيه مشقة بخلاف الثمار، ولا يجوز اخراج الردئ لقوله تعالى (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) قال أبو أمامة سهل بن حنيف في هذه الآية هو الجعرور ولون الحبيق فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ في الصدقة.
رواه النسائي وأبو عبيد قال وهما ضربان من
التمر أحدهما إنما يصير قشراً على نوى والآخر اذا أثمر صار حشفاً.
ولا يجوز أخذ الجيد عن الردئ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إياك وكرائم أموالهم ".
فاما إن تطوع رب المال باخراج الجيد عن الردئ جاز وله أجر ذلك على ما ذكرنا في الماشية (فصل) وأما الزيتون فإن كان مما لا زيت فيه فانه يحرج منه عشره حبا إذا بلغ نصابا لانه حال كماله وادخاره، وإن كان له زيت أخرج منه زيتا اذا بلغ الحب نصابا، وهذا قول الزهري والاوزاعي ومالك والليث قالوا يخرص الزيتون ويؤخذ منه زيتا صافيا وقال مالك إذا بلغ خمسة أوسق أخذ العشر من زيته بعد أن يعصر، وقال الثوري وأبو حنيفة يخرج من حبه كسائر الثمار ولانه الحالة التي يعتبر فيها الاوساق فكان اخراجه فيها كسائر الثمار وهذا جائز، واخراج الزيت أولى وأفضل لانه يكفي الفقراء مؤنته ولانه حال كما له وادخاره أشبه الرطب إذا يبس والله أعلم * (مسألة) * (ويجب العشر على المستأجر دون المالك) وبهذا قال مالك والثوري وشريك وابن المبارك والشافعي وابن المنذر، وقال أبو حنيفة هو على ملك الارض لانه من مؤنتها أشبه الخراج ولنا أنه واجب في الزرع فكان على مالكه كزكاة القيمة فيما اذا أعده للتجارة وكعشر زرعه في
ملكه ولا يصح قولهم إنه من مؤنة الأرض لأنه لو كان من مؤنتها لوجب فيها وان لم تزرع ولوجب على الذمي كالخراج ولتقدر بقر الأرض لا بقدر الزرع ولوجب صرفه إلى مصارف الفئ فان استعار أرضاً فزرعها فالزكاة على صاحب الزرع لأنه مالكه وإن غصبها فزرعها وأخذ الزرع فالعشر عليه لانه نبت على مالكه وان أخذه مالكها قبل اشتداد حبة فالعشر عليه، وإن أخذه بعده احتمل أن يجب عليه أيضاً لأن أخذه اياه استند الى أول زرعه فكأنه أخذه من تلك الحال، ويحتمل أن تكون زكاته على الغاصب لأنه كان ملكاً له حين وجوب عشره وهو حين اشتداد الحب، وان زارع رجلا مزارعة فاسدة
فالعشر على من يجب الزرع له وإن كانت صحيحة فعلى كل واحد منهما عشر حصته إن بلغت نصاباً أو كان له من الزرع ما يبلغ بضمه اليه نصابا وإلا فلا، وإن بلغت حصة أحدهما نصاباً دون الآخر فعلى من بلغت حصته العشر دون صاحبه إلا إذا قلنا الخلطة تؤثر في غير السائمة فيلزمهما العشر اذا بلغ زرعهما نصابا ويخرج كل واحد منهما عشر نصيبه إلا أن يكون أحدهما ممن لا عشر عليه كالمكاتب فلا يلزم شريكه شئ الا ان تبلغ حصته نصاباً وكذلك الحكم في المساقاة * (مسألة) * (ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة) الأرض أرضان صلح وعنوة، فاما الصلح فهو كل أرض صولح أهلها عليها لتكون ملكا لهم ويؤدون عليها خراجا فهذه الارض ملك لأربابها وهذا الخراج كالجزية متى أسلموا سقط عنهم ولهم بيعها وهبتها ورهنها وكذلك كل أرض أسلم عليها أهلها، كأرض المدينة وشبهها ليس عليها خراج ولا شئ الا الزكاة فهي واجبة على كل مسلم، ولا خلاف في وجوب العشر في الخارج من هذه الأرض قال إبن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن على كل أرض أسلم عليها أهلها قبل قهرهم عليها الزكاة فيما زرعوا فيها وأما العنوة فالمراد بها ما فتح عنوة ووقف على المسلمين وضرب عليه خراج معلوم فانه يؤدى الخراج عن رقبة الارض وعليه العشر عن غلتها اذا كانت لمسلم وكذلك الحكم في كل أرض خراجية وهذا قول عمر بن عبد العزيز والزهري ويحي الانصاري وربيعة والاوزاعي ومالك والثوري والشافعي
وابن المبارك واسحق وأبو عبيد وقال أصحاب الرأي لا عشر في الارض الخراجية لقوله عليه السلام " لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم " ولأنهما حقان سبباهما متنافيان فلم يجتمعا، كزكاة السوم والتجارة وكالعشر وزكاة القيمة، وبيان تنافيهما أن الخراج وجب عقوبة لانه جزية للأرض والزكاة وجبت طهوراً وشكراً.
ولنا قوله تعالى (ومما أخرجنا لكم من الأرض) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " فيما سقت السماء العشر " وغيره من عمومات الأخبار، قال ابن المبارك يقول الله تعالى (ومما أخرجنا لكم من الأرض) ثم قال نترك القرآن لقول أبي حنيفة ولانهما حقان يجبان لمستحقين يجوز وجوب كل واحد منهما على المسلم فجاز اجتماعهما كالكفارة والقيمة في الصيد الحرمي المملوك وحديثهم يرويه يحيى بن عنبسة وهو ضعيف عن أبي حنيفة ثم نحمله على الخراج الذي هو جزية وقولهم إن سببيها متنافيان غير صحيح فإن الخراج أجرة الأرض والعشر زكاة الزرع ولا يتنافيان كما لو استأجر أرضا فزرعها وقولهم الخراج عقوبة قلنا لو كان عقوبة لما وجب على مسلم كالجزية، وإن كانت الأرض لكافر فليس عليه فيها سوى الحرج
قال أحمد ليس في أرض أهل الذمة صدقة إنما قال الله تعالى (تطهرهم وتزكيهم بها) فأي طهرة للمشركين؟ (فصل) فإن كان في غلة الأرض ما لا عشر فيه كالثمار التي لا زكاة فيها والخضراوات وفيها زرع فيه الزكاة جعل ما لا زكاة فيه في مقابلة الخراج وزكي ما فيه الزكاة إذا كان ما لا زكاة فيه وافيا بالخراج وإن لم يكن لها غلة الا ما تجب فيه الزكاة أدى الخراج من غلتها وزكى ما بقي في أصح الروايات اختارها الخرقي، وهذا قول عمر بن عبد العزيز قال أبو عبيد عن إبراهيم بن أبي عبلة كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله على فلسطين فيمن كانت في يده أرض بجزيتها من المسلمين أن يقبض منها حزيتها ثم تؤخذ منها زكاة ما بقي بعد الجزية وذلك لأن الخراج من مؤنة الارض فيمنع وجوب الزكاة في قدره لقول ابن عباس يحسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله وفيه رواية ثانية أن الدين كله يمنع وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة فعلى هذه الرواية يحسب كل دين عليه ثم يخرج العشر مما بقي ان بلغ نصابا يروى نحو ذلك عن ابن عمر لانه دين فمنع وجوب العشر كالخراج وما
انفقه على زرعه وفيه رواية ثالثة أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة مطلقا سواء استدانه لنفقة زرعه أو لنفقة أهله فيحتمل على هذه ان يزكي الجميع وقد ذكرنا ذلك في باب الزكاة * (مسألة) * (ويجوز لأهل الذمة شراء الارض العشرية ولا عشر عليهم، وعنه عليهم عشران يسقط أحدهما بالاسلام) وجملة ذلك أنه لم يكره للمسلم بيع أرضه من الذمي واجارتها منه لافضائه إلى اسقاط عشر الخارج منها.
قال محمد بن موسى: سألت أبا عبد الله عن المسلم يؤاجر أرض الخراج من الذمي؟ قال: لا يؤاجر من الذمي انما عليه الجزية وهذا ضرر، وقال في موضع آخر لانهم لا يؤدون الزكاة فان أجرها من الذمي أو باع أرضه التي لا خراج عليها لذمي صح البيع والاجارة وهو مذهب الثوري والشافعي وأبي عبيد وليس عليهم فيها عشر ولا خراج.
قال حرب سألت أحمد عن الذمي يشتري أرض العشر قال لا أعلم شيئاً وأهل المدينة يقولون في هذا قولا حسنا، يقولون لا يترك الذمي يشتري أرض العشر، وأهل البصرة يقولون قولا عجباً يقولون يضاعف عليهم وقد روي عن أحمد أنهم يمنعون من شرائها اختارها الخلال وهو قول مالك وصاحبه، فان اشتروها ضوعف عليهم العشر فأخذ منهم الخمس كما لو اتجروا بأموالهم إلى غير بلدهم يؤخذ منهم نصف العشر وهذا قول أهل البصرة وأبي يوسف ويروى ذلك عن الحسن وعبيد الله بن الحسن العنبري.
وقال محمد بن الحسن: العشر بحاله، وقال أبو حنيفة: تصير أرض خراج ولنا أن هذه أرض لا خراج عليها فلا يلزم فيه الخراج ببيعها كما لو باعها مسلماً ولانها مال مسلم
يجب الحق فيه للفقراء فلم يمنع من بيعه للذمي كالسائمة واذا ملكها الذمي فلا عشر عليه فيما يخرج منها لانه زكاة فلا تجب على الذمي كزكاة السائمة وما ذكروه ينتقض بزكاة السائمة وما ذكروه من تضعيف العشر تحكم لا نص فيه ولا قياس (1)(فصل) وفي العسل العشر سواء أخذه من موات أو من ملكه ونصابه عشرة أفراق كل فرق ستون رطلا.
قال الأثرم: سئل أبو عبد الله أنت تذهب الى أن في العسل زكاة؟ قال نعم اذهب إلى
ان في العسل زكاة العشر قد أخذ عمر منهم الزكاة، قلت ذلك على أنهم تطوعوا به، قال لا بل أخذ منهم.
ويروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري والاوزاعي واسحق.
وقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وابن المنذر لا زكاة فيه لأنه مائع خارج من حيوان أشبه اللبن.
قال إبن المنذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل حديث يثبت ولا اجماع فلا زكاة فيه.
وقال أبو حنيفة إن كان في أرض العشر ففيه الزكاة وإلا فلا زكاة فيه، ووجه الأول ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ في زمانه من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها رواه أبو عبيد والاثرم وابن ماجه، وعن سليمان بن موسى أن أبا سيارة المتعي قال: قلت يا رسول الله إن لي نحلاً، قال " أد العشر " قال فاحم إذا جبلها فحماه له رواه أبو عبيد وابن ماجة وروى الأثرم عن ابن أبي ذبابة عن أبيه عن جده أن عمر رضي الله عنه أمره في العسل بالعشر
أما اللبن فإن الزكاة وجبت في أصله وهو السائمة بخلاف العسل وقول أبي حنيفة ينبني على أن العشر والخراج لا يجتمعان وقد ذكرناه ونصابه عشرة أفراق وهذا قول الزهري، وقال أبو يوسف ومحمد خمسة أوساق لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " وقال أبو حنيفة تجب في قليلة وكثيره بناء على أصله في الحبوب والثمار (ووجه الأول) ما روي عن عمر رضي الله عنه أن ناساً سألوه فقالوا: إن رسول صلى الله عليه وسلم قطع لنا واديا باليمن فيه خلايا من نحل وإنا نجد ناساً يسرقونها، فقال عمر: إن أديتم صدقتها من كل عشرة أفراق فرقا حميناها لكم.
رواه الجوزجاني.
وهذا تقدير من عمر رضي الله عنه فيجب المصير إليه، إذا ثبت هذا فقد اختلف المذهب في قدر الفرق، فروي عن أحمد ما يدل على أنه ستة عشر رطلاً، فإنه قال في رواية أبي داود قال الزهري في عشرة أفراق فرق والفرق ستة عشر رطلاً فيكون نصابه مائة وستون رطلاً بالعراقي.
وقال ابن حامد: الفرق ستون رطلاً فيكون النصاب ستمائة رطل وكذلك ذكره القاضي في المجرد فإنه يروى عن الخليل بن أحمد قال: الفرق باسكان الراء مكيال ضخم من مكاييل أهل العراق، وحكي عن القاضي أن الفرق ستة ثلاثون رطلا، وقيل هو مائة وعشرون رطلاً.
قال
شيخنا: ويحتمل أن يكون نصابه ألف رطل لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه كان يأخذ من كل عشر قرب قربة من أوسطها، والقربة مائة رطل بالعراقي بدليل قرب القلتين.
ووجه الأول قول عمر: من كل عشرة أفراق فرقاً - والفرق بتحريك الراء ستة عشر رطلاً.
قال أبو عبيد: لا خلاف بين الناس أعلمه في أن الفرق ثلاثة آصع.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة " اطعم ستة مساكين فرقا من طعام " فقد بين أنه ثلاثة آصع.
وقالت عائشة: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء هو الفرق هذا المشهور فينصرف الإطلاق إليه والفرق الذي هو مكيال ضخم لا يصح حمله عليه لوجوه (أحدها) انه غير مشهور في كلامهم فلا يحمل عليه المطلق من كلامهم.
قال ثعلب.
قل فرق ولا تقل فرق (الثاني) أن عمر قال: من كل عشرة أفراق فرقا - والافراق جمع فرق بفتح الراء وجمع الفرق باسكان الراء فروق لأن ما كان على وزن فعل ساكن العين غير معتل فجمعه في القلة أفعل وفي الكثرة فعال أو فعول (والثالث) أن الفرق الذي هو ضخم من مكاييل أهل العراق لا يحمل عليه كلام عمر، وانما يحمل كلام عمر رضي الله عنه على مكاييل أهل الحجاز لانه بها ومن أهلها ويؤكد ذلك تفسير الزهري له في نصاب العسل بما قلنا والامام أحمد ذكره في معرض الاحتجاج به فيدل على أنه ذهب إليه والله أعلم
* (فصل في المعدن) * * (مسألة) * (ومن استخرج من معدن نصابا من الأثمان أو ما قيمته نصاب من الجواهر والقار والصفر والزئبق والكحل والزرنيخ وسائر ما يسمى معدنا ففيه الزكاة في الحال ربع العشر من قيمته أو من عينها إن كانت أثمانا سواء استخرجه في دفعة أو دفعات لم يترك العمل بينها ترك أهمال) الكلام في هذه المسألة في فصول أربعة (احدها) في صفة المعدن الذي تتعلق به الزكاة وهو كل ما خرج من الارض مما خلق فيها من غيرها مما له قيمة كالذي ذكر ههنا ونحوه من البلور والعقيق والحديد والسبج والزاج والمغرة والكبريت ونحو ذلك، وقال الشافعي ومالك: لا تتعلق الزكاة الا بالذهب
والفضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا زكاة في حجر " ولانه مال مقوم مستفاد من الارض أشبه الطين الاحمر وقال أبو حنيفة في إحدى الروايتين: تتعلق الزكاة بكل ما ينطبع كالرصاص والحديد والنحاس دون غيره ولنا عموم قوله تعالى (ومما أخرجنا لكم من الأرض) ولانه معدن فتعلقت الزكاة به كالأثمان ولانه مال لو غنمه خمسه فاذا أخرجه من معدن وجبت زكاته كالذهب فأما الطين فليس بمعدن لانه تراب والمعدن ما كان في الارض من غير جنسها (الفصل الثاني) في قدر الواجب فيه وصفته، وقدر الواجب فيه ربع العشر وهو زكاة وهذا
قول عمر بن عبد العزيز ومالك.
وقال أبو حنيفة: الواجب فيه الخمس وهو فئ واختاره أبو عبيد.
وقال الشافعي هو زكاة واختلف عنه في قدره كالمذهبين واحتج من أوجب الخمس بقوله عليه الصلاة والسلام " ما لم يكن في طريق مأتي ولا في قرية عامرة ففيه وفي الركاز الخمس " رواه النسائي والجوزجاني، وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " وفي الركاز الخمس " قيل يا رسول الله ما الركاز؟ قال " الذهب والفضة المخلوقان في الأرض يوم خلق الله السموات والأرض " وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الركاز هو الذهب الذي ينبت مع الأرض " وفي حديث علي عليه السلام انه قال " وفي السيوب الخمس " قال والسيوب عروق الذهب والفضة التي تحت الأرض ولنا ما روى أبو عبيد بإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية من ناحية الفرع قال فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الركاز إلى اليوم، وقد أسنده كثير بن عبد الله ابن عمر وبن عون المزني عن أبيه عن جده، ورواه الدراوردي عن ربيعة عن الحارث بن بلال عن بلال بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ منه زكاة المعادن القبلية، قال أبو عبيد القبلية بلاد معروفة بالحجاز ولانها زكاة أثمان فكانت ربع العشر كسائر الاثمان، أو تتعلق بالقيمة أشبهت زكاة التجارة، وحديثهم الاول لا يتناول محل النزاع لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر ذلك في جواب سؤاله عن اللقطة وهذا ليس بلقطة فلا يتناوله النص، وحديث أبي هريرة يرويه عبد الله بن سعيد وهو ضعيف وسائر أحاديثهم لا نعرف صحتها ولا هي مذكورة في المسانيد
(الفصل الثالث) في نصاب المعدن وهو عشرون مثقالا من الذهب أو مائتا درهم من الفضة أو قيمة ذلك من غيرهما وهذا مذهب الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يجب الخمس في قليلة وكثيره بناء على أنه ركاز لعموم الاحاديث التي احتجوا بها، ولانه لا يشترط له حول فلم يشترط له نصاب كلركاز ولنا قوله عليه السلام " ليس فيما دون خمس أواق صدقة " وقوله عليه السلام " ليس في الذهب شئ حتى يبلغ عشرين مثقالا " ولانها زكاة تتعلق بالاثمان أو بالقيمة فاعتبر لها النصاب كالاثمان والعروض وقد بينا أن هذا ليس بركاز وأنه مفارق للركاز من حيث إن الركاز مال كافر مظهور عليه في الإسلام فهو كالغنيمة وهذا وجب مواساة وشكراً لنعمة الغنى فاعتبر له النصاب كسائر الزكوات، وانما لم يعتبر له الحول لحصوله دفعة واحدة فأشبه الزروع والثمار، ولان النماء يتكامل فيه بالوجود والاخذ فهو كالزرع، إذا ثبت هذا فانه يشترط إخراج النصاب دفعة واحدة أو دفعات لا يترك العمل بينهن ترك اهمال، فان أخرج دون النصاب ثم ترك العمل مهملا له ثم أخرج دون النصاب فلا زكاة فيهما، وإن بلغا بمجموعهما نصابا لفوات الشرط، وإن بلغ أحدهما نصاباً دون الآخر زكى النصاب وحده، ويجب فيما زاد على النصاب بحسابه كالاثمان والخارج من الارض، فأما ترك العمل ليلا وللاستراحة أو لعذر من مرض أو لاصلاح الاداة أو اباق عبد ونحوه فلا يقطع حكم العمل، وحكمه حكم المتصل لان العادة كذلك، وكذلك إن كان مشتغلا بالعمل فخرج بين المعدنين تراب لا شئ فيه
(فصل) وإن اشتمل المعدن على أجناس كمعدن فيه الذهب والفضة فذكر القاضي أنه لا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب لأنها أجناس فلا يضم أحدهما الى غيره كغير المعدن قال شيخنا والصواب إن شاء الله أنه إن كان المعدن يشتمل على ذهب وفضة ففي ضم أحدهما إلى الآخر وجهان مبنيان على الروايتين في ضم أحدهما إلى الآخر في غير المعدن وإن كان فيه أجناس من الذهب والفضة ضم بعضها إلى بعض لأن الواجب في قيمتها فأشبهت عروض التجارة وإن كان فيها إحدى النقدين وجنس آخر ضم أحدهما إلى الآخر كما تضم العروض الى الأثمان وان استخرج
نصابا من معدنين وجبت الزكاة فيه كالزرع في مكانين (الفصل الرابع) في وقت الوجوب وتجب الزكاة فيه حين يتناوله ويمكل نصابه ولا يعتبر له حول وهذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي وقال إسحق وابن المنذر يعتبر له الحول لعموم قوله عليه السلام " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " ولنا أنه مستفاد من الأرض فلا يعتبر في وجوب حقه حوله كالزرع والثمار والركاز، ولأن الحول إنما يعتبر في غير هذا ليكمل النماء وهذا يتكامل نماؤه دفعة واحدة فلم يعتبر له حول كالزرع والخبر مخصوص بالزرع والثمر فنقيس عليه محل النزاع * (مسألة) * (ولا يجوز اخراجها إذا كانت اثمانا إلا بعد السبك والتصفية كالحب والثمرة فإن
أخرج ربع عشر ترابه قبل تصفيته وجب رده إن كان باقيا أو قيمته إن كان تالفاً) والقول في قدر المقبوض قول الآخذ لأنه غارم فان صفاه الآخذ فكان قدر الزكاة أجزأ وإن زاد رد الزيادة إلا أن يسمح له المخرج وان نقص فعلى المخرج، وما أنفقه الآخذ على تصفيته فهو من ماله لا يرجع به على المالك، ولا يحتسب المالك ما أنفقه على المعدن في استخراجه ولا تصفيته من المعدن لأن الواجب فيه زكاة فلا يحتسب بمؤنة استخراجه وتصفيته كالحبوب فإن كان ذلك دينا عليه احتسب به على الصحيح من المذهب كما يحتسب بما أنفق على الزرع وقال أبو حنيفة لا تلزمه المؤنة من حقه وشبهه بالغنيمة وبناه على أصله في أنه ركاز وقد مضى الكلام في ذلك * (مسألة) * (ولا زكاة فيما يخرج من البحر واللؤلؤ والمرجان ونحوه في أحد الوجهين) وهو اختيار أبي بكر وظاهر قول الخرقي روي نحو ذلك عن ابن عباس وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء ومالك والثوري وابن أبي ليلى - والحسن بن صالح والشافعي وأبو حنيفة ومحمد وأبو ثور والرواية الاخرى فيه الزكاة لأنه خارج من معدن أشبه الخارج من معدن البر ويروى عن عمر بن عبد العزيز انه اخذ من العنبر الخمس وهو قول الحسن والزهري وزاد الزهري في اللؤلؤ يخرج من البحر ولنا أن ابن عباس قال ليس في العنبر شئ انما هو شئ ألقاه البحر وعن جابر نحوه رواهما أبو
عبيد ولأنه قد كان يخرج على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه فلم يأت فيه سنة عنه ولا عنهم من وجه يصح
ولأن الأصل عدم الوجوب فيه ولا يصح قياسه على معدن البر لأن العنبر انما يلقيه البحر فيوجد على الارض فيؤخذ من غير تعب فهو كالمباحات المأخوذة من البر كالمن وغيره فأما السمك فلا شئ عليه بحال في قول أهل العلم كافة الا شئ روي عن عمر بن عبد العزيز رواه عنه أبو عبيد وقال ليس الناس على هذا ولا نعلم احدا قال به وعن أحمد أن فيه الزكاة كالعنبر والصحيح أن هذا لا شئ فيه لأنه صيد فلم تجب فيه زكاة كصيد البر ولأنه لا نص فيه ولا إجماع ولا يصح قياسه على ما فيه الزكاة فلا وجه لإيجابها (فصل)(وفي الركاز الخمس أي نوع كان من المال قل أو أكثر لاهل الفئ وعنه أنه زكاة وباقيه لواجده) .
الواجب في الركاز الخمس لما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " وفي الركاز الخمس " متفق عليه وقال ابن المنذر لا نعلم احدا خالف هذا الحديث إلا الحسن فإنه فرق بين ما يوجد في أرض الحرب وأرض العرب فقال فيما يوجد في أرض الحرب الخمس وفيما يوجد في أرض العرب الزكاة (فصل) والركاز الذي فيه الخمس كل ما كان مالا على اختلاف أنواعه من الذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر والآنية وغير ذلك وهو قول اسحق وأبي عبيد وابن المنذر وأصحاب الرأي والشافعي في قول واحد الروايتين عن مالك وقال الشافعي في الآخر لا يجب إلا في الأثمان
ولنا عموم قوله عليه السلام " وفي الركاز الخمس " ولأنه مال مظهور عليه من مال الكفار فوجب فيه الخمس على اختلاف أنواعه كالغنيمة.
إذا ثبت هذا فان الخمس يجب في كثيره وقليله وهذا قول مالك وإسحق وأصحاب الرأي والشافعي في القديم وقال في الجديد يعتبر فيه النصاب لأنه مستخرج من الارض يجب فيه حق أشبه المعدن والزرع ولنا الحديث المذكور ولأنه مال مخموس فلا يعتبر له النصاب كالغنيمة والمعدن والزرع يحتاج الى كلفة فاعتبر فيه النصاب تخفيفاً بخلاف الركاز (فصل) وقد اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في مصرف خمس الركاز فروي عنه أنه
لاهل الفئ نقلها عنه محمد بن الحكم وبه قال أبو حنيفة والمزني لما روى أبو عبيد بإسناده عن الشعبي أن رجلاً وجد ألف دينار خارجاً من المدينة فأتى بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخذ منها الخمس مائتي دينار ودفع الى الرجل بقيتها وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين الى أن فضل منها فضلة فقال أين صاحب الدنانير فقام اليه فقال عمر خذها فهي لك ولو كان زكاة لخص به أهل الزكاة ولم يرده على واجده ولأنه يجب على الذمي والزكاة لا تجب عليه ولأنه مال مخموس زالت عنه يد الكفار أشبه خمس الغنيمة وهذه الرواية أقيس في المذهب وروى عنه أن مصرفه مصرف الصدقات نص عليه أحمد في رواية حنبل فقال يعطي الخمس من الركاز على مكانه وإن تصدق به على المساكين أجزأه واختاره الخرقي وهذا قول الشافعي لما روى الإمام أحمد بإسناده عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن رجل من
قومه يقال له ابن حممة قال سقطت على جرة من دير قديم بالكوفة عند جبانة بشر فيها أربعة آلاف درهم فذهبت بها الى علي عليه السلام فقال اقسمها خمسة أخماس فقسمتها فأخذ منها علي خمسا وأعطاني أربعة أخماس فلما أدبرت دعاني فقال في جيرانك فقراء ومساكين؟ قلت نعم قال فخذها فاقسمها بينهم والمساكين مصرف الصدقات ولأنه حق يجب في الخارج من الأرض فأشبه صدقة المعدن (فصل) ويجوز لواجد الركاز أن يتولى تفرقة الخمس بنفسه وبه قال أصحاب الرأي وابن المنذر لما ذكرنا من حديث علي ولأنه أدى الحق إلى مستحقه فبرئ منه كما لو فرق الزكاة ويتخرج أن لا يجوز لانه فئ فلم يملك تفرقته بنفسه كخمس الغنيمة وبهذا قال أبو ثور وان فعل ضمنه الامام.
قال القاضي ليس للامام رد خمس الركاز على واجده لأنه حق مال فلم يجز رده على من وجب عليه كالزكاة وخمس الغنيمة وقال ابن عقيل يجوز لأن عمر رضي الله عنه رد بعضه على واجده ولانه فئ فجاز رده أورد بعضه على واجده كخراج الارض وهذا قول أبي حنيفة (فصل) ويجب الخمس على من وجد الركاز من مسلم وذمي وحر وعبد ومكاتب وكبير وصغير وعاقل ومجنون الا أن الواجد له إذا كان عبداً فهو لسيده لأنه كسب مال أشبه الاحتشاش والمكاتب يملكه وعليه خمسة لأنه بمنزلة كسبه، والصبي والمجنون يملكانه ويخرج
عنهما وليهما وهذا قول أكثر أهل العلم قال ابن المنذر أجمع من أحفظ عنه من أهل العلم على أن على
الذمي في الركاز يجده الخمس قاله مالك وأهل المدينة والثوري والاوزاعي وأهل العراق من أصحاب الرأي وغيرهم وقال الشافعي لا يجب الخمس إلا على من تجب عليه الزكاة لانه زكاة وحكي عنه في الصبي والمرأة انهما لا يملكان الركاز وقال الثوري والاوزاعي وأبو عبيد إذا وجده عبد يرضخ له منه ولا يعطاه كله ولنا عموم قوله عليه السلام " وفي الركاز الخمس " فانه يدل بعمومه على وجوب الخمس في كل ركاز وبمفهومه على أن باقيه لواجده كائناً من كان ولأنه مال كافر مظهور عليه فكان فيه الخمس على من وجده وباقيه لواجده كالغنيمة ولأنه اكتساب مال فكان لواجده ان كان حرا ولسيده إن كان عبداً كالاحتشاش والاصطياد ويتخرج لنا أن لا يجب الخمس إلا على من تجب عليه الزكاة بناء على أنه زكاة والأول أصح (فصل) وباقي الركاز لواجده لما ذكرنا ولأن عمر وعلياً رضي الله عنهما دفعا باقي الركاز بعد الخمس الى واجده ولانه مال كافر مظهور عليه فكان لواجده بعد الخمس كالغنيمة وقد ذكرنا الخلاف فيه * (مسألة) * قال (أن وجده في موات أو أرض لا يعلم مالكها وإن علم مالكها أو كانت مستقلة إليه فهو له أيضاً وعنه أنه لمالكها أو لمن انتقلت عنه إن اعترف به وإلا فهو لأول مالك وإن وجده في أرض حربى ملكه إلا أن لا يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين فيكون غنيمة) وجملة ذلك أن موضع الركاز لا يخلو من أربعة أقسام أحدهما أن يجده في موات أو أرض لا يعلم لها
مالكا كالارض التي يوجد فيها آثار الملك من الابنية القديمة والتلول وجدران الجاهلية وقبورهم فهذا فيه الخمس بغير خلاف فيه الا ما ذكرنا ولو وجده في هذه الأرض على وجهها أو في طريق غير مسلوك أو قرية خراب فهو كذلك في الحكم لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال " ما كان في طريق مأني أو في قرية عامرة ففيه وفي الركاز الخمس " رواه النسائي (القسم الثاني) أن يجده في ملكه المنتقل اليه فهو له في إحدى الروايتين لأنه مال كافر مظهور
عليه في الإسلام فكان لمن ظهر عليه كالغنائم ولان الركاز لا يملك بملك الارض لانه مودع فيها وإنما يملك بالظهور عليه وهذا قد ظهر عليه فوجب أن يملكه والرواية الثانية هو للمالك قبله إن اعترف به وإن لم يعترف به فهو للذي قبله كذلك الى أول مالك وهذا مذهب الشافعي لأنه كانت يده على الدار فكانت على ما فيها وان انتقلت الدار بالميراث حكم بأنه ميراث فان اتفق الورثة على أنه لم يكن لمورثهم فهو لاول مالك فإن لم يعرف أول مالك فهو كالمال الضائع الذي لا يعرف له مالك والأول أصح إن شاء الله لأن الركاز لا يملك بملك الدار لأنه ليس من اجزائها وإنما هو مودع فيها فهو كالمباحات من الحطب والحشيش والصيد يجده في أرض غيره فيأخذه لكن ان ادعى المالك الذي
انتقل عنه المالك انه له فالقول قوله لأن يده كانت عليه بكونه على محله وإن لم يدعه فهو لواجده وان اختلف الورثة فادعى بعضهم أنه لمورثهم وأنكر البعض فحكم من أنكر في نصيبه حكم المالك الذي لم يعترف به وحكم المدعين حكم المالك المعترف (القسم الثالث) أن يجده في ملك آدمي معصوم مسلم أو ذمي فعن أحمد ما يدل على أنه لصاحب الدار فإنه قال فيمن استأجر حفاراً ليحفر له في داره فأصاب كنزاً عاديا فهو لصاحب الدار وهذا قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن، ونقل عن أحمد ما يدل على أنه لواجده لأنه قال في مسألة من اسأجر أجيراً ليحفر له في داره فأصاب في الدار كنزاً فهو للاجير، نقل عنه ذلك محمد بن يحيى الكحال.
قال القاضي هو الصحيح، وهذا يدل أن الركاز لواجده وهو قول الحسن بن صالح وأبي ثور واستحسنه ابو يوسف، وذلك لان الكنز لا يملك بملك الدار على ما ذكرنا في القسم الذي قبله، لكن إن ادعاه المالك فالقول قوله لأن يده عليه بكونها على محله وإن لم يدعه فهو لواجده.
وقال الشافعي: هو لمالك الدار إن اعترف به وإلا فهو لأول مالك، ويخرج لنا مثل ذلك على ذكرنا في القسم الثاني، وإن استأجر حفاراً ليحفر له طلباً لكنز يجده فوجده فهو للمستأجر لأنه استأجره لذلك أشبه ما لو استأجره ليحتش له أو ليصطاد، فان الحاصل من ذك للمستأجر دون الاجير، وإن استأجره لأمر غير طلب الركار فالواجد له هو الاجير وهكذا قال الأوزاعي
(فصل) وإن اكترى داراً فوجد فيها ركازاً فهو لواجده في أحد الوجهين، وفي الآخر هو للمالك بناء على الروايتين فيمن وجد ركازاً في ملك انتقل إليه، وإن اختلفا فقال كل واحد منهما هذا كان لي فعلى وجهين أيضاً (أحدهما) القول قول المالك لأن الدفن تابع للارض (والثاني) القول قول المكتري لان هذا مودع في الأرض وليس منها فكان القول قول من يده عليه كالقماش (القسم الرابع) أن يجده في أرض الحرب، فإن لم يقدر عليه إلا بجماعة المسلمين فهو غنيمة لهم وإن قدر عليه بنفسه فهو لواجده حكمه حكم ما لو وجده في موات من أرض المسلمين.
وقال أبو حنيفة والشافعي: إن عرف مالك الأرض وكان حربياً فهو غنيمة أيضاً لأنه في حرز مالك معين أشبه ما لو أخذه من بيت أو خزانة
ولنا أنه ليس لموضعه مالك محترم أشبه ما لو لم يعرف مالكه ويخرج لنا مثل قولهم بناء على قولنا إن الركاز في دار الإسلام يكون لمالك الارض * (مسألة) * (والركاز ما وجد من دفن الجاهلية عليه علامتهم، فإن كان عليه علامة المسلمين أو لم تكن عليه علامة فهو لقطة) الدفن بكسر الدال المدفون والركاز هو المدفون في الارض واشتقاقه من ركز يركز اذا أخفى
يقال ركز الرمح اذا غرز أسفله في الارض ومنه الركز وهو الصوت الخفي، قال الله تعالى (أو تسمع لهم ركزا) والركاز الذي يتعلق به وجوب الخمس ما كان من دفن الجاهلية، هذا قول الحسن والشعبي ومالك والشافعي وأبي ثور، ويعتبر ذلك بأن يرى عليه علامتهم كأسماء ملوكهم وصورهم وصلبهم وصور أصنامهم ونحو ذلك لأن الظاهر أنه لهم، فإن كان عليه علامة الإسلام أو اسم النبي صلى الله عليه وسلم أو
أحد من خلفاء المسلمين أو ولاتهم أو آية من القرآن ونحو ذلك فهو لقطة لانه ملك مسلم لم يعلم زواله
عنه، وإن كان على بعضه علامة الاسلام وعلى بعضه علامة الكفر فكذلك نص عليه أحمد في رواية ابن منصور لأن الظاهر أنه صار إلى مسلم ولم يعلم زواله عن ملكه فأشبه ما على جميعه علامة المسلمين وكذلك إن لم يكن عليه علامة فهو لقطة تغليباً لحكم الاسلام إلا أن يجده في ملك انتقل اليه فيدعيه
المالك قبله بلا بينة ولا صفة فهل يدفع اليه؟ فيه روايتان ذكرهما ابن تيمية في كتاب المحرر (احداهما) لا يدفع إليه كاللقطة (والثانية) يدفع اليه لانه تبع للملك، فإن كان على بعضه علامة الكفار وليس على بعضه علامة فينبغي أن يكون ركازاً لأن الظاهر أنه ملك الكفار