المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع فيما ورد من كلام العرب والصحابة والسلف الصالح في فضله - الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة - جـ ١

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌فالمقدمات

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْمُقدمَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَصْل الأول فِي بَيَان كيفيتها

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي بَيَان انْعِقَاد الْإِجْمَاع على وَلَا يته رضي الله عنه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي النُّصُوص السمعية الدَّالَّة على خِلَافَته رضي الله عنه من الْقُرْآن وَالسّنة

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي بَيَان أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَل نَص على خلَافَة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي ذكر شبه الشِّيعَة والرافضة وَنَحْوهمَا وَبَيَان بُطْلَانهَا بأوضح الْأَدِلَّة وأظهرها

- ‌خَاتِمَة

- ‌الْفَصْل الأول فِي ذكر أفضليتهم على هَذَا التَّرْتِيب وَفِي تَصْرِيح عَليّ بأفضلية الشَّيْخَيْنِ على سَائِر الْأمة وَفِي بطلَان مَا زَعمه الرافضة والشيعة من أَن ذَلِك مِنْهُ قهر وتقية

- ‌خَاتِمَة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر فَضَائِل أبي بكر الْوَارِدَة فِيهِ وَحده وفيهَا آيَات وَأَحَادِيث

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي ذكر فَضَائِل أبي بكر الْوَارِدَة فِيهِ مَعَ ضميمة غَيره كعمر وَعُثْمَان وَعلي وَغَيرهم إِلَيْهِ

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِيمَا ورد من كَلَام الْعَرَب وَالصَّحَابَة وَالسَّلَف الصَّالح فِي فَضله

- ‌الْفَصْل الأول فِي حقية خِلَافَته رضي الله عنه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي اسْتِخْلَاف أبي بكر لعمر رضي الله عنهما فِي مرض مَوته ونقدم عَلَيْهِ سَبَب مَوته

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي سَبَب تَسْمِيَته بأمير الْمُؤمنِينَ دون خَليفَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الْفَصْل الأول فِي إِسْلَامه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي تَسْمِيَته بالفاروق

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي هجرته

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي فضائله

- ‌الْفَصْل الْخَامِس فِي ثَنَاء الصَّحَابَة وَالسَّلَف عَلَيْهِ رضي الله عنه

- ‌الْفَصْل السَّادِس فِي موافقات عمر لِلْقُرْآنِ وَالسّنة والتوراة

- ‌الْفَصْل السَّابِع فِي كراماته رضي الله عنه

- ‌خَاتِمَة فِي نبذ سيرته رضي الله عنه

- ‌فِي خلَافَة عُثْمَان رضي الله عنه

- ‌فِي فضائله ومآثره رضي الله عنه وَفِيه فُصُول

- ‌الْفَصْل الأول فِي إِسْلَامه وهجرته وَغَيرهمَا

- ‌الْفَصْل الثَّانِي فِي فضائله رضي الله عنه

- ‌الْفَصْل الثَّالِث فِي نبذ من مآثره وَبَقِيَّة غرر من فضائله وَفِيمَا أكْرمه الله بِهِ من الشَّهَادَة الَّتِي وعده بهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأخْبر وَهُوَ الصَّادِق المصدوق أَنه مظلوم وَأَنه يَوْمئِذٍ على الْهدى

- ‌تَتِمَّة نقم الْخَوَارِج عَلَيْهِ رضي الله عنه أمورا هُوَ مِنْهَا بَرِيء

- ‌مقتل عُثْمَان وَخِلَافَة عَليّ رضي الله عنهما

الفصل: ‌الفصل الرابع فيما ورد من كلام العرب والصحابة والسلف الصالح في فضله

‌الْفَصْل الرَّابِع فِيمَا ورد من كَلَام الْعَرَب وَالصَّحَابَة وَالسَّلَف الصَّالح فِي فَضله

أخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت لم أَعقل أَبَوي قطّ إِلَّا وهما يدينان الدّين وَلم يمر علينا يَوْم إِلَّا يأتينا فِيهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم طرفِي النَّهَار بكرَة وعشيا فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسلمُونَ خرج أَبُو بكر رضي الله عنه نَحْو أَرض الْحَبَشَة مُهَاجرا حَتَّى إِذا بلغ برك الغماد أَي بِفَتْح الْمُوَحدَة وَكسرهَا وبالغين الْمُعْجَمَة الْمَكْسُورَة وَقد تضم وَاد فِي أقاصي هجر قَالَه الزَّرْكَشِيّ وَقَالَ غَيره مَدِينَة بِالْحَبَشَةِ لقِيه ابْن الدغنة وَهُوَ سيد القارة فَقَالَ أَيْن تُرِيدُ يَا أَبَا بكر فَقَالَ أَبُو بكر أخرجني قومِي فَأُرِيد أَن أسيح فِي الأَرْض وأعبد رَبِّي فَقَالَ ابْن الدغنة فَإِن مثلك لَا يخرج وَلَا يخرج إِنَّك تكسب الْمَعْدُوم وَتصل الرَّحِم وَتحمل الْكل وتقري الضَّيْف وَتعين على نَوَائِب الْحق فَأَنا لَك جَار فَارْجِع واعبد رَبك ببلدك فَرجع وارتحل مَعَه ابْن الدغنة فَطَافَ ابْن الدغنة عَشِيَّة فِي أَشْرَاف قُرَيْش فَقَالَ لَهُم إِن أَبَا بكر لَا يخرج مثله وَلَا يخرج رجل يكْسب الْمَعْدُوم ويصل الرَّحِم ويقري الضَّيْف ويعين على نَوَائِب الْحق فَلم تكذب قُرَيْش لجوار ابْن الدغنة الحَدِيث بِطُولِهِ

ص: 239

وَفِيه من الخصوصيات لأبي بكر مَا لَا يخفي على من تَأمله فَإِنَّهُ اشْتَمَل على هجرته مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة وَمَا وَقع لَهُ فِي تِلْكَ السفرة من المآثر والفضائل والكرامات والخصوصيات الَّتِي لم يَقع نَظِير وَاحِدَة مِنْهَا لغيره من الصَّحَابَة وَيَنْبَغِي لَك أَن تتأمل فِيمَا وَصفه بِهِ ابْن الدغنة بَين أَشْرَاف قُرَيْش من تِلْكَ الْأَوْصَاف الجليلة المساوية لما وصفت بِهِ خَدِيجَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَسكت أَشْرَاف قُرَيْش على تِلْكَ الْأَوْصَاف وَلم يطعنوا فِيهَا بِكَلِمَة مَعَ مَا هم متلبسون بِهِ من عَظِيم بغضه ومعاداته بِسَبَب إِسْلَامه فَإِن هَذَا مِنْهُم اعْتِرَاف أَي اعْتِرَاف بِأَن أَبَا بكر كَانَ مَشْهُورا بَينهم بِتِلْكَ الْأَوْصَاف شهرة تَامَّة بِحَيْثُ لَا يُمكن أحد أَن يُنَازع فِيهَا وَلَا أَن يجْحَد شَيْئا مِنْهَا وَإِلَّا لبادروا إِلَى جَحدهَا بِكُل طَرِيق أمكنهم لما تحلوا بِهِ من قَبِيح الْعَدَاوَة لَهُ بِسَبَب مَا كَانُوا يرَوْنَ مِنْهُ من صدق ولائه لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَعظم محبته لَهُ وذبه عَنهُ كَمَا مر طرف من ذَلِك فِي شجاعته

وَأخرج البُخَارِيّ أَن عمر قَالَ أَبُو بكر سيدنَا

وَالْبَيْهَقِيّ أَنه قَالَ لَو وزن إِيمَان أبي بكر بِإِيمَان أهل الأَرْض لرجح بهم

وَعبد الله بن أَحْمد أَنه قَالَ إِن أَبَا بكر كَانَ سَابِقًا مبرزا

ص: 240

ومسدد فِي مُسْنده أَنه قَالَ لَوَدِدْت أَنِّي شَعْرَة فِي صدر أبي بكر

وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر أَنه قَالَ وددت أَنِّي من الْجنَّة حَيْثُ أرى أَبَا بكر

وَأَبُو نعيم أَنه قَالَ لقد كَانَ ريح أبي بكر أطيب من ريح الْمسك

وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ أَنه دخل على أبي بكر وَهُوَ مسجى فَقَالَ مَا أحد لَقِي الله بِصَحِيفَة أحب إِلَيّ من هَذَا المسجى

وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (حَدثنِي عمر بن الْخطاب أَنه مَا سَابق أَبَا بكر إِلَى خير إِلَّا سبقه أَبُو بكر)

وَالطَّبَرَانِيّ فِي عَن عَليّ قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا استبقنا إِلَى خير قطّ إِلَّا سبقنَا إِلَيْهِ أَبُو بكر

ص: 241

وَابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لحسان (هَل قلت فِي أبي بكر شَيْئا) فَقَالَ نعم فَقَالَ (قل وَأَنا أستمع) فَقَالَ

(وَثَانِي اثْنَيْنِ فِي الْغَار المنيف وَقد

طَاف الْعَدو بِهِ إِذْ صعد الجبلا)

(وَكَانَ حب رَسُول الله قد علمُوا

من الْبَريَّة لم يعدل بِهِ رجلا)

فَضَحِك صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ثمَّ قَالَ (صدقت يَا حسان هُوَ كَمَا قلت)

وَهَذَا يصلح أَن ينظم فِي سلك الْأَحَادِيث السَّابِقَة لَكِن لإرساله أَخَّرته إِلَى هُنَا

وَابْن سعد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ كَانَ أَبُو بكر يُسمى الأواه لرأفته وَرَحمته

وَابْن عَسَاكِر عَن الرّبيع بن انس قَالَ مَكْتُوب فِي الْكتاب الأول مثل أبي بكر مثل الْقطر أَيْنَمَا وَقع نفع

وَقَالَ نَظرنَا فِي صحابة الْأَنْبِيَاء فَمَا وجدنَا نَبيا كَانَ لَهُ صَاحب مثل أبي بكر

ص: 242

وَأخرج عَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ من فضل أبي بكر أَنه لم يشك فِي الله سَاعَة قطّ

واخرج عَن أبي حُصَيْن قَالَ مَا ولد لآدَم فِي ذُريَّته بعد النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ أفضل من أبي بكر وَلَقَد قَامَ أَبُو بكر يَوْم الرِّدَّة مقَام نَبِي من الْأَنْبِيَاء

والدينوري وَابْن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ خص الله أَبَا بكر بِأَرْبَع خِصَال لم يخص بهَا أحدا من النَّاس سَمَّاهُ الصّديق وَلم يسم أحدا الصّديق غَيره وَهُوَ صَاحب الْغَار مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقه فِي الْهِجْرَة وَأمره صلى الله عليه وسلم بِالصَّلَاةِ والمسلمون شُهُود

وَابْن أبي دَاوُد عَن أبي جَعْفَر قَالَ كَانَ أَبُو بكر يسمع مُنَاجَاة جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَا يرَاهُ

وَالْحَاكِم عَن ابْن الْمسيب قَالَ كَانَ أَبُو بكر من النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَكَان الْوَزير فَكَانَ يشاوره فِي جَمِيع أُمُوره وَكَانَ ثَانِيَة فِي الْإِسْلَام وثانيه فِي الْغَار وثانيه فِي الْعَريش يَوْم بدر وثانيه فِي الْقَبْر وَلم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقدم عَلَيْهِ أحدا

وَالزُّبَيْر بن بكار وَابْن عَسَاكِر عَن مَعْرُوف بن خَرَّبُوذ قَالَ كَانَ أَبُو بكر أحد

ص: 243

عشرَة من قُرَيْش اتَّصل بهم شرف الْجَاهِلِيَّة بشرف الْإِسْلَام فَكَانَ إِلَيْهِ أَمر الدِّيات وَالْغُرْم وَذَلِكَ أَن قُريْشًا لم يكن لَهَا ملك ترجع الْأُمُور إِلَيْهِ بل كَانَ فِي كل قَبيلَة ولَايَة عَامَّة تكون لرئيسها فَكَانَت فِي بني هَاشم السِّقَايَة والرفادة وَمعنى ذَلِك أَنه لَا يَأْكُل وَلَا يشرب أحد إِلَّا من طعامهم وشرابهم وَكَانَت فِي بني عبد الدَّار الحجابة واللواء والندوة أَي لَا يدْخل الْبَيْت أحد إِلَّا بإذنهم وَإِذا عقدت قُرَيْش راية حَرْب عقدهَا لَهُم بَنو عبد الدَّار وَإِذا اجْتَمعُوا لأمر إبراما ونقضا لَا يكون اجْتِمَاعهم لذَلِك إِلَّا فِي دَار الندوة وَلَا ينفذ إِلَّا بهَا وَكَانَت لبني عبد الدَّار

وَلَقَد أحسن النَّوَوِيّ فِي تهذيبه حَيْثُ ترْجم فِيهِ الصّديق بترجمة حَسَنَة أَشَارَ فِيهَا مَعَ اختصارها إِلَى كثير من غرر فضائله ومواهبه الَّتِي قدمتها مبسوطة مستوفاة فَقَالَ من جُمْلَتهَا أَجمعت الْأمة على تَسْمِيَته بِالصديقِ لِأَنَّهُ بَادر إِلَى تَصْدِيق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ولازم الصدْق فَلم يَقع مِنْهُ هناة وَلَا وَقْفَة فِي حَال من الْأَحْوَال وَكَانَت لَهُ فِي الْإِسْلَام المواقف الرفيعة مِنْهَا قصَّة يَوْم لَيْلَة الْإِسْرَاء وثباته وَجَوَابه للْكفَّار فِي ذَلِك وهجرته مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَترك عِيَاله وأطفاله وملازمته لَهُ فِي الْغَار وَسَائِر الطَّرِيق ثمَّ كَلَامه ببدر وَيَوْم الْحُدَيْبِيَة حِين اشْتبهَ على غَيره الْأَمر فِي تَأَخّر دُخُول مَكَّة ثمَّ بكاؤه حِين قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (إِن عبدا

ص: 244

خَيره الله بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) ثمَّ ثباته فِي وَفَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وخطبة النَّاس وتسكينهم ثمَّ قِيَامه فِي قَضِيَّة الْبيعَة لمصْلحَة الْمُسلمين ثمَّ اهتمامه وثباته فِي بعث جَيش أُسَامَة بن زيد إِلَى الشَّام وتصميمه فِي ذَلِك ثمَّ قِيَامه فِي قتال أهل الرِّدَّة ومناظرته الصَّحَابَة حَتَّى حجهم بالدلائل وَشرح الله صُدُورهمْ لما شرح لَهُ صَدره من الْحق وَهُوَ قتال أهل الرِّدَّة ثمَّ تجهيز الجيوش إِلَى الشَّام ثمَّ ختم ذَلِك بمهم من أحسن مناقبه وَأجل فضائله وَهُوَ استخلافه عمر على الْمُسلمين وَكم للصديق من موقف وَأثر ومناقب وفضائل لَا تحصى انْتهى

وَفِي التَّهْذِيب أَنه أحد الَّذين حفظوا الْقُرْآن كُله

وَذكره جمَاعَة غَيره وَاعْتَمدهُ بعض محققي الْمُتَأَخِّرين المطلعين قَالَ وَأما حَدِيث أنس جمع الْقُرْآن فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَة فمراده من الْأَنْصَار

وَأما مَا أخرجه ابْن أبي دَاوُد عَن الشّعبِيّ قَالَ مَاتَ أَبُو بكر الصّديق وَلم يجمع الْقُرْآن كُله فَهُوَ مَدْفُوع أَو مؤول على أَن المُرَاد جمعه فِي الْمُصحف على التَّرْتِيب الْمَوْجُود الْيَوْم لِأَن عُثْمَان هُوَ الَّذِي فعل ذَلِك

ص: 245

وَمن فضائله الْعَظِيمَة جمعه لِلْقُرْآنِ فقد أخرج أَبُو يعلى عَن عَليّ قَالَ أعظم النَّاس أجرا فِي الْمَصَاحِف أَبُو بكر إِن أَبَا بكر كَانَ أول من جمع الْقُرْآن بَين اللَّوْحَيْنِ

واخرج البُخَارِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ أرسل إِلَيّ أَبُو بكر مقتل أهل الْيَمَامَة وَعِنْده عمر فَقَالَ أَبُو بكر إِن عمر أَتَانِي فَقَالَ إِن الْقَتْل قد استحر يَوْم الْيَمَامَة وَإِنِّي لأخشى أَن يستحر الْقَتْل بالقراء فِي المواطن فَيذْهب كثير من الْقُرْآن إِلَّا أَن تجمعوه وَإِنِّي لأرى أَن تجمع الْقُرْآن قَالَ أَبُو بكر فَقلت لعمر كَيفَ أفعل شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عمر هُوَ وَالله خير فَلم يزل عمر يراجعني فِيهِ حَتَّى شرح الله لذَلِك صَدْرِي فَرَأَيْت الَّذِي رأى عمر قَالَ زيد وَعمر عِنْده جَالس لَا يتَكَلَّم فَقَالَ أَبُو بكر إِنَّك شَاب عَاقل وَلَا نتهمك وَقد كنت تكْتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع الْقُرْآن فاجمعه فوَاللَّه لَو كلفني نقل جبل من الْجبَال مَا كَانَ أثقل عَليّ مِمَّا أَمرنِي بِهِ من جمع الْقُرْآن فَقلت كَيفَ تفعلان شَيْئا لم يَفْعَله النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بكر وَهُوَ وَالله خير فَلم أزل أراجعه حَتَّى شرح الله صَدْرِي للَّذي شرح الله لَهُ صدر أبي بكر وَعمر فتتبعت الْقُرْآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعسب أَي العصى من الجريد وصدور الرِّجَال حَتَّى وجدت من سُورَة التَّوْبَة آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت لم أجدهما مَعَ غَيره {لقد جَاءَكُم رَسُول} إِلَى آخرهَا فَكَانَت الصُّحُف الَّتِي جمع فِيهَا الْقُرْآن عِنْد أبي بكر حَتَّى

ص: 246

توفاه الله ثمَّ عِنْد عمر حَتَّى توفاه الله ثمَّ عِنْد حَفْصَة بنت عمر رضي الله عنها

وَمن خواصه أَيْضا أَنه أول خَليفَة فرض لَهُ رَعيته الْعَطاء

أخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت لما اسْتخْلف أَبُو بكر قَالَ لقد علمْتُم قومِي أَن حرفتي لم تكن تعجز عَن مُؤنَة أَهلِي وشغلت بِأَمْر الْمُسلمين فسيأكل آل أبي بكر من هَذَا المَال ويحترف للْمُسلمين فِيهِ

وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ لما بُويِعَ أَبُو بكر أصبح وعَلى ساعده أبراد وَهُوَ ذَاهِب إِلَى السُّوق فَقَالَ عمر أَيْن تُرِيدُ قَالَ السُّوق قَالَ تصنع مَاذَا وَقد وليت أَمر الْمُسلمين قَالَ فَمن أَيْن أطْعم عيالي قَالَ انْطلق يفْرض لَك أَبُو عُبَيْدَة فَانْطَلق إِلَى أبي عُبَيْدَة فَقَالَ أفرض لَك قوت رجل من الْمُهَاجِرين لَيْسَ بأوكسهم وَلَا أكسبهم وَكِسْوَة الشتَاء والصيف إِذا أخلقت شَيْئا رَددته وَأخذت غَيره فَفرض لَهُ كل يَوْم نصف شَاة وَمَا كَسَاه فِي الْبَطن وَالرَّأْس

وَأخرج ابْن سعد عَن مَيْمُون قَالَ لما اسْتخْلف أَبُو بكر جعلُوا لَهُ أَلفَيْنِ فَقَالَ

ص: 247

زيدوني فَإِن لي عيالا وَقد شغلتموني عَن التِّجَارَة فزادوه خَمْسمِائَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ لما احْتضرَ أَبُو بكر قَالَ يَا عَائِشَة انظري اللقحة الَّتِي كُنَّا نشرب من لَبنهَا والجفنة الَّتِي كُنَّا نصطبغ فِيهَا والقطيفة الَّتِي كُنَّا نلبسها فَإنَّا كُنَّا ننتفع بذلك حِين نلي أَمر الْمُسلمين فَإِذا مت فاردديه إِلَى عمر فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بكر أرْسلت بِهِ إِلَى عمر فَقَالَ عمر رَحِمك الله يَا أَبَا بكر لقد أَتعبت من جَاءَ بعْدك

واخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي بكر بن حَفْص قَالَ قَالَ أَبُو بكر لما احْتضرَ لعَائِشَة يَا بنية إِنَّا ولينا أَمر الْمُسلمين فَلم نَأْخُذ لنا دِينَارا وَلَا درهما وَلَكنَّا أكلنَا من جريش طعامهم فِي بطوننا ولبسنا من خشن ثِيَابهمْ على ظُهُورنَا وَإنَّهُ لم يبْق عندنَا من فَيْء الْمُسلمين لَا قَلِيل وَلَا كثير إِلَّا هَذَا العَبْد الحبشي وَهَذَا الْبَعِير الناضح وجرد هَذِه القطيفة فَإِذا مت فابعثي بِهن إِلَى عمر

ص: 248

الْبَاب الرَّابِع فِي خلَافَة عمر وَفِيه فُصُول

ص: 249