الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَاتِمَة فِي نبذ سيرته رضي الله عنه
أخرج ابْن سعد عَن آصف بن قيس قَالَ كُنَّا جُلُوسًا بِبَاب عمر فمرت جَارِيَة فَقَالُوا سَرِيَّة أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ مَا هِيَ لأمير الْمُؤمنِينَ بسرية وَلَا تحل لَهُ إِنَّهَا من مَال الله فَقُلْنَا فَمَا يحل لَهُ من مَال الله تَعَالَى قَالَ إِنَّه لَا يحل لعمر من مَال الله إِلَّا حلتين حلَّة للشتاء وحلة للصيف وَمَا حج بِهِ وَاعْتمر وقوتي وقوت أَهلِي كَرجل من قُرَيْش لَيْسَ بأغناهم وَلَا بأفقرهم ثمَّ أَنا بعد رجل من الْمُسلمين
وَأخرج ابْن سعد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَغَيرهمَا من طرق عَن عمر قَالَ إِنِّي أنزلت نَفسِي من مَال الله منزلَة وَالِي الْيَتِيم من مَاله إِن أَيسَرت اسْتَعْفَفْت وَإِن افْتَقَرت أكلت بِالْمَعْرُوفِ فَإِن أَيسَرت قضيت
وَاحْتَاجَ للتداوي بِعَسَل وَفِي بَيت المَال عكة فَقَالَ إِن أذنتم لي وَإِلَّا فَهِيَ
عَليّ حرَام فأذنوا لَهُ
وَمكث زَمَانا لَا يَأْكُل من مَال بَيت المَال شَيْئا حَتَّى أَصَابَته خصَاصَة فَاسْتَشَارَ الصَّحَابَة فَقَالَ قد شغلت نَفسِي فِي هَذَا المَال فَمَا يصلح لي مِنْهُ فَقَالَ عَليّ غداء وعشاء فَأخذ بذلك عمر
وَكَانَت جملَة نَفَقَته فِي حجه سِتَّة عشر دِينَارا وَمَعَ ذَلِك يَقُول أسرفنا فِي هَذَا المَال
وَلما كَلمته حَفْصَة وَعبد الله وَغَيرهمَا فَقَالُوا لَهُ لَو أكلت طَعَاما طيبا لَكَانَ أقوى لَك على الْحق قَالَ أكلكم على هَذَا الرَّأْي قَالُوا نعم قَالَ قد علمت نصحكم وَلَكِنِّي تركت صَاحِبي على جادة فَإِن تركت جادتهما لم أدركهما فِي الْمنزل
قَالَ وَأصَاب النَّاس سنة فَمَا أكل عامئذ سمنا وَلَا سمينا وَقَالَ مرّة أُخْرَى لمن كَلمه فِي طَعَامه وَيحك آكل طَيِّبَاتِي فِي حَياتِي الدُّنْيَا وأستمتع بهَا
وَقَالَ لِابْنِهِ عَاصِم وَهُوَ يَأْكُل لَحْمًا كفى بِالْمَرْءِ سَرفًا أَن يَأْكُل كل مَا اشْتهى وَكَانَ يلبس وَهُوَ خَليفَة جُبَّة من صوف مَرْقُوعَة بَعْضهَا بأدم وَيَطوف فِي
الْأَسْوَاق على عَاتِقه الدرة يُؤَدب النَّاس بهَا ويمر بالنوى فيلتقطه وَيُلْقِيه فِي منَازِل النَّاس يَنْتَفِعُونَ بِهِ
وَقَالَ أنس رَأَيْت بَين كَتِفي عمر أَربع رقاع فِي قَمِيصه
وَقَالَ أَبُو عُثْمَان الفِهري رَأَيْت على عمر إزارا مرقوعا بأدم وَلما حج لم يستظل إِلَّا تَحت كسَاء أَو نطع يلقيه على شَجَرَة وَكَانَ فِي وَجهه خطان أسودان من الْبكاء وَكَانَ يمر بِالْآيَةِ من ورده فَيسْقط حَتَّى يُعَاد مِنْهَا أَيَّامًا
وَأخذ تبنة من الأَرْض وَقَالَ يَا لَيْتَني هَذِه التبنة وليتني لم أك شَيْئا لَيْت أُمِّي لم تلدني
وَكَانَ يدْخل يَده فِي وبرة الْبَعِير وَيَقُول إِنِّي لخائف أَن أسأَل عَمَّا بك وَحمل قربَة على عُنُقه فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِن نَفسِي أعجبتني فَأَرَدْت أَن أذلها
وَقَالَ أنس تقرقر بطن عمر من أكل الزَّيْت عَام الرَّمَادَة وَكَانَ قد حرم على نَفسه السّمن فَنقرَ بَطْنه بِأُصْبُعِهِ وَقَالَ إِنَّه لَيْسَ عندنَا غَيره حَتَّى يحيا النَّاس وَمن ثمَّ تغير لَونه فِي هَذَا الْعَام حَتَّى صَار آدم
وَقَالَ أحب النَّاس إِلَيّ من رفع إِلَيّ عيوبي
وَقَالَ ابْن عمر مَا رَأَيْت عمر غضب قطّ فَذكر الله عِنْده أَو خوف أَو قَرَأَ عِنْده إِنْسَان آيَة من الْقُرْآن إِلَّا وقف عَمَّا كَانَ يُرِيد وَجِيء لَهُ بِلَحْم فِيهِ سمن فَأبى أَن يأكلهما وَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا أَدَم
وانكشف فَخذه فَرَأى بِهِ أهل نَجْرَان عَلامَة سَوْدَاء فَقَالُوا هَذَا الَّذِي نجد فِي كتَابنَا أَنه يخرجنا من أَرْضنَا
وَقَالَ لَهُ كَعْب الْأَحْبَار إِنَّا لنجدك فِي كتاب الله على بَاب من أَبْوَاب جَهَنَّم تمنع النَّاس أَن يقعوا فِيهَا فَإِذا مت لم يزَالُوا يقتحمون فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأمر عماله مِنْهُم سعد بن أبي وَقاص فَكَتَبُوا أَمْوَالهم فشاطرهم فِيهَا أَخذ نصفهَا وَأبقى لَهُم نصفهَا أخرج ذَلِك كُله ابْن سعد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن جَابر أَنه شكا إِلَى عمر مَا يلقى من النِّسَاء فَقَالَ عمر إِنَّا لنجد ذَلِك حَتَّى إِنِّي لأريد الْحَاجة فَتَقول لي مَا تذْهب إِلَّا إِلَى فتيات بني فلَان فتنظر إلَيْهِنَّ فَقَالَ لَهُ عبد الله بن مَسْعُود مَا يَكْفِيك أَن إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام شكا إِلَى الله خلق سارة فَقيل لَهُ إِنَّهَا خلقت من ضلع أَعْوَج فالبسها
على مَا كَانَ فِيهَا مَا لم تَرَ عَلَيْهَا حُرْمَة فِي دينهَا
وَدخل عَلَيْهِ ابْن لَهُ عَلَيْهِ ثِيَاب حَسَنَة فَضَربهُ بِالدرةِ حَتَّى أبكاه وَقَالَ رَأَيْته قد أَعْجَبته نَفسه فَأَحْبَبْت أَن أصغرها إِلَيْهِ
وَأخرج الْخَطِيب أَنه وَعُثْمَان كَانَا يتنازعان فِي الْمَسْأَلَة حَتَّى يَقُول النَّاظر إنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا فَمَا يفترقان إِلَّا على أحْسنه وأجمله