المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المقدمة في مجريات حياتك اليومية ربما تلاقي يتيماً ليس له أب - العتاب بين الأصدقاء

[أبو نصية التميمي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌المقدمة

- ‌ما هو العتاب

- ‌هل اللوم والعتاب من صفات الصديق الصادق

- ‌قبل أن تعاتب، تعلم درساً في التغاضي

- ‌بعض الكلام؛ يشمّ ولا يفرك

- ‌من آداب العتاب

- ‌ادّخر عتابك للمواقف الحرجة

- ‌لا تذكّره بأخطائه القديمة ولا تعاوده العتاب على الخطأ مرتين

- ‌أنصف المعاتَب؛ وتخيّر له الوقت والأسلوب المناسب

- ‌عليك بالرفق

- ‌أطفئ الغضب

- ‌استعطاف المعاتب

- ‌تحدث للقلوب:

- ‌العتاب للخاصّة

- ‌الخطورة في كتمان العتاب

- ‌متى تعلم بأنك نجحت في عتابك

- ‌كيف يفعل من وقع في العتاب المذموم

- ‌ما يعينك على ترك العتاب المذموم

- ‌صورة من العتاب

- ‌خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار عقب حُنين (المعركة):

- ‌الصداقةبقلم العلامة محمد الخضر حسين رحمه الله

- ‌ما هي الصداقة

- ‌الصداقة فضيلة:

- ‌الداعي إلى اتخاذ الأصدقاء:

- ‌الاستكثار من الأصدقاء:

- ‌علامة الصداقة الفاضلة:

- ‌الصداقة تقوم على التشابه:

- ‌البعد من صداقة غير الفضلاء:

- ‌الاحتراس من الصديق:

- ‌هل الصداقة اختيارية

- ‌الصديق المخلص عزيز:

- ‌الإغماض عن عثرات الأصدقاء:

- ‌معاملة الأصدقاء بالمثل:

- ‌عتاب الأصدقاء:

- ‌أثر البعد في الصداقة:

- ‌الصداقة صلة بين الشعوب:

- ‌النتائج والتوجيهات:

الفصل: ‌ ‌المقدمة في مجريات حياتك اليومية ربما تلاقي يتيماً ليس له أب

‌المقدمة

في مجريات حياتك اليومية ربما تلاقي يتيماً ليس له أب أو أم، أو مشرداً ليس له بيت أو وطن، أو عاطلاً ليست لديه وظيفة أو مهنة، ولكن هل سبق وأن لاقيت قط إنساناً بغير صديق؟!

هذه المدنيّة التي وهبها الله للإنسان حتّمت عليه أن ينتخب من بني جنسه (1) أصدقاءَ يجدُ فيهم لذّته وأنسه، وهذه المدنيّة ذاتها جعلته نهبا لما يخلّ بحقوق أولئك الأصدقاء، وأيّ قارئ كريم يمتلك حصانة تحرسه دون الإخلال - أو على الأقل تهمة الإخلال - بحقوق الصديق؟!

لقد أضجرني في إحدى الأماسيّ من بعض الأصدقاء أنّ ريبة امتزجت في إناء قلبه بتخيلاتهِ لأجل

(1) أقول: "من بني جنسه" لا كما يفعل بعض الناس في كثير من الدول الأجنبية، يتخذون من الكلاب أوفى أصدقائهم، فهذا ليس من الفطرة السليمة في شيءٍ وإن قلنا بوفاء الكلاب ودعابة القطط. أمّا لو قيل بأن العرب كانت تفعله وجيء لنا ببيت الأُحيمر:

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى

وصوّت إنسان فكدت أطير

أو ببعض لاميّة العرب للشنفرى، فالحق أنْ لا برهان في ذلك ولا حجّة وما تلك الأشعار إلا كنايات عن الشجاعة أو العزلة والبُعد السحيق ونحو ذلك.

ص: 9

حكايةٍ لفّقها عليّ رُوّادُ التلفيق من دُعاة التفريق أنني هجوته! - تحسبُ أنه دعاني فعاتبني فضلاً عن أن يسامحني بله يباعد عنّي صحة دعواهم وحماقة نجواهم؟ كلاّ، ولا شَرُفَ على أقلّ أحوال الفضل أن يكون من كاظِميّ الغيظ، إنما شنّع بي على كل شرفة، وعبر كل نافذة، فلمّا أبَنْتُ له الصواب، واستبنت منه عن الأسباب، قال: الإقلالَ من معاتبة الإخوان!

وهذا من قصورِ الرأي وإساءةِ الاستعمال لهذا الأسلوب من المعاملات الاجتماعية.

ثمّ رأيتُ المتحابين، من بات منهم وهو لا يطيق جلوساً مع صديقه الذي يمطره بوابلٍ من عتاب الهون، ولومٍ من سجيّن، مختتماً ذلك كلّه بحجةِ (لا يعاتبك إلا من يحبك) فهل كان صادقاً فيما زعمه وادّعاه؟ (1)

من أجلِ ذلك جاءت هذه الرسالة - بعد ما عدمت نظيرها، وافتقدت في المكتبات العربية والأجنبية مثيلها، جعلتها ميسورة في أبسط صورة، موْضِحاً فيها متى

(1) يحكى أن الرازي سأل طلابه: أين الدليل من القرآن أن المحب لا يعذب حبيبه؟ فسكتوا، فقال: قوله: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم} ؟ وهل كان العتاب على هذا النحو إلاّ عذاباً!

ص: 10

يحسن العتاب ومتى لا يحسن ولا يفيد، وغيره من الإشارات والتلويحات في هذا الباب، ثمّ ألحقتُها بمقالةٍ للعلامة محمد الخضر حسين بعنوان (الصداقة) فإنّك لن تدرك معنى العتاب قبل أن تدرك معنى الصداقة، وحسبك أن الأستاذ محمد الخضر من أجود من تحدث عن الصداقة ومارسها (1). سائلاً المولى عز وجل أن يَبسط للقارئ الكريم خيرها، وأن يكفّ عن أعين النقّاد خللها، والزيادة مطلوبة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

وكتب؛ علي محمد أبونصيّة التميمي

16 -

3 - 1432 هـ

(1) انظر في ذلك كتاب (الصداقة بين العلماء) للأستاذ الشيخ محمد إبراهيم الحمد.

ص: 11