المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌متى تعلم بأنك نجحت في عتابك - العتاب بين الأصدقاء

[أبو نصية التميمي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌المقدمة

- ‌ما هو العتاب

- ‌هل اللوم والعتاب من صفات الصديق الصادق

- ‌قبل أن تعاتب، تعلم درساً في التغاضي

- ‌بعض الكلام؛ يشمّ ولا يفرك

- ‌من آداب العتاب

- ‌ادّخر عتابك للمواقف الحرجة

- ‌لا تذكّره بأخطائه القديمة ولا تعاوده العتاب على الخطأ مرتين

- ‌أنصف المعاتَب؛ وتخيّر له الوقت والأسلوب المناسب

- ‌عليك بالرفق

- ‌أطفئ الغضب

- ‌استعطاف المعاتب

- ‌تحدث للقلوب:

- ‌العتاب للخاصّة

- ‌الخطورة في كتمان العتاب

- ‌متى تعلم بأنك نجحت في عتابك

- ‌كيف يفعل من وقع في العتاب المذموم

- ‌ما يعينك على ترك العتاب المذموم

- ‌صورة من العتاب

- ‌خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار عقب حُنين (المعركة):

- ‌الصداقةبقلم العلامة محمد الخضر حسين رحمه الله

- ‌ما هي الصداقة

- ‌الصداقة فضيلة:

- ‌الداعي إلى اتخاذ الأصدقاء:

- ‌الاستكثار من الأصدقاء:

- ‌علامة الصداقة الفاضلة:

- ‌الصداقة تقوم على التشابه:

- ‌البعد من صداقة غير الفضلاء:

- ‌الاحتراس من الصديق:

- ‌هل الصداقة اختيارية

- ‌الصديق المخلص عزيز:

- ‌الإغماض عن عثرات الأصدقاء:

- ‌معاملة الأصدقاء بالمثل:

- ‌عتاب الأصدقاء:

- ‌أثر البعد في الصداقة:

- ‌الصداقة صلة بين الشعوب:

- ‌النتائج والتوجيهات:

الفصل: ‌متى تعلم بأنك نجحت في عتابك

‌متى تعلم بأنك نجحت في عتابك

؟

احتجتُ مرّةً إلى أحد الأصدقاء كي يسعفني في صيانة بعض الأجهزة الالكترونية، ثمّ إني تأخرت في استعادتها بعد تمام الصيانة مما دعاه إلى الاتصال بي ليقول بكلّ حدّة:"إن لم تحضر الآن لاستلامها فسأمنعك من استعادتها لاحقاً"!

فمضيت ذاهباً إليه - والله يعلم ما يلمّ بي من ضائقة تمنعني من الحضور في ذلك الوقت - واستعدتها وشكرته، ثمّ أرسلت بعد هنيهة على هاتفه: (إني لا أفهم الغرض المنشود وراء تصرفك بهذه الحدّة؟

ولكن العرب كانت تقول: "إذا عزّ أخوك فهن"!

كيف إذاً وأنت أخٌ عزيز، ومسكٌ وإبريز).

فلمّا كان من اليوم التالي - اتّصل بي واعتذر عمّا بدر منه بالأمس، وحينها - فقط - علمت بأنّ عتابي قد تكلل بالنجاح.

إنّ أبرز نتائج العتاب وأولاها (الاعتذار)، وهل العتاب إلا وسيلة لجلب الاعتذار؟

يطالب كثيرٌ من علماء الاجتماع - وخبراءِ فنونِ التعامل - بعدم إلجاء الآخرين إلى الاعتراف بأخطائهم تجاهنا، وهذه مطالبة تخالف طباع البشر السويّة، فكانوا كمن يتطلب في الماء جذوة اللهب!

ص: 71

والأولى من ذلك، مطالبة المخطئ بسرعة الاعتراف، فإنك عندما تكون مخطئاً وتلاقي صديقك بهذه العبارة:"آسف، لقد أخطأت في حقك" تجده ولابد يجيبك بقوله: "لا عليك، لم يكن ذلك بشيء" وهو - بلا شك - أخف على النفس من توبيخ العتاب، وقد أدرك هذا المعنى أخوة يوسف عليه السلام عندما قابلوه بالذنب الذي لا يغتفر - ألقوه في البئر وهو ذلك الطفلُ الصغير - فـ {قَالُواْ تَاللهِ لَقَدءَاثَرَكَ اللهُ عَلَينَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ} ، ليأتي الجواب سريعاً ومباغتاً وبلا عتاب:{لا تَثرِيبَ عَلَيكُمُ اليَوم} !

" .. كلّ مغفل يسعه أن يدافع عن أخطائه - ومعظم المغفلين يفعلون! - أمّا أن تسلم بأخطائك فهو سبيلك إلى الارتفاع درجاتٍ فوق الناس والإحساس بالرقي والسمو"(ديل كارنيجي)

إنّ الاعتراف بالخطأ فضيلة كبرى، والمطالبة بذلك الاعتراف قوّة فطرية، فلا شيء أدعى إلى الضجر والسخط من إنكار المخطئ لأخطائه الفادحة، ومن أجل ذلك احتجنا للعتاب الذي يؤدي في أصح استعمالاته إلى الاعتراف والاعتذار، فإذا وجدت على أعقاب عتابك أحد هذين المطلبين تكون حينها قد تحققت من النجاح.

ص: 72

"إذا واخَيْتَ أحداً في هذا الزمان فلا تعاتبه على ما تكرهه، فإنّك لا تأمن من أنْ يُرى في جوابه ما هو شرٌّ من الأوّل"

(أبوسُلَيْمانِ الدْارانيّ)

ص: 73