الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من آداب العتاب
"استبقاك من عاتبك". (ابن حزم)
لا شك بأن المعاتبة من آكد ما يحفظ الوداد بين العباد وإنما المعنى المعنيّ بالذم والمنع، هو القدر الزائد الذي لا ينفك عن السمع، ومتى كان العتاب مقرونا بالآداب التي سأذكر منها نزرا يسيرا، فإنه بذلك يكون للحب وحفظ الود معينا وظهيرا.
ادّخر عتابك للمواقف الحرجة
.
إذا كنت تغضب في غير ذنب
…
وتعتب من غير جرمٍ عليّا
طلبت رضاك؛ فإنْ عزّني
…
عددتك ميتاً وإنْ كنت حيّا
(ابن أبي فنن)
"من لم يوآخِ إلاّ من لا عيب فيه قلّ صديقه، ومن لم يرضَ من صديقه إلاّ بالإخلاص له دام سخطه، ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه". (رجاء بن حيوة)
ادّخار العتاب أوّل الأمور التي ينبغي مراعاتها؛ قال الأستاذ الخضر رحمه الله:
"إن الصديق لا يخلو وهو معرّض للغفلة والضرورة والخطأ في الرأي، أن يّخلّ بشيء من واجبات الصداقة؛ فإن كنت على ثقة من صفاء مودّة صديقك أقمت له من نفسك عذراً وسرت في معاملته على أحسن ما تقتضيه
الصداقة، فإن حام في قلبك شبهة أن يكون هذا الإخلال ناشئاً عن التهاون بحق الصداقة - فهذا موضع العتاب - والعتاب يستدعي جواباً، فإن اشتمل الجواب على عذر أو اعتراف بالتقصير، فاقبل العذر وقابل التقصير بصفاء الخاطر وسماحة النفس، وعلى هذا الوجه يحمل قول الشاعر:
أُعاتب ذا المودّة من صديق
…
إذا ما سامني منه اغترابُ
إذا ذهب العتاب فلا ودادٌ
…
ويبقى الودُّ ما بقي العتابُ"
وذكر غير واحد، منهم الثعالبي وصاحب المستظرف، عن إياس بن معاوية قال:
"خرجتُ ومعي رجلٌ من الأعراب، فلما كان ببعض المناهل لقيه ابن عمّ له فتعانقا وتعاتبا، وإلى جانبهما شيخٌ من الحيّ يفن، فقال لهما: انعما عيشاً، إنّ المعاتبة تبعث التجني، والتجني يبعث المخاصمة، والمخاصمة تبعثُ العداوة، ولا خير في شيء ثمرته العداوة".
إذاً؛ فعندما يقول لك صديقك إنّ العتاب هو صابون القلوب، أخبره أنّ رغوة الصابون قد تحرق العيون!
"نحْنُ لا نَكْرَهُ الأَشْخاصَ بَلْ نَكرَهُ أَخْطاءَهم"
(غانْدِي)