الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليك بالرفق
جاء عن أنس بن مالك في الصحيحين أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله رفيقٌ يحبُّ الرّفق". وعنه عند مسلم: "ما كان الرّفْقُ في شيءٍ إلاّ زانه، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلاّ شانَه".
وفي حادثة الأعرابي الذي بال في مسجد رسول الله معتبر ومدّكر؛ حيثُ يَدْخُل ذلك الأعرابيّ إلى المسجد والصحابة جلوسٌ حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحسر الأعرابي حسراً شديداً حتى أنه بال في ناحية من المسجد! فستشاطّ غضبُ الصحابة وهرعوا إليه يزجرونه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن فعلهم هذا، فلما فرغ من حاجته، ناداه فقال له:"يا هذا إن المساجد ما بنيت لهذا" كلمات لطيفة تخرج في رحمة وإشفاق تلامس شِغَافَ رجُلِ البادية، فيرفرفُ قلبُه حبُوراً لها، ويقول في ذهول:"اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا".
لطالما أحاطت الندامة بصديقين خاضا غمار الحياة يجدفان على قارب الحبّ بمجاديف الوفاء والإخاء، وفي لحظة غضب تثور عاصفة المشاحنة وتهدر أمواج اللوم ويعظم الخطب بالقارب الجميل ليخرج عن المسار الصحيح ويرتطم بصخرة الخصومة غارقاً في
ظلمات القطيعة والجفاء!
إنّ المجازفة في الإنسان سمة فطريّة، والاحتراس والتّأني عارضان، والله تعالى يقولُ:{إنّا عَرَضنَا الأَمَانَةَ عَلى السمَوَتِ وَالأَرضِ وَالجِبَالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَأشفَقنَ مِنها وَحَمَلَها الإِنسَنُ إِنّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً} الأحزاب (72). فالمجازفة ظلمٌ وجَهالةٌ، وأيّ شيءٍ أظلمُ وأجهلُ من المجازفة بالصّديق؟! - أما مرساة الرفق والاحتراس فحريّة بالاستعمال في مثل هذه الظروف وإلا أكلها الصدأ!
يحكى أن إحدى السيدات ذهبت إلى صديقاتها في بعض مناسباتهن، وطلبت من زوجها أن يأتيها في موعد محدد، فتأخر عليها الزوج، حتى لم يبق أحد من الزائرات سواها، وأصبحت تشعر بالخجل من ذلك التأخر لما ترى على قسمات المضيفة من الإرهاق والتعب والمجاملة في تحمّلها، فلما عاد الزوج وانطلق بالسيارة قافلا إلى المنزل وقد أوشكت المرأة على البكاء من الخجل جرّاء ذلك الموقف، وهي تراود نفسها في البدء بالوابل الحارق من عبارات اللوم والعتاب على الزوج، بادرها قائلا: إنّي أمضيت الوقت كلّه في البحث عن الجهاز الذي طلبته منّي قبل فترة،