الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6- التلبينة:
(هو الحساء الرقيق المتخذ من دقيق الشعير بنخالته مطحونًا، وربما جُعل فيها عسل، وقد سميت تلبينة تشبيهًا لها باللبن، لبياضها ورقتها، وهي تسمية بالمَرَّة الواحدة من التلبين، يقال: لبَّن القومَ إذا سقاهم اللبن. والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يُطبخ من صحاح الشعير بنخالته، والتلبينة تطبخ من الشعير مطحونًا، وهي أنفع من ماء الشعير لخروج خاصية الشعير بالطحن، فتكون التلبينة أكثر تغذية وأقوى فعلاً وأعظم جِلاءً، وألطف على فؤاد المريض إذا قلَّ اشتهاؤه للطعام، فيغذيه غذاء لطيفًا)(146) .
(146) انظر: "النهاية" لابن الأثير، (4/198) . وانظر كذلك "الطب النبوي" لابن القيم ص120.
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «التَّلْبِينَةُ مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهِبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ» (147) . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهلَه الوَعَكُ أمر بالحساء فصُنِع، ثم أَمَرَهم فحسَوْا منه، وكان يقول:«إِنَّهُ لَيَرْتُو فُؤَادَ الْحَزِينِ، وَيَسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقِيمِ، كَمَا تَسْرُو إِحْدَاكُنَّ الْوَسَخَ عَنْ وَجْهِهَا» (148) .
إن ما ذكر آنفًا دالُّ - ولا ريب - على عظيم رأفة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ورحمته بالمريض، مع بالغ عنايته بالحال النفسية له، وكذلك بمن أصابته مصيبة عظيمة فاغتمّ لها؛ حيث أرشد عليه الصلاة والسلام إلى تغذية المريض بألطف ما اعتاده من الأغذية، ليكون ذلك مدعاة لراحة قلبه،
(147) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب: الأطعمة باب: التلبينة، برقم (5417)، ومسلم؛ كتاب: السلام، باب: التلبينة مجمة لفؤاد المريض، برقم (2216) .
(148)
أخرجه الترمذي - وصحَّحه -، كتاب: الطب، باب: ما جاء ما يطعم المريض، برقم (2039)، عن عائشةَ رضي الله عنها. صحَّحه الألباني. انظر:"صحيح الجامع الصغير"، برقم (4646) .
وجِلاء حزنه، مع كونه نافعًا مغذِّيًا [فإن قوى الحزين تضعف باستيلاء اليُبس على أعضائه، وعلى معدته خاصة لتقليل الغذاء، وهذا الحساء يرطِّبها، ويقوِّيها ويغذِّيها، ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض، لأن المريض كثيرًا ما يجتمع في معدته خَلْط مراريٌّ، أو بلغمي، أو صديدي، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة ويَسْرُوه، ويَحْدُره، ويُميعه، ويعدِّل كيفيته، ويكسر سَوْرته، فيريحها - أي: المعدة - ولاسيما لمن عادته الاغتذاء بخبز الشعير، وهي عادة أهلِ المدينة إذ ذاك، وكان هو غالبَ قُوْتهم، وكانت الحنطة غزيرة عندهم، والله أعلم](149) .
(149) انظر: "الطب النبوي" لابن القيم (ص121) .