الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقُولِي: اللَّهُمَّ مُطْفِئَ (مُطْفِي) الْكَبِيرِ، وَمُكَبِّرَ الصَّغِيرِ، أَطْفِهَا عَنِّي» (173) .
(والذريرة حارة يابسة تنفع من أورام المعدة والكبد والاستسقاء، وتقوي القلب لطِيبها وهي نافعة في معالجة البَثْرة، وهي خراج صغير يكون عن مادة حارة تدفعها الطبيعة فتسترق مكانًا من الجسد تخرج منه، فهي محتاجة إلى ما يُنضِجها ويُخرِجها، والذريرة أحد ما يفعل ذلك، فإن فيها إنضاجًا وإخراجًا، مع طِيب رائحتها، مع أن فيها تبريدًا للناريَّة التي في تلك المادة)(174) .
11- أَلْيَة شاةٍ أعرابية
.
والألية هي: طَرَف الشاة، أو ما كان على العَجُز من اللحم
(173) سبق تخريجه بالهامش ذي الرقم (26) .
(174)
انظر: "الطب النبوي" لابن القيم (ص113) .
والشحم (175) ، والحكمة في أن تكون الشاة من شياه الأعراب، (قلة فضول هذه الشاة - أي: قلة ما تخرجه من فَضْلات -، وصغر مقدارها، ولطف جوهرها، وخاصيَّة مرعاها، لأنها ترعى أعشاب البر الحارة، كالشِّيْح والقَيْصُوم، وهذه النباتات إذا تغذَّى بها الحيوان، صار في لحمه من طَبْعها، بعد أن يلطِّفَها تغذِّيه بها، ويُكسبها مزاجًا ألطف منها، ولاسيما الألية، وظهور فعل هذه النباتات في اللبن أقوى منه في اللحم، ولكن الخاصية التي في الألية من الإنضاج والتليين لا توجد في اللبن) (176) .
(175) انظر: "النهاية" لابن الأثير (1/64) ، واللسان لابن منظور (14/43) .
(176)
انظر: "الطب النبوي" لابن القيم (ص72) .
قال أنس رضي الله عنه: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا: أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ تُذَابُ، ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ، فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ» (177) .
وعِرْق النَّسا: (هو عرق يخرج من الوَرِك فيستبطن الفَخِذ)(178) ، والمقصود به هنا (مرض يحلُّ بهذا العِرْق يتسبب بحدوث وجع يبتدئ من مفصل الورك، وينزل من خلف على الفخذ، وربما وصل إلى الكعب، وكلما طالت مدته زاد نزوله، وتهزل معه الرجل والفخذ)(179) .
(ولقد توصل الطب الحديث إلى أن لعِرْق النَّسا أسبابًا متعددة، وأن معظم
(177) أخرجه ابن ماجَهْ؛ كتاب: الطب، باب: دواء عرق النسا، برقم (3463)، وقال البوصيري في «الزوائد» 3/124: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. اهـ.
…
وأخرجه أحمد في مسنده (3/219) من حديث أنس أيضًا، بلفظ:(أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصِفُ مِنْ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةَ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ، لَيْسَ بِالْعَظِيمِ وَلَا بِالصَّغِيرِ، يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَيُذَابُ فَيُشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا) . كما أخرجه الحاكم في مستدركه (4/206) و (4/408) ، وصحَّحه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وفيه قال أنس:(وقد وصفتُ ذلك لثلاثمائةٍ كلُّهم يعافيه اللهُ تعالى) .
(178)
انظر "الطب النبوي رؤية علمية"، للبروفيسور عبد الباسط السيد (ص132) .
(179)
انظر "الطب النبوي" لابن القيم (ص71) .
حالاته تنتج عن فَتْق النُّواة اللُّبِّية بين الفِقَر - الدِّسْك - ونتوئها في القناة السيسائية بما يترتب عليه انضغاط الجذور العصبية، ومن أسبابه أيضًا الإنتان بالعصيات الكولونية، وهي جراثيم عاطلة تستقر الأمعاء، ثم تنقلب مُمْرضة في ظروف خاصة. ولقد وصف النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعرق النسا ألية شاة أعرابية ربما بمناسبة إصابة أحدهم بهذا الإنتان بالعصيات الكولونية، فيحدث بالألية المذابة إسهال بالدهن فتطرد تلك الجراثيم المستوطنة المسببة للمرض. هذا، إلى جانب حِكم أخرى الله أعلم بها لم يتوصل إليها العلم بعد) (180) .
(180) انظر "الطب النبوي والعلم الحديث" د/ محمود النسيمي (3/289) .
وإن مما يدل دلالة قوية على نفع هذا الدواء أن أنسًا رضي الله عنه قد عالج بذلك ثلاثمائة مصاب بعرق النسا، كلهم تعافوا بإذن الله (181) ، فلا ريب بأن هذا العلاج إذًا نافع لكثير من الأسباب المُحدِثة لعرق النسا؛ ما يفتح الباب لعلماء الطب الحديث إلى توصيف كيفية تلك المعالجة، فصلوات ربي وسلامه على المبعوث رحمة للعالمين.
(وما يجدر ذكره هنا أن المعالجة بشرب دهن ألية الشاة الأعرابية، هو مناسب جدًا لأهل الحجاز ومَن جاورهم، لاسيما أعراب البوادي، وذلك بحسب أماكن نزولهم وأحوالهم،
(181) كما عند الحاكم (4/206) ، وقد سبق ذكره آنفًا بالهامش ذي الرقم (177) .