المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل الثالث أصول الشفاء الثلاثة (48) :   ‌ ‌أولاً: الحِجامة (49) : وهي - العلاج والرقى

[خالد الجريسي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمفضيلة العلاّمة الشيخد. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

- ‌المقدِّمة

- ‌الفصل الأول:الرقى المشروعة من القرآن الكريم، والسُّنَّة المُطهَّرة

- ‌أولاً: الرقى من القرآن الكريم

- ‌ثانيًا: الرقى والتعوُّذات النبويَّة

- ‌الفصل الثاني:مُسلَّمات بين يدي العلاج النبوي

- ‌الفصل الثالثأصول الشفاء الثلاثة

- ‌أولاً: الحِجامة

- ‌ثانيًا: العسل:

- ‌ثالثًا: الكيُّ

- ‌الفصل الرابع:بيان صنوفٍ من العلاج النبويِّ

- ‌1- الماء، وبخاصة منه (ماء زمزم)

- ‌2- التمر، وبخاصةٍ منه (تمر العجوة)

- ‌3- الحبة السوداء

- ‌4- العُود الهِنْدِيُّ، وهو القُسْط أو الكُسْت

- ‌5- الكَمْأَةُ

- ‌6- التلبينة:

- ‌7- السَّنا والسَّنُوت

- ‌8- الوَرْس:

- ‌9- الحِنَّاء (سيِّد الخِضاب)

- ‌10- الذَّرِيرة:

- ‌11- أَلْيَة شاةٍ أعرابية

- ‌12- ألبان الإبِل وأبوالُها

- ‌الفصل الخامس:الهَدْي النبويُّ في علاج الأمراض…المعنوية (الروحانية)

- ‌تمهيد لبيان عظيم خطر هذه الأمراض:

- ‌أولاً: علاج السحر

- ‌ثانيًا: علاج العين:

- ‌الفصل السادسالهَدْي النبويُّ في اعتبار…الحال النفسية للمرضى

- ‌1- علاج حَرِّ المصيبة، وتخفيفها بالإكثار من قول: (إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)

- ‌2- علاج الكرب والهمِّ والغمِّ والحَزَن

- ‌3- علاج الفزع والأَرَق المانعِ من النوم:

- ‌4- علاج قلق المرضى بالتلطُّف بهم؛ بتطييب نفوسهم، وتقويةِ قلوبهم

- ‌خاتمة

الفصل: ‌ ‌الفصل الثالث أصول الشفاء الثلاثة (48) :   ‌ ‌أولاً: الحِجامة (49) : وهي

‌الفصل الثالث

أصول الشفاء الثلاثة

(48) :

‌أولاً: الحِجامة

(49) : وهي تفرُّقٌ اتصالي إرادي، يتبعه استفراغ كُلِّي من العروق، وأصل معناها: المداواة بالحَجْم، أي: بالشَّرْط؛ وطريقة ذلك أن يعمد الحجّام إلى إخراج الدم المتبيِّغ (أخلاط الدم الزائد الفاسد) من العروق، وذلك بإفراغ كأس من الهواء، ثم وضعه على الجلد ليُحدث فيه تهيُّجًا فينجذب الدم إلى الجلد بقوة، ومن ثَمَّ باستخدام مِشْرطٍ، يستخرج به الحجَّام ذلك الدم.

قال عليه الصلاة والسلام: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي شَرْطَةِ

(48) تنبيه مهم: من الضرورة للغاية مراعاةُ كلِّ متطبِّبٍ بهذه الأدوية حالتَه الخاصة، وذلك بإجراء كلِّ بدنٍ على عادته في استعمال الأغذية والأدوية، وكذلك مراعاة أوقات المعالجة بها، مع مراعاة البلد الذي يتم فيه العلاج، [فإن للأمكنة اختصاصًا بنفع كثير من الأدوية في ذلك المكان دون غيره، فرُبَّ أدوية لقوم هي أغذية لآخرين، وأدوية لقوم من أمراض هي بعينها أدوية لآخرين في أمراض سواها، ورُبّ أدوية لأهل بلد لا تناسب غيرهم، ولا تنفعهم] . "الطب النبوي" لابن القيم ص98.

وحاصل ذلك أن هذه الأدوية لا يَعمد كلُّ أحدٍ إلى التطبب بها من عند نفسه، إلا إذا علم كيفية ذلك، ووقته المناسب، ومقداره المطلوب، وموضعه الأمثل، فلو عمد إلى الاحتجام مثلاً في بلد شديد البرودة في أول الشهر القمري أو في آخره، أو استعمل الحِجامة على شِبَع بطنٍ، ولم يكن ثمة حاجة إليها - أي: لم يكن الداء سببه غلبة أخلاط الدم - لم تكن الحجامة عندها نافعة النفعَ المطلوب، فلا يُحتجُّ بعدها بأن السُّنَّة - حاشَ لها - قد أرشدت إلى ما لا نفع فيه!! فقد أرشد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أهل الحجاز، وهي بلاد حارة، ودماء أهلها رقيقة تميل إلى ظاهر أبدانهم إلى فضل الحجامة، فقال عليه الصلاة والسلام:«إِنْ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ» أخرجه البخاري برقم (5696) ، ومسلم برقم (1577) . وفيه إشارة إلى أن أهل الحجاز ومَن شَاكَلهم في الخِلْقة ومناخ البلد يكون الحَجْم في حقهم أكثر نفعًا، وأقرب إلى الشفاء. كما حدّدت السُّنَّة وقتها المناسب، ففي الحديث:«مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ» . أخرجه أبو داود بسند حسن، وذلك لكون الدم في هذه الأيام منجذبًا إلى الجلد، فتكون الحجامة عندها من أنفع الدواء. انظر:"الطب النبوي" لابن القيم ص52، وما بعدها.

(49)

انظر - في معناها - "الطب النبوي" لابن القيم ص55، وانظر:"النهاية" لابن الأثير (1/347) . مادة (حجم) .

ص: 35

مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ» (50) . هذا، وقد «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحرِمٌ فِي رَأْسِهِ، مِنْ شَقِيقَةٍ (51) كَانَتْ بِهِ» (52) .

وللحجامة منافعُ جمَّة، [فهي تُنْقِي سطح البدن، والحجامة على الكاهل (53) : تنفع من وجع المَنْكِب والحلق، كما أن الحجامة على الأخدعين (54) : تنفع من أمراض الرأس وأجزائه؛ كالوجه، والأسنان، والأذنين، والعينين، والأنف، والحلق إذا كان حدوث ذلك عن كثرة الدم أو فساده، أو عنهما جميعًا، والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه

(50) متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: الدواء بالعسل، برقم (5683)، ومسلم؛ كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، برقم (2205) .

(51)

الشَّقِيقَةُ: نوع خاص من الصداع، وهو: وجع يأخذ في أحد جانبَيِ الرأس، أو في مُقدَّمه. وهي تكون في شرايين الرأس وحدها، وتختص بالموضع الأضعف من الرأس، وعلاجها - غالبًا - يكون بشدِّ العِصابة. انظر:"فتح الباري" لابن حجر (10/162) ، و"الطب النبوي" لابن القيم ص87.

(52)

أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: الحِجم من الشقيقة والصداع، برقم (5701)، عن ابن عباس رضي الله عنهما. ومسلم - مختصرًا - كتاب: الحجّ، باب: جواز الحِجامة للمُحرِم، برقم (1202) ، عنه أيضًا.

(53)

موضع الكاهل: هو مُقدَّم أعلى الظهر. "النهاية" لابن الأثير (4/214) . مادة (كهل) .

(54)

الأخدعان: عِرْقان في جانبَيِ العُنُق. "النهاية" لابن الأثير (2/14) . مادة (خدع) .

ص: 36

والحلقوم، إذا استُعمِلت في وقتها، وتنقي الرأس والفكَّين، والحِجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد (55) الصافن - وهو عرق عظيم عند الكعب - وتنفع أيضًا من قروح الفخذين والساقين، وانقطاع الطَّمْث، والحِكَّة العارضة في الأُنْثَيَيْن (الخِصْيتين) ، والحجامة في أسفل الصدر نافعة من دماميل الفَخِد، وجَرَبِه وبُثُورِه، ومن داء النِّقْرِس (56) ، والبواسيرِ، وداءِ الفيل (57) ،

وحِكَّة الظهر] (58) .

والحجامة - فضلاً عما سبق - هي من أنفع الطرق المشروعة لإبطال أثر السحر، (وتكون باستفراغ الدم في

(55) الفصد: قطع العِرْق حتى يسيل، ويقولون: تفصَّد الشيءُ: سال. انظر: "معجم المقاييس" لابن فارس (2/356) ، [فَصَد] .

(56)

النِّقْرِس - بكسر النون والراء -: مرض معروف، وهو وَرَم يحدث في مفاصل القدم، وفي إبهامها أكثر، ومن خاصية هذا المرض أنه لا يجمع مِدَّة -أي: قيحًا غثيثًا غليظًا - ولا ينضح؛ لأنه في عضو لحميٍّ، ومن داء النِّقْرِس كذلك: وجع المفاصل وعِرْق النَّسا، لكن خولف بين الأسماء لاختلاف المحالِّ. "المصباح المنير" للفَيُّومي ص237، مادة (نقر) .

(57)

داء الفيل: مرض يحدث من غِلَظٍ كثيف بالقدم والساق، تتخلله عُجَرٌ صغيرة ناتئة. [والفائل: هو اللحم الذي على خُرْبة الوَرِك، وقال أبو عبيد: كان بعضهم يجعل الفائلَ عِرْقًا] ..انظر: "معجم المقاييس" لابن فارس (2/337)[فَيَل] .

(58)

انظر: "الطب النبوي" لابن القيم ص53 وما بعدها.

ص: 37

المحل الذي يصل إليه السحر، فإن للسحر تأثيرًا في الطبيعة، وهيجانِ أخلاطِها، وتشويشِ مِزاجها، فإذا ظهر أثرُه في عضوٍ، وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو، نَفَع جدًا) (59) .

أما الأوقات المثلى للحجامة، فهي يوم سابعَ عشر، أو تاسعَ عشر، ويوم إحدى وعشرين، من الشهر القمري، فعن أنس رضي الله عنه، قال:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَحْتَجِمُ فِي الأَْخْدَعَيْنِ وَالْكَاهِلِ، وَكَانَ يَحْتَجِمُ لِسْبِعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدى وَعِشْرِينَ» (60) .

تنبيه: [إن اختيار هذه الأوقات - المستحبة للحجامة - هو فيما إذا

(59) المرجع السابق ص125.

(60)

أخرجه الترمذي - بلفظه، وحسّنه - كتاب: الطِبّ، باب: ما جاء في الحجامة، برقم (2051) . وأبو داود مفرّقًا في بابين، الجزء الأول من الحديث، في كتاب الطب؛ باب: في موضع الحجامة، برقم (3859) ، عن أنس رضي الله عنه، والثاني بلفظ:«مَنِ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ وَإِحْدى وَعِشْرِينَ كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ» ؛ باب: متى تُستحب الحجامة؟ برقم (3861)، عن أبي هريرة رضي الله عنه. حسَّنه الألباني. انظر: صحيح أبي داود، برقم (3268) وبرقم (3271) .

ص: 38