الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: وأما
حديث أنس بن مالك
، ففي " الصحيحين، من حديث سعيد ابن أبي (1) عروبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتَمُّون بذلك وفي لفظ فيُلهمون لذلك فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم، فيقولون أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا عند ربنا حتى يُريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هُناكُم. فيذكر (2) خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا نوحاً أول رسولٍ بعثه الله عز وجل.
قال: فيأتون نوحاً، فيقول: لستُ هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها (3)، ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست هناكم، ويذكر (4) خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها ولكن ائتوا موسى الذي كلَّمه الله تكليماً، وأعطاه التوراة، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته، فيأتون عيسى روح الله، وكلمته، فيقول: لست هناكم، ولكن (5) ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم، عبداً قد غفر الله له (6) ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فيأتوني، فأستأذنُ على ربي، فيؤذَنُ لي، فإذا أنا (7) رأيته، فأقع ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل تُسمع، وسل تعطَه، واشفع تُشفَّعْ، فأرفعُ رأسي، فأحمد ربي بتحميدٍ يُعَلِّمُنيه
(1) ساقطة من (ج).
(2)
في (ش): ويذكر.
(3)
من قوله: " ولكن أئتوا نوحاً " إلى هنا ساقط من (ش).
(4)
في (ب): فيذكر.
(5)
ساقطة من (ش).
(6)
في (ش): " غُفر له "، وهي كذلك في " صحيح مسلم " المطبوع.
(7)
ساقطة من (ب).
ربِّي، فأشفع فيحُدُّ لي حدّاً، فأُخرِجُهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعودُ فأقع ساجداً، فيدعُني ما شاء أن يدعني، ثم يقال: ارفع رأسك يا محمد، وقُل (1) تُسمع، وسل تُعطَه، واشفع تُشَفَّع، فأرفعُ رأسي، فأحمد ربي بتحميدٍ يعلِّمُنيه ربي، ثم أشفع فيحُدُّ لي حدّاً فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، قال: فلا أدري في الثالثة أو في (2) الرابعة. قال: فأقول: يا رب، ما بقي في النار إلَاّ من حبسه القرآن، أي: وجب عليه الخلود (3).
وذكر ابن خزيمة عن ابن عبد الحكم عن أبيه وشعيب بن الليث عن الليث، حدثنا معتمر (4) بن سليمان، عن حميد، عن أنس، قال:" يلقى الناس يوم القيامة ما شاء الله أن يلقَوهُ من الحبس، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم فيشفع لنا إلى ربنا "، فذكر الحديث
…
إلى إن قال: " فينطلقون إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فيقول: أنا لها، فأنطلِقُ حتى أستفتح باب الجنة، فيُفتح لي (5)، فأدخلُ وربي على عرشه فأخرُّ ساجداً
…
وذكر الحديث (6).
(1) في (ب) و (ج): قل.
(2)
ساقطة من (ش).
(3)
أخرجه البخاري (4476) و (6565) و (7410)، ومسلم (193)، وابن خزيمة في " التوحيد " ص 247 و249، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 191، واللالكائي 3/ 477 - 478.
وقوله: " أي: وجب عليه الخلود " مدرج في الحديث من قول قتادة كما هو مبين في رواية البخاري ومسلم، وقد فسر به قتادة:" من حبسه القرآن " أي: من أخبر القرآن أنه يخلد في النار.
(4)
تحرف في (ش) إلى: معمر.
(5)
في (ج): لي باب الجنة.
(6)
هو في كتاب " التوحيد " ص 303 من طريقين عن حماد بن مسعدة، حدثنا ابن عجلان، عن جُوثة بن عبيد، عن أنس بن مالك رفعه. وجوثه بن عبيد روى عنه عياش بن عباس، ومحمد بن عجلان، ونافع بن يزيد، وذكره ابن حبان في " الثقات " 4/ 120 وأرخ وفاته سنة 127 هـ فالسند حسن.
وقال أبو (1) عوانة وابن أبي عروبة وهمام وغيرهم عن أنس في هذا الحديث: " فاستأذِنُ على ربي، فإذا رأيتُه، وقعت ساجداً. وساقه ابن خزيمة بسياقٍ طويل، وقال فيه: فأستفتح، فإذا نظرت إلى الرحمن وقعت له ساجداً.
ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في هذا المقام ثابتةٌ عنه ثبوتاً يقطع به أهل العلم بالحديث والسنة.
وفي حديث أبي هريرة (2): " أنا أول من تنشق عني الأرض يوم القيامة، ولا فخر، أنا (3) سيد ولد آدم ولا فخرٌ، وأنا صاحب لواء الحمد ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة ولا فخر، آخُذُ بحلقة باب الجنة، فيُؤذن لي، فيستقبلني وجهُ الجبَّار جل جلاله، فأخرُّ له ساجداً ".
وقال الدارقطني: حدثنا محمد بن إبراهيم النسائي المعدَّل بمصر، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القاضي، حدثنا أبو بكر إبراهيم بن محمد، حدثنا الخليل بن عصر الأشجُّ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قولِ الله عز وجل:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، قال: النظر إلى وجه الله عز وجل (4).
(1) تحرف في (ش) إلى: ابن.
(2)
هذا وهم من العلامة ابن القيم، تابعه عليه المصنف، صوابه:" وفي حديث أنس "، وهو في " المسند " 3/ 144، و" سنن الدارمي " 1/ 27 - 28، وفي " السنن الكبرى " للنسائي كما في " تحفة الأشراف " 1/ 295 - 296، وابن خزيمة في " التوحيد " ص 296 - 297 من طرق عن الليث، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر
…
وهذا سند قوي رجاله رجال الشيخين.
(3)
في (ب) و (ش): وأنا.
(4)
عبد الله بن محمد بن جعفر القاضي، قال الدارقطني في " سؤالات الحاكم " (115) و (264): كذاب يضع الحديث.
حدثنا أبو صالح عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الأصبهاني، ومحمد بن جعفر بن أحمد الطبراني، ومحمد بن علي بن إسماعيل الأيلي، قالوا: حدثنا عبد الله بن روحٍ المدائني، حدثنا سلام بن سليمان، حدثنا ورقاءُ وإسرائيل وشعبة وجرير بن عبد الحميد، كلهم قالوا: حدثنا (1) ليثٌ عن عثمان بن أبي حُميد، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أتاني جبريل وفي كفِّه كالمرآة البيضاء يحملها، فيها كالنُّكتَة السوداء، فقلت: ما هذه التي في يدِكَ يا جبريل؟ فقال: هذه الجمعة، فقلت: وما الجُمعة؟ فقال: لكم فيها خيرٌ كبيرٌ. قلت: وما يكون لنا فيها؟ قال: تكون عيداً لك ولقومك من بعدك، ويكون اليهود والنصارى تبعاً لكم، قلت (2): وما لنا فيها؟ قال: لكم فيها ساعة لا يسأل الله عبدٌ فيها شيئاً هو له قسمٌ (3) إلَاّ أعطاه إياه، أو ليس له بقسمٍ إلَاّ ادَّخر لهُ في آخرته ما هو أعظم له منه. قلت: ما هذه النكتة التي فيها؟ قال: هي الساعة، ونحن ندعوه (4) يوم المزيد، قلت: وما ذاك يا جبريل؟ قال: إن ربك اتَّخذ في الجنة وادياً فيه كُثبانُ المسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة هبط من عِلِّيِّين على كرسيه، فيُحَفُّ الكرسيُّ بكراسي من نورٍ، فيجيء النبيون حتى يجلسوا (5) على تلك الكراسي، وتُحَفُّ الكراسي (6) بمنابر من نورٍ ومن ذهبٍ مُكَلَّلةٍ بالجوهر، ثم يجيء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا على تلك المنابر، ثم ينزل أهل الغرف من غُرفِهم حتى يجلسوا على تلك الكُثبان، ثم يتجلى لهم (7) عز وجل، فيقول: أنا الذي صدقتكم وعدي، وأتممت علكيم نعمتي،
(1) سقطت من (ش).
(2)
في (ش): قال.
(3)
عبارة " هو له قسم " ساقطة من (ب).
(4)
في (ب) وندعوه.
(5)
في (أ): يجلسون.
(6)
في (ب): ويحف الكرسي.
(7)
في (ب): ربهم.
وهذا محل كرامتي، فسلوني. فيسألون حتَّى (1) ننتهي رغبتهم، فيُفتح لهم في ذلك (2) ما لا عينٌ رأت، ولا أُذُنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ، وذلك بمقدار مُنْصرفِكُم من الجمعة. ثمَّ يرتفعُ على كرسيه عز وجل. ويرتفع معه النبيون والصديقون، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم، وهي لؤلؤة بيضاء (3) أو زبرجَدَةٌ خضراء، أو ياقوتةٌ حمراء، غُرفُها وأبوابها فيها، أنهارُها مُطَّرِدَةٌ فيها، وأزواجها وخدَّامها، وثمارُها متدلِّيَةٌ فيها، فليسوا إلى شيءٍ أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا نظراً إلى ربِّهم، ويزدادوا منه كرامة (4).
(1) في (ب): حتى.
(2)
ساقطة من (ب).
(3)
ساقطة من (أ).
(4)
إسناده ضعيف. عثمان بن أبي حميد - واسم أبي حميد عُمير: ضعفه غير واحد، وقال ابن عدي: يكتب حديثه مع ضعفه.
أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 150 - 151، وابن جرير في " جامع البيان " 26/ 175، والبزار (3519)، والآجري في " الشريعة " ص 265 من طريقين عن عثمان بن عمير، به.
وأخرجه الشافعي في " المسند" 1/ 126، و" الأم " 1/ 208 - 209 من طريق إبراهيم بن محمد، عن موسى بن عبيدة -وكلاهما ضعيف- عن أبي الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة، عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك
…
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 7/ 605، وزاد نسبته لابن أبي الدنيا في " صفة الجنة "، وابن المنذر، والطبراني في " الأوسط "، وابن مردويه، والبيهقي في " الرؤية "، وأبي نصر السجزي في " الإبانة ".
وأخرجه أبو يعلى (4228) بأخصر مما هنا عن شيبان بن فروخ، حدثنا الصَّعقُ بن خَزْنٍ، حدثنا علي بن الحكم البناني، عن أنس.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 10/ 421 - 422 وقال: رواه البزار والطبراني في " الأوسط " بنحوه وأبو يعلى باختصار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، وأحد إسنادي الطبراني، رجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد وثقه غير واحد، وضعفه غيرهم، وإسناد البزار فيه خلاف.
قلت: عبد الرحمن بن ثابت: حسن الحديث. وانظر " المطالب العالية " 1/ 157 - =
هذا حديثٌ كبيرٌ عظيم الشأن رواه أئمة السنة (1) وتلقَّوه بالقبول، وجَمَّلَ به الشافعي " مسنده "(2). فرواه فيه عن إبراهيم بن محمد قال حدثني موسى بن عبيدة قال حدثني أبو الأزهر عن عبد الله بن عبيد بن عمير، أنه سمع أنس بن مالك فذكره بنحوه. وقد تقدم لفظه.
قال الشافعي (3): أخبرنا إبراهيم، قال حدثني أبو عمران إبراهيم بن الجعد، عن أنس شبيهاً به، وزاد فيه أشياء (4).
ورواه محمد بن إسحاق، قال: حدثني ليث بن أبي سليم، عن عثمان بن عمير، عن أنس، به. وقال فيه:" ثم يتجلى (5) لهم ربُّهم حتى ينظروا إلى وجهه الكريم " .. وذكر (6) باقي الحديث.
ورواه عمر بن أبي قيسٍ (7) عن أبي طيبة، عن عاصمٍ، عن عثمان بن عُميرٍ، عن (8) أبي اليقظان، عن أنس وجوَّده وفيه: " فإذا كان يوم الجمعة، نزل على كرسيه، ثم حُفَّ الكرسى بمنابر من نور، فيجيء النبيون حتى يجلسوا عليها، ويجيء أهل الغُرَف حتى يجلسوا على الكُثُب، قال: ثم يتجلى لهم ربهم تبارك وتعالى، فينظرون إليه، فيقول: أنا الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، وهذا محلُّ كرامتي، فسلُوني، فيسألونه الرِّضا، قال: رضاي أنزلكم داري، وأنالَكُم كرامتي، فسلوني (9)، فيسألونه الرضا. قال: فيشهدهم
= 159، وللحافظ ابن عساكر جزء سماه " القول في جملة الأسانيد الواردة في حديث يوم المزيد " بيَّن فيه وجوه الوهي فيها، وقال: إن لهذا الحديث عن أنس عدة طرق، في جميعها مقال.
(1)
في (أ): أئمة أهل السنة.
(2)
حديث رقم (422) بترتيب الساعاتي.
(3)
رقم (423).
(4)
من قوله: " وقد تقدم لفظه " إلى هنا ساقط من (ش).
(5)
في (ب): فيتجلَّى.
(6)
في (ج) وذكرنا.
(7)
في (ش): حدثنا ابن أبي قيس.
(8)
ساقطة من (ب).
(9)
في (ش): فاسألوني.
بالرضا، ثم يسألونه حتى تنتهي رغبتهم
…
وذكر الحديث.
ورواه علي بن حرب، حدثنا إسحاق بن سليمان، حدثنا عنبسة بن سعيد، عن عثمان بن عُمَيْرٍ.
ورواه الحسن بن عرفة، حدثنا عمار بن محمد (1) ابن أخت سفيان الثوري، عن ليث ابن أبي سليم، عن عثمان، وقال فيه:" ثم يرتفع على كرسيِّه، ويرتفع معه النبيون والصديقون والشهداء، ويرجِعُ أهل الغُرَف إلى غُرَفِهِم ".
ورواه الدارقطني من طريق أخرى من حديث قتادة، عن أنس، قال: سمعته يقول: بينا نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ (2) قال: " أتاني جبريل في يده كالمرآة البيضاء في وسطها كالنكتة السوداء، قلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا يوم الجمعة يعرضه عليك ربك ليكون لك عيداً ولأُمَّتك من بعدك قال: قلت: يا جبريل، ما هذه النكتة السوداء؟ قال: هذه الساعة، وهي تقوم يوم الجمعة، وهو سيد أيام الدنيا، ونحن ندعوه في الجنة يوم المزيد. قال: قلت (3): يا جبريل ولِمَ تدعوه يوم المزيد. قال: إن الله عز وجل اتخذ وادياً أفيح من مسكٍ أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل ربُّنا عز وجل على كرسيه إلى ذلك الوادي، وقد خُفَّ العرش بمنابر من ذهبٍ مُكَلَّلةٍ بالجوهر، وقد حُفَّت تلك المنابر بكراسي من نورٍ، ثم يُؤذن لأهل الغرف، فيُقبلون يخوضون كثبان المسك إلى الرُّكَبِ، عليهم أسورة الذهب والفضة وثياب السندس والحرير، حتى ينتهو إلى ذلك الوادي. فإذا اطمأنوا فيه جلوساً، بعث الله عليهم ريحاً يقال لها: المُثيرة، فثارت (4) ينابيع المسك الأبيض في وجوههم وثيابهم، وهم (5)
(1) في (ش): " سليمان "، وهو خطأ.
(2)
في (أ): إذا.
(3)
في (ش): فقلت.
(4)
في (ش) فثارت عليهم من.
(5)
في (ب): فهم.
يومئذ جُرْدٌ، مُرْدٌ، مُكَحَّلون، أبناء ثلاث وثلاثين، على صورة آدم يوم خلقه عز وجل، فينادي ربُّ العزة تبارك وتعالى رضوان -وهو خازن الجنة- فيقول: يا رضوان، ارفع الحُجُب بيني وبين عبادي وزُوَّاري. فإذا رفع الحجب بينه وبينهم، فرأوا بهاءه ونوره هُيِّئوا (1) له بالسجود، فيناديهم تبارك وتعالى بصوته: ارفعوا رؤوسكم، فإنما كاذت العبادة في الدنيا، وأنتم اليوم في دار الجزاء، سلوني ما شئتم، فأنا ربكم الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، فهذا محلُّ كرامتي، فسلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا، وأيُّ خير لم تفعله بنا؟! ألستَ الذي أعنتنا على سكرات الموت، وآنست منا الوحشة في ظلمة القبور، وأمَّنت روعتنا عند (2) النفخة في الصور؟ ألست (3) أقلتنا عثراتنا (4)، وسترت علينا القبيح من فعلنا، وثبَّتَّ على جسر جهنَّم أقدامنا؟ ألست الذي أدنيتنا من جوارك، وأسمعتنا لَذَاذَةَ منطقك، وتجلَّيت لنا بنورك؟ فأي خيرٍ لم تفعله بنا؟ فيعود الله عز وجل، فيناديهم بصوته، فيقول: أنا ربكم الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، فسلُوني، فيقولون: نسألك رضاك، فيقول: برضاي عليكم: أقلتُكُم عثراتكم، وسترتُ عليكم القبيح من أموركم، وأدنيتُ مني جواركم، وأسمعتكم لذاذة منطقي، وتجليت لكم بنوري، فهذا محل كرامتي، فسلوني، فيسألونه (5) حتى تنتهي (6) مسائلهم، ثم يقول عز وجل: سلوني، فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم، ثم يقول عز وجل: سلوني، فيقولون: رضينا ربنا وسلَّمنا، فيُريهم من مشهد فضله وكرامته ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، ويكود ذلك مقدار تفريقهم (7) من الجمعة.
(1) في (ب): " هبوا "، وفي " حادي الأرواح ":" هموا ".
(2)
في (ب): يوم.
(3)
في (ش): لست الذي.
(4)
في (ش): عثرتنا.
(5)
في (ش): فيسألوه.
(6)
ساقطة من (أ).
(7)
في (ش): على مقدار تفرفهم.
فقال أنسٌ: فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، ما مقدار تفرقهم؟ قال: كقدر الجُمعة إلى الجمعة (1) قال: ثم يحمل عرش ربنا تبارك وتعالى معهم الملائكة والنبيون، ثم يُؤذن لأهل الغرف، فيعودون إلى غرفهم، وهما غرفتان من زُمرُّدتين (2) خضراوين، وليسوا في شيءٍ أشوق منهم إلى الجمعة لينظروا إلى ربهم عز وجل، وليزيدهم من مزيد فضله وكرامته. قال أنس: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه أحدٌ.
ورواه الدارقطني أيضاً عن أبي بكر النيسابوري، قال: أخبرني العبَّاس بن الوليد بن مَزْيَد (3)، قال: أخبرني محمد بن شعيب، قال: أخبرني عمر مولى غُفرة، عن أنس (4).
ورواه محمد بن خالد بن خليّ (5)، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، حدثنا صفوان، قال: قال أنسٌ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (6)
…
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحمن بن محمد عن ليث، عن عثمان بن عُمير (7) عن أنس (8)
…
(1) من قوله: " فقال أنس " إلى هنا ساقط من (ب).
(2)
في " الأصول ": زمردتان خضراوان "، وهو خطأ.
(3)
تحرف في (أ) و (د) و (ش) إلى: " مرثد "، وتحرف في (ب) و (ج) إلى " زيد "، وفي " الروح ": يزيد.
(4)
إسناده ضعيف عمر مولى غُفرة -وهو عمر بن عبد الله المدني مولى غفرة- قال الحافظ في " التقريب ": ضعيف كثير الإرسال.
(5)
في الأصول: ورواه عمر عن خالد بن جلي، وهو تحريف، والمثبت من " حادي الأرواح "، وقد تحرفت فيه " خلي " إلى " جني ".
(6)
محمد بن خالد بن خلي صدوق ومن فوقه من رجال الصحيح.
(7)
تحرف في (ش) إلى: أبي عمير.
(8)
المصنف 2/ 150.