الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترجمة الثامنة [الكورائي]
الأديب الجليس أبو العباس أحمد بن عبد السلام الكورائي وقفت على ترجمته في"تاريخ ابن عمر" و"تاريخ ابن نجيل" و"خلاصة الإبريز لابن عبد العزيز"و "معجم والي" و"معجم الشقندي" وتلخيص ذلك أنه من تادلا، عمل مشهور بين مراكش وفاس. وقومه "كوراية" برابر يعيبهم أهل المغرب ويزعمون أنهم يهود. وقد استطرد لهجاء بني المهجوم أعيان فاس وعليتهم في قوله:
يابن السبيل إذا مررت بتادلا
…
لا تنزلن على بني غفجوم
قومٌ طووا طنب السماحة بينهم
…
لكنهم نشروا لواء اللوم
يا ليتني من غيرهم لو أنني
…
من أهل فاسٍ من بني الملجوم
وطراه شاعر ببراءة فيها أبيات، فكتب له عليها:
يا من يطرى لمن يطرى
…
أسرفت والله في التعدي
أنا أطري الأنام طراً
…
وأنت تبغي النوال عندي
فلما وقف الشاعر على ذلك زاد بعده:
نسبت للمسلمين ظلماً
…
وكان شيخ اليهود جدي
وهو من شيوخ أدباء المغرب. رزق طول العمر والجاه ومجالسة الخلفاء. فأول من جالسه منهم عبد المؤمن، ثم جالس أبا يعقوب،
ثم جالس المنصور، وصنف له كتاب "صفوة الأدب" المشهور ب "حماسة الكورائي".
ولما احتيج لرجل عامل عارف يجالس ابن منفذ، رسول صلاح الدين بن أيوب الواصل من المشرق، وقع الاختيار عليه، فما أتيح لأحد مجالسته سواه. ثم جلس الناصر، وحضر معه على فتح المهدية، وانصرف في خدمته إلى الحضرة، ومرض الناصر فهنأه بقصيدة أولها:
أطلع الدهر منك بدراً منيراً
…
ملأ السبعة الأقاليم نورا
ثم مات سنة ثلاث وستمائة.
وكان يقول في آخر أيامه: تعساً لطول العمر الذي أخرني لمعاشرة هؤلاء الأنذال! وعهدي بالخليفة عبد المؤمن يقول لي في جبل الفتح: يا أبا العباس، إنا نباهي بك أهل الأندلس.
وقال في ابن خيار الجياني الذي سعى بابن عطية وزير عبد المؤمن وبلغ عنده الغاية في الجاه بعد ذلك:
أيابن خيار بلغت المدى
…
وقد يكسف البدر عند التمام
فأين الوزير أبو جعفر
…
وأين المقرب عبد السلام
وكان عبد السلام الكومي قد ولي الوزارة بعد أبي جعفر، فلم تمر به الأيام حتى نكب وخنق. فما كان أقصر أمره.
ولما عظم أبو زيد بن يوجان في وزارته أغرى المنصور بالكورائي وقال له: إنه من أهل الشعر والهزل، وما يليق بمجالس الخلافة إلا أهل العلم والجد، فهجر. فلما نكب ابن يوجان هجاه فأكثر. ومما ليس بمقذع من ذلك، قوله:
لقد كنت تحكي في التهجم مالكاً
…
وكانت بك الأحوال تحكي جهنما
فما أعظم البشرى بعودك خاملاً
…
وغيرك قد أضحى النبيه المقدما
وهو أديب المغرب على الإطلاق في زمانه، مع ما له من اعتداد بالنفس والاقتدار في التقصيد. ومن عنوان ذلك قوله من قصيدة يمدح بها المنصور، ويذكر فتح قفصة وانهزام الميورقي:
عدوكم بخطوب الدهر مقصود
…
وأمركم باتصال النصر موعود
وملككم مستمر ما له أمدٌ
…
مؤقت دون يوم الحشر محدود
ألقى على كل جبار كلا كله
…
كأنه وهو في الأحياء مفقود
وهبه عاش أليس الموت أرحم من
…
عيشٍ يخالطه همٌّ وتنكيد
أنحى الزمان على الأغرار واجتهدت
…
في قطع دابرهم أحداثه السود
ونازعتهم سيوف الهند أنفسهم
…
فلم يفدهم عن الهيجاء تغريد
فهم على الترب صرعى مثله عدداً
…
إن كان يقضي بأن الترب معدود
إذا حمى الأسد الغضبان رابيةً
…
لم يفترس ثعلبٌ فيها ولا سيد
وختمها بقوله:
رضاكم الدين والدنيا وعدلكم
…
ظلٌ ظليلٌ على الإسلام ممدود
دمتم حياة بني الدنيا ودام لكم
…
نصرٌ وفتحٌ وتمكينٌ وتأكيد
وله من قصيدة:
عصوا دعوة المهدي وهي سفينةٌ
…
فأغرقهم طغيانهم وهو طوفان
ومن غر قصائده قصيدته في "رياح" يستميلهم إلى خدمة الأمير:
أحاطت بغايات العلا والماخر
…
على قدم الدنيا هلال بن عامر
وزانوا سماء المجد عودا وبدأةً
…
بسمر القنا والمرهفات البواتر
هم المضريون الذين سيوفهم
…
صواعق بأس تنتحي كل كافر
أوائلهم في الجود والبأس غايةٌ
…
وكم تركوا من غايةٍ للأواخر
وكم فيهم من مثل كعب وهاشمٍ
…
وكم لهم من مثل عمروٍ وعامر
وكم قد أقاموا من عروش مواثلٍ
…
وكم قد أقالوا من جدودٍ عواثر
ومن محاسن صنعته قوله:
جادوا وصالوا وصادوا واحتبوا فهم
…
مزن وأسد وأصقار وأجبال
إن سابقوا أو حاربوا غلبوا
…
أو يمموا وصلوا أو أمَّلوا نالوا
وقوله:
غزوا فما امتنعوا صالوا فما انتفعوا
…
كروا فما دفعوا فروا فما فاتوا