المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترجمة السادسة [ابن جرج] - الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة

[ابن سعيد المغربي]

فهرس الكتاب

- ‌الغصون اليانعة في محاسن شعراء المائة السابعة

- ‌في تراجم الذين تحققت سنو وفاتهم

- ‌تراجم سنة إحدى وستمائة ثمان

- ‌الترجمة الأولى [شميم الحلي]

- ‌الترجمة الثانية [العبدوسي]

- ‌الترجمة الثالثة [ابن مجاور]

- ‌الترجمة الرابعة [ابن نفاذة]

- ‌الترجمة الخامسة [التلمساني]

- ‌الترجمة السادسة [ابن جرج]

- ‌الترجمة السابعة [ابن الياسمين]

- ‌الترجمة الثامنة [ابن مسعود]

- ‌تراجم سنة اثنين وستمائة ثلاث

- ‌الترجمة الأولى [التلعفري]

- ‌الترجمة الثانية [ابن عطاء الله]

- ‌الترجمة الثالثة [هذيل الاشبيلي]

- ‌الترجمة الثانية [الكفر عزي]

- ‌الترجمة الثالثة [ابن دهن الحصى]

- ‌الترجمة الرابعة [الماكسيني]

- ‌الترجمة الخامسة [ابن نوفل]

- ‌الترجمة السادسة [عبد المنعم]

- ‌الترجمة السابعة [السلمي]

- ‌الترجمة الثامنة [الكورائي]

- ‌الترجمة التاسعة [الغساني]

- ‌تراجم سنة أربع وستمائة ست

- ‌الترجمة الأولى [البغيديدي]

- ‌الترجمة الثانية [الكفرعزي]

- ‌الترجمة الثالثة [ابن الساعاتي]

- ‌الترجمة الرابعة [أبو ربيع]

- ‌الترجمة الخامسة [المارتلي]

- ‌الترجمة السادسة [ابن خروف]

- ‌تراجم سنة خمس وستمائة اثنتان

- ‌الترجمة الأولى [ابن منجا]

- ‌الترجمة الثانية [ابن أبي حفص]

الفصل: ‌الترجمة السادسة [ابن جرج]

‌الترجمة السادسة [ابن جرج]

شيخ طلبة الحضر، العالم الجليل، الفيلسوف الشاعر النبيل، أبو جعفر أحمد بن عتيق بن جرح الذهبي البلنسي. أصله من بني جرج، البيت المشهور بقرطبة، انتقلوا بالفتنة إلى بلنسية. وكان في آبائه من اشتغل بالتذهيب فجرى عليه ذلك الوصف، وكل من وقفت منه على ذكره، في كتاب أو مشافهة، عظيمه غاية التعظيم، وجعله أحق أهل عصره بالتقدم. وأبو الوليد الشقندي، من بينهم، شديد الغلو فيه، وهو أعلم الناس به لكثرة ملازمته إياه. سمعته مرة يقول: إن الكمال الإنساني إن جمع لإنسان فانه لم يعد ثلاثة: أرسطو، وابن سينا، وأبا جعفر الذهبي. وذكره في رسالة شعراء الأندلس الذين افتخر بمحاسن شعرهم على شعراء بر العدوة، ونوة فيها بقوله- وهو من المرقص الداخل في كتاب "كنوز الأدب":

ص: 36

أيها الفاضل الذي قد هداني

نحو من قد حمدته باختياري

شكر الله ما أتيت وجازا

ك ولا زلت نجم هدىٍ لساري

أي برق أفاد أي غمام

وصباح أدى لضوء نهار

وإذا ما غدا النسيم دليلي

لم يحلني إلا على الأزهار

وأنت إذا بحثت جهدك فيما قال المشارقة والمغاربة في فاضل دل على صحبة فاضل، لم تجد مثل هذه الأبيات.

قال: ومن الأبيات السائرة المفردة للتمثيل قوله في عالم انفصل عنه:

ولكم مجلس لديك انفصلنا

عنه مثل الصبا عن الأزهار

وقوله، وقد عاد أبا سعيد بن جامع في مرضه:

أنت عين الزمان لا تنكر السق

م فما ذاك منكرٌ في العيون

ص: 37

وممن كان يبالغ في وصفه من جهة العلم والمودة، وحسن الأخلاق وكمال الأوصاف، أبو عمران الطرياني قال: كنت إذا صعدت إلى الحضرة ألزم خدمة جماعة من أرباب دولتها، فوردتها مرةً، وحضر موسم، فغيروا عاداتهم، فحملني ذلك على أن قلت:

غيرتم عاداتكم عندنا

فكلنا من عبئه يستريح

فغير الرحمن عاداته

عندكم كي تعذروا في القبيح

وبلغ ذلك أبا جعفر الذهبي، فقام بجميع ما أحتاج إليه، فقلت فيه:

أبيت إلا كرما

ذا ثروة أو معدما

ترى الأيادي مغنما

إذا رأوها مغرما

فزادك الله على

كل الأمور نعما

وصليت إلى جانبه صلاة العيد، فلما التفت من السلام ورأى الناس يحوجون فرحاً أطرق، ثم أنشدني:

نسر بالأعياد يا ويحنا

وكل عيد قد تولى بعام

والعمر در في نظام وهل

نفرح أن ينقص در النظام

ص: 38

ما في البرايا عاقلٌ كلهم

يردى ولم يعمل حساب الفطام

والحمد لله على ما قضى

فهذه حكمته في الأنام

ورأيت ابن حمويه قد ذكره في "رحلته المغربية" وأخبر أنه كان حسن الأخلاق جم المعارف. وسايرته يوماً بظاهر مراكش، فتذاكرنا معايب الدنيا وأنكادها، وأنها لا توجد فيها راحة غير مشوبة بتعب أو سوء عاقبة. فقال: عالم النقص لا تكون فيه الكمالات.

وذكر ابن عمر في تاريخه أنه كان متفننا في العلوم، محيطا بكثير من الفلسفة، وأن وفاته كانت في سنة إحدى وستمائة في سفرته مع الناصر إلى إفريقية. وكان ممن طلب منحه أبى الوليد بن رشد، في مدة المنصور من أهل الفلسفة، فلم يوجد، فبلغه أنه في خدمة السيد أبي الحسن علي بن أبي حفص بن عبد المؤمن بغرناطة، فكتب له في أن

ص: 39

يجمع له جمعا ويوفق بينهم حتى يلعنوه. فلما وصله الكتاب وقف عليه أبا جعفر في خلوة. فقال أبو جعفر: ألا لعنة الله على الظالمين! فضحك السيد وقال: عجلت بالمكافأة يا أبا جعفر، وبدأتنا بما استحيينا أن نبدأك به، وبالله لقد يشق على مقابلتك بما أنفذ به الأمر، لكن ليس من ذلك بد، وقد رأيت أن يكون على خلوة. فجمع خواصه ولعنوه بمكانه. فجعل يقول:(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) . وتلطف السيد في أمره والجواب عن مسألته.

ثم إنه بلغ ذاك الغاية القصوى بالخضرة حتى قدم على طلبة الحضر، فصار من أخص الجلساء وأرفعهم منزلة عند المنصور، ثم عند الناصر.

وفيما كتبه والي من أخباره: أنه كان في أول أمره مشتغلا بالعلم ببلنسية، إلى أن شهر بها مكانه، وجل قدره في الإقراء والإفادة. فاستدعاه المنصور إلى الحضرة فقال:

كنت في ركن من الأر

ض على مقدار فهم

مفرداً فيه مخلى

فارغاً من كل خصم

فدعوا بي ثم قالوا

علم في كل علم

عرضوني للبلايا

أتلقى كل سهم

ص: 40

يا لقومي أتعبوا في

قصدهم روحي وجسمي

وقال: كان لي أخ أميل إليه، فأردت أن أنبهه لحضور مجلس أبي جعفر الذهبي مع ما يستفيد منه. فقال لي أبو جعفر: لا تتعب في هذا الأخ الذي لك، فو الله لا أفلح أبداً. فقلت: ولم؟ قال: لأنه ليست عليه طليعة أديب، ولا له التفات أريب، ولا عنده إصغاء مسترشد، ولا لديه تلطف مستخبر. قال: فقطعه عنه، وتركته لشأنه0فما طلع في إخوتي أقل فلاحاً منه.

ص: 41