الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَةٌ فِي قَرْيَةٍ بِهَا عِدَّةُ مَسَاجِدَ لَا تُقَامُ الصَّلَاةُ إلَّا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَلَهَا وَقْفٌ عَلَيْهَا كُلِّهَا]
مَسْأَلَةٌ:
فِي قَرْيَةٍ بِهَا عِدَّةُ مَسَاجِدَ بَعْضُهَا قَدْ خَرِبَ لَا تُقَامُ الصَّلَاةُ إلَّا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَلَهَا وَقْفٌ عَلَيْهَا كُلِّهَا فَهَلْ تَجِبُ عِمَارَةُ الْخَرِبِ وَإِقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ ثَانٍ؟ وَهَلْ يَحِلُّ إغْلَاقُهَا؟
الْجَوَابُ: نَعَمْ، تَجِبُ عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ إلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ. وَكَذَلِكَ تَرْتِيبُ إمَامٍ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ يَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ وَالْحَاجَةِ؛ وَلَا يَحِلُّ إغْلَاقُ الْمَسَاجِدِ عَمَّا شُرِعَتْ لَهُ. وَأَمَّا عِنْدَ قِلَّةِ أَهْلِ الْبُقْعَةِ وَاكْتِفَائِهِمْ بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونُوا حَوْلَهُ فَلَا يَجِبُ تَفْرِيقُ شَمْلِهِمْ فِي غَيْرِ مَسْجِدِهِمْ.
[مَسْأَلَةٌ فِي وَقْفٍ عَلَى جَمَاعَةٍ تُوُفِّيَ بَعْضُهُمْ وَلَهُ شَقِيقٌ وَوَلَدٌ]
930 -
89 مَسْأَلَةٌ:
فِي وَقْفٍ عَلَى جَمَاعَةٍ تُوُفِّيَ بَعْضُهُمْ، وَلَهُ شَقِيقٌ وَوَلَدٌ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ مُسْتَفِيضٌ فِي مِثْلِهِ: هَلْ يُخَصُّ الْوَلَدُ أَمْ الْأَخُ؟ فَشَهِدَ قَوْمٌ أَنَّهُ يُخَصُّ الْوَلَدُ دُونَ الْأَخِ بِمُقْتَضَى الْوَقْفِ، مَعَ عَدَمِ تَحْقِيقِهِمْ الْحَدَّ الْمَوْقُوفَ؛ بِحَيْثُ إنَّهُمْ غَيَّرُوا بَعْضَ الْحُدُودِ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ؟ وَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ هَذِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ؟ وَمَا الْحُكْمُ فِي مَجْمُوعِ السُّؤَالِ؟ أَفْتُونَا مُفَصَّلًا مَأْجُورِينَ. إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. الشَّهَادَةُ فِي الْوَقْفِ بِالِاسْتِحْقَاقِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِرْثِ مِنْ الْأُمُورِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، كَطَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتِهِ، وَلَكِنَّ الشَّاهِدَ يَشْهَدُ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ الشُّرُوطِ؛ ثُمَّ الْحَاكِمُ يَحْكُمُ فِي الشَّرْطِ بِمُوجَبِ اجْتِهَادِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْوَقْفِ الَّذِي يُشْتَرَى بِعِوَضِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ]
931 -
90 مَسْأَلَةٌ: عَنْ الْوَقْفِ الَّذِي يُشْتَرَى بِعِوَضِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ: وَذَلِكَ مِثْلُ الْوَقْفِ الَّذِي أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عِوَضُهُ يُشْتَرَى بِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، فَإِنَّ الْوَقْفَ مَضْمُونٌ بِالِاخْتِلَافِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَمَضْمُونٌ بِالْيَدِ. فَلَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ الْفَادِيَةِ فَإِنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ: لَكِنْ قَدْ تَنَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ هَلْ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْعَقَارِ؟ وَفِي بَعْضِهَا هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهُ كَالْمَنْقُولِ؟ وَلَكِنْ لَمْ يَتَنَازَعُوا أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ بِالْيَدِ كَالْأَمْوَالِ: بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْإِتْلَافِ فَقَدْ تَنَازَعُوا هَلْ تُضْمَنُ بِالْيَدِ أَوْ لَا؟ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ:
هِيَ مَضْمُونَةٌ بِالْيَدِ: كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَقُولُ لَا تُضْمَنُ بِالْيَدِ. وَضَمَانُ الْيَدِ هُوَ ضَمَانُ الْعَقْدِ. كَضَمَانِ الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ، وَسَلَامَتَهُ مِنْ الْعَيْبِ، وَإِنَّهُ بَيْعٌ بِحَقٍّ. وَضَمَانُ دَرْكِهِ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ بِلَفْظِهِ.
وَمِنْ أُصُولِ الِاشْتِرَاءِ بِبَدَلِ الْوَقْفِ: إذَا تَعَطَّلَ نَفْعُ الْوَقْفِ؛ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَغَيْرِهِ. وَهَلْ يَجُوزُ مَعَ كَوْنِهِ مَثَلًا أَنْ يُبْدَلَ بِخَيْرٍ مِنْهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِهِ. وَالْجَوَازُ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ حَيْثُ جَازَ الْبَدَلُ: هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّرْبِ أَوْ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْوَقْفُ الْأَوَّلُ. أَمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ مِثْلَ أَنْ يَكُونُوا مُقِيمِينَ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْوَقْفِ، وَإِذَا اُشْتُرِيَ فِيهِ الْبَدَلُ كَانَ أَنْفَعَ لَهُمْ لِكَثْرَةِ الرِّيعِ وَيُسْرِ التَّنَاوُلِ؟ فَنَقُولُ: مَا عَلِمْت أَحَدًا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ فِي بَلَدِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ، بَلْ النُّصُوصُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأُصُولُهُ وَعُمُومُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَصْحَابِهِ وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي أَنْ يُفْعَلَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ مَصْلَحَةُ أَهْلِ الْوَقْفِ فَإِنَّ أَصْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ الْوَقْفِ، بَلْ أَصْلَهُ فِي عَامَّةِ الْعُقُودِ اعْتِبَارُ مَصْلَحَةِ النَّاسِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالصَّلَاحِ، وَنَهَى عَنْ الْفَسَادِ وَبَعَثَ رُسُلَهُ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا.
{وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142] وَقَالَ شُعَيْبٌ: {إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} [هود: 88] وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأعراف: 35] وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ - أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} [البقرة: 11 - 12] .
وَقَدْ جَوَّزَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إبْدَالَ مَسْجِدٍ بِمَسْجِدٍ آخَرَ
لِلْمَصْلَحَةِ
، كَمَا جَوَّزَ تَغْيِيرَهُ لِلْمَصْلَحَةِ. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَبْدَلَ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ الْقَدِيمَ بِمَسْجِدٍ آخَرَ، وَصَارَ الْمَسْجِدُ الْأَوَّلُ سُوقًا لِلتَّمَّارِينَ. وَجَوَّزَ أَحْمَدُ إذَا خَرِبَ الْمَكَانُ أَنْ