الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَةٌ لَهُ وَالِدَةٌ وَلَهَا جَارِيَةٌ فَوَاقَعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدَتِهِ]
وَسُئِلَ رحمه الله: عَمَّنْ لَهُ وَالِدَةٌ؛ وَلَهَا جَارِيَةٌ؛ فَوَاقَعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدَتِهِ: فَحَمَلَتْ مِنْهُ؛ فَوَلَدَتْ، غُلَامًا، وَمَلَكَهُمَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَبِيعَ وَلَدَهُ مِنْ الزِّنَا؟
فَأَجَابَ: هَذَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ بَلْ قَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إعْتَاقٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ؛ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَا يَرِثُ هَذَا لِهَذَا؛ وَلَا هَذَا لِهَذَا.
وَالثَّانِي: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَرِثُ الِابْنُ الَّذِي مِنْ الْجَارِيَةِ مَعَ بِنْتِ زَوْجَتِهِ]
1008 -
29 وَسُئِلَ رحمه الله عَنْ رَجُلٍ أَعْطَى لِزَوْجَتِهِ مِنْ صَدَاقِهَا جَارِيَةً، فَأَعْتَقَتْهَا، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ وَطِئَ الْجَارِيَةَ، فَوَلَدَتْ ابْنًا، وَوَلَدَتْ زَوْجَتُهُ بِنْتًا، وَتُوُفِّيَ: فَهَلْ يَرِثُ الِابْنُ الَّذِي مِنْ الْجَارِيَةِ مَعَ بِنْتِ زَوْجَتِهِ؟
فَأَجَابَ: إذَا كَانَ قَدْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُعْتَقَةَ بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فَوَلَدُهُ وَلَدُ زِنَا؛ وَلَا يَرِثُ هَذَا الْوَاطِئَ؛ وَلَا يَرِثُهُ الْوَاطِئُ، فِي مَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[أَقَرَّتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِأَوْلَادِهَا الْأَشِقَّاءَ بِدَيْنِ لَهُمْ وَقَصَدَتْ بِذَلِكَ إحْرَامَ وَلَدِهَا وَزَوْجِهَا مِنْ الْإِرْثِ]
1009 -
30 مَسْأَلَةٌ:
فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَخَلَفَتْ أَوْلَادًا، مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ أَشِقَّاءَ ذَكَرٌ وَاحِدٌ وَثَلَاثُ بَنَاتٍ، وَوَلَدٌ وَاحِدٌ أَخُوهُمْ مِنْ أُمِّهِمْ، الْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَزَوْجٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، وَأَنَّهَا أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ لِأَوْلَادِهَا الْأَشِقَّاءَ بِأَنَّ لَهُمْ فِي ذِمَّتِهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَصَدَتْ بِذَلِكَ إحْرَامَ وَلَدِهَا الذَّكَرِ وَزَوْجِهَا مِنْ الْإِرْثِ.
الْجَوَابُ: إذَا كَانَتْ كَاذِبَةً فِي هَذَا الْإِقْرَارِ فَهِيَ عَاصِيَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ بِاتِّفَاقٍ
الْمُسْلِمِينَ، بَلْ هِيَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الدَّاخِلَةِ فِي الْوَعِيدِ، فَإِنَّ الْجَوْرَ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الْكَبَائِرِ «وَمَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَنَّةِ» .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: 13]{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 14] . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ سِتِّينَ سَنَةً بِطَاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ يَجُورُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِسُوءٍ، فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ سِتِّينَ سَنَةً بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ» ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [النساء: 13] .
وَمَنْ أَعَانَهَا عَلَى هَذَا الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ فَهُوَ شَرِيكُهَا فِيهِ مِنْ كَاتِبٍ وَمُشِيرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ مُتَعَاوِنُونَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. وَمَنْ لَقَّنَهَا الْإِقْرَارَ الْكَذِبَ مِنْ الشُّهُودِ فَهُوَ فَاسِقٌ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَهِيَ مُحْسِنَةٌ فِي ذَلِكَ. مُطِيعَةٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَمَنْ أَعَانَهَا عَلَى ذَلِكَ لِأَجْلِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يَقْبَلُونَ هَذَا الْإِقْرَارَ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهِ ظَاهِرَةٌ؛ وَلِأَنَّ حُقُوقَ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَتْ بِمَالِ الْمَيِّتِ بِالْمَرَضِ. فَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي حَقِّهِمْ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِأَحَدِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ، وَمِنْ الْعُلَمَاء مَنْ يَقْبَلُ الْإِقْرَارَ كَالشَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ وَأَنَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا يَكْذِبُ، وَلَا يَظْلِمُ، وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَنَحْوِهَا أَنْ يُعَاوِنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى لَا يُعَاوِنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
وَيَنْبَغِي التَّكَشُّفُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَإِنْ وَجَدَ شَوَاهِدَ خِلَافَ هَذَا الْإِقْرَارِ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ شَوَاهِدُ لَدَيْهِ أَبْطَلَ، فَشَوَاهِدُ الصِّدْقِ مِثْلَ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَالٌ نَحْوُ هَذَا الْمَقْرَبَةِ، وَشَوَاهِدُ الْكَذِبِ بَيِّنَاتٌ يُعْلَمُ مِنْ بَعْضِهَا أَنَّهَا تُرِيدُ حِرْمَانَ