الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِجَارَةِ، وَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ زَالَ حُكْمُ الْوَقْفِ، سَوَاءٌ كَانَ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ، وَأَخَذُوا أَرْضَهُمْ فَانْتَفَعُوا بِهَا، وَمَا دَامَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فِيهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى رَبْعٍ أَوْ دَارٍ مَسْجِدًا، ثُمَّ انْهَدَمَتْ الدَّارُ أَوْ الرَّبْعُ، فَإِنَّ وَقْفَ الْعُلْوِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ السُّفْلِ، كَذَلِكَ وَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يَسْقُطُ عَلَى مُلَّاكِ الْأَرْضِ.
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ وَصَّى أَوْ وَقَفَ عَلَى جِيرَانِهِ]
846 -
5 مَسْأَلَةٌ:
فِيمَنْ وَصَّى، أَوْ وَقَفَ عَلَى جِيرَانِهِ فَمَا الْحُكْمُ؟
الْجَوَابُ: إذَا لَمْ يُعْرَفْ مَقْصُودُ الْوَاقِفِ وَالْوَصِيِّ، لَا بِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ وَلَا عُرْفِيَّةٍ، وَلَا كَانَ لَهُ عُرْفٌ فِي مُسَمَّى الْجِيرَانِ رُجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْمُسَمَّى الشَّرْعِيِّ وَهُوَ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«الْجِيرَانُ أَرْبَعُونَ مِنْ هَهُنَا، وَهَهُنَا، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ» . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ مُعَرِّفٍ عَلَى الْمَرَاكِبِ وَبَنَى مَسْجِدًا وَجَعَلَ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ الْمَرَاكِبِ شَهْرَ أُجْرَةٍ مِنْ عِنْدِهِ]
847 -
6 مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ مُعَرِّفٍ عَلَى الْمَرَاكِبِ، وَبَنَى مَسْجِدًا، وَجَعَلَ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ الْمَرَاكِبِ شَهْرَ أُجْرَةٍ مِنْ عِنْدِهِ: فَهَلْ هُوَ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ، وَهَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: إنْ كَانَ يُعْطِي هَذِهِ الدَّرَاهِمَ مِنْ أُجْرَةِ الْمَرَاكِبِ الَّتِي لَهُ جَازَ أَخْذُهَا، وَإِنْ كَانَ يُعْطِيهَا مِمَّا يَأْخُذُ مِنْ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْمٍ بِيَدِهِمْ وَقْفٌ مِنْ جَدِّهِمْ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً]
848 -
7 مَسْأَلَةٌ:
فِي قَوْمٍ بِيَدِهِمْ وَقْفٌ مِنْ جَدِّهِمْ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً عَلَى مَشْهَدٍ مُضَافٍ إلَى شِيثٍ، وَعَلَى ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَالْفُقَرَاءِ، وَنَظَرُهُ لَهُمْ، وَالْوَقْفُ مَعْرُوفٌ بِذَلِكَ مِنْ الزَّمَانِ الْقَدِيمِ. وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الشَّرِيفِ، وَبِيَدِهِمْ مَرَاسِيمُ الْمُلُوكِ مِنْ زَمَانِ نُورِ الدِّينِ، وَصَلَاحِ الدِّينِ، تَشْهَدُ بِذَلِكَ، وَتَأْمُرُ
بِإِعْفَاءِ هَذَا الْوَقْفِ وَرِعَايَةِ حُرْمَتِهِ، وَقَدْ قَامَ نُظَّارُ هَذَا الْوَقْفِ فِي هَذَا الْوَقْتِ طَلَبُوا أَنْ يُفَرِّقُوا نِصْفَ الْمُغَلِّ فِي عِمَارَةِ الْمَشْهَدِ، وَالنِّصْفُ الَّذِي يَبْقَى لِذُرِّيَّتِهِ يَأْخُذُونَهُ لَا يُعْطُونَهُمْ إيَّاهُ، وَلَا يَصْرِفُونَهُ فِي مَصَارِفِ الْوَقْفِ؟ .
أَجَابَ: لَا يَجُوزُ هَذَا لِلنَّاظِرِ، وَلَا يَجُوزُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ أَنْ يَصْرِفُوا الْوَقْفَ فِي غَيْرِ مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا حِرْمَانُ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ وَالْفُقَرَاءِ الدَّاخِلِينَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ بَلْ ذُرِّيَّتُهُ وَالْفُقَرَاءُ أَحَقُّ بِأَنْ يَصْرِفَ إلَيْهِمْ مَا شَرَطَ لَهُمْ مِنْ الْمَشْهَدِ الْمَذْكُورِ؛ فَكَيْفَ يُحْرَمُونَ - وَالْحَالُ هَذِهِ - بَلْ لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْمَشْهَدِ وَحْدِهُ لَكَانَ صَرْفُ مَا يَفْضُلُ إلَيْهِمْ مَعَ حَاجَتِهِمْ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهِ إلَى غَيْرِهِمْ.
فَمَنْ صَرَفَ بَعْضَ الْوَقْفِ عَلَى الْمَشْهَدِ، وَأَخَذَ بَعْضَهُ يَصْرِفُهُ فِيمَا لَمْ يَقْتَضِهِ الشَّرْطُ؛ وَحَرَمَ الذُّرِّيَّةَ الدَّاخِلِينَ فِي الشَّرْطِ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ وَتَعَدَّى حُدُودَهُ مِنْ وُجُوبِ أَدَاءِ الْوَقْفِ عَلَى ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ؛ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَوِّزِينَ لِلْوَقْفِ؛ وَهُوَ أَمْرٌ قَدِيمٌ مِنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَأَمَّا بِنَاءُ الْمَشَاهِدِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْوَقْفُ عَلَيْهَا فَبِدْعَةٌ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ؛ وَلَا التَّابِعِينَ؛ وَلَا تَابِعِيهِمْ؛ بَلْ وَلَا عَلَى عَهْدِ الْأَرْبَعَةِ.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ بِنَاءُ هَذِهِ الْمَشَاهِدِ عَلَى الْقُبُورِ؛ وَلَا الْإِعَانَةُ عَلَى ذَلِكَ بِوَقْفٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ وَلَا النَّذْرُ لَهَا؛ وَلَا الْعُكُوفُ عَلَيْهَا؛ وَلَا فَضِيلَةَ لِلصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ [فِيهَا عَلَى] الْمَسَاجِدِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْقُبُورِ؛ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ أَنَّ هَذَا خِلَافُ دِينِ الْإِسْلَامِ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ؛ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ؛ بَلْ قَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ الْمُعْتَبَرُونَ عَلَى أَنَّ بِنَاءَ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مِثْلَ هَذَا الْمَشْهَدِ وَنَحْوِهِ حَرَامٌ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزَ قَبْرَهُ» ؛ وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يَتَّخِذَهُ مَسْجِدًا.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ