الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِمَنْزِلَةِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجَارِيَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ: أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» : وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ السَّمَاءَ تَحْصُرُ الرَّبَّ وَتَحْوِيهِ كَمَا تَحْوِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَغَيْرَهُمَا، فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ وَلَا يَعْتَقِدُهُ عَاقِلٌ فَقَدْ قَالَ سبحانه وتعالى:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [البقرة: 255] وَالسَّمَوَاتُ فِي الْكُرْسِيِّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ. وَالْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ، وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ، وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] وَقَالَ: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} [التوبة: 2] . وَقَالَ: {يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} [المائدة: 26] وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ فِي جَوْفِ النَّخْلِ، وَجَوْفِ الْأَرْضِ، بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ فَوْقَ السَّمَوَاتِ وَعَلَيْهَا بَائِنٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَقَالَ:{يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] . وَقَالَ تَعَالَى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] . وَقَالَ: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158] . وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَجَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
[مَسْأَلَةٌ أَيُّمَا أَفْضَلُ يَوْمٍ عَرَفَةَ أَوْ الْجُمُعَةِ أَوْ الْفِطْرِ أَوْ النَّحْرِ]
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ فِي السُّنَنِ: عَنْ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْفِطْرِ» . لِأَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: عَنْ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: يَوْمُ النَّحْرِ هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» وَفِيهِ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا لَا يُعْمَلُ فِي غَيْرِهِ: كَالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَحْدَهَا، وَالنَّحْرِ، وَالْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنَّ فِعْلَ هَذِهِ فِيهِ أَفْضَلُ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.