الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الرابع من الكتاب - قسم الترغيب
((56))
كتاب النية والاخلاص في العمل
(باب ما جاء في النية)(عن عمر بن الخطاب)(1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنية ولكل أمرء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله عز وجل فهجرته إلى ما هاجر إليه ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه (عن أبي هريرة)(2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يبعث الناس وربما قال شريك (3) يحشر الناس على نياتهم (4)
(باب)(1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النية والتسميه عند الوضوء صحيفة 17 رقم 234 في الجزء الثاني فارجع إليه (2)(سنده) حدثنا أسود بن عامر أبو عبد الرحمن ثنا شريك عن ليث عن طاوس عن أبي هريرة الخ (غريبه)(3) شريك أحد رجال السنة (4) معناه إذا
_________
بيان رموز واصطلاحات تختص بالشرح
(خ) البخاري (م) لمسلم (حم) للأمام أحمد (لك) للامام مالك في المرطأ (فع) للإمام الشافعي (الأربعة) لأصحاب السنن الأربعة أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (الثلاثة) لهم إلا ابن ماجه (د) لأبي داود (نس) للنسائي (مذ) للترمذي (جه) لابن ماجه (حب) لابن حبان في صحيحه (مى) للدارمى في سننه (خز) لابن خزيمه في صحيحه (بز) للبزار في مسنده (طب) للطبراني في الكبير (فس) له في الأوسط (لص) له في الصغير (ص) لسعيد بن منصور في سننه (ش) لابن ابي شيبه في مصنفه (عب) لعبد الرزاق في الجامع (عل) لأبي يعلي في مسنده (قط) لأبي قطي في سننه (حل) لأبي نعيم في الحلية (هق) للبيهق في السنن الكبرى (هب) له في شعب الإيمان (طح) للطحاوي في معاني الآثار (ك) للحاكم في المستدرك (طل) لأبي داود الطيالسي في مسنده رحمهم الله تعالى.
أما الشراح وأصحاب كتب الرجال والغريب ونحوهم فإليك ما يختص بهم (نه) للحافظ بن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث (خلاصة) للحافظ الخزرجي في خلاصة تهذيب الكمال (قر) للحافظ ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب ثم إذا قلت قال الحافظ واطلقت فالمراد به الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري وإذا قلت قال النووي فالمراد به في شرح مسلم وإذا قلت قال المنذري فالمراد به الحافظ زكي الدين بن عبد العظيم المنذري صاحب كتاب الترغيب والترهيب ومختصر أبي داود وإذا قلت قال الشوكاني فالمراد به في كتابه نيل الأطار وإذا قلت بدائع المنن فالمراد به كتابي بدائع المنن في جميع وترتيب مسند الشافعي والسنن وإذا قلت انظر القول الحسن فالمراد به شرحي على بدائع المنن والله تعالى ولي التوفيق.
(عن أبي الجويرية)(1) أن معن بن يزيد حدثه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي (2) وجدي وخطب على فأنكحني (3) فخاصمته إليه فكان أبي يزيد خرج بدنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل (4) في المسجد فأخذتها فأتيته بها (5) فقال والله ما اياك أردت بها فخاصمته (6) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لك ما نويت يا يزيد (7) ولك يا معن ما أخذت (8)(وعن أبي بن كعب)(9) قال كان رجل (وفي رواية أخرى) كان ابن عم لي) ما أعلم من الناس من انسان من أهل المدينة ممن يصلي إلى القبلة أبعد بيتا من المسجد منه قال فكان يحضر الصلوات كلهن من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له لو اشتريت حمارا تركبه في الرمضاء (10) والظلماء (زاد في رواية ويقيك من هوام الأرض) قال والله ما احب أن بيتي يلزق بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية فقال ما يسرني أن بيتي مطنب (11) ببيت محمد صلى الله عليه وسلم
ظهر الفساد في قوم وفيهم الصالحون عمهم الله بعذاب من عنده كأن يسلط عليهم عدوهم فيهلك الطائع والعاصي ثم يبعثون يوم القيامة على نياتهم العاصي مع العاصي والطائع مع الطائع وكل يجازي بنيته والله أعلم (تخريجه)(جه) وفي أسناده ليث بن سليم ضعيف ولكن له شواهد كثيرة تعضده منها ما رواه الشيخان والإمام أحمد وسيأتي عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا انزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم ومنها ما رواه جابر عند مسلم وابن ماجه بلفظ يحشر الناس على نياتهم (1)(سنده) حدثنا مصعب بن المقدام ومحمد بن سابق قالا ثنا اسرائيل عن أبي الجويرية الخ (غريبه)(2) أبوه يزيد السلمى بضم السين المهملة الصحابي وجده الأخنس بن حبيب السلمى الصحابي رضي الله عنهم (3) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من ولي المرأة أن يزوجها منه فزوجه إياها (وقوله وخاصمته إليه فكان أبي الخ) هكذا وقع في هذه الرواية عند الامام احمد وكذلك عند البخاري من طريق اسرائيل أيضا قال الزركشي والبرماوي كأنه سقط هنا من البخاري ما ثبت في غيره وهو (فأفلجني) بالجيم يعني حكم لي أي أظفرني بمرادي يقال فلج الرجل على خصمه إذا ظفر به أهـ قلت جاء هذا اللفظ وهو قوله فأفلجني من طرق أخرى عند الإمام أحمد مقتصرا إلى قوله وخطب على فأنكحني قال الإمام احمد رحمه الله حدثنا هشام بن عبد الملك وسريج بن النعمان قال ثنا أبو عوانة عن أبي الجويرية عن معن بن يزيد ح وحدثنا عفان قال ثنا أبوعوانة قال ثنا أبو الجويرية عن معن بن يزيد قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنا وأبي وجدي وخاصمت إليه فأفلجني وخطب على فأنكحني اهـ (4) لم يذكر اسم الرجل والمعنى أنه أذن لهذا الرجل أن يتصدق بها على المحتاج إليها إذنا مطلقا (5) أي أتيت أبي بالصدقة (6) يعني أنه خاصم أباه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الصدقة وهذه المخاصمة تفسير لخاصمت الأول (7) يعني من أجر الصدقة على محتاج وابنك محتاج (8) أي لانك اخذت محتاجا إليها وإنما أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه دخل في عموم الفقراء المأذون للوكيل في الصرف إليهم وكانت صدقة تطوع (تخريجه)(خ) وفيه أن العبرة بالنية وان للمتصدق أجر ما نواه سواء صادف المستحق أم لا وأن الأب لارجوع له في الصدق على ولده بخلاف الهبة والله أعلم (9)(سنده) حدثنا عبيد الله بن معاذ بن العنبري ثنا المعتمر قال قال أبي رحمه الله ثنا أبو عثمان عن أبي بن كعب الخ (غريبه)(10) شد الحر (11) بضم الميم وفتح الطاء المهملة وتشديد النون مفتوحة أي
قال فما سمعت كلمة أكره إلى منها قال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال يانبي الله لكيما يكتب أثري ورجوعي إلى أهلي وإقبالي إليه قال أنطاك (1) الله ذلك كله (وفي لفظ) إن له بكل خطوة درجة (وفي رواية فقال لك ما نويت أو قال لك أجر ما نويت)(عن عائشة أم المؤمنين)(2) رضي الله عنها قالت بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم إذ ضحك في منامه ثم استيقظ فقلت يارسول الله مم ضحكت؟ قال إن أناسا من أمتي يؤمون هذا البيت لرجل من قريش قد استعاذ بالحرم فلما بلغوا البيداء خسف بهم ومصادرهم شتى (4) يبعثهم الله على نياتهم قلت وكيف يبعثهم الله عز وجل على نياتهم ومصادرهم شتى؟ قال جمعهم الطريق منهم المستبصر (6) وابن السبيل والمجبور يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى (عن ابن عمر)(6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم (عن عبد الله بن عمرو)(7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أحد من الناس يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه فقال اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ماكان يعمل من خير (8) ماكان وثاقى (عن عائشة رضي الله عنها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من
مشدود بالحبال ببيت محمد صلى الله عليه وسلم الخ يريد ما أحب أن يكون بيتي إلى جانب بيته لأني أحتسب عند الله كثرة الخطا من بيتي إلى المسجد (1) بالنون أي أعطاك وهي لغة أهل اليمن (تخريجه)(م جه) وتقدم نحوه في باب فضل المسجد الأبعد وكثرة الخطا إلى المساجد من كتاب الصلاة في الجزء الخامس صحيفة 208 رقم 1351 (2)(سنده) حدثنا أبو سعيد قال حدثنا القاسم بن الفضل الحداني قال سمعت محمد بن يزيد قال سمعت عبد الله بن الزبير يقول حدثتني عائشة أم المؤمنين الخ (غريبه)(3) أي يقصدون الكعبة لغزو رجل من قريش الخ (4) أي أغراضهم مختلفة (5) قال النووي رحمه الله تعالى المستبصر هو المستبين لذلك القاصد له عمدا وأما المجبور فهو المكره يقال أجبرته فهو مجبر هذه اللغة المشهورة ويقال أيضا جبرته فهو مجبور حكاها الفراء وغيره وجاء هذا الحديث على هذه اللغة وأما ابن السبيل فالمراد به سالك الطريق معهم وليس منهم (ويهلكون مهلكا واحدا) أي يقع الهلاك في الدنيا على جميعهم ويصدرون يوم القيامة مصادر شتى أي يبعثون مختلفين على قدر نياتهم فيجازون بحسبها وفي هذا الحديث من الفقه التباعد من أهل الظلم والتحذير من مجالستهم ومجالسة البغاة ونحوهم من المضلين لئلا يناله ما يعاقبون به وفيه أن كثر (بتشديد المثلثة) سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا (تخريجه)(ق وغيرهما) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (6)(سنده) حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثنا ابن المبارك عن يونس عن ابن شهاب أخبره حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع ابن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(ق وغيرهما)(7)(سنده) حدثنا إسماعيل بن يوسف الأزرق حدثنا سفيان الثورى عن علقمة بن مرثد عن القاسم يعنى ابن مخيمرة عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه)(8) أي من النوافل كصلاة بالليل أو صيام نفل بالنهار تعوده ونحو ذلك (وقوله ماكان في وثاقي) معناه مادام يمنعه المرض عن العمل (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز طب) ورجال أحمد رجال الصحيح (9)(سنده) حدثنا
رجل تكون له ساعة من الليل (وفي رواية صلاة من الليل) يقومها فينام عنها إلا كتب له أجر صلاته (1) وكان نومه عليه صدقة تصدق به عليه (عن أبي هريرة)(2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الملائكة رب ذلك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به (3) فقال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها وان تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها جراى (4)(باب ما جاء في الإخلاص في العمل ومضاعفة الأجر بسببه)(عن أبي ذر)(5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما (6) ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة (7) وخليقته مستقيمة وجعل أذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع (9) والعين مقرة (10) لما يوعى القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا (عن أبي هريرة)(11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينظر
وكيع حدثنا ابو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر عه سعيد بن جبير عن عائشة الخ (غريبه)(1) أي تفضلا من الله تعالى وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه النوم أو منعه عذر من القيام مع أن نيته القيام لاسيما وقد جاء عن ابن ماجه من حديث أبي الدرداء مرفوعا (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي في الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه) فظاهره أن له أجرا مكملا مضاعفا لحسن نيته وصدق تلهفه وتأسفه وهو قول كثير من العلماء وقال بعضهم يحتمل أن يكون غير مضاعف والتي يصليها أكمل وافضل والظاهر هو الأول لأن الأجر يكتب بالنية وقد حصلت والله أعلم (تخريجه)(دنس طل) وسكت عنه أبو داود والمنذري وروى نحوه ابن ماجه من حديث أبي الدرداء (2)(سنده) حدثنا عبد الرزاق بن عمام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة فذكر أحاديث منها عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(3) أي بنيته وقصده لا يحتاج إلى تبليغ الملائكة (4) بفتح الجيم والراء المشددة أي من أجلي وخشية عقابي وهذا من فضل الله تعالى ورحمته بهذه الأمة (تخريجه)(م) وغيره (باب)(5)(سنده) حدثنا إبراهيم بن أبي العباس ثنا بقية قال وأخبرني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان قال قال أبو ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(6) أي من الأمراض كحقد وحسد وغيرهما (7) أي راضية بالأقضية الإلهية (وخليقته) أي طريقته (8) وخص السمع والبصر لأن الآيات الدالة على وحدانية الله أما سمعية فالأذن هي التي تجعل القلب وعاء لها أو نظرية والعين هي التي تقرها في القلب وتجعله وعاءا لها (9) بفتح القاف وكسر الميم جمعه أقماع كضلع وأضلاع وهو الإناء الذي يترك في رءوس الظروف لتملأ بالمائعات من الأشربة والأدهان شبه أسماع الذين يستمعون القول ويحفظونه ويعملون به بالأقماع في حفظ ما يفرغ فيها من الاندلاق فإن سمعت ولم تع فكالاقماع التي لا تعى شيئا مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجازا كما يمر الشراب في الاقماع اجتيازا (10) أي ساكنة مطمئنة (لما يوعى القلب) أي لما يعقل ويحفظ من الخير والشر ولذا قال صلى الله عليه وسلم (وقد أفلح من جعل قلبه واعيا) أي للخير كالإيمان بالله ورسوله والأعمال الصالحة (تخريجه)(هق) وأورده الهيثمي وحسن أسناده وقال المنذري في أسناد أحمد احتمال للتحسين (11)(سنده) حدثنا محمد بن بكر البرسانى حدثنا جعفر يعنى ابن برقان قال سمعت يزيد بن الأصم عن أبي هريرة الخ
إلى صوركم وأموالكم (1) وإنما ينظر إلى قلوبكم (2) وأعمالكم (عن أبي عثمان)(3) قال بلغني عن أبي هريرة أنه قال أن الله عز وجل يعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحده ألف ألف حسنة قال فقضى أنى انطلقت حاجا أو معتمرا فلقيته فقلت بلغني عنك حديث أنك تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يعطى عبده المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة؟ (4) قال أبو هريرة لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يعطيه ألفي ألف حسنة (5) ثم (تلا يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) فقال إذا قال أجرا عظيما فمن يقدر قدره (وعنه في رواية أخرى بنحوه وفيها) فقال (يعنى أبا هريرة) وما أعجبك فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة (باب ما جاء في العزم والنية على الشر)(عن أبي بكرة)(6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تواجه المسلمان بسيفيهما (7) فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار (8) قيل هذا القاتل فما بال المقتول (9)
(غريبه)(1) أي لا ينظر إلا حسن صوركم وكثرة أموالكم الخالية من الخيرات أي لا يثيبكم عليها ولا يقربكم منه (2) أي لأنها محل التقوى وأوعية الجواهر وكنوز المعرفة (وأعمالكم) الصالحة بالإخلاص (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) بعمنى النظر هنا الإحسان والرحمة والعطف فأصلحوا أعمالكم وقلوبكم ولا تجعلوا همتكم متعلقة بالبدن والمال فإن الله تعالى لا يقبل المرء ولا يقربه بحسن الصورة وكثرة المال ولا يرده بضد ذلك وهو العليم الخبير جل شأنه (فائدة) قال الإمام الغزالي قد أبان هذا الحديث أن يحل القلب موضع نظر الرب فياعجبا ممن يهتم بوجهه الذي هو نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر والدنس ويزينه لئلا يطلع ربه على دنس أو غيره فيه اهـ (تخريجه)(م جه)(3)(سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا سليمان يعنى ابن المغيرة عن علي بن زيد عن أبي عثمان (يعني النهدي) قال بلغني عن أبي هريرة الخ (غريبه)(4) جاء عند أبي حاتم عن أبي عثمان قال قلت يا أبا هريرة سمعت أخواني بالبصرة يزعمون أنك تقول سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة الحديث (5) هذه المضاعفة تكون بقدر الإخلاص في العمل والخوف من الله عز وجل ثم استدل أبو هريرة بقوله تعالى (وإن تلك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) يعني أن الله تعالى أطلق المضاعفة ولم يقيدها بعدد معلوم ثم قال (ويؤت من لدنه أجرا عظيما) فوق المضاعفة فمن الذي يقدر (بضم الدال) أي يمكنه معرفة هذا الجزاء يقال قدرت الأمر أقدره بضم الدال وكسرها إذا نظرت فيه ودبرته قال المفسرون في قوله تعالى (ويؤت من لدنه أجرا عظيما) يعني الجنة والله أعلم (تخريجه) أخرجه أيضا ابن ابي حاتم في تفسيره ورجاله عند الإمام أحمد ثقات إلا على بن زيد ففيه خلاف بعضهم وثقه وبعضهم ضعفه والله أعلم (باب)(6)(سنده) حدثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن زيد ثنا المعلى بن زياد ويونس وأيوب وهشام عن الحسن عن الأحنف عن أبي بكرة الخ (غريبه)(7) أي ضرب كل منهما وجه الآخر أي ذاته (8) وفي رواية للبخاري (من أهل النار) أي إستحقانها وقد يغفر الله لهما أو ذلك محمول على من استحل ذاك (9) أي فما ذنبه يدخلها؟ والقاتل
قال قد أراد قتل صاحبه (1)(باب إحسان النية على الخير ومضاعفة الأجر بسبب ذلك وما جاء في العزم والهم)(عن أبي هريرة)(2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحسن أحدكم اسلامه (3) فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف (4) وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى الله عز وجل (عن ابن عباس)(5) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن ربه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ربك تبارك وتعالى رحيم (6) من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرة إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة (7) ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له واحده أو يمحوها الله ولا يهلك على الله تعالى إلا هالك (8) (وعنه عن طريق
ذلك هو أبو بكرة (1) وفي رواية للبخاري (أنه كان حريصا على قتل صاحبه) أي جازما بذلك مصمما عليه ناويا له وبه استدل من قال بالمؤاخذة بالعزم وإن لم يقع الفعل واجاب من لم يقل بذلك أن في هذا فعلا وهو المواجهة بالسلاح ووقوع القتال ولا يلزم من كون القاتل والمقتول في النار أن يكونا في مرتبة واحدة فالقاتل يعذب على القتال والقتل والمقتول يعذب على القتال فقط فلم يقع التعذيب على العزم المجرد (قال النووي) وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له ويكون قتالهما عصبية ونحوها ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو الله تعالى عنه هذا مذهب أهل الحق وعلى هذا يتأول كل ما جاء من نظائره (واعلم) ان الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد ومذهب أهل السنة والحق احسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض النيا بل اعتقد كل فريق أنه الحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله وكان بعضهم مصيبا وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ لأنه لاجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه وكان علي رضي الله عنه هو المحق المصيب في تلك الحرب هذا مذهب أهل السنة وكانت القضايا مشتبهة حتى إن جماعة من الصحابة تحيروا فيها فاعتزلوا الظائفتين لم يقاتلوا ولم يتيقنوا الصواب ثم تأخروا عن مساعدته والله أعلم (تخريجه)(ق فس) وغيرهما (باب)(2)(سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث (منها) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)(3) معنى حسن إسلامه أسلم إسلاما حقيقيا ظاهرا وباطنا مخلصا لله عز وجل في عمله وليس كاسلام المنافقين ظاهره يخالف باطنه (4) سيأتي الكلام على معنى المضاعفة في شرح الحديث التالي (تخريجه)(ق. وغيرهما)(5)(سنده) حدثنا عفان حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا الجعد أبو عثمان عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس الخ (غريبه)(6) أي بعباده خصوصا الأمة المحمدية فقد أكرمها الله تعالى وضاعف لها الحسنات وخفف عنها مما كان على غيرها من الإصر وهو الثقل والمشاق (7) قال النووي فيه تصريح بالمذهب الصحيح المختار عند العلماء أن التضعيف لا يقف على سبعمائة ضعف وحكى أبو الحسن أقضى القضاة الماوردى عن بعض العلماء أن التضعيف لا يتجاوز سبعمائة ضعف وهو غلط لهذا الحديث والله أعلم اهـ (8) قال القاضي عياض رحمه الله معناه من حتم هلاكه وسدت عليه أبواب الهدى مع سعة رحمة الله تعالى وكرمه وجعله السيئة حسنة إذا لم يعملها وإذا عملها واحدة والحسنة إذا لم يعملها واحدة وإذا
ثان) (1) يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه عز وجل قال إن الله كتب الحسنات والسيئات فمن هم بحسنة فلم يعملها كتب الله له عنده حسنة كاملة وإن عملها كتبها الله عشرا إلى سبعمائة إلى اضعاف كثيرة أو إلى ماشاء الله أن يضاعف ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن عملها كتبها الله سيئة واحدة (عن أبي هريرة)(2) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (باب ما جاء في حديث النفس ووسوسة الشيطان وتجاوز الله عز وجل عنه)(حدثنا محمد ابن جعفر وحجاج)(3) قالا ثنا شعبة عن سليمان ومنصور عن ذر عن عبد الله بن شداد عن ابن
عملها عشرا إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة فمن حرم هذه السعة وفاته الفضل وكثرت سيئاته حتى غلبت حسناته مع أن أفراد حسناته متضاعفة فهو الهالك المحروم والله أعلم (1)(سنده) حدثنا أبو كامل ثنا سعيد بن زيد اخبرنا الجعد أبو عثمان قال حدثني أبو رجاء العطاردي عن ابن عباس يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه)(ق وغيرهما)(2)(سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معتمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث منها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يفعل فإذا عملها اكتبها له بعشرة أمثالها وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها ما لم يفعلها فإذا عملها فأنا أكتبها له بمثلها (تخريجه)(ق. وغيرهما) هذا وأحاديث الباب جاءت من طرق كثيرة عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم اقتصرت منها هنا على أصحها وأجمعها وكلها بمعنى واحد (قال الإمام المازرى) رحمه الله مذهب القاضي أبي بكر بن الطيب ان من عزم على المعصية بقلبه ووطن نفسه علها أثم في اعتقاده وعزمه ويحمل ما وقع في هذه الأحاديث وأمثالها على أن ذلك فيمن لم يوطن نفسه على المعصية وإنما مر ذلك بفكره من غير استقرار ويسمى هذا هما ويفرق بين الهم والعزم هذا مذهب القاضي أبي بكر وخالفه كثير من الفقهاء والمحدثين وأخذوا بظاهر الحديث (قال القاضي عياض) رحمه الله: عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين على ما ذهب إليه القاضي أبي بكر للأحاديث الدالة على المؤاخذة بأعمال القلوب لكنهم قالوا أن هذا العزم يكتب سيئة وليست السيئة هم بها لكونه لم يعملها وقطعه عنها قاطع غير خوف الله تعالى والإنابة لكن نفس الإصرار والعزم معصية فتكتب معصية فإذا عملها كتبت معصية ثانية فإن تركها خشية الله تعالى كتبت حسنة كما في الحديث (إنما تركها من جراى) فصار تركه لها لخوف الله تعالى ومجاهدته نفسه الأمارة بالسوء في ذلك وعصيانه هواه حسنة فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها ولا يصحبها عقد ولا نية ولا عزم وذكر بعض المتكلمين خلافا فيما إذا تركها لغير خوف الله تعالى بل لخوف الناس هل تكتب حسنة قال لا لأنه إنما حمله على تركها الحياء وهذا ضعيف لا وجه له هذا آخر كلام القاضي وهو ظاهر حسن لا مزيد عليه وقد تظاهرت نصوص الشرع بالمؤاخذة بعزم القلب المستقر ومن ذلك قوله تعالى (ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم) الآية وقوله تعالى (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) والآيات في هذا كثيرة وقد تظاهرت نصوص الشرع وإجماع العلماء على تحريم الحسد وحتقار المسلمين وإرادة المكروه بهم وغير ذلك من أعمال القلوب وعزمها والله أعلم فأده النووي في شرح مسلم (باب)(3)(حدثنا محمد بن جعفر) وحجاج قالا ثنا شعبة عن سليمان ومنصور عن ذر الخ)
عباس أنهم قالوا (1) يا رسول الله إنا نحدث أنفسنا بالشيء (2) لأن يكون أحدنا حممة (3) أحب إليه من أن يتكلم به قال فقال أحدهما (4) الحمدلله الذي لم يقدر منكم (يعني الشيطان) إلا على الوسوسة وقال الآخر الحمدلله الذي رد أمره إلى الوسوسة (وعن ابن عباس أيضا من طريق ثان)(5) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر الحمدلله الذي رد كيده إلى الوسوسة (6)
(غريبه)(1) يعني أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا الخ (2) لعل هذا لشيء ما جاء في حديث أبي هريرة عند الشيخين والإمام أحمد وتقدم في باب صفاته عز وجل وتنزيهه عن كل نقص من كتاب التوحيد في الجزء الأول صحيفة 46 رقم 19 قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلق السماء؟ فيقول الله عز وجل فيقول من خلق الأرض؟ فيقول الله فيقول من خلق الله؟ فإذا أحس أحدكم بشيء من هذا فليقل آمنت بالله وبرسله وفي لفظ للشيخين فليستعذ بالله ولينته (3) بضم الحاء المهملة وفتح الميمين أي فحمة (4) يعني أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد في هذا الحديث وهما محمد بن جعفر وحجاج قال أحدهما في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحمد لله الذي لم يقدر منكم إلا على الوسوسة قال الآخر في روايته الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة (ولمسلم عن أبي هريرة) قال جاء ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال وقد وجدتموه؟ قالوا نعم قال ذاك صريح من الإيمان ومعناه أن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك (وأما قوله) فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله ورسله (وفي اللفظ الآخير) فليستعذ بالله ولينته فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه (قال الإمام المازرى) رحمه الله أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال ولا نظر في ابطالها قال والذي يقال في هذا المعنى أن الخواطر على قسمين فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها وعلى هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه وأما الخواطر المستقرة التي أوجدتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها والله أعلم (وأما قوله) فليستعذ بالله ولينته فمعناه إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره وليعرض عن الفكرة في ذلك وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها والله أعلم (5)(سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد الله الهمداني عن عبد الله ابن شداد عن ابن عباس الخ (6) إنما قال ذلك صلى الله عليه وسلم لأن الشيطان إنما يوسوس بأن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه وأما الكافر فأنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد فعلى هذا معنى سبب الوسوسة محض الإيمان ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد أيضا عن عائشة رضي الله عنها وتقدم في باب صفات الله تعالى وتنزيه عن كل نقص من كتاب التوحيد في الجزء الأول صحيفة 46 رقم 20 قال: شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجدون من الوسوسة