الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الأول
سمات وقواعد منهج السلف في العقيدة
مدخل
…
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيآت أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فإن عقيدة السلف تتميز عن غيرها من العقائد المخالفة لها بانتمائها في دقيق المسائل وجليلها إلى الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتتميز بأنها تجمع المسلمين ولا تفرقهم كما أنها لا تختلف فيها الأهواء ولا يتنازعها أصحاب الآراء لأنه لا مجال للعقل ولا للهوى لمخالفتها لتميزها بالتسليم لمدلول النصوص والوقوف عند حدودها، فما أدركه وفهمه المسلم حمد الله عليه وما لم يدركه يكل علمه إلى عالمه ويقول {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} .
سمات وقواعد منهج السلف في العقيدة:-
قبل الشروع في بيان السمات والقواعد لمنهج السلف في العقيدة نبين المراد بمفردات العنوان:
السمات: جمع سمة وهي العلامة المميزة، والمراد هنا علامات ومميزات.
والقواعد: جمع قاعدة وهي من البناء أساسه، وهي أيضا الضابط أو الأمر الكلي ينطبق على جزئيات1.
1 المعجم الوسيط 2/748.
والمنهج: هو الطريق الواضح1.
والسلف: جمع سالف وهو كل من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك في السن أو الفضل2.
والمراد هنا بالسلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم التابعين لهم بإحسان ومن تبعهم من أئمة الدين وأعلام الهدى بخلاف من رمي ببدعة من الخوارج والروافض أو الجهمية أو المعتزلة ونحوهم3.
والعقيدة: من عقد قلبه على الشيء ولزمه4.
والمراد بالعقيدة في الاصطلاح: هي الأمور التي يجب على المسلم اعتقادها بقلبه مما يتعلق بالله عز وجل وأركان الإيمان الأخرى ومسائل تلحق بذلك مثل مسائل الإيمان والخلافة ونحوها.
أما قواعد السلف وسمات منهجهم في تقرير مسائل العقيدة فيمكن استخلاصها من كلام الأئمة المتقدمين. قال الأجري رحمه الله في كتابه الشريعة: "باب الحث على التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسنة أصحابه رضي الله عنهم وترك البدع وترك النظر والجدال فيما يخالف فيه الكتاب والسنة وقول الصحابة رضي الله عنهم"5 ونحوه قال ابن بطة في الإبانة6.
1 المعجم الوسيط 1/957.
2 القاموس المحيط ص 1060.
3 لوامع الأنوار البهية 1/20.
4 لسان العرب 4/3032.
5 الشريعة 1/170.
6 الإبانة الصغرى ص: 102.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار الرسول صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار واتباع وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" 1 ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد صلى الله عليه وسلم على هدي كل أحد"2.
فهذه الأصول ظاهرة واضحة في كل كتاب من كتب عقيدة السلف، وبعضهم ينص عليها ثم يفصل في مفردات مسائل عقيدة السلف والبعض يبدأ يذكر مفردات العقيدة لكن وفق القواعد المتفق عليها بينهم وهي:
1 الاعتماد على الكتاب والسنة في أصول المسائل وتفريعاتها.
2 اتباع سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان.
3 عدم عرض شيء من ذلك على الآراء والأهواء.
الحذر من البدع وأهلها.
وسنذكر هذه القواعد بأدلتها حتى يتبين أن السلف رحمهم الله إنما يعتمدون في سائر الأمور الدينية على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو الحق الذي لا تشوبه شائبة،وهو ما يجب على كل مسلم التزامه وطرح ما سواه.
1 أخرجه أبو داود في السنة 4/201، باب لزوم السنة.
2 العقيدة الواسطية ص: 28.