الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا باب واسع.
(و) قد بسط الكلام على كرامات الأولياء في غير هذا الموضع.
وأما ما نعرفه نحن عيانا ونعرفه في هذا الزمان فكثير، ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الايمان أو المحتاج، أتاه منها ما يقوي إيمانه ويسد حاجته، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنيا عن ذلك، فلا يأتيه مثل ذلك، لعلو درجته وغناه عنها، لنقص ولايته.
ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخلاف من يجري على يديه الخوارق لهدي الخلق ولحاجتهم، فهؤلاء أعظم درجة.
بعض الأحوال الشيطانية
وهذا بخلاف الأحوال الشيطانية، مثل حال عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدجال، وتوقف النبي صلى الله عليه وسلم في أمره حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال، لكنه كان من جنس الكهان.
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قد خبأت لك خبأ، قال: الدخ الدخ.
وقد كان خبأ له سورة الدخان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إخسأ فلن تعدو قدرك» يعني إنما أنت من إخوان الكهان،
والكهان كان يكون لأحدهم القرين من الشياطين يخبره بكثير من المغيبات بما يسترقه من السمع، وكانوا يخلطون الصدق بالكذب كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الملائكة تنزل في العنان - وهو السحاب - فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع فتوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم» .
وفي الحديث الذي رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بينما النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأنصار إذ رمي بنجم فاستنار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ماكنتم تقولون لمثل هذا في الجاهلية إذا رأيتموه؟ قالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمرا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء، ثم يسأل أهل السماء السابعة حملة العرش: ماذا قال ربنا؟ فيخبرونهم، ثم يستخير أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا.
وتخطف الشياطين السمع فيرمون فيقذفونه
إلى أوليائهم، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون» .
وفي رواية، قال معمر: قلت للزهري: أكان يرمى بها في الجاهلية؟ قال: نعم، ولكنها غلظت حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم.
والأسود العنسي الذي ادعى النبوة كان له من الشياطين من يخبره ببعض الأمور المغيبة، فلما قاتله المسلمون كانوا يخافون من الشياطين أن يخبروه بما يقولون فيه، حتى أعانتهم عليه امرأته لما تبين لها كفره فقتلوه.
وكذلك مسيلمة الكذاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيبات ويعينه على بعض الأمور.