المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تمهيد تعريف علم الفروق الأصولية- موضوعه- ومسائله ومباحثه- وفائدته- والعلوم التي - الفروق الفقهية للباحسين - ط ١

[يعقوب الباحسين]

فهرس الكتاب

- ‌مقَدّمَة

- ‌الفصل الأول: علم الفروق الفقهية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولأقسام الفروق وشروطها

- ‌المطلب الأولأقسام الفروق الفقهية

- ‌الفرع الأول: أقسامها من حيث موضوع التفريق

- ‌الفرع الثاني: أقسامها من حيث الاستقلال وعدمه

- ‌الفرع الثالث: أقسامها من حيث الصحة والفساد

- ‌الفرع الرابع: أقسامها من حيث تعين الأصل والفرع في العلّية والمانعية

- ‌الفرع الخامس: أقسامها من حيث أقسام القياس

- ‌المطلب الثانيشروط الفروق الفقهية

- ‌المبحث الثانينشأة الفروق الفقهية وتطورها

- ‌المبحث الثالثالمؤلفات في الفروق الفقهية

- ‌المطلب الأولالمؤلفات في الفروق الفقهية استقلالاً

- ‌المطلب الثانيالمؤلفات في الفروق والاستثناء

- ‌المطلب الثالثالتأليف في بيان الفرق في مسألة معينةأو مسائل قليلة محدودة

- ‌المطلب الرابعالمؤلفات التي تناولت الفروق الفقهيةفي ضمن مباحثها

- ‌المطلب الخامسالتأليف في الفروق الفقهية في العصر الحاضر

- ‌الفصل الثانيعلم الفروق الأصولية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأولأنواع الفروق بين الأصول

- ‌المطلب الأول:التفريق بين الأصول ببيان معاني المصطلحاتوالتمييز بين حقائقها

- ‌المطلب الثانيالتفريق بين الأصول ببيان الفرق بينالأحكام والآثار المترتبة عليها

- ‌المبحث الثانينشأة الفروق بين الأصول وتطورها

- ‌المطلب الأولنشأة الفروق بين الأصول

- ‌المطلب الثانيالمؤلفات في الفروق الأصولية

- ‌خاتمة

الفصل: ‌ ‌تمهيد تعريف علم الفروق الأصولية- موضوعه- ومسائله ومباحثه- وفائدته- والعلوم التي

‌تمهيد

تعريف علم الفروق الأصولية- موضوعه- ومسائله ومباحثه- وفائدته- والعلوم التي استمد منها- وحكمه.

تعريفه:

لا يوجد تعريف خاص بعلم الفروق الأصولية، أو الفروق بين القواعد والأصول، لأنه لا يوجد علمٌ بهذا المصطلح، بل إنه ليست هناك مؤلفات مقتصرة على تلك الفروق، بالمعنى الدقيق لها. ولكننا ندرك، من خلال كلام العلماء عن التفريق بين القواعد والمصطلحات الأصولية، أنهم يلجؤون إلى ذلك عند يقع اشتباه أو التباس بين معاني مصطلحين أو أكثر، بحسب الظاهر. وعلى هذا فإنه يمكن القول إن ما ذكر في تعريف الفروق الفقهية ينطبق على الفروق الأصولية، ولكن يتميز أحدهما عن الآخر، بنوع ما يقع به التشابه الظاهري، مع الاختلاف في المعنى أو الحكم، وموضوع كل منهما هو المميز لأحدهما عن الآخر.

وإذا أردنا أن نتكلم عن الفروق بين القواعد والأصول على أنها علم، نقلنا تعريف علم الفروق الفقهية، إلى هذا المجال، مع استبدال موضوع القواعد والأصول بموضوع المسائل الفقهية، وقلنا: هو العلم بوجوه الاختلاف بين قاعدتين أو مصطلحين أصوليين متشابهين في تصويرهما، أو ظاهرهما، لكنهما مختلفان في عدد من أحكامهما.

موضوعه: موضوع علم الفروق الأصولية هو مصطلحات وقواعد وضوابط أصول الفقه المتشابهة في صورتها، أو معناها، من حيث بيان ما

ص: 123

تختلف فيه من الأحكام، أو بيان ما تختلف وتجتمع فيه أيضاً.

مسائله ومباحثه: أما مسائل علم الفروق في أصول الفقه فهي القواعد والضوابط والمصطلحات الأصولية المتشابهة في صورتها أو معناها، من حيث ما يعرض لها من وجوه الوفاق أو الاختلاف في الأحكام.

الفائدة منه: إن دراسة علم الفروق في أصول الفقه، تحقق فوائد كثيرة، من الصعب حصرها، ولكن يمكن أن نذكر بعضها فيما يأتي:

1 -

إن من أهم ما يستفاد من دراسة هذا العلم أنه يكشف عن أن الاختلافات الواقعة بين الفقهاء فيما استنبطوه من أحكام فقهية، لم تكن اختلافات اعتباطية، وإنما هي اختلافات مردودة إلى أسس علمية، ومناهج في الاستنباط مختلفة، وإلى الاختلاف في إقرار بعض الأدلة أو أنواعها، مما يُعدّ من الأمور الطبيعية والإنسانية التي تحصل في أغلب العلوم. وبذل تتحقق فائدة مهمة، وهي إزالة الشكوك عن بعض النفوس التي تَسْتَغْرِب مثل تلك الاختلافات.

2 -

إن هذا العلم يمكن المتعلم من الفهم الدقيق لما يدرسه، وذلك بربطه كثيراً من الجزئيات، بعد معرفته مآخذها، في سلك واحد.

3 -

إن هذا العلم يُعَرّف المتعلم أسرار الفروق بين أحكام المسائل الفقهية المتشابهة، بمعرفته الفروق بين القواعد والضوابط الأصولية التي بنيت عليها هذه المسائل.

4 -

يجنب المتعلم الخلط بين المسائل، والوقوع في الالتباس، والخطأ في الأحكام؛ بسبب جمعه من بين مسائل يظن أنها في ضمن قاعدة أو ضابط معين، مع أنها متنوعة القواعد والضوابط.

ص: 124

5 -

إن هذا العلم يوضح معاني المصطلحات والقواعد والضوابط الأصولية بدقة، إذ إن الأشياء تزداد وضوحاً ببيان ما يضادها، ويخالفها في الأحكام.

العلوم التي استمد منها:

أما المصادر التي تُمِدّ هذا العلم فهي بحسب النظر في طبيعته، واستقراء ما تُطرّق إليه من الفروق المذكورة، تتناول طائفة من العلوم أهمها علم الكلام واللغة العربية وأصول الفقه والأحكام الشرعية.

فأما علم الكلام فالاستمداد منه بسبب توقف الأدلة الشرعية على معرفة الباري -سبحانه-، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم المبلغ عنه فيما قال، لتعلم حجيتها وإفادتها للأحكام شرعاً. وذكر بعض العلماء أن علم أصول الفقه، الذي يعد مادة الفروق الأصولية، استمد طائفة من مباحثه من علم الكلام، وقد استثمرت طائفة من ذلك في الفروق، كالتمييز بين الحجة والبرهان والدليل (1). وقد أضاف الزركشي (ت 794 هـ) إلى ذلك معرفة العلم والظن والنظر وغيرها (2). وهي إضافة صحيحة لما يترتب على معرفة ذلك من التفريق بين الأحكام المترتبة على الأدلة القطعية، أو الظنية.

وأما علوم اللغة العربية فلأن معرفة دلالة الأدلة متوقفة عليها، وفهمها مستند إلى وجوهها المتعددة، وهذا يعود إلى أن كثيراً من المصطلحات الأصولية معتمدة في فهم معناها، والفروق فيما بينها، على فهم اللغة، كمعنى الأمر والنهي ودلالتهما، وصيغ العموم والخصوص، والمطلق

(1) الوصول إلى الأصول لابن برهان (1/ 56).

(2)

البحر المحيط (1/ 69).

ص: 125

والمقيد، والمجمل والمبين، والحقيقة والمجاز، والاستثناء والاشتراك، والمنطوق والمفهوم، والاقتضاء والإشارة والتنبيه والإيماء ومعاني الحروف، وغير ذلك.

وأما استمداده من أصول الفقه فواضح، لأن موضوع هذا العلم داخل في أصول الفقه، إذ هو يتناول من تلك الأصول ما تشابه منها في الظاهر، واختلف في طائفة من أحكامه.

وأما استمداده من الأحكام الشرعية فلأن الفروق بينها مستندةٌ إلى الفروق بين القواعد الأصولية، إذ هي ثمرتها ونتيجتها.

ومما استمد منه هذا العلم، طائفة من المصادر الأخرى كالقرآن الكريم، والحديث الشريف، وما اتصل بهما من العلوم.

حكمه:

وهذا العلم كسابقه- أي علم الفروق الفقهية- من حيث عدم خوض العلماء في حكمه. غير أنه لما كان مبنياً على علم أصول الفقه، فإننا نرشح أن يكون حكمه كحكم أصله، الذي انبنى عليه. وحيث ذهب جمهور العلماء إلى أن تعلم أصول الفقه يُعَد من فروض الكفاية (1)، فإن هذا العلم يكون كذلك، ويكون شأنه شأن الفقه والفروق الفقهية (1). وما نقل عن بعضهم من أن تعلم أصول الفقه فَرْضُ عينٍ محمول على أنه للمجتهد (2). وعلى هذا فإن الخلاف بينهم يكون لفظياً (3). لأن الكلام

(1) انظر كتابنا: أصول الفقه- الحدّ والموضوع والغاية ص (130).

(2)

المختصر في علم أصول الفقه (2/ 14).

(3)

المصدر السابق، وشرح الكوكب المنير (1/ 47).

ص: 126

عام ولا يتعلق بالمجتهد، أما لو تعلق به فإنه لا يمكن للمجتهد أن يجتهد من دون معرفة أصول الفقه، أو الفروق بينها. ولا نظنّ أحداً لا يقول بأنه فرض عين عليه. وإلى ذلك يشير كلام ابن حمدان (ت 695 هـ)(1) في كتابه (صفة الفتوى والمفتي والمستفتي)(2).

(1) هو أبو عبد الله أحمد بن حمدان بن شبيب الحراني الحنبلي الملقب بنجم الدين. ولد بحرّان، ورحل إلى حلب ودمشق، وأخذ العلم عن طائفة من العلماء منهم عبد القادر الرهاوي، والخطيب، وابن تيمية وغيرهم. كما تتلمذ عليه كثير من العلماء المعروفين. وارتحل إلى القاهرة وحدّث فيها، وولي نيابة قضائها، وبقي فيها حتى توفي سنة (695 هـ). بعد أن أسنّ وكفّ بصره.

من مؤلفاته: الرعاية الكبرى، والرعاية الصغرى في الفقه، والوافي في أصول الفقه، وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي.

راجع في ترجمته: شذرات الذهب (5/ 428)، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ص (410)، والأعلام (1/ 119).

(2)

ص (14).

ص: 127