الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الأصل فيه (1).
القسم الثالث: الجمع بين الأمرين السابقين، بأن يجعل المعترض تعين كل من الأصل والفرع مانعاً من ثبوت الحكم (2). ويرى بعضهم أن الفرق لا يتحقق إلا بذلك، أي مجموع المعارضتين، وقد ضّعف ذلك المحققون، ولكن إذا كان المقصود من المعارضة في الفرع انتفاء خصوصية الأصل، وفي الأصل انتفاء خصوصية الفرع، وإن لم يتعرض لانتفائها عن الفرع في الأول، وعن الأصل في الثاني، فهو قريب. ولكن إذا كانت المعارضة في الفرع معناها إبداء مانع يقتضي نقيض الحكم، وفي الأصل إبداء شرط فيه، فهو بعيد، لأنه لا يلزم في إبداء شرط في الأصل التعرض لإبداء مانع في الفرع وعكسه (3).
الفرع الخامس: أقسامها من حيث أقسام القياس
. وتنقسم الفروق، من هذه الحيثية، بحسب ما ينقسم إليه القياس، إذ قد يكون قياس علة، وقد يكون قياس دلالة، وقد يكون قياس شبه.
القسم الأول: الفرق بقياس العلة: والفرق في هذا القياس، بعد استيفاء شروطه، يكون بمثل ما لو كانت العلة مبتدأة. فينظر الفارق إلى علة الأصل ويتكلم عليها، ومثلوا لذلك بما استدل به الشافعي على تعليق الطلاق قبل النكاح. أي أن المطلق، قبل النكاح لا يملك مباشرة التطليق، فلا يصح منه اللاق كالمجنون. فيفرّق الحنفي بينهما بأن المعنى في الأصل، أي المجنون، أنه غير مكلّف، وهذا مكلّف. فيتكلم الشافعية
(1) المصدر السابق (2/ 320).
(2)
المصدر السابق (2/ 319 و 320).
(3)
تقريرات الشربيني على شرح جمع الجوامع (2/ 319 و 320).
عن ذلك بمقابلة علة الأصل بمثلها في الحكم، فيقولون لا فرق بين غير المكلف وغير المالك، بدليل البيع وغيره (1).
القسم الثاني: الفرق بقياس الدلالة. والفرق في هذه الحالة قد يكون بحكم، وقد يكون بنظير، ومما مثلوا له بالتفريق بالحكم أن يقول الحنفي في سجود التلاوة: سجود يجوز فعله في الصلاة فيكون واجباً كسجود الصلاة. فيقول الشافعيةُ في التفريق بينهما، إن المعنى في الأصل أنه سجود لا يجوز أداؤه على الراحلة من غير عذر، فهو كسجود النفل.
ومما مثلوا له بالتفريق بالنظير، أن يقول الشافعي في إيجاب الزكاة في مال الصبي: حرٌّ مسلم فتجب الزكاة في ماله كالبالغ. فيقول الحنفي في التفريق بينهما: إن البالغ يتعلق الحج بماله، فجاز أن تتعلق الزكاة بماله أيضاً، بخلاف الصبي (2).
القسم الثالث: الفرق بقياس الشبه. ومثلوا لذلك بأن يقول الشافعية في عدم وجوب نفقة غير الوالد والولد، إن قرابتهما لا تجب بها النفقة مع اختلاف الدين، فلا تجب مع اتفاقه، كقرابة ابن العم. فيقول المعترض بالفرق بينهما، لأن الأصل، وهو قرابة ابن العم لا يتعلق بها تحريم المناكحة، وقرابة الفرع يتعلق به تحريم المناكحة، فهي كقرابة الولادة (3).
ومن الملاحظ أن أبا الوليد الباجي (ت 474 هـ)، أدخل هذا القسم ضمن قسمين ذكرهما هما الفرق بعلة الحكم، والفرق بدلالة الحكم. والفرق بعلة الحكم عنده، هو كالفرق بقياس العلة المذكور سابقاً، أي إن
(1) المعونة في الجدل (ص 262)، والكاشف (ص 114).
(2)
المعونة في الجدل (ص 263، 264)، والكاشف (ص 114 و 115).
(3)
المصدران السابقان.
والفرق بعلة الحكم عنده، هو كالفرق بقياس العلة المذكور سابقاً، أي إن المعنى الذي يتعلق به الحكم في الشرع موجود في الأصل وليس موجوداً في الفرع، وذكر أمثلة له، بعضها في حالة الاتفاق ع لى علة الأصل، وبعضها في حالة الاختلاف عليها.
أما الفرق بدلالة الحكم فقد جعلها أربعة أضرب، هي:
1 -
التفريق بين الفرع والأصل بحكم يختص بالفرع لا يفارقه.
2 -
أن يفرّق بنفس الحكم في غير موضع الخلاف.
3 -
أن يفرّق بحكم يشاكل الحكم المختلف فيه.
4 -
أن يفرّق بضرب من الشبه (1).
* * *
(1) المنهاج في ترتيب الحجاج (ص 202 و 203).
المطلب الثاني
شروط الفروق الفقهية
الشرط الأول: صلاحية الفرق للإخلال بثبوت الحكم.
الشرط الثاني: ذكر أصل يشهد له بالاعتبار.
الشرط الثالث: أن يكون الوصف الفارق أخص من الوصف الجامع.
الشرط الرابع: أن يرد إلى أصل.
الشرط الخامس: أن يعكس ذلك في الفرع.