الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة
اتضح لنا من خلال ما قدمناه من عرض لموضوع الفروق، في مجالي المسائل الفقهية الفرعية، والقواعد والضوابط الفقهية والأصولية الكلية ما يأتي:
1 -
أن الفروق لم تدرس من الجانب النظري على أنها علم من العلوم، سواء كان ذلك في مجال الفقه أو الأصول، بل إن ما اطلعنا عليه من الكتب المؤلفة في الفروق، كان يبدأ ببيان الفروق بين المسائل الفقهية مباشرةً، ووفق ترتيب الأبواب الفقهية، دون بيان معنى الفروق وما يقصد منها. وكان قليل منها يذكر سبق غيره في ذلك، ولكن دون توضيح وبيان لما يقصد منها، وإن كان بعضها يشير إلى أهمية معرفتها، والفائدة المتوخاة منها (1).
2 -
إن الفقهاء نشطوا في المجال التطبيقي للفروق، وأثروه بطائفة من المؤلفات المبينة للفروق بين المسائل وأسبابها. أما مجال الأصول فكان الكلام عن الفروق فيه يجري من خلال عرض قضايا ومسائل أصول الفقه في مظانها المعلومة، وفق المنهج الذي ذكرناه في موضعه، وما ظهر من مؤلفات كان في مجال محدود، وكانت قليلة جداً، إذا قيست بالمؤلفات في مجال الفروق الفقهية. ولم نعرف كتاباً خاصاً في ذلك. أما كتاب الفروق للقرافي (ت 684 هـ) فعدّه كتاباً خاصاً
(1) الفروق الفقهية للدمشقي ص (61 و 62).
في هذا المجال يُعَدّ ضرباً من التساهل، لأن الكتاب واسع التناول للموضوعات، وفيه إطلاق القواعد على طائفة من الأمور لا تُعَدّ في عرف العلماء من القواعد.
3 -
ومن الملاحظ أن طائفة من كتب الفروق كان الغرض من تأليفها الدفاع عن المذهب وإزالة ما يرى فيه من تعارض أو تناقض. قال الونشريسي (ت 914 هـ): أما بعد: فإني كنت قد وضعت في الجموع والفروق مجموعاً مطبوعاً وسميته بعدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق، يستعان به على حل كثير من المناقضات الواقعة في المدونة، وغيرها من أمهات الروايات) (1). ويبدو أن هذا كان هو الغرض من المؤلفات الأخرى، وإن لم يصرح أصحابها بذلك. ولهذا فمن المتوقع أن يكون في طائفة منها شيء من التكلف، وضعف التأويل.
4 -
اكتفى مؤلفو الفروق ببيان الفرق بين المسائل، دون أن يعيّنوا نوعها، أهي خصوصية في الأصل بإبداء وصف يصلح أن يكون علة مستقلة للحكم أو جزء علة، أو خصوصية في الفرع تصلح أن تكون مانعاً.
وعلى هذا فإننا نجد أن أمام العلماء المعاصرين مجالات عدة، للكتابة في الفروق، يمكن أن نجمل بعضها فيما يأتي:
أ- دراسة علم الفروق دراسة نظرية موسعة، تتناول المقدمات الأساسية فيه، وتطوره ومساره التاريخي، والتعريف بما أُلّف فيه.
(1) عدة البروق ص (79).
ب- ملاحظة ما يرد في كتب الفقه من الفروق ومقارنتها بما يذكر في كتب الفروق، مما يطلع الباحث على المجالات التي أهمل ذكرها في هذه الكتب، وبذلك تتحقق إضافات مفيدة إلى الكتب الموجودة.
ج- دراسة الفروق المذكورة نفسها، وبيان وجاهتها فيما ذكرت فيه.
د- بيان نوع الفروق التي وردت في كتب الفروق، أهي خصوصية في الأصل، أو خصوصية في الفرع؟ وما هي هذه الخصوصية.
هذا ومن الممكن أن يجد الباحث مجالات أخر للبحث في هذا العلم.
ولا يفوتني أن أؤكد ما ذكرته في المقدمة، من أن بحثي هذا ربما كان نواة لبحوث أكثر تجلية لمسائل هذا العلم، وأن ما أردته، هو أن يكون محققاً فائدة للباحثين.
والله جل ثناؤه الموفق