الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
مبايعة من يعلم أن جميع ماله حرام:
إذا علم أن فلاناً من الناس كل ماله حرام، كأن كان ثمن محرم بيعه كخمرٍ أو خنزير أو ميتة أو كلب، أو كسبه بطريق غير مشروع، كاليانصيب مثلاً أو رشوة، أو أُجرة على محرم ونحو ذلك، فإنه يحرم بيعه كما يحرم الشراء منه، وكذلك كل أنواع التعامل معه كإجارة أو عارية أو نحو ذلك. كما يحرم الأكل من طعامه.
فإذا لم يكن كل ماله حراماً، بل كان مخلوطاً من حرام وحلال، كره التعامل معه بجميع الأوجه التي سبقت.
دلّ على ذلك: ما رواه النعمانُ بن بشير رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الحلال بَيِّنٌ والحرامُ بَيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ لا يعلمُها كثيرُ من الناس فمَن اتَّقَى الشبهات فقد اسْتَبْرَأَ لدينه وعرضْه، ومَن وقَع في الشبهات وقع في الحرامِ "(أخرجه البخاري في الإيمان، باب فضل مَن استبرأ لدينه، رقم: 152. ومسلم: المساقاة، باب: أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم: 1599).
و
من آداب البيع:
1 -
السماحة في البيع والشراء: وذلك بأن يتساهل البائع في الثمن فينقص منه، والمشتري في المبيع فلا يتشدد في الشروط، وفي الثمن فيزيد فيه، وأن يتساهل مع المعسر بالثمن فيؤجله إلى وقت يساره، وإذا طالبه بدينه فلا يشدد عليه ولا يحرجه. روى جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" رحم الله رجلاً سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقْتضى - أي طالب بدينه - "(أخرجه البخاري في البيوع، باب: السهولة والسماحة في الشراء والبيع .. ، رقم: 1970).
2 -
الصدق في المعاملة: بأن لا يكذب في إخباره عن نوع البضاعة ونفاستها، أو مصدر صنعها ونحو ذلك، وكذلك لا يدّعي ن تكاليفها أو رأس مالها أكثر مما يعطيه المشتري من الثمن، إلى غير ذلك، بل يصدق في كل هذا فيما لو سئل وينصح.
عن رفاعة رضي الله عنه: أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى، فرأى الناس يتابعون، فقال:" يا معشر التُّجار ". فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا
أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: الترمذي " إنّ التجارّ وصححه، يُبعثُون يومَ القيامة فُجّاراً، إلا اتقى الله وَبَرّ وصَدَقَ "(أخرجه الترمذي في البيوع وصححه، باب: ما جاء من في التجار وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، رقم: 1210).
[بَرّ: أحسن في المعاملة].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" التّاجرُ الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء "(الترمذي: البيوع، باب: ما جاء في التجار وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، رقم: 1208).
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" البَيِّعان بالخيار ما لم يتفرِّقا - أو قال " حتى يتفرّقا - فإنْ صَدَقا وبيِّنا بُورك لهما في بيعهما، وإنْ كتَما وكَذَبا مُحقَتْ بركة بيعهما " (البخاري: البيوع، باب: ما يمحق الكذب والكتمان في البيع، رقم:1976. ومسلم: البيوع، باب: الصدق في البيع والبيان، رقم: 1532).
3 -
عدم الحلف ولو كان صادقاً: ومن آداب البيع والشراء ودلائل الصدق فيه عدم الإكثار من الحلف، بل عدم الحلف مطلقاً، حال كونه صادقاً في البيع، لأن في ذلك امتهاناً لاسم الله تعالى، وقد قال جلّ وعلا:{وَلَا تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ} (البقرة224).
وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الحلفُ مَنفْقَة للسلعة، ممحقة للبركة " (البخاري: البيوع، باب: (يمحق الله الربا ويربى الصدقات
…
) رقم: 1981. مسلم: المساقاة، باب: النهي عن الحلف في البيع، رقم: 1606).
وليحذر كل الحذر أولئك الذين يروِّجون بضائعهم ويغرون زبائنهم بالأيمان الكاذبة، فعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ". قلنا: من هم يا رسول الله فقد خاُبوا وخسرُوا؟ فقال: " المنَّان، والمُسْبل إزارهُ، والمُنفق سلْعته بالحَلف الكاذب " (أخرجه مسلم في الإيمان، باب: غلظ تحريم إسبال الإزار
…
رقم: 106) [وإسبال الإزار: المراد به إطالة الثياب تكبراً وتعالياً]
4 -
الإكثار من الصدقات في الأسواق وحال البياعات: عسى أن يكون ذلك تكفيراً لما قد يقع من حلف لم ينتبه إليه، أو غش بسبب عيب لم يفطن البائع إلى بيانه، أو غبن في السعر، أو سوء خلق أو ما إلى ذلك.
روى قيس بن أبي غرزة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسمَّي السماسرة، فقال:" يا معشَرَ التجار، إنَّ الشيطان والإثْم يحْضُرَانِ البيع، فشُوبُوا بيعكُم بالصدقة "(أخرجه الترمذي في البيوع، باب: ما جاء في التجار وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، رقم 1208. كما أخرجه أبو داود وابن ماجه).
[وقوله: " شوبوا " أي اخلطوا]
5 -
الكتابة والإشهاد: إذا كان البيع بالنسيئة - أي أن الثمن مؤخر إلى أجل - استحب كتابة العقد وبيان مقدار هذا الدين وأصله وما يتعلق بذلك مما ينفي المنازعة، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (البقرة282)
ففي ذلك مزيد من الضمان للحق، وتمتين للثقة والتعاون بين المسلمين، قال تعالى:{وَلَا تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَاّ تَرْتَابُواْ} أي أقرب إلى الحق وأعدل بين الناس، والتبديل للحق، الذي يغلب أن يؤدي إلى فقد الثقة وعدم التداين بين الناس، وفي ذلك من التضييق ما فيه.
وكذلك يستحب الإشهاد على التبايع ولو لم يكن في ذلك تداين، وكان البيع مع نقد الثمن وتسليم المبيع، كي لا يقع إنكار للعقد أو شيء من شروطه، فيحصل النزاع والتخاصم، وامتثالاً لأمر الله عز وجل إذ يقول:{وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} .