الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وكذلك لابدّ في الهبة من الإيجاب والقبول، كما سيأتي، بينما لا يشترط هذا في الصدقة أو الهدية:
أما الصدقة: فما أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصدق، وكذلك أصحابه رضوان الله عليهم، ولم يُعهد أو يُنقل أنه كان يَجري إيجاب وقبول بين المتصدِّق ومن يتصدّق عليه.
وأما الهدية: فقد ثبت أن الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتحرون بهداياهم يوم وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عائشة رضي الله عنها. ولم يُنقل أنه كن يحصل إيجاب وقبول بينهم وبينها، أو بينهم وبينه (انظر البخاري: كتاب الهبة، باب: قبول الهدية، رقم، 2435. ومسلم: فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم: 2441).
مشروعيتها:
الهبة - بالمعنى العام الشامل الذي سبق بيانه - مستحبة ومندوب إليها، دلّ على ذلك: الكتاب، والسنّة، والإجماع.
أما الكتاب:
- فمن ذلك قوله تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} (النساء4) أي إذا وهبكم أزواجكم شيئاً من مهورهن - بعد إعطائهنّ ذلك المهر حقاً مفروضاً لهنّ - وكانت نفوسهنّ راضية بتلك الهبة، فما وهبنه لكم كسب طيب حلال، فكلوه سائغاً لذيذاً، ولا حرج عليكم في أكله ولا مؤاخذة عليكم في أخذه.
(1) البر: كلمة جامعة لكل خير. تولوا وجوهكم: تديروها وتتوجهوا وتستقبلوا بها. قِبَل: نحو وجهة.
آتى: أعطى. على حبه: أي أعطى المال مع حبه له وتعلق قلبه به. أو: أعطاه ونفسه راضية بهذا العطاء غير كارهة له. في الرقاب: في تحرير العبيد
فقد شملت الآية بالعطاء المحتاجين وغيرهم، وإعطاء المحتاجين صدقة، وإعطاء غيرهم هبة.
وأما السنة:
فإن الأحاديث في مشروعية الهبة كثيرة، سيأتي بعض منها خلال البحث، ومنها:
- وما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، كانت لهم منائحُ، وكانوا يمْنَحُون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانِهم فيسقينا (البخاري: الهبة، باب: فضلها والتحريض عليها، رقم:2428. مسلم في الزهد والرقائق، رقم: 2972).
[والمنائح جمع منيحة، وهي العطية، والمراد بها هنا الناقة أو الشاة التي فيها لبن. ويمنحون: أي يجعلون ذلك منحة له، أي عطية].
- ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة "(البخاري في الهبة، باب: فضلها والتحريض عليها، رقم: 2427. ومسلم في الزكاة، باب: الحث على الصدقة ولو بالقليل، رقم: 1030).
[أي لا تستصغرن جارة شيئاً يتقدمه لها جارتها عطية وهبة، فتمتنع من قبوله، ولو كان المقدم والمعطى فرسن شاة، وهو ما دون الرسغ من يدها، وقيل: عظم قليل اللحم. أو المراد لا تستصغر ذلك فتمتنع عن هبته لجارتها، بل لتقدّمه لها، فإن في ذلك جلباً للمحبة والألفة].
- ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلى ذراع أو كراع لقبلت "(أخرجه البخاري في الهبة، باب: القليل من الهبة، رقم: 2429).
[ذراع: هو اليد من كل حيوان. كراع: هو ما استدق من ساق الحيوان].