الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن تركه لها موقدة أثناء النوم تقصير أو إهمال، ولأنه خلاف المعتاد لدى الغالبية العظمى من الناس، ولأنه منهي عنه شرعاً أيضاً، فإنه صلى الله عليه وسلم قال " لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " وبلغه أنه احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فقال:" إن هذه النار إنما هي عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم " (البخاري الاستئذان، باب: لا تُترك النار في البيت عند النوم، رقم: 5935، 5936. ومسلم: الأشربة، باب: الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء
…
وإطفاء السراج والنار عند النوم .... ، ورقم: 2015، 2016).
وكذلك لو كان ذلك بسبب ترك وسائل الإيقاد في أيدي الصغار ونحوهم.
وهكذا أيّ ضرر يصيب العين المستأجرة بسبب سوء الاستعمال، كما لو استأجر سيارة للركوب وأسرع بها في السير في الأماكن المزدحمة أو الطرقات الوعرة، فنتج عن ذلك ضرر لها.
وكذلك إذا قصر في الحفظ، كأن يضع العين المستأجرة في مكان لا توضع فيه عادة، كما إذا وضع السيارة في منتصف الطريق، أو مكان غير مأمون دون حراسة، فإنه يضمن ما يطرأ عليها من حوادث. أما لو وضعها في مكان مأمون يعتاد الناس وضعها فيه، ثم أصابها شيء، فإنه لا يضمنه.
وكذلك يضمن المستأجر العين المؤجرة إذا استعملها بعد انتهاء مدة الإجارة، أو لم يستعملها ولكنه لم يخل بينها وبين مالكها. أما لم يستعملها، وأصابها شيء قبل التمكّن من ردّها أو التخلية بينها وبين مالكها، فإنه لا يضمن، استصحاباً لما كان قبل انتهاء المدة من عدم الضمان.
ضمان الأجير:
الأجراء نوعان:
أ - أجير خاص: وهو الذي يتعاقد معه المستأجر علي القيام بعمل ما مدةً من الزمن، يستحق المستأجر نفعه فيها جميع الوقت، ويستحق الأجير فيها الأجر ولو لم يقم بعمل، أو يتعاقد معه المستأجر ليقوم له بعمل معيَّن دون أن يتقبل عملاًً آخر لغيره قبل انتهائه، كالعمال في المعامل، والأجراء في الحوانيت
ودور الصناعة كالخياطين وغيرهم، وكذلك الدهّان في البيت والبنّاء والنجار، ومَن إلي مَمن يعملون في حوزة المستأجر أو بحضوره، فأمثال هؤلاء الأجراء لا يضمنون ما استؤجروا عليه وما تحت أيديهم أو تعيَّب، كما إذا تعمد الإتلاف، أو تساهل وقصر بأسباب الحفظ وأُصول العمل. وذلك لأن يد المستأجر ثابتة حكماً علي ما استأجر عليه الأجير، وإنما استعان بالأجير لشغله وتصنيعه، فصار كالمستعين بالوكيل.
ب - أجير مشترك: وهو الذي يتعاقد معه المستأجر علي عمل معين يقوم به، ويستحق الأجر بانتهائه، ويمكن أن يتعاقد مع كثيرين علي مثل هذا العمل أو غيره في زمن واحد، ولا يكون عمله غالياً في حوزة المستأجر أو حضوره، وإنما يستقل بعمله في منزله أو دكانه أو معمله، كالخياط والصبّاغ والكوّاء والحمّال إذا حمل لاثنين فأكثر، ومصلحي السيارات ونحو ذلك.
فهؤلاء الأُجراء أيضاً ـ ويسمَّوْن لدي الفقهاء أحياناً: الصُّنّاع ـ لا يضمنون إلا بالتعدي. والعين أمانة في يد الأجير، لأنه متطوع بالحفظ إذ الأُجرة مقابل العمل، ولأن قبضه للعين إنما هو لمصلحة المستأجر، فلا يضمن إلا إذا تعدَّي أو قصر.
وذهب أبو يوسف ومحمد ـ من أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله تعالي إلي: أن الأجير المشترك يضمن ما هلك تحت يده، إلا إذا كان الهلاك بسبب عام لا يمكن الاحتراز عنه كالحريق والغرق الغالب، فإذا كان الهلاك أو التلف بسبب يمكن الاحتراز عنه غالباً، كالسرقة ونحوها، فإنه يضمن.
وحجتهم في هذا: الحفاظ علي مصالح الناس، لأن أمثال هؤلاء الأُجراء إذا لم يضمنوا ما تحت أيديهم من الصناعات استهانوا بأمتعة المستأجرين وأموالهم، وتقبلوا أعمالاً تفوق إمكاناتهم وقدرتهم علي حفظها، والناس في حاجة شديدة إلي صناعاتهم، فكانت المصلحة في تضمينهم، ضرورة حملهم علي الحرص والمحافظة علي ما في أيديهم من أموال الناس (1).
(1) انظر المسألة مفصلة بأدلتها لدى المذاهب الفقهية في كتاب (أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي) للدكتور مصطفى البغا، ص 71.