الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجمهور العلماء على أن الأمر المذكور في الحديث بقوله " فليتبع " وقوله " فليحتل " أمر ندب واستحباب لا أمر فرض وإيجاب. وعليه: فمَن كان له دين على آخر، فأحاله المستدين على غيره استحبّ له أن يقبل هذه الحوالة ولم يجب عليه ذلك. بل ويعتبر في هذا الاستحباب أن يكون من أُحيل عليه لديه ما يفي بدين المحال، وان لا يكون في ماله شبهة. فإذا لم يكن لديه وفاء بدين المحال، أو كان في ماله شبهة لم يكن قبول الحوالة مستحباً في حق المُحال.
أركان الحوالة وشروطها:
للحوالة أركان تقوم عليها وتتألف منها، وكلّ من هذه الأركان له شروط تتعلق به. وإليك بيان هذه الأركان مع بيان ما يتعلق بكلّ منها من شروط:
1 -
المُحيل: هو المَدين الذي يحيل دائنه بدَيْنه على غيره. ويُشترط فيه: أن يكون أهلاً للعقد، أي أن يكون عاقلاً بالغاً، فلا تصح الحوالة من المجنون والصبي غير المميِّز، لأنه في حكم الذي لا يعقل، والعقل شرط لصحة ممارسة التصرفات.
2 -
المُحال: وهو الدائن الذي يحال بدينه ليستوفيه من غير مدينه، أي هو الدائن للمحيل الذي أحاله ليستوفي دينه من غيره، ويقال له أيضاً: المحتال، أي طالب الإحالة.
ويشترط فيه أيضاً: أن يكون أهلاً للعقد، أي أن يكون عاقلاً، لأن قبول المحال من أركان عقد الحوالة، وغير العاقل ليس من أهل القبول. وأن يكون بالغاً أيضاً، لأن قبول الصبي غير صحيح، لعدم اعتبار أقواله في المعاملات شرعاً.
3 -
المُحال عليه: وهو الذي يلتزم بأداء الدَّيْن للمحال.
ويشترط فيه: العقل والبلوغ، فلا تصحّ الحوالة على المجنون ولا على الصبي ولو كان عاقلاً مميزاً، لأن التزام الدَّيْن وأداءه فيه معنى التبرّع، وغير البالغ العاقل لا يصح منه التبرع.
4 -
المُحال به: وهو الحق الذي يكون للمحال على المحيل، ويحيله به على المحال عليه.
ويشترط فيه:
أ - يكون ديناً: فلا تصحّ الحوالة بالأعيان القائمة، لأن الحوالة نَقْل حكمي، لأنها نقل لما في الذمة إلى ذمة أُخرى، والنقل في الأعيان القائمة نقل حقيقي لا حكمي، لأنها لا تثبت في الذمة، فلا حوالة فيها.
فإذا أحاله ليستوفي عيناً قائمة - كسجادة مثلاً أو غسالة - كانت وكالة لا حوالة، وتثبت في هذه الحالة أحكام الوكالة لا أحكام الحوالة.
ب - أن يكون الدين لازماً: كالثمن بعد تسليم المبيع وانتهاء مدة الخيار، أو آيلاً إلى اللزوم: كالثمن في زمن الخيار، لأنه يؤول إلى اللزوم بانتهاء مدة الخيار. وهذا هو الأصح، فلو أحال البائع أحداً على المشتري ليقبض منه الثمن، صحّت الحوالة.
وقيل: لا تصح الحوالة بالثمن زمن الخيار، لأنه دين غير لازم.
وتصحّ الحوالة بالدَّيْن وإن لم يستقر بعد، كالصداق قبل الدخول، والأجرة قبل مضي مدة الإجارة، والثمن قبل قبض البيع.
5 -
الصيغة: وهي الإيجاب والقبول، فالإيجاب أن يقول المحيل: أحلتك على فلان، والقبول أن يقول المحال: قبلت أو رضيت.
ويشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا في مجلس العقد.
خيار الشرط وخيار المجلس:
ويشترط في عقد الحوالة أن يكونا باتاً، فلا يثبت فيه خيار المجلس ولا خيار الشرط:
أما خيار الشرط: فلأن الأصل فيه أن يثبت في العقود لحماية المتعاقدَيْن من الغبن، وعقد الحوالة لم يُبْنَ على المغابنة، وإنما هو عقد للإرفاق والمعاونة.