المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فيه أقوال ثلاثة، الأول أن الطل بمعنى الأثر فالمعنى أثر - الكشكول - جـ ١

[البهاء العاملي]

الفصل: فيه أقوال ثلاثة، الأول أن الطل بمعنى الأثر فالمعنى أثر

فيه أقوال ثلاثة، الأول أن الطل بمعنى الأثر فالمعنى أثر اسم، الثاني أنه لفظ يوناني معناه عقدة لا تنحل، الثالث: أنه كناية عن مغلوب أعني مسلط، وعلم الطلسمات أسهل تناولاً من علم السحر وأقرب مسلكاً.

وللسكاكي في هذا الفن كتاب جليل القدر عظيم الخطر.

‌أنواع الخياطة

من الكتاب الخمسين أو الخميس عن رجال الساكنين السائس صورة كتاب كتبه حاكم الموت وهو علاء الدين ابن الكيا إلى صاحب الشام، في جواب كتابه الذي تهدده فيه باستيصاله وهدم قلاعه:

يا للرجال لأمر هال مفظعه

ما مر قط على سمعي توقعه

يا ذا الذي بقراع السيف هددنا

لا قام نائم جنبي حين تصرعه

قام الحمام إلى البازي يهدده

واستيقظت لأسود الغاب أصبعه

أضحى يسد فم الأفعى باصبعه

يكفيه ما قد تلافي منه أصبعه وقفنا على تفصيله وجمله وما هددنا به من قوله وعمله، فيا لله العجب من ذبابة تطن بأذن فيل، ومن بعوضة تعد في التماثيل، ولقد قالها قبلك قوم آخرون فدمرنا عليهم وما كان لهم من ناصرين: فللباطل تظهرون وللحق تدحضون تدمرون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ولأن صدق قولك في أخذك لرأسي وقلعك قلاعنا بالجبال الرواسي، فتلك أماني كاذبة وخيالات غير صائبة، وهيهات لا تزول الجواهر بالأعراض كما لا تزول الأجسام بالأمراض، ولئن رجعنا إلى الظواهر والمنقولات، وتركنا البواطن والمعقولات لنخاطب الناس على قدر عقولهم، فلنا في رسول الله أسوة حسنة لقوله ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت، وقد علمتم ما جرى على أهل بيته وشيعته وصحابته وعترته فلله الحمد في الآخرة والأولى، إذ لم نزل مظلومين لا ظالمين، ومغصوبين لا غاصبين، وقد علمتم صورة حالنا وكيفية أحوالنا وما يتمنونه من الفوت ويتقربون به إلى حياض الموت فتمنوا الموت إن كنتم صادقين فلا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين، فالبس للرزايا أثواباً وتجلبب للبلايا جلباباً، فلارسلنهم فيك منك ولآخذن بهم عنك فتكون كالباحث عن حتفه بظلفه والجادع مارن أنفه بكفه، وستعلمن نبأه بعد حين.

ص: 197

لبعضهم

تنكر لي دهري ولم يدر أنني

أعزو أحداث الزمان تهون

وبات يريني الخطب كيف اعتداؤه

وبت أريه الصبر كيف يكون؟

ولست كمن أخنى عليه زمانه

فظل على أحداثه يتعتب

تلذ له الشكوى وإن لم يجد لها

صلاحاً كما يلتذ بالحك أجرب الصفي الحلي رحمة الله:

(قالت كحلت الجفون بالوسن

قلت ارتقابا لطيفك الحسن)

(قالت نسليت بعد فرقتنا

فقلت من مسكني وعن سكني)

(قالت تشاغلت عن محبتنا

قلت بفرط البكاء والحزن)

(قالت تناسيت قلت عافيتني

قالت تسليت قلت عن وطني)

(قالت تخليت قلت عن جلدي

قالت تغيرت قلت في بدني)

(قالت أذعت الأسرار قلت لها

صير سري هواك كالعلن)

(قالت فماذا تروم قلت لها

ساعة سعد بالوصل تسعدني)

(قالت فعين الرقيب ترصدنا

قلت فإني للعين لم أبن)

(أنحلتني بالصدود منك فلو

ترصدني المنون لم ترني)

وله:

(حرضوني على السلو وعابوا

لك وجها به يعاب البدر)

(حاش لله ما لعذري وجه

في التسلي ولا لوجهك عذر)

روي أن الحلاج كان يصبح في بغداد ويقول: يا أهل الإسلام أغيثوني عن الله؛ فلا يتركني ونفسي فآنس بها ولا يأخذني من نفسي فأستريح منها وهذا دلال لا أطيقه يقال: إن هذا الكلام كان أحد البواعث على قتله.

ومن شعره

كانت لنفسي أهواء مفرقة

فاستجمعت إذ رأتك العين أهوائي

فسار يحسدني من كنت أحسده

وصرت مولى الورى مذ صرت مولائي

ص: 198

تركت للناس دنياهم ودينهم

شغلاً بذكرك يا ديني ودنيائي

عن كتاب المحاسن، قال: وقع حريق في المدائن فأخذ سلمان سيفه ومصحفه، وخرج من الدار، وقال: هكذا ينجو المخفون.

ابن المعتز

ضعيفة أجفانه والقلب منه حجر

كأنما ألحاظه من فعله تعتذر

أبو الفتح البستي

الدهر خداعة ذو خدعة خلوب

وصفوه بالقذا مشوب

وأكثر الناس فاعتزلهم

قوالب ما لها قلوب

الصفي الحلي

قالت كحلت الجفون بالوسن

قلت ارتقاباً لطيفك الحسن

قالت تسليت بعد فرقتنا

فقلت عن مسكني وعن سكني

قالت تشاغلت عن محبتنا

قلت بفرط البكاء والحزن

قالت تناسيت قلت عافيتي

قالت تسليت قلت عن وطني

قالت تخليت قلت عن خلدي

قالت تغيرت قلت في بدني

قالت أذعت الأسرار قلت لها

صير سري هواك كالعلن

قالت فماذا تروم قلت لها

ساعة سعد بالوصل تسعدني

قالت فعين الرقيب ترصدنا

قلت فإني للعين لم أبن

أنحلتني بالصدود منك فلو

ترصدتني المنون لم ترني

حرضوني على السلو وعابوا

لك وجهاً به يعاب البدر

حاش لله ما لعذري وجه

في التسلي ولا لوجهك عذر

علاء الدين

انظر صحاح المبسم السكري

رواية صحت عن الجوهر

وصحح النظام في ثغره

ما قد رواه خاله العنبري

معتزلي أصبح لما بدا

في خده عارضة الأشعري

قد كتب الحسن على خده

يا أعين الناس قفي وانظري

أمطر دمعي عارض قد بدا

يا مرحباً بالعارض الممطر

في وجهه لاحت لنا روضة

نباتها أحلى من السكر

وجه لأنواع البها جامع

من لي بذاك الجامع الأزهري

لما نضى من جفنه مرهفاً

رحت قتيل الناظر الأحور أسهرت لحظاً يا فقيهاً به

قد راحت الروح على الأشهر

كتب يحيى بن خالد من الحبس إلى الرشيد:

كلما مر من سرورك يوم

مر في الحبس من بلائي يوم

ص: 199

ما لنعمى ولا لبؤسي دوام

لم يدم في النعيم والبؤس قوم

قال ابن عباس: من حبس الله الدنيا عنه ثلاثة أيام وهو راض عن الله تعالى، فهو في الجنة سمى المال مالاً، لأنه مال بالناس عن طاعة الله عز وجل.

أبو الفتح

إذا أبصرت في لفظي فتوراً

وخطي والبلاغة والبيان

فلا تعجل بذمي إن رقصي

على مقدار إيقاع الزمان

قال المحقق الدواني في شرح الهياكل: إن للحيوانات عند المصنف نفوساً مجردة كما هو مذهب الأوايل، وبعضهم أثبت في النبات أيضاً، ويلوح ذلك من بعض تلويحات المصنف، وبعضهم أثبتوا في الجمادات أيضاً.

من فعل ما شاء، لقي ما لم يشاء.

قال آخر: من فعل ما شاء لقي ما ساء.

البهاء زهير المصري

يا من لعبت به شمول

ما ألطف هذه الشمايل؟

نشوان يهزه دلال

كالغصن مع النسيم مايل

لا يمكنه الكلام لكن

قد حمل طرفه رسائل

البدر يلوح في قناع

والغصن يميل في غلائل

والورد على الخدود غض

والنرجس في الجفون وابل

عشق وتحمل مسرة وسكر

والعقل بدون ذاك زائل

ما أطيب وقتنا وأهنى

والعاذل غائب وغافل

لي فيك كما علمت شغل

لا يفهم سره العواذل

لا أطلب في الهوى شفيعاً

لي فيك غنى عن الوسائل

ذا العام مضى وليت شعري

هل يحصل لي رضاك قابل؟

ها عبدك واقف ذليل

بالباب يمد كف سائل

من وصلك بالقليل يرضى

الطل من الحبيب وابل

مالي وإلى متى التمادي؟

قد آن بأن يفيق غافل

ما أعظم حسرتي لعمري

قد ضاع ولم أفز بطائل

ما أعلم ما يكون مني

والأمر كما علمت هايل

قد عز علي سوء حالي

ما يفعل ما فعلت عاقل

يا أكرم من رجاه راج

عن بابك لا يرد سائل

ص: 200

الشيخ سعدي الشيرازي

يا نديمي قم بليلي

واسقني واسق النداما

خلني أسهر ليلي

ودع الناس نياما

إسقياني وهدير الدهر

قد أبكى الغماما

في أوان كشف الور

د عن الوجه اللثاما

أيها المصغي إلى الزها

د دع عنك الملاما

فز بها من قبل أن

يجعلك الدهر عظاما

لا تلمني في غلام

أودع القلب سقاما

فبداء الحب كم من

سيد أضحى غلاما

قل لمن عير أهل الحب بالحب ولاما

لا عرفت الحب هيهات ولا ذقت الغراما

الصلاح الصفدي فيه تورية

ما أبصر الناس صبري

على بلائي وكربي

الصمت دأب لساني

وقد تكلم قلبي

وله وفيه تورية

يقول الزمان ولم تسمع

لمن طلب الرزق أو أمله

أنا حرب من جد في كسبه

ومن يتقنع تعصبت له

وله وفيه القول بالموجب

وصاحب لما أتاه الغنى

تاه ونفس المرء طماحه

وقيل هل أبصرت منه يداً

تشكرهاقلت ولا راحه

وله في الشكاية من دمل وفيه تورية:

أشكو إلى الله من أمور

يمر دهري ولا تمر

ودمل مع دوام ليل

ما لهما ما حييت فجر

ولجامعه

ص: 201

لا يعز الله من ذللنا

كل من ذللنا ذل لنا

من تأويلات جمال العارفين الشيخ عبد الرزاق الكاشي في قصة مريم: إنما تمثل لها بشراً سوى الخلق، حسن الصورة، لتتأثر نفسها به، فتتحرك على مقتضى الجبلة، ويسري الأثر من الخيال في الطبيعة فتتحرك شهوتها، فتنزل كما يقع في المنام من الاحتلام، وإنما أمكن تولد الولد من نطفة واحدة، لأنه ثبت في العلوم الطبيعية أن مني الذكر في تولد الولد بمنزلة الأنفحة في الجبن ومني الأنثى بمنزلة اللبن أي العقد من مني الذكر والانعقاد من مني الأنثى، لا على معنى أن مني الذكر ينفرد بالقوة العاقدة ومني الأنثى بالقوة المنعقدة، بل على معنى أن القوة العاقدة في مني الذكر أقوى والمنعقدة في مني الأنثى أقوى، وإلا لم يكن أن يتحدا شيئاً واحداً ولم ينعقد مني الذكر حتى يصير جزء من الولد، فعلى هذا إذا كان مزاج الأنثى قوياً ذكورياً كما يكون أمزجة النساء الشريفة النفس القوية القوى وكان مزاج كبدها حاراً، كان المني المنفصل عن كليتها اليمنى أحر كثيراً من المني الذي ينفصل عن كليتها اليسرى وإذا اجتمعا في الرحم وكان مزاج الرحم قوياً في الإمساك والجذب قام مني الأنثى في قوة الانعقاد، فيتخلق الولد هذا، وخصوصاً إذا كانت النفس متأيدة بروح القدس متقوية به يسري أثر اتصالها به إلى الطيعة والبدن وتغيير المزاج ويمد جميع القوى في أفعالها بالمدد الروحاني، فتصير أقدر على أفعالها بما لا ينضبط بالقياس.

كتب المنصور العباسي إلى أبي عبد الله جعفر الصادق رضي الله عنه: لم لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ فأجابه ليس لنا من الدنيا ما نخافك عليه، ولا عندك من الآخرة ما نرجوك له، ولا أنت في نعمة فنهنيك بها، ولا في نقمة فنعزيك بها، فكتب المنصور إليه تصحبنا لتنصحنا، فكتب إليه أبو عبد الله: من يطلب الدنيا لا ينصحك، ومن يطلب الآخرة لا يصحبك.

خرج أبو حازم في بعض أيام المواقف وإذا بامرأة جميلة حاسرة عن وجهها، قد فتنت الناس بحسنها، فقال لها يا هذه إنك بمشعر حرام وقد شغلت الناس عن مناسكهم فاتقي الله، فقالت: يا أبا حازم إني من اللائي قال فيهن الشاعر:

ص: 202

أماطت كساء الخز عن حر وجهها

وأرخت على المتنين برداً مهلهلا

من اللاء لم يحججن يبغين حسبة

ولكن ليقتلن البريء المغفلا

قال أبو حازم لأصحابه: تعالوا ندع الله لهذه الصورة الحسنة أن لا يعذبها الله بالنار فجعل يدعو وأصحابه يؤمنون، فبلغ ذلك الشعبي، فقال: ما أرقكم يا أهل الحجاز، أما لو كان أهل العراق لقال اغربي عليك لعنة الله.

قال عبد الله بن المعتز في جملة كلام له: وعد الدنيا إلى خلف، وبقاؤها إلى تلف، كم راقد في طلبها قد أيقظته، وواثق بها قد خانته، حتى يلفظ نفسه ويسكن رمسه وينقطع عن أمله؛ ويشرف على عمله، قد ركض الموت إلى حياته ونقض قوى حركاته وطمس البلى جمال بهجته، وقطع نظام صورته وصار كخط من رماد تحت صفايح انضاد، قد أسلمه الأحباب وافترسه التراب في بيت قد اتخذته المعاول وفرشت فيه الجنادل ما زال مضطرباً في أمله حتى استقر في أجله ومحت الأيام ذكره واعتادت الألحاظ فقده.

من كلامهم: إذا أفنيت عمرك في الجمع، فمتى تأكل؟ ! من بعض التواريخ المعتمد عليها اصطبح المأمون وعنده عبد الله بن طاهر ويحيى بن أكثر فغمز المأمون الساقي على إسكار يحيى فسقاه حتى تلف، وبين أيديهم ردم فيه ورد، فشقوا له فيه شبه اللحد ودفنوه في الورد، ونظم المأمون فيه هذين البيتين، وأمر بعض جواريه فغنت بهما عند رأس يحيى:

ناديته وهو ميت لا حراك به

مكفن في ثياب من رياحين

وقلت قم قال رجلي لا تطاوعني

فقلت خذ قال كفي لا تواثيني

وجعلت تردد الصوت، فأفاق يحيى وهو تحت الورد فأنشأ يقول مجيباً:

يا سيدي وأمير الناس كلهم

قد جار في حكمه من كان يسقيني

إني غفلت عن الساقي فصيرني

كما تراني سليب العقل والدين

لا أستطيع نهوضاً قد وهى بدني

ولا أجيب المنادي حين يدعوني

فاختر لنفسك قاض إنني رجل

الراح تقتلني والعود تحييني سئل بعض الأدباء من بعض الوزراء جملاً فأرسل إليه جملاً ضعيفاً نحيفاً فكتب

ص: 203

الأديب إليه: حضر الجمل فرأيته متقادم الميلاد كأنه من نتاج قوم عاد، قد أفنته الدهور وتعاقبته العصور فظننته أحد الزوجين اللذين جعلهما الله لنوح في سفينته، وحفظ بهما جنس الجمال لذريته ناحلاً ضئيلاً بالياً هزيلاً، يعجب العاقل من طول الحياة به وتأبى الحركة فيه لأنه عظم مجلد، وصوف ملبد لو ألقى إلى السبع لأباه ولو طرح للذئب لعافه وقلاه قد طال للكلاء فقده، وبعد بالمرعى عهده، لم ير العلف إلا نائماً ولا عرف الشعير إلا حالماً وقد حيرتني بين أن أقتنيه فيكون فيه عناء الدهر أو أذبحه فيكون خصب الرحل، فملت إلى استبقائه، لما تعلم من محبتي للتوفر، ورغبتي في التثمير وجمعي للولد، وادخاري للغد، فلم أجد فيه مدفعاً لفناء، ولا مستمتعاً لبقاء؛ لأنه ليس بأنثى فتحمل، ولا فتى فينسل، ولا صحيح فيرعى، ولا سليم فيبقى، فملت إلى الثاني من رأيك، وعملت على الآخر من قوليك، فقلت أذبحه فيكون وظيفة للعيال، وأقيمه رطباً مقام قديد الغزال، فأنشدني وقد أضرمت النار، وحددت الشفار وشمر الجزار شعر:

أعيذها نظرات منك صادقة

أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

وقال: وما الفايدة في ذبحي وأنا لم يبق؟ إلا نفس خافت، ومقلة إنسانها بائت باهت لست بذي لحم، فأصلح للأكل لأن الدهر قد أكل لحمي، ولا جلدي يصلح للدباغ لأن الأيام مزقت أديمي ولا صوفي للغزل، فإن الحوادث قد جزت وبري: فإن أردتني للوقود فكف بعر أبقى من ناري، ولن تفي حرارة جمري بريح قتاري فوجدته صادقاً في مقالته ناصحاً في مشورته. ولم أدر من أي أمريه أعجب؟ أمن مماطلته الدهر بالبقاء، أم صبره على الضر والبلاء، أم قدرتك عليه مع أعواز مثله، أم تأهيلك الصديق به مع خساسة قدره فما هو إلا كقايم من القبور، أو ناشر عند نفخ الصور والسلام.

قد يقال: إن جمع القرآن لا يسمى تصنيفاً، إذ الظاهر أن التصنيف ما كان كلام المصنف.

والجواب: إن جمع القرآن إذا لم يكن تصنيفاً لما ذكرت من العلة؛ فجمع الحديث أيضاً ليس تصنيفاً، مع أن إطلاق التصنيف على كتب الحديث شايع ذائع

لجامعه يرثى والده رحمه الله تعالى:

قف بالطول وسلها أين سلماها

ورو من جزع الأجفان رياها

وردد الطرف في أطراف ساحتها

وروح الروح من أرواح أرجاها

وإن يفتك من الأطلال مخبرها

فلا يفوتك مرآها ورياها

ص: 204

ربوع فضل يضاهي التبر تربتها

ودار أنس يحاكي الدر حصباها

عدا على جيرة حلوا بساحتها

صرف الزمان فأبلاهم وأبلاها

بدور تم غمام الموت جللها

شموس فضل سحاب الترب غشاها

فالمجد يبكي عليها جازعا أسفا

والدين يندبها والفضل ينعاها

يا حبذا أزمن في ظلهم سلفت

ما كان أقصرها عمرا وأحلاها

أوقات أنس قضيناها فما ذكرت

إلا وقطع فلب الصب ذكراها

ياسادة هجروا واستوطنوا هجرا

واها لقلب المعنى بعدكم واها

رعيا لليلات وصل بالحمى سلفت

سقيا لأيامنا بالخيف سقياها

لعقدكم شق جيب المجد وانصدعت

أركانه وبكم ما كان أفواها

وحر من شامخات العلم أرفعها

وانهد من باذخها الحلم أرساها

يا ثاويا بالمصلى من قرى هجر

كسيت من حلل الرضوان أرضاها

أقمت يا بحر بالبحرين فاجتمعت

ثلاثة كن أمثالا وأشباها

ثلاثة أنت أسداها وأغرزها

جودا وأعذبها طمعا وأحلاها

حويت من درر الحلياء ما حويا

لكن درك أعلاها وأغلاها

يا أخمصا وطئت هامن السهمى شرفا

شقاك من ديم الوسمى أسماها

ويا ضريحا علا فوق السماك علا

عليك من ثصلوات الله أزكاها

بك أنطوى من شموس الفضل آخرها

ومن معالم دين الله أسناها

ومن شوامخ أطواد الفتوة أرساها

وأرفعها قدرا وأنهاها

فاسحب على الفلك العلوي دبل علا

فقد حويت من العلياء أعلاها

عليك مني سلام الله ما صدحت

على غصون أراك الدوح ورقاها

تولى ابن البراج قضاء طرابلس عشرين سنة أو ثلاثين. وكان للشيخ أبي جعفر الطوسي أيام قرائته على السيد المرتضى كل شهر إثني عشر ديناراً، ولابن البراج كل شهر ثمانية دنانير، وكان السيد المرتضى يجري على تلامذته، وكان قدس الله روحه يدرس في

ص: 205

علوم كثيرة، وفي بعض السنين أصاب الناس قحط شديد، فاحتال رجل يهودي في تحصيل قوت يحفظ به نفسه، فحضر يوماً مجلس المرتضى، واستأذنه في أن يقرأ عليه من النجوم، فأذن له السيد، وأمر له بجراية تجري عليه كل يوم. فقرأ عليه برهة ثم أسلم على يده. وكان السيد قدس الله روحه نحيف الجسم، وكان يقرأ مع أخيه الرضي على ابن نباته صاحب الخطب وهما طفلان، وحضر المفيد مجلس السيد يوماً، فقام من موضعه وأجلسه فيه، وجلس بين يديه، فأشار المفيد بأن يدرس في حضوره. وكان يعجبه كلامه إذا تكلم. وكان السيد قد وقف قرية على كاغذ الفقهاء.

وحكاية رؤية المفيد في المنام فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وأنها أتت بالحسن والحسين، وقولها له: علم ولدي هذين العلم، ومجيء فاطمة بنت الناصر بولديها الرضي والمرتضى في صبيحة ليلة المنام إلى المفيد، وقولها له: علم ولدي هذين مشهورة.

لبعض الأكابر

إذا أمسى وسادي من تراب

وبت مجاور الرب الرحيم

فهنوني أصيحابي وقولوا

لك البشرى قدمت على كريم

آخر

أيها المرء إن دنياك بحر

موجه طافح فلا تأمننها

وسبيل النجاة فيها منير

وهو أخذ الكفاف والقوت منها

المجنون

هوى ناقتي خلفي وقدامي الهوى

وإني وإياها لمختلفان

طوبى لعبد بحبل الله معتصم

على صراط سوي ثابت قدمه

ما زال يحتقر الدنيا بهمته

حتى ترقت إلى الأخرى به هممه

رث اللباس جديد القلب مستتر

في الأرض مشتهر فوق السمانسمه

ص: 206

إذا العيون اجتله في بذاذته

تعلو نواظرها عنه وتقتحمه وله تعالى: " وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين " إن قلت: ما النكتة في تقديم التجارة على اللهو في صدر الآية، وتقديم اللهو على التجارة في آخرها. قلت: التجارة أمر مقصود يقبل الاهتمام بالجملة، وأما اللهو فأمر حقير مرذول غير قابل للاهتمام. ومقام التشنيع عليهم يقتضي الترقي من الأعلى إلى الأدنى، فالمراد والله أعلم: أن هؤلاء لا جد لهم في القيام بالوظائف الدينية، ولا لهم قدم راسخ في الاهتمام بالأوامر الإلهية، بل إذا لاح لهم أمر دنيوي يرجون نفعه كالتجارة، أعرضوا عما هم فيه من عبادة الله سبحانه، ولم يراقبوا مقامك فيهم وخرجوا إليها، جاعلين ما يؤملونه من التكسب نصب أعينهم، بل إذا سنح لهم ما هو أقل نفعاً من التجارة بكثير، وهو اللهو، ضربوا لأجله من العبادة صفحاً وطووا عن ذكر الله كشحاً وخرجوا إليه ولم يستحيوا منك، وأنت قائم تنظر إليهم، فظهر بهذا أن المقام يقتضي تقديم التجارة على اللهو في أول الآية. وأما تقديمه عليها في آخرها، فإن المقام هناك يقتضي الترقي من الأدنى إلى الأعلى، فإن الغرض تنبيههم على أن ما عند الله سبحانه من الأجر الجزيل والثواب العظيم خير من هذا النفع الحقير الذي حصل لكم من اللهو، بل خير من ذلك النفع الآخر الذي اهتممتم بشأنه، وجعلتموه نصب أعينكم، وظننتموه أعلى مطالبكم، أعني نفع التجارة، الذي يقبل الاهتمام في الجملة.

من تفسير القاضي " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " الآية فتعرفوا وتفصحوا. روي أنه عليه الصلاة والسلام بعث الوليد بن عتبة عقبه مصدقاً إلى بني المصطلق وكان بينه وبينهم إحنة فلما سمعوا به استقبلوه، فحسبهم مقاتليه، فرجع، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قد ارتدوا ومنعوا الزكوة، فهم بقتالهم، فنزلت. وقيل بعث إليهم خالد بن الوليد، فوجدهم منادين بالصلاة متهجدين مجتهدين فسلموا إليه الصدقات فرجع. وتنكير الفاسق والنبأ للتعليم، وتعليق الأمر بالتبين على فسق المخبر يقتضي جواز قبول خبر العدل، من حيث أن المعلق على شيء بكلمة إن عدم بكله انعدم عند عدمه، وإن خبر الواحد لو وجب تبينه من حيث هو كذلك لما رتبه على الفسق، إذ الترتيب يفيد التعليل، وما بالذات لا يعلل بالغير؛ وقرأ حمزة والكسائي فتثبتوا أي توقفوا إلى أن تبين لكم الحال، أن تصيبوا: كراهة إصابتكم، قوماً بجهالة: جاهلين بحالهم، فتصبحوا: فتصيروا على ما فعلتم نادمين، مغتمين غماً لازماً، متمنين أنه لم يقع، وتركيب هذه الأحرف الثلاثة دائر مع الدوام

ص: 207

قال جامع هذا الكتاب: لا ريب أن صيغة اسم الفاعل هنا حاملة لمعنى الواحدة، والوصف العنواني معاً، فيجوز كون المجموع علة للتثبت، فكأنه قيل: إن جاءكم فاسق واحد فتبينوا، ولو كان التثبت معلقاً على طبيعة الفسق، لبطل العمل بالشياع. ثم لا يخفى أن التثبيت في الآية معلل بأدائه إلى إصابة القوم: أي قتالهم، فإذا لم يكن مظنة هذه العلة، لا يجب التثبت، لأصالة عدم هذه العلة علة أخرى، كما يقول الخصم: من أنه إذا انتفى الفسق انتفى التثبت، لأن الأصل عدم علة أخرى له، وعند التأمل فيما ذكرناه يظهر لك أن الاستدلال بالآية على حجية خبر الآحاد العدول لا غيرهم، كما ذكره بعض الأصوليين فيه ما فيه، والعجب عدم تبينهم لهذا مع ظهوره فتأمل

من كلام الحكماء: أفضل الفعال صيانة العرض بالمال.

أنت أحرز نفسك إن صحبت من هو

آخر

صبرت عل ما لو تحمل بعضه

جبال شراة أصبحت تتصدع

ملكت دموع العين حتى رددتها

إلى باطني فالعين في القلب تدمع

آخر

إذا كان شكري نعمة الله نعمة

علي وفي أمثالها يجب الشكر

فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله

وإن طالت الأيام واتصل العمر

وقريب منه قول بعضهم

شكر الإله نعمة موجبة لشكره

فكيف شكري بره وشكره من بره لله در من قال:

وحسناء لم تأخذ من الشمس شيمة

سوى قرب مسراها وبعد منالها

ألوم ولم يقرع ملامي سمعها

وأرضى ولم يخطر رضائي ببالها

لله در من قال دونك، وامحض أخاك النصيحة، حسنة كانت أم قبيحة.

إرفض أهل المهانة تلزمك المهابة. من غضب من لا شيء رضي من لا شيء. السكوت عن الأحمق جوابه. لا تخضع للئيم فإنه لا يطيعك.

لله در من قال

كن عن الناس جانباً

وارض بالله صاحبا

قلب الناس كيف شئت

تجدهم عقاربا.

الصفي الحلي

كن عن همومك معرضا

وكل الأمور إلى القضا

وابشر بخير عاجل

تنسى به ما قد مضى

فلرب أمر مسخط

لك في عواقبه رضا

ولربما اتسع المضيق

وربما ضاق الفضا

الله يفعل ما يشاء

فلا تكن متعرضا

الله عودك الجميل

فقس على ما قد مضى

عن سفيان الثوري قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنه، يقول: عزت السلامة حتى لقد خفي مطلبها، فإن تكن في شيء، فيوشك أن تكون في الخمول، فإن لم توجد في الخمول فيوشك أن تكون في التخلي، وليس كالخمول، وإن لم تكن في التخلي، فيوشك أن تكون في الصمت، وليس كالتخلي. وإن لم توجد في الصمت، فيوشك أن تكون في كلام السلف الصالح، والسعيد من وجد في نفسه خلوة والله الموفق.

ص: 208

خطب الحجاج يوماً، فقال: إن الله أمرنا بطلب الآخرة وكفانا مؤنة الدنيا، فليتنا كفانا مؤنة الآخرة، وأمرنا بطلب الدنيا. فسمعها الحسن البصري. فقال: هذه ضالة المؤمن خرجت من قلب المنافق.

وكان سفيان الثوري يعجبه كلام بعض الخوارج، ويقول: ضالة المؤمن على لسان المنافق. ألذ من التلذذ بالغواني

إذا أقبلن في حلل حسان

منيب فرمن أهل ومال

يسيح من مكان إلى مكان

ليخمل ذكره ويعيش فرداً

ويأخذ في العبادة في أمان

تلذذه التلاوة أين ولى

وذكر بالفؤاد وباللسان

آخر وأظنه الإمام الشافعي

إن لله عباداً فطناً

طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا

نظروا فيها فلما علموا

أنها ليست لحيٍّ وطنا

جعلوها لجة واتخذوا

صالح الأعمال فيها سفنا

آخر:

صبرت على ما لو تجمل بعضه

جبال شراة أصبحت تتصدع

ملكت دموع العين حتى رددتها

إلى باطني فالعين في القلب تدمع

آخر.

إذا كان شكري نعمة الله نعمة

على له في مثلها يجي الشكر

فليس بلوغ الشكر إلا بفضله

وإن طالت الأيام واتصل العمر.

وقريب منه قول بعغضهم:

شكر الإله نعمة. . زموجبة لشكره

فكيف شكري بره

وشكره من بره.

قيل لرابعة العدوية: متى يكون العبد راضيا عن الله تعالى؟ فقالت: إذا كان سروره بالمصيبة كسروره بالنعمة.

ص: 209

وقيل لها يوماً: كيف شوقك إلى الجنة؟ فقالت: الجار قبل الدار.

ومن كلامها ما ظهر من عملي فلا أعده شيئاً.

قال بعض العباد: أهينوا الدنيا فإنما أهنى ما يكون لكم، أهون ما يكون عليكم.

أورد بعض المفسرين عند قوله تعالى: " وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم من العذاب " أن العمل الصالح يقول لصاحبه يوم القيامة عند مشاهدة الأهوال: اركبني، ولطال ما ركبتك في الدنيا، ويركبه ويتخطى به شدائد القيامة.

قال بعض الأعلام: لا ينال عبد الكرامة حتى يكون على أحد صفتين، إما أن يسقط الناس عن عينه فلا يرى في الدنيا إلا خالقه، وأن أحداً لا تقدر على أن يضره ولا ينفعه، وإما أن يسقط عن قلبه، فلا يبالي بأي حال يرونه الناس.

لبعض آل الرسول صلى الله عليه وسلم

نحن بنو المصطفى ذوو محنٍ

يجرعها في الحياة كاظمنا

قديمة في الزمان محنتنا

أولنا مبتلى وآخرنا

يفرح هذا الورى بعيدهم

ونحن أعيادنا مآتمنا

الناس في الأمن والسرور ولا

يأمن طول الحياة خائفنا

آخر

يا طالب العالم ها هنا وهنا

ومعدن العلم بين جنبيكا

فقم إذا قام كل مجتهد

وادع إلى أن يقول لبيكا

لم أنسه لما بدا متمايلا

يهتز من لين الصبا ويقول

ماذا لقيت من الهوى فأجبته

في قصتي طول وأنت ملول

أوحى الله سبحانه إلى عزير عليه السلام إن لم تطب نفساً بأن أجعلك علكاً في أفواه الماضغين أكتبك عندي من المتواضعين.

الخطاف لا يغتدي إلا بالشعر ولا يأكل شيئاً مما يأكله بنو آدم، وما أحسن ما قال الشاعر:

كن زاهداً فيما حوته يد الورى

تضحى إلى كل الأنام حبيباً

ص: 210

أو ما ترى الخطاف حرم محرم زادهم

فغدا مقيماً في البيوت ربيباً

من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه: أشد الأعمال ثلاثة: ذكر الله على كل حال، ومواساة الإخوان بالمال، وإنصاف الناس من نفسك.

قال بعض الأكابر: ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذراً فإن لم يقبله قلبك فقل لقبلك ما أقساك، يعتذر إليك أخوك سبعين عذراً فلا تقبل عذره، فأنت المعتب لا هو.

قال أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الضرير:

يا ليل الصب متى غده؟

أقيام الساعة موعده؟

رقد السمار وأرقه

أسف للبين يردده

فبكاه النجم ورق له

مما يرعاه ويرصده

نصبت عيناي له شركاً

في النوم فعز تصيده

صاح والخمر جنى فمه

سكران اللحظ معربده

يا من سفكت عيناه دمي

وعلى خديه تورده

خداك قد اعترفا بدمي

فعلى م جفونك تجحده؟

بالله هب المشتاق كرى

فلعل خيالك يسعده

لم يبق هواك له رمقاً

فلتبك عليه عوده

وغداً يقضي أو بعد غدٍ

هل من نظر يتزوده؟

ما أحلى الوصل وأعذبه

لولا الأيام تنكده

بالبين وبالهجران فيا

لفؤادي كيف تجلده؟

القاضي الأرجاني

تمتعتما يا مقلتي بنظرة

وأوردتما قلبي أشر الموارد

أعيني كفا عن فؤادي فإنه

من البغي سعي اثنين في قتل واحد

آخر

على هذه الأيام ما تستحقه

فكم قد أضاعت منك حقاً مؤكداً

فلو أنصفت شادت محلك بالسهى

علواً وصاغت نعل نعلك عسجداً

آخر

أيا من غاب عن عيني منامي

لفرقته وواصلني سقامي

رحلت بمهجة خيمت فيها

وشأن الترك تنزل في الخيام آخر

ولقيت في حبيبك ما لم يلقه

في حب ليلى قيسها المجنون

ص: 211

لكنني لم أتبع وحش الفلا

كفعال قيس والجنون فنون

آخر

إني لأعجب من صدودك والجفا

من بعد ذاك القرب والإيناس

حاشا شمائلك اللطيفة أن ترى

عوناً علي مع الزمان القاسي

آخر

سألته التقبيل في خده عشراً

وما زاد يكون احتساب

فمذ تعانقنا وقبلته

غلطت في العد فضاع الحساب

آخر

غمرته بناظري ولم أفه بكلمة

أجابني حاجبه لكن بنون العظمة

البهاء زهير

أيها النفس الشريفة

إنما دنياك جيفة

وعقول الناس في

رعبتهم فيها سخيفة

آه ما أسعد من

كارته فيها خفيفة

أيها المذنب ما

ترفق بالنفس الضعيفة

أيها العاقل ما

تبصر عنوان الصحيفة

أيها المسرف كسرت

أبا زير الوظيفة

أيها المغرور لا

تفرح بتوسيع القطيفة

كيف لا تهتم بالعدة

والطرق مخوفة

حل الزاد وإلا

ليس بعد اليوم كوفه

آخر

وإذا اعتراك الشك في ود امرء

وأردت تعرف حلوه من مره

فاسأل فؤادك عن ضمير فؤاده

ينبيك سرك كل ما في سره

البهاء زهير

رع الله ليلة وصل خلت

وما خلط الصفو فيها كدر

أتت بغتة ومضت سرعة

وما قصرت مع ذاك القصر

بغير احتيال ولا كلفة

ولا موعد بيننا ينتظر

ص: 212

وكانت كما أشتهي ليلة

وطال الحديث وطاب السمر

ومر لنا من لطيف العتاب

عجائب ما مثلها في السير

فقلت وقد كاد قلبي يطير

سروراً بنيل المنى والوطر

أيا قلب تعرف من قد أتاك

ويا عين تدرين من قد حضر

ويا قمر الأفق عد راجعاً

فقد بات عندي هذا القمر

ويا ليلتي هكذا هكذا

وبالل بالله قف يا سحر

من خط والدي قدس الله روحه: مسألة قطعة أرض فيها شجرة مجهولة الارتفاع فطار إليها عصفور من رأسها إلى الأرض آن انتصاف النهار، والشمس في أول الجدي، في بلد عرضه إحدى وعشرون درجة، فسقط على نقطة من ظل الشجرة، فباع مالك الأرض من أصل الشجر إلى تلك النقطة لزيد، ومن تلك النقطة إلى طرف الظل لعمرو، ومن طرف الظل إلى ما يساوي ارتفاع تلك الشجرة لبكر، وهو نهاية ما يملكه من تلك الأرض. ثم زالت تلك الشجرة، وخفي علينا مقدار الظل ومسقط العصفور، وأردنا أن نعرف مقدار حصة كل واحد لندفعها إليه، والغرض أن طول كل من الشجرة والظل، وبعد مسقط العصفور عن أصل الشجرة مجهول، وليس عندنا من المعلومات شيء سوى مسافة طيران العصفور فإنها خمسة أذرع، ولكنا نعلم أن عدد أذرع كل من المقادير المجهولة صحيح لا كسر فيه. وغرضنا أن نستخرج هذه المجهولات، من دون رجوع إلى القواعد المقررة في الحساب: من الجبر والمقابلة والخطأين وغيرهما، فكيف السبيل إلى ذلك؟ .

أقول: هكذا وجدت بخط والدي قدس الله سره، والظاهر أن هذا السؤال له طاب ثراه، ويخطر ببالي أن الجواب عن هذا السؤال أن يقال: لما كانت مسافة الطيران وتر قائمة كان مربعها مساوياً لمجموع مربع الضلعين بالعروس وهو خمسة وعشرون،

ص: 213

وينقسم إلى مربعين صحيحين، أحدهما ستة عشر والآخر تسعة، فأحد الضلعين المحيطين بالقاعدة أربعة، والآخر ثلاثة، والظل أيضاً أربعة، لأن ارتفاع الشمس ذلك الوقت في ذلك العرض، خمسة وأربعون، لأنه الباقي من تمام العرض، وهو تسع وستون إذا نقص منه أربعة وعشرون: أعني الميل الكلي وقد ثبت في محله أن ظل ارتفاع خمس وأربعين لا بد أن يساوي الشاخص، ويظهر أن حصة زيد من تلك الأرض ثلاثة أذرع، وحصة عمرو ذراع، وحصة بكر أربعة أذرع، وذلك ما أردناه. لا يخفى أن في البرهان على مساواة ظل ارتفاع مه للشاخص نوع مساهلة أوردتها في بعض تعليقاتي على رسالة الاسطرلاب، لكن التفاوت قليل جداً، لا يظهر للحس أصلاً، فهو كاف فيما نحن فيه.

في الكافي بطريق حسن عن أبي عبد الله رضي الله عنه أنه قال: القرآن عهد الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمسلم أن ينظر في عهده، وأن يقرأ منه كل يوم خمسين آية. وروي أيضاً عن زين العابدين رضي الله عنه أنه قال: آيات القرآن خزائن، كلما فتحت خزانة، ينبغي لك أن تنظر فيها.

أول أسماء هذا الجدول مبدأ السنة: أعني تشرين الأول وأوله في هذا الزمان في أواسط الميزان.

وقال كوشيار في زيجه الموسوم بالجامع: إن هذه الأسماء سريانية لا رومية، وللروم أسماء غيرها، وأول تشرين الأول إنما هو أول السنة عند السريانيين؛ وأما عند الروم، فأول السنة: أول كانون الثاني وهو في هذا الزمان حوالي العشرين من درجات الجدي، قاله مولانا عبد العلي في شرح الزيج.

وشباط المشهرو كونه بالشين المعجمة، قاله كوشيار في زيجه، الموسوم بالجامع والجوهري في الصحاح جعله بالمهلمة، قال المحقق البرجندي في شرح الزيج: لعله معربة بالمهملة انتهى.

أقول: ويؤديه قاسان وإبريسم وطست. والتغيير في التعريب غير لازم البتة، فلا يريد التسرينان.

مما أوحى الله سبحانه إلى موسى على نبينا وعليه السلام: يا موسى كن خلق الثياب جديد القلب، تخفى على أهل الأرض، وتعرف في السماء.

لقي صاحب سلطان حكيماً في الصحراء يبتلع العلف ويأكله، فقال له: لو خدمت الملوك لم يحتج إلى أكل العلف، فقال الحكيم: لو أكلت العلف لم تحتج إلى خدمة الملوك.

من كلام أفلاطون: لا يستخدمك السلطان إلا لأنه يقدر فيك الزيادة عليه، وإنما يقيمك مقام الكلبتين لأخذ الجمرة التي لا يقدر أن يأخذها باصبعه، فاجهد بأن تكون بقدر زيادتك عليه، في الأمر الذي تخدمه فيه.

ومن كلامه: من مدحك بما ليس فيك من الجميل وهو راض عنك، ذمك بما ليس فيك من القبيح وهو ساخط عليك.

قال بطليموس: ينبغي للعاقل أن يستحي من ربه، إذا امتدت فكرته في غير طاعته.

ومن كلامه إن لله جل شأنه في السراء نعمة الإفضال وفي الضراء نعمة التمحيص والثواب.

ص: 214