المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يا ربة البيت قومي غير صاغرة … ضمي إليك رحال - الكشكول - جـ ١

[البهاء العاملي]

الفصل: يا ربة البيت قومي غير صاغرة … ضمي إليك رحال

يا ربة البيت قومي غير صاغرة

ضمي إليك رحال القوم والسلبا

في ليلة من جمادي ذات أندية

لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا

لا ينبح الكلب فيها غير واحدة

حتى يلف على خيشومه الذنبا

قوله أندية: جمع ندى شاذ إذ القياس في جمع المقصور أن يكون على أفعال مثل حشى وأحشاء وقفا وأقفاء، وفي الممدود أن يكون على أفعله مثل غطاء وأغطية، وهواء وأهوية كما في الجوار شاء وأرشية وثبت أن ندى جمعه أنداء وتأوله بعضهم فقال: أندية جمع ناد وهو المجلس يعني أنهم كانوا يجلسون في الأندية يصطلون وليس بشيء.

قال الصفدي: ذكرت بالأبيات هنا، ما حكاه الشيخ محمد بن محمد بن محمد سيد الناس العمري قال اجتمع تاج الدين الأثير وفخر الدين بن لقمان وكان لتاج الدين مملوك يدعى الطنبا فجعل يدعوه باسمه والطنبا بجنبه، وهو لا يراه ويكرره نداءه ويقول: أين أنت يا الطنبا فإني لا أراك، فقال فخر الدين:

في ليلة من جمادي ذات أندية

لا يبصر الكلب في ظلمائها الطنبا

الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والنهار مضى فلا تكدره بآثامك.

‌لغات لعل

لعل كلمة ترج، وفيها لغات: لعل، وعل، ولعن وعن بالنون، ولان بفتح اللام، وان، ورعن، ورغن بالغين المعجمة، ولغن باللام، والغين المعجمة، ولعلت بزيادة التا في آخر لعل وقال الصفدي: لعل تكون حرف جر في لغة بني عقيل، كما تكون متى حرف جر في لغة بني هذيل.

لأبي نواس

فتمشت في مفاصلهم

كتمشي البرء في السقم

حكى الأصمعي قال: حضرت مجلس الرشيد وعنده مسلم بن الوليد، إذ دخل أبو نواس فقال له: ما أحدثت بعدنا يا أبا نواس؟ فقال: يا أمير المؤمنين ولو في الخمر قال قاتلك الله ولو في الخمر، فأنشده.

يا شقيق النفس من حكم

نمت عن ليلى ولم أنم

حتى أتى على آخرها، فقال: أحسنت يا غلام أعطه عشرة آلاف درهم، وعشر خلع فأخذها وخرج؛ فلما خرجنا من عنده قال لي مسلم بن الوليد: ألم تريا أبا سعيد

ص: 325

إلى الحسن بن هاني كيف سرق شعري وأخذ به مالاً وخلعاً؟ فقلت: وأي معنى سرق؟ وقال: قوله فتمشت في مفاصلهم إلى آخره فقلت: وأي شيء قلت؟ قال قلت:

غراء في فرعها الليل على قمر

على قضيب على دعص القنا الدهس

أذكى من المسك أنفاساً وبهجتها

وقلبها في الصمت والخرس

كأن قلبي وشاحاً إذا خطرت

وقلبها قلبها في الصمت والخرس

تجري محبتها في قلب وامقها

جرى السلامة في أعضاء منتكس

فقلت: ممن سرقت هذا المعنى؟ فقال: لا أعلم أخذته من أحد، فقلت بلى من عمرو بن أبي ربيعة حيث يقول:

أما والراقصات بذات عرق

ورب البيت والركن العتيق

وزمزم والطواف ومشعريها

ومشتاق يحن إلى مشوق

لقد دب الهوى لك في فؤادي

دبيب دم الحياة إلى العروق

فقال: ممن سرق عمرو بن ربيعة هذا المعنى؟ قلت: من بعض البدويين.

حيث يقول:

وأشرب قلبي حبها ومشى به

كمشي حميا الكأس في عقل شارب

ودب هواها في عظامي وحبها

كما دب في الملسوع سم العقارب

فقال لي: ممن أخذ هذا البدوي؟ قلت: من أسقف نجران حيث يقول:

منع البقاء تقلب الشمس

وطلوعها من حيث لا تمسي وطلوعها حمراء صافية

وغروبها صفراء كالورس

تجري على كبد السماء كما

يجري حمام الموت في النفس

انتهى ما حكى الأصمعي: قال الصفدي: وقد أخذه أبو نواس برمته من بعض الهذليين، يصف قانصاً تحبل صيداً بسرعته مشى حيث يقول:

فتمشى لا تحس بها

كتمشي النار في الفحم

أقول: وقال أبو طيب: قريباً من هذه المعاني:

جرى حبها مجرى دمي في مفاصلي

فأصبح لي عن كل شغل بها شغلي

ص: 326