الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن قضيت بهم وجداً فأحسن ما
…
يقال عنك قضى من وجده الرجل
تلاميذ أفلاطون
كان تلامذة أفلاطون ثلاث فرق: وهم الإشراقيون، والرواقيون، والمشائيون، فالإشراقيون: هم الذين جردوا ألواح عقولهم عن النقوش الكونية فأشرقت عليهم لمعات أنوار الحكمة، من لوح النفس الأفلاطونية، من غير توسط العبارات، وتخلل الإشارات. والرواقيون: هم الذين كانوا يجلسون في رواق بيته، ويقتبسون الحكمة من عباراته وإشاراته. والمشائيون: هم الذين كانوا يمشون في ركابه ويتلقون منه فرائد الحكمة في تلك الحالة، وكان أرسطو من هؤلاء وربما يقال: إن المشائين: هم الذين كانوا يمشون في ركاب أرسطو لا في ركاب أفلاطون.
في الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال. قال في الفايق: أي نهي عن فضول ما يتحدث به الناس، من قولهم: قيل كذا، وقال فلان كذا، وبناؤهما على أنهما فعلان محكيان، والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خلوين عن الضمير، ومنه قولهم: إنما الدنيا قيل وقال، وقد يدخل عليهما حرف التعريف.
قال في النهاية في حديث علي رضي الله عنه: الأبدال بالشام، هم الأولياء والعباد، والواحد بدل كحمل، وبدل كحمل، سموا بذلك، لأنه كلما مات واحداً بدل آخر.
النيشابوري في تفسير قوله تعالى: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم " والآية في حم السجدة، أورد نبذاً من عجائب فتوحات المسلمين، من زمان معاوية إلى زمان الب ارسلان وذكر حرب الب ارسلان مع ملك الروم، وأطنب فيه. ثم أورد بعد ذلك، كلاماً طويلاً في بيان أن بدن الإنسان يحكي مدينة معمورة فيها كل ما تحتاج إليه المدينة.
وأورد النيشابوري أيضاً في تفسير قوله تعالى: " ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتكئون وزخرفاً وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين " والآية في سورة الزخرف، حكايات عن التجملات والزينة التي كانت لبعض الملوك والخلفاء العباسيين، والفقر والقناعة التي كانت لبعض العابدين.
ثم نقل عن بعض الأكابر، أنه قال: إن قوله تعالى: " ولولا أن تكون الناس أمة واحدة " اعتذار من الله تعالى إلى أنبيائه، وأوليائه، أنه لم تزو عنهم الدنيا، إلا لأنها ليس لها خطر عنده، وأنها فانية باينة، فاثر لهم العقبى الباقية بأهلها.
اعلم أن الأصحاب لما رأوا اجتماع النتيجتين المتنافيتين الحاصلتين من قولهم الكلام صفة لله تعالى، وكل ما هو صفة لله تعالى، فهو قديم، فالكلام قديم، والكلام مترتب الأجزاء مقدم بعضها على بعض، وكلما هو كذلك فهو حادث، فالكلام حادث، منع كل طائفة مقدمة فيها كالمعتزلة للأولى والكرامية للثانية، والأشاعرة للثالثة، والحنابلة للرابعة، والحق أن الكلام يطلق على معنيين على الكلام النفسي، وعلى الكلام اللساني، وقد يقسم الأخير إلى حالتين ما للمتكلم بالفعل وما للمتكلم بالقوة، وتبين الكل بالضد كالنسيان للأول والسكوت للثاني والخرس للثالث، والمعنى يطلق على معنيين: المعنى الذي هو مدلول اللفظ، والمعنى الذي هو القائم بالغير، فالشيخ الأشعري لما قال: الكلام هو المعنى النفسي فهم الأصحاب منه، أن المراد منه مدلول اللفظ حتى قالوا بحدوث الألفاظ، وله لوازم كثيرة فاسدة كعدم التكفير لمنكري كلامه ما بين الدفتين، لكنه علم بالضرورة من الدين أنه كلام الله تعالى، وكلزوم عدم المعارضة والتحدث بالكلام، بل نقول المراد بن الكلام النفسي بالمعنى الثاني شاملاً للفظ أو المعنى قائماً بذات الله تعالى، وهو مكتوب في المصاحف مقروء بالألسنة محفوظ في الصدور، وهو غير القراءة والكتابة والحفظ الحادثة كما هو المشهور من أن القراءة غير المقروء، وقولهم إنه مترتبة الأجزاء قلنا لا نسلم بل المعنى في النفس لا ترتب فيه ولا تأخر كما هو قائم بنفس الحافظ ولا ترتب فيه، نعم الترتب إنما يحصل في التلفظ لضرورة عدم مساعدة الآلة وهو حادث منه، ويحمل الأدلة اتلتي يدل على الحدوث على حدوثه جمعاً بين الأدلة، وهذا البحث وإن كان ظاهره خلاف ما عليه، متأخروا القم لكن بعد التأمل يعرف حقيته. والحق أن هذا المحمل محمل صحيح لكلام الشيخ، ولا غبار عليه فأحفظه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
لا تأسفن من الدنيا على أمل
…
فليس باقيه إلا مثل ماضيه
للشيخ أبي الفتح البستي
زيادة المرء في دنياه نقصان
…
وربحه غير محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لا ثبات له
…
فإن معناه في التحقيق فقدان يا عامراً لخراب الدهر مجتهداً
…
تالله هل لخراب الدهر عمران؟
ويا حريصاً على الأموال تجمعها
…
أنسيت أن سرور المال أحزان
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
…
أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستعمل فضائلها
…
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
دع الفؤاد عن الدنيا وزخرفها
…
فصفوها كدر والوصل هجران
وأوع سمعك أمثالاً افصلها
…
كما يفصل ياقوت ومرجان
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
…
فطالما استعبد الإنسان إحسان
وإن أساء مسيء فليكن لك في
…
عروض زلته صفح وغفران
وكن على الدهر معواناً لذي أملٍ
…
يرجو نداك فإن الحر معوان
واشدد يديك بحبل الله معتصماً
…
فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتقي الله يحمد في عواقبه
…
ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب
…
فإن ناصره عجز وخذلان
من كان للخير مناعاً فليس له
…
على الحقيقة إخوان وأخدان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة
…
إليه والمال للإنسان فتان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم
…
وعاش وهو قرير العين جذلان
من مد طرفاً لفرط الجهل نحو هوى
…
أغضى على الحق يوماً وهو حزنان
من عاشر الناس لاقى منهم نصباً
…
لأن أخلاقهم بغي وعدوان
من كان للعقل سلطان عليه غداً
…
وما على نفسه للحرص سلطان
ومن يفتش على الإخوان يقلهم
…
فجل إخوان هذا العصر خوان
ولا يغرنك حظ جره خرق
…
فالخرق هدم ورفق المرء بنيان
فالروض يزدان بالأنوار فاغمة
…
والحر بالعدل والإحسان يزدان
صن حر وجهك لا تهتك غلالته
…
فكل حر لحر الوجه صوان
وإن لقيت عدواً فالقه أبداً
…
والوجه بالبشر والإشراق غضان
من استشار صروف الدهر قام له
…
على حقيقة طبع الدهر برهان
من يزرع الشر يحصد في عواقبه
…
ندامة ولحصد الزرع إبان
من استنام إلى الأشرار قام وفي
…
قميصه منهم صل وثعبان
كن ريق البشر إن المرء همته
…
صحيفة وعليها البشر عنوان
ورافق الرفق في كل الأمور فلم
…
يذمم يندم رفيق ولم يذممه إنسان
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة
…
فلن يدوم على الإنسان إمكان
دع التكاسل في الخيرات تطلبها
…
فليس يسعد بالخيرات كسلان
لا ظل للمرء أحرى من تقى ونهى
…
وإن أظلته أوراق وأغصان
الناس إخوان من والته دولته
…
وهم عليه إذا عادته أعوان
سحبان من غير مال باقل حص
…
وباقل في ثرآء المال سحبان
لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم
…
غرائز لست تحصيها وأكنان
ما كان ماء كصدآء لوارده
…
نعم ولا كل نبت فهو سعدان
وللأمور مواقيت مقدرة
…
وكل أمر له حد وميزان
فلا تكن عجلاً في الأمر تطلبه
…
فليس يحمد قبل النضج بحران
حسب الفتى عقله خلا يعاشره
…
إذا تحاماه إخوان وخلان
هما رضيعا لبان حكمة وتقى
…
وساكناً وطن مال وطغيان
إذا بنا نباخ بكريم موطن فله
…
وراءه في بسيط الأرض أوطان
يا ظالماً فرحاً بالعز ساعده
…
إن كنت في سنة فالدهر يقظان
يا أيها العالم المرضي سيرته
…
أبشر فأنت بغير الماء ريان ويا أخا الجهل لو أصبحت في لججٍ
…
فأنت ما بينها لاشك ظمآن
لا تحسبن سروراً دائماً أبداً
…
من سره زمن ساءته أزمان
إذا جفاك خليل كنت تألفه
…
فاطلب سواه فكل الناس إخوان
وإن نبت بك أوطان نشأت بها
…
فارحل فكل بلاد الله أوطان
خذها سوائر أمثال مهذبة
…
فيها لمن يبتغي التبيان تبيان
ما ضر حسانها والطبع صائغها
…
إن لم يصغها قريع الشعر حسان
أبو الفتح البستي
يا أكثر الناس إحساناً إلى الناس
…
وأكثر الناس إغضاء من الناسي
نسيت وعدك والنسيان مغتفر
…
فاغفر فأول ناس أول الناس
في السكنى وفي السفر
الله جارك في بدو وفي حضر
…
والعز دارك في السكنى وفي السفر
حرست في سفر عمت ميامنه
…
مشيعاً بالعلى والنصر والظفر
حكى الإمام فخر الدين الرازي، في أول السر المكتوم، قال: قال ثابت بن قرة في الكحل: ذكر بعض الحكماء كحلاً يقوي البصر إلى حيث يرى ما بعد عنه كأنه بين يديه، قال: وفعله بعض أهل بابل، فحكى أنه رأى جميع الكواكب الثابتة والسيارة في موضعها، وكان ينفذ بصره في الأجسام الكثيفة، وكان يرى ما ورائها فامتحنته أنا وقسطا بن لوقا، ودخلنا بيتاً وكتبنا كتاباً وكان يقرأه علينا ويعرفنا أول سطره وآخره كأنه معنا، وكنا نأخذ القرطاس ونكتب، وبيننا جدار وثيق، فأخذ قرطاساً ونسخ ما كنا نكتبه كأنه ينظر فيما نكتبه.
يقال إن زرقاء اليمامة كانت ترى الفارس من بعد ثلاثة أيام، ونظرت إلى حمام يطير في الجو فقالت:
يا ليت ذا القطا لنا
…
ونصف مثله معه
إلى قطاة أهلنا
…
إذن لنا قطاً مأه
يقال: إنها وقعت في شبكة صائد، فعدها كانت كما قالته الزرقاء وهي ست وستون.
إذا عرفت هذا فنقول: إن عند مقدم محمد صلى الله عليه وسلم كان العالم مملؤاً من الكفر والشرك والفسق، أما اليهود فكانوا من المذاهب الباطلة، في التشبيه، وفي الافتراء على الأنبياء، وفي تحريف التوراة، وقد بلغوا الغاية. وأما النصارى: فقد كانوا في إثبات التثليث، وتحريف الإنجيل، قد بلغوا الغاية. وأما المجوس فقد كانوا في إثبات الإلهين ووقع المحاربة بينهما، وفي تحليل نكاح الأمهات والبنات، وقد بلغوا الغاية. وأما العرب فقد كانوا في عبادة الأصنام، وفي النهب والغارة وقد بلغت النهاية، وكانت الدنيا مملؤة من هذه الأباطيل فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وقام بدعوة الخلق إلى دين الحق، انقلبت الدنيا من الباطل إلى الحق، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الظلم إلى النور، وبطلت هذه الكفريات، وزالت هذه الجهالات في أكثر بلاد العالم، وفي وسط المعمورة وانطلقت انطقت الألسنة بتوحيد الله، واستنارت العقول بمعرفة الله، ورجع الخلق من حب الدنيا إلى حب المولى بقدر الإمكان، وإذا كان لا معنى للنبوة إلا تكميل الناقصين في القوة النظرية والقوة العملية، ورأينا أن هذا الأثر حصل بمقدم محمد صلى الله عليه وسلم أكمل وأكثرها مما ظهر بسبب مقدم موسى وعيسى عليهما السلام، علمنا أنه كان سيد الأنبياء وقدوة الأصفياء.
فائدة طبية: سر بعد الطعام ولو خطوة، نم بعد الحمام ولو لحظة، بل بعد الجماع ولو قطرة.
كتب بعض الأفاضل مع كرسي أهداه شعر:
أهديت شيئاً يقل لولا
…
أحدوثة الفال والتبرك
كرسي تفألت فيه لما
…
رأيت مقلوبة يسرك
لمهيار في السيف على طريق اللغز:
وابن سررت به إذ قيل لي ذكر
…
فصنته ويصان الدر في الصدف
أخشى عليه السوافي أن تهب فما
…
تراه في غير حجري أو على كتفي
أغار عجباً عليه أن أقبله
…
يوماً وتقبيله أدنى إلى شرفي
يتيه من فوق كرسي وهبت له
…
من اللجين بقد قام كالألف
لأبي إسحاق الصابي في معارضة غلامين، أحدهما أسود والآخر أبيض، شعر:
قد قال ظبي وهو أسود للذي
…
ببياضه يعلو علو الخائن ما فخر خدك بالبياض وهل ترى
…
أن قد أفدت به مزيد محاسني
لو أن خالاً فيه مني زانه
…
ولو أن منه في خالاً شانني
قال الباخرزي
القبر الموت أخفى سترة للبنات
…
ودفنها يروي من المكرمات
أما رأيت الله سبحانه
…
قد جعل النعش بجنب البنات
آخر
فإن وعدت لم يلحق القول فعلها
…
وإن أوعدت فالقول يسبقه الفعل
لشهاب الدين، أحمد بن يوسف الصفدي، ما يكتب على السيف شعر:
أنا أبيض كم جئت يوماً أسوداً
…
فأعدته بالنصر يوماً أبيضا
ذكر إذا ما سل يوم كريهة
…
جعل الذكور من الأعادي حيضا
اختال ما بين المنايا والمنى
…
وأجول في وقت القضايا والقضا
للصاحب إسماعيل بن عباد رحمه الله، ووصف أبياتاً أهديت إليه شعر:
أتتني بالأمس أبياته
…
تعلل روحي بروح الجنان
كبرد الشباب وبرد الشراب
…
وظل الأمان ونيل الأماني
وعهد الصبى ونسيم الصبا
…
وصفو الدنان ورجع القيان
قال الحريري ناقلاً عن عجوزة تشتكي من معيشتها: وهو مذكور في المطول مسجع: فمذ أغبر العيش الأخضر وأزور المحبوب الأصفر، أسود يومي الأبيض، وأبيض فودي الأسود، حتى رثى لي العدو الأزرق؛ فيا حبذا الموت الأحمر.
قال الحريري في درة الغواص: بين أي لفظ بين لا تدخل إلا على المثنى أو المجموع كقولك الدار بينهما والدار بين الإخوة، وأما قوله تعالى:" مذبذبين بين ذلك " فإن لفظته ذلك تؤدي عن شيئين، وكشف هذا بقوله تعالى:" لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء " ونظيره: " لا نفرق
بين أحد من رسله " وذلك أن لفظة أحد في قوله تستغرق الجنس الواقع على المثنى والمجموع.
المسافة: البعد، وأصلها من الشم، كأن الدليل إذا كان في فلاة أخذ التراب فاستافه أي شمه ليعلم أين هو من بقاع الأرض.
الخلف اسم من الأخلاف، وهو في المستقبل؛ كالكذب في الماضي.
قال الشيخ بدر الدين محمد بن مالك: اعلم أن اسم المعنى الصادر عن الأفعال كضرب. أو قائم بذاته كالعلم، ينقسم إلى مصدر، واسم مصدر. فإن كان أوله ميم مزيدة هي لغير مفاعلة، كالمضرب والمحمدة أو كان لغير ثلاثي كالغسل والوضوء فهو اسم المصدر، وإلا فهو المصدر.
من أظرف الأشعار
قلت وقد لج لح في معاتبتي
…
وظن أن الملال من قبلي
خدك ذا الأشعري حنفني
…
وكان من أحمد المذاهب لي
حسنك ما زال شافعي أبداً
…
يا مالكي كيف صرت معتزلي
آخر
بين المحبين سر ليس يفشيه
…
قول ولا قلم للخلق يحكيه
ابن المعتز
قد يبعد الشيء من شيء يشابهه
…
إن السماء نظير الماء في اللون
آخر
أمسيت أحسد أترجاً وأحسبه
…
في صفرة اللون من بعض المساكين
عجبت منه فما أدري أصفرته
…
من فرقة الغصن أو من خوف سكين؟
ثقلت زجاجات أتتنا فرغاً
…
حتى إذا ملئت بصرف الراح
خفت فكادت أن تطير بما حوت
…
وكذا الجسوم تخف بالأرواح
حكي أن بعض الأرقاء، كان عند مالك يأكل الخاص ويطعمه الخشكار. فاستنكف الرقيق من ذلك وطلب البيع فباعه فاشتراه من يأكل الخشكار ويطعمه النخالة، فطلب البيع فاشتراه من يأكل النخالة ولا يطعمه شيئاً. فطلب البيع فباعه فشراه من لا يأكل شيئاً وحلق رأسه وكان في الليل يجلسه، ويضع السراج على رأسه بدلاً من المنارة فأقام عنده ولم يطلب البيع.
فقال له النحاس لأي شيء رضيت بهذه الحالة عند هذا المالك؟ قال: أخاف من أن يشتريني في هذه المرة من يضع الفتيلة في عيني عوضاً من السراج.
قد ينقسم التشبيه باعتبار الطرفين، أي المشبه والمشبه به إلى أربعة أقسام، ملفوف وهو أن يؤتى على طريق العطف أو غيره بالمشبهات أولاً ثم بالمشبه بها كقول امرء القيس شعر:
كأن قلوب الطير رطباً ويابساً
…
لدى وكرها العناب والحشف البالي
ومفروق: وهو أن يؤتى بمشبه ومشبه به ثم بآخر وآخر كقول المرقش يصف النساء شعر: النشر مسك والوجوه دنانير
…
وأطراف الأكف عنم
والتسوية وهو أن يتعدد المشبه دون الثاني كقول شاعر شعر.
صدغ الحبيب وحالي
…
كلاهما كالليالي
وثغره في صفاء
…
وأدمعي كاللئالي
والجمع وهو أن يتعدد المشبه به دون الأول كقول البحتري
بات نديماً لي حتى الصباح
…
أغيد مجدول مكان الوشاح
كأنها يبسم عن لؤلؤ
…
منضد أو برد أو أقاح
والتشبيه في البيت الثاني. وشبه الحريري ثغر المحبوب في بيت واحد بخمسة أشياء فقال:
يفتر عن لؤلؤ رطب وعن برد
…
وعن أقاح وعن طلع وعن حبب
نعم ما قاله الشيخ الفاضل محمود بن عمر القزويني الخطيب في الإيضاح وأورده العلامة التفتازاني في المطول في بحث الاستعارة العنادية، وهي التي لا يمكن اجتماع طرفيها كما إذا استعير المعدوم للموجود الذي لا غناء في وجوده، وهو هذا ثم الضدان إن كانا قابلين للقوة والضعف كان استعارة اسم الأشد للأضعف أولى، فكل من كان أقل علماً أو أضعف قوة كان أولى بأن يستعار له اسم الميت، لكن الأقل علماً أولى بذلك من الأقل قوة، لأن الإدراك أقدم من الفعل في كونه خاصة للحيوان لأن أفعاله المختصة به أعني الحركات الإرادية مسبوقة بالإدراك، وإذا كان الإدراك أقدم وأشد اختصاصاً به، كان النقصان أشد تبعيداً له من الحياة، وتقريباً إلى ضدها وكذلك في جانب الأشد، فكل من كان أكثر علماً كان أولى بأن يقال له إنه حي انتهى كلامه.
من شرح لامية العجم: المعتزلة طائفة من المسلمين يرون أفعال الخير من الله وأفعال الشر من الإنسان وأن الله تعالى يجب عليه رعاية الأصلح للعباد، وأن القرآن مخلوق محدث ليس بقديم، وأن الله تعالى ليس بمرئي يوم القيامة، وأن المؤمن إذا ارتكب الذنب مثل الزنا وشرب الخمر كان في منزلة بين المنزلتين، يعنون بذلك أنه ليس بمؤمن ولا كافر، وأن من دخل النار لم يخرج منها، وأن الأيمان قول وعمل واعتقاد، وأن إعجاز القرآن في الصرف عنه لا أنه في نفسه معجز، ولو لم يصرف العرب عن معارضته لأتوا بما يعارضه، وأن المعدوم شيء، وأن الحسن والقبح عقليان. وأن الله تعالى حي لذاته لا بحياة، وعالم لذاته لا بعلم قادر بذاته لا بقدرة.
قال العلامة التفتازاني ولكون المثل مما فيه غرابة استعير للفظ الحال أو الصفة أو القصة إذا كان لهما شأن عجيب، كقوله تعالى:" مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً " أي حالهم العجيب الشأن، وكقوله تعالى:" وله المثل الأعلى " أي الصفة العجيبة، وكقوله تعالى:" مثل الجنة التي وعد المتقون " أي فيما قصصنا عليكم من العجائب قصة الجنة العجيبة.
قال الصفدي وقد غلطوا الحريري في قوله: فلما در قرن الغزالة طمر طموراً ظهر ظهوراً الغزالة وقالوا لا يقال غزالة إلا في الشمس، فإذا أرادوا تأنيث الغزال قالوا ظبية، وإلا فهي اسم للشمس ولا يدخلها الألف واللام في الأكثر.
قرأ بعض المغفلين في بيوت بالرفع، فقال شخص: يا أخي إنما القراءة في بيوت بالجر فقال: يا مغفل إذا كان الله سبحانه وتعالى يقول: " في بيوت أذن الله أن ترفع " تجرها أنت لماذا! ؟ .
لبعضهم:
ثقلت زجاجات أتتنا فرغا
…
حتى إذا ملئت بصرف الراح
خفت فكادت أن تطير بما حوت. . وكذا الجسوم تخف بالأرواح
قال الصفدي: حكي أن عمر بن الخطاب سأل عمرو بن معدي كرب أن يريه سيفه المشهور بالصمصامة، فأحضره عمرو له، فانتضاه عمر وضرب به فما حاك، فطرحه من يده وقال ما هذا إذا سل بشيء، فقال له عمرو يا أمير المؤمنين أنت طلبت مني السيف ولم تطلب مني الساعد الذي يضرب به فعاتبه، وقيل إنه ضربه.
وقال في ذيله: ذكر المؤرخون أن علياً رضي الله عنه قتل من الخوارج يوم النهروان ألفي نفس وكان يدخل فيضرب بسيفه حتى ينتهي ويخرج ويقول لا تلوموني ولوموا هذا ويقومه بعد ذلك.
ومن ضربات علي المشهورة ضربته مرحباً فإنه ضربه على البيضة ضربة فقدها وقده نصفين.
وما أحلى قول أبي الحسن الجزار يمدح علي بن سيف الدين أو الدولة شعر:
أقول لسيفي مرحباً بتقني
…
بأن علياً بالمكارم قاتله
وضرب عمرو بن عبد ود العامري، وكان جباراً عتلاً عنيداً من الرجال، فقطع فخذه من أصلها، ونزل عمرو، فأخذ فخذ نفسه، فضرب بها علياً، فتوارى عنها، فوقعت في قوائم بعير فكسرتها.
للصفدي
وبيضاء المحاجر من معد
…
كأن حديثها ثمر الجنان إذا قامت لحاجتها تثنت
…
كأن عظامها من خيزران
للكاتب جمال الدين محمد
الناس قد أثموا فينا بظنهم
…
وصدقوا بالذي أدري وتدرينا
ماذا يضرك في تصديق ظنهم
…
بأن نحقق ما فينا يظنونا
حملي وحملك ذنباً واحداً ثقة
…
بالعفو أجمل من إثم الورى فينا
قال الصفدي وقد رأيت لأبي القاسم الجرجاني مصنفاً قد قسم اللام فيه إلى أحد وثلاثين قسماً وفصلها وذكر على كل قسم شواهد ولا بأس بذكرها هيهنا من غير تمثيل، وهي لام التعريف، لام املك، لام الاستحقاق، لام كي، لام الجحود، لام إن. لام الابتداء، لام التعجب، لام تدخل على المقسم به، لام جواب القسم، لام المستغاث به لام المستغاث من أجله؛ لام الأمر، لام المضمر، لام تدخل في النفي بين المضاف والمضاف إليه، لام تدخل على فعل المستقبل لازمة في القسم لا يجوز حذفها، لام يلزمه إن المكسورة إذا خففت من الثقل، لام العاقبة وسماها الكوفيون لام الصيرورة، لام التبيين لام لولا لام التكسير التكثير لام يزاد في عندك وما أشبهه، لام تزاد في لعل، لام لإيضاح المفعول من أجله، لام تعاقب حروفها، لام تكون بمعنى إلى، لام الشرط، لام توصل الأفعال إلى المفعولين.
سأل بعض المغفلين إنساناً فاضلاً، قال: كيف تنسب إلى اللغة؟ فقال: لغوي فقال له أخطأت في ضم اللام، إنما الصحيح ما جاء في القرآن " إنك لغوي مبين ".
حكي الشريف أبو يعلى ابن الهبارية، قال: ولقد كنا ليلة بأصبهان في دار الوزارة في جماعة من الرؤساء، وعد جماعة بأسمائهم، فلما هدأت سكنت العيون واستولى على الحركات السكون، سمعنا صراخاً وصوتاً مرتفعاًن وولولة واستغاثة، قمنا وإذا الشيخ الأديب أبو جعفر القصاص ينيك أبا علي الحسن بن جعفر البذنجي الشاعر، وذلك يستغيث ويقول: إنني شيخ أعمى فما يحملك على نيكي، وذلك لا يلتفت إليه إلى أن فرغ وسل منه كذراع البكر، وقام قائلاً إني كنت أتمنى أن أنيك أبا العلاء المعري، لكفره وإلحاده، ففاتني فلما رأيتك شيخاً أعمى فاضلاًن نكتك لأجله.
كل حيوان دموي فإنه ينام ويستيقظ، وكل ذي جفن يطبقه عند النوم، وقد يحلم غير الإنسان من ذوات الأربع؛ يظهر ذلك من شمائلها وحركاتها وأصواتها في النوم. قال الصفدي: جماعة رزقوا السعادة، ولم يأت بعدهم من نالها: منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القضاء، أبو عبيدة في الأمانة، أبو ذر رضي الله عنه في صدق اللهجة أبي بن كعب في القرآن، زيد بن ثابت في الفرائض، ابن عباس رضي الله عنه في تفسير القرآن، الحسن البصري في التذكير، وهب بن منبه في القصص، ابن سيرين في التعبير، نافع في القراءة أبو حنيفة في الفقه قياساً، ابن إسحق في المغازي، مقاتل في التأويل، الكلبي في قصص القرآن ابن الكلبي الصغير في النسب. أبو الحسن المدايني في الأخبار، محمد بن جرير الطبري في علوم الأثر، الخليل في العروض، فضيل بن عياض في العبادة، مالك بن أنس في العلم الشافعي في فقه الحديث، أبو عبيدة في الغريب، علي بن المديني في علل الحديث، يحيى بن معين في الرجال، أحمد بن حنبل في السنة، البخاري في نقد الصحيح، الجنيد في التصوف، محمد بن نصر المروزي في الاختلاف، الجبائي في الاعتزال، الأشعري في الكلام، أبو القاسم الطبراني في العوالي، عبد الرزاق في ارتحال الناس إليه، ابن مندة في سعة الرحلة، أبو بكر الخطيب في سرعة الخطابة، سيبويه في النحو، أبو الحسن البكري في الكذب، أياس في التفرس، عبد الحميد في
الكتابة والوفاء أبو مسلم الخراساني في علو الهمة والجزم، الموصلي النديم في الغنى، أبو الفرج الإصفهاني صاحب الأغاني في المحاضرة، أبو معشر في النجوم، الرازي في الطب، الفضل بن يحيى في الجود جعفر بن يحيى في التوقيع، ابن زيدون في سعة العبارة، ابن القرية في البلاغة الجاحظ في الأدب والبيان، الحريري في المقامات، البديع الهمداني في الحفظ، أبو نؤاس في المطايبات والهزل، ابن حجاج في سخف الألفاظ، المتنبي في الحكم والأمثال شعراً، الزمخشري ففي تعاطي العربية، النسفي في الجدل، جرير في الهجاء الخبيث، حماد الراوية في شعر العرب، معاوية في الحلم، المأمون في حب العفو، عمرو بن العاص في الدهاء الوليد في شرب الخمر، أبو موسى الأشعري في سلامة الباطن، عطاء السلمي في الخوف من الله، ابن النواب البواب في الكتابة، القاضي الفاضل في الترسل، العماد الكاتب في الجناس، ابن الجوزي في الوعظ، أشعب في الطمع، أبو نصر الفارابي في نقل كلام القدماء ومعرفته وتفسيره، حنين بن إسحاق في ترجمة اليوناني إلى العربي، ثابت بن قرة في تهذيب ما نقل من الرياضي إلى العربي، ابن سينا في الفلسفة وعلوم الأوائل، الإمام فخر الدين في الإطلاع على العلوم، السيف الآمدي في التحقيق، النصير الطوسي في المجسطي، ابن هيثم في الرياضي، نجم الدين الكاشي الكاتبي في المنطق، أبو علي المعري في الاطلاع على اللغة، أبو العينا في الأجوبة المسكتة، مزيد في البخل، القاضي أحمد بن أبي داود في المروة وحسن التقاضي، ابن المعتز في التشبيه، ابن الرومي في التطير، الصولي في الشطرنج، أبو محمد الغزالي في الجمع بين المعقول والمنقول، أبو الوليد بن الرشيد في تلخيص كتب الأقدمين الفلسفية والطبية، محيي الدين بن عربي في علم التصوف.
ومن نوادر الخيال، حكي أن بعضهم كتب إلى امرأة يهويها، مري خيالك أن يمر بي، فكتبت إليه إبعث إلي بدينارين، حتى أجيء غليك بنفسي في اليقظة.
القوة المخيلة لا تستقل بنفسها في رؤية المنام، بل تفتقر الرؤية إلى القوة المفكرة والحافظة، وساير القوى العقلية، فمن رأى كأن أسداً تخطى إليه وتمطى ليفترسه فالقوة المفكرة تدرك ماهية سبع ضار، والذاكرة تدرك افتراسه وبطشه، والحافظة تدرك حركاته وهيئاته، والمخيلة هي التي رأت تلك جميعاً وتخيلته.
من رأى النبي صلى الله عليه وسلم َ - وأمره بأمر
قال الصفدي: قد تكلم الفقهاء فيمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بأمر هل يلزمه العمل به أو
لا قالوا إن أمره بما يوافق أمره يقظة ففيه خلاف، وإن أمره بما يخالف أمره فإن قلنا أن من رآه صلى الله عليه وسلم على الوجه المنقول في صفته فرؤياه حق، فهذا من قبيل تعارض الدليلين والعمل بأرجحهما، وما ثبت في اليقظة فهو أرجح، فلا يلزمنا العمل بما أمره فيما يخالف أمره يقظة. من كتاب يتيمة الدهر للإمام الثعالبي رحمه الله: جرى بين الشعراء بحضرة الصاحب في ميدان اقتراحه. أقرأني أبو بكر الخوارزمي كتاباً لأبي محمد الخازن، ورد في ذكر الدار التي بناها الصاحب بأصبهان، وانتقل إليها واقترح على أصحابه وصفها، وهذه نسخته بعد الصدر نعم الله عند مولانا الصاحب مترادفة، ومواهبه له متضاعفة، وآراء أولياء النعم كبت الله أعدائهم، تتظاهر كل يوم حسناً في إعظامه، وبصائرهم تتراىء قوة في إكرامه والوفود إلى بابه المعمور بالفال المسعود، فرأيناه يوماً مشهوداً وعيداً يجنب عيداً، واجتمع المادحون، وقال القائلون، ولو حضرتني القصائد لأنفدتها إلا أني علقت من كل واحدة ما علق بحفظي، والشيخ مولاي يعرف ملك النسيان لرقي، قصيدة الأستاذ أبي العباس أولها شعر:
دار الوزارة ممدود سرادقها
…
ولاحق بذرى الجوزاء لاحقها
والأرض قد واصلت غيض السماء بها
…
فقطرها أدمع بحري سوابقها
تود لو أنها من أرض عرصتها
…
وأن أنجمها فيها طوابقها
فمن يجالس يخلفن الطواوس قد
…
لبسن مجسدة راقت طرايقها
تفرعت شرفات في مناكبها
…
يرتد عنها كليل العين رامقها
مثل العذارى وقد شدت مناطقها
…
وتوجت بأكاليل مفارقها
كل امرء شق عنه الحجب رؤيتها
…
وأشرقت في محياه مشارقها
مخلف قلبه فيها وناظره
…
إذا تجلت لعينيه حقائقها
والدهر حاجبها يحمي مواردها
…
عن الخطوب إذا صالت طوارقها
موارد كلما هم العفاة بها
…
عادت مفاتح للنعمى مغالقها
دار الأمير التي هذي وزيرتها
…
أهدت لها وشحاً راقت نمارقها
تزهي بها مثل ما تزهي لسيدنا
…
مؤيد الدولة المأمون طارقها
هذي المعالي التي اغتص الزمان بها
…
وافتك منسوقة والله ناسقها
إن الغمائم قد آلت معاهدة
…
لا زايلتها ولا زالت تعانقها
لأرضها كلما جادت مواهبها
…
وفي ديار معاديها صواعقها
ومنها قصيدة الشيخ أبي الحسن صاحب البريد ابتداؤها:
دار على العز والتأييد مبناها
…
وللمكارم والعلياء مغناها
دار تباهي به الدنيا وساكنها
…
هذا وكم كانت الدنيا تمناها
فاليمن أقبل مقروناً بيمناها
…
واليسر أصبح مقروناً بيسراها
من فوقها شرفات طال أدناها
…
يد الثريا فقل لي كيف أقصاها؟
كأنها غلمة مصطفة لبست
…
بيض الغلايل أمثالاً وأشباها
انظر إلى القبة الغبراء الغراء مذهبة
…
كأنما الشمس أعطتها محياها
تلك الكنائس قد أصبحن رايقة
…
مثل الأوانس تلقانا ونلقاها
فالربع بالمجد لا بالصحن متسع
…
والبهو لا بالحلي بل بالعلى باها
لما بنى الناس في دنياك دورهم
…
بنيت في دارك الغراء دنياها
ولو رضيت مكان البسط أعيننا
…
لم تبق عين لنا إلا فرشناها
وهذه وزراء الملك قاطبة
…
بياذق لم تزل ما بينها شاها
فأنت أرفعها مجداً وأسعدها
…
جداً وأجودها كفاً وأكفاها
وأنت ادبها وأنت آكبها
…
وأنت سيدها وأنت مولاها
كسوتني من لباس العز أشرفه
…
المال والعلم والسلطان والجاها
ولست أقرب إلا بالولاء وإن
…
كانت لنفسي من علياك قرباها
وقصيدة ابن الطيب الكاتب أولها
ودار ترى الدنيا عليها مدارها
…
يجوز السماء أرضها وديارها
بناها ابن عباد ليعرض همه
…
على همم إشراقهن اقتصارها
ترد على الدنيا بهاكل غدرة
…
إذا ما تبارت داره وديارها وإن قيل بهتاناً حكت تلك هذه
…
فقد تتوازى ليله ونهارها
فإن لم يكن في صحن دارك بعض ما
…
بصدرك فالدنيا يصح اعتذارها
ومنها قصيدة أبي سعيد الرستمي افتتاحها:
نصبن لحبات القلوب حبائلاً
…
عشية حل الحاجبيات حائلا
نشدنا عقولاً يوم برقة منشد
…
ضللن فطالبنا بهن العقائلا
عقائل من أحياء بكر بن وائل
…
تحيين يحببن للعشاق بكر بن وائلا
عيون ثكلن الحسن منذ فقدتها
…
ومن ذا رأى قبلي عيوناً ثواكلا
جعلت ضنى جسمي لديها ذرايعاً
…
وسائل دمعي عندهن وسائلا
وركب سروا حتى حسبت بأنهم
…
بسرعتهم عدواً إليك المراحلا
إذا نزلوا أرضاً رأوني نازلاً
…
وإن رحلوا عنها رأوني راحلا
وإن أخذوا في جانب ملت آخذاً
…
وإن عدلوا عن جانب ملت عادلا
وإن وردوا ماء وردت وإن طووا
…
طويت وإن قالوا تحولت قائلا
وإن نصبوا للحرب للحر حر
…
وجوههم تحولت حرباء على الجذع مائلا
وإن عرفوا أعلام أرض عرفتها
…
وإن أنكروا أنكرت منها مجاهلا
وإن عزموا سيراً شددت رحالهم
…
وإن عزموا حلاً حللت الرحائلا
وإن وردوا ماء حملت سقائهم
…
أو انتجعوا أرضاً حدوت الزوائلا
يظنون أني سائل فضل زادهم
…
ولولا الهوى ما ظنني الركب سائلا
واقسمت بالبيت الجديد بناؤه
…
بحي ومن يحفى إليه المراقلا
هي الدار أبناء الندى من حجيجها
…
نوازل في ساحاتها وقوافلا
يزرنك بالآمال مثنى وموحداً
…
ويصدرن بالأموال جماً وجاملا
قواعد إسماعيل يرفع سمكها
…
لنا كيف لا نعتدهن معاقلا؟
فكم أنفس تهوي إليها مغذة
…
وأفئدة تهوي إليها حوافل
ا
وسامية الأعلام يلحظ دونها
…
سنا النجم في آفاقها متطائلا
نسخت بها إيوان كسرى بن هرمز
…
فأصبح في أرض المدائن عاطلا
فلو أبصرت ذات العماد عمادها
…
لأمست أعاليها حياء أسافلا
ولو لحظت جنات تدمر حسنها
…
درت كيف تبني بعدهن المجادلا؟
تناطح قرن الشمس من شرفاتها
…
صفوف ظباء فوقهن موايلا
وعول بأطراف الجبال تقابلت
…
ومدت قروناً للنطاح موائلا
كأشكال طير الماء مدت جناحها
…
وأشخصن أعناقاً لها وحواصلا
وردت شعاع الشمس فارتد راجعاً
…
وسدت حبوب الريح فارتد ناكلا
إذا ما ابن عباد مشى فوق أرضها
…
مشى الدهر في أكنافها متماثلا
كنايس ناطت بالنجوم كواهلاً
…
وعادت فألقت بالنجوم كلاكلا
وفيحاء لو مرت صبا الريح بينها
…
لضلت فظلت تستثير الدلائلا
متى ترها خلت السماء سرادقاً
…
عليها وأعلام النجوم تمائلا
هواء كأيام الهوى فرط رقة
…
وقد فقد العشاق فيها العواذلا
وماء على الرضراض يجري كأنه
…
صفائح تهر قد سبكن جداولا
كأن بها من شدة الجري جنة
…
فقد ألبستهن الرياح سلاسلا
ولو أصبحت داراً لك الأرض كلها
…
لضاقت بمن ينتاب دارك سائلا
عقدت على الدنيا جداراً فحزتها
…
جميعاً ولم نترك لغيرك طايلا
وأغنى الورى عن منزل من بنت له
…
معاليه فوق الشعر بين منازلا
ولا غرو أن يستحدث الليث بالثرى
…
عريناً وأن يستطرق البحر ساحلا ولم يعتمد داراً سوى حومة الوغا
…
ولا خدماً إلا القنا والقنابلا
ولا حاجباً إلا حساماً مهنداً
…
ولا حاملاً إلا سناناً وعاملا
ووالله لا أرضى لك الدهر خادماً
…
ولا البدر منتاباً ولا البحر نائلا
ولا الفلك الدوار داراً ولا الورى
…
عبيداً ولا زهر النجوم قبائلا
أحدت بضبع الدهر حتى دفعتها
…
إلى غاية أمسى بها النجم جاهلا
وإن الذي يبنيه مثلك خالد
…
وساير ما يبني الأنام إلى بلى
قصيدة أبي الحسن الجرجاني
ليهن ويسعد من به سعد الفضل
…
بدار هي الدنيا وسائرها فضل
تولى لها تدبيرها رحب صدره
…
على قدره والشكل يعجبه الشكل
بنية مجد تشهد الأرض أنها
…
ستطوي وما حاوي السماء لها مثل
تكلف أحداق العيون تخاوصاً
…
إليها كأن الناس كلهم قبل
منار لأبصار السراة وربها
…
مثال لآمال العفاة إذا ضلوا
سحاب علا فوق السحاب مصاعداً
…
وأحرى بأن يعلو وأنت له وبل
وقد أسبل الحيرى كمي مفاخر
…
بصحن بها للملك يجتمع الشمل
كما طلع النسر المنير مصفقاً
…
جناحيه لولا أن مطلعه غفل
بنيت على هام العداة بنية
…
تمكن منها في قلوبهم الغل
ول كنت ترقى هامهم شرفاً لها
…
أتوك بها جهد المقل ولم يألوا
ولكن أراها لو هممت برفعها
…
آبى الله أن تعلو عليك فلم تعلو
تحج له الآمال من كل وجهة
…
وينحر في حافاتها البخل والمحل
وما ضرها أن لا تقابل دجلة
…
وفي حافتيها يلتقي الفيض والهطل
تجلى لأطراف العراق سعودها
…
فعاد إليه الملك والأمن والعدل
كذا السعد قد ألقى عليها شعاعه
…
فليس لنحس في مطارفها فعل
وقالوا تعدى خلقه من بنائها
…
وكان ما غير النوال له شغل
فقلت إذا لم يلهه ذاك من ندا
…
فماذا على العلياء إن كان لا يخلو
إذا النصل لم يذمم نجاراً وشيمة
…
توثق في غمد يصان به النصل
تمل على رغم الحوادث والعدى
…
علاك وعش للجود ما قبح البخل
قصيدة أبي القاسم ابن العلاء أولها:
هجرت ولم أنو الصدود ولا الهجرا
…
ولا أضمرت نفسي الصدود ولا الغدرا
وكيف؟ وفي الأحشاء نار صبابة
…
تشبب لي في كل جارحة جمرا
تقول لي الأفكار لما دعوتها
…
لتنظم في معمور بنيانه شعرا
بنى مسكناً باني المفاخر أم فخراً
…
وجنتنا الأولى بدت أم هي الأخرى؟
أم الدار قد أجرى الوزير سعودها
…
فلم تجر دار في الثرى ذلك المجرى
وتبدو صحون كالظنون فسيحة
…
تقدرها حلماً فينعتها حزرا
وفي القبة العلياء زهر كواكب
…
من الغرب المضروب والذهب المجرى
إذا ما سماء الطرف المحلق دونها
…
رآها سماء صحف أنجمها قفرا
قصيدة أبي القاسم الزعفراني
سرك الله بالبناء الجديد
…
نلت حال الشكور لا المستزيد
هذه الدار جنة الخلد في الدنيا
…
فصلها وأختها بالخلود
أمة زينت لسيدها المالك
…
لا زينة الفتاة السرود
حليها حسنها فقد غنيت عن
…
كل مستطرف بلبس جديد
إرم المسلمين لا ذكر شداد
…
بن عاد فيها ولا اسم شديد
ما تشككت أن رضوان قد حان
…
ولاثم مثلها في الصعيد كل مستخدم فداء زير
…
الزم الانس كل جاف شديد
خدمته الرجال بعد الأسود
…
عمل الجن كل جاف مريد
فابتنوا ما لو أن هامان يدنو
…
منه لم يرض صرحه للصعود
وتولى الإقبال خدمته فيه
…
على الرسم فاستعان بالتسديد
قال للجص كن رصاصاً وللآجر
…
لما علاه كن من حديد
فتناهى البنيان وارتفع الإيوان
…
حتى أناف بالتشييد
وتبدت من فوقه شرفات
…
كنساء أشرفن في يوم عيد
قسماً لا مدحت إلا ابن عباد
…
بنيل الشباب والتخليد
لا لقيت الأنام إلا بوجه
…
ماؤه لا يجول في جلمود
ويد ما حسرت ردني عنها
…
فهي سيف يصان عن تجريد
أجمع الناس أنه أفضل الناس
…
اضطراراً أغنى عن التقليد
فلهذا أعد قربي منه
…
نعمة ليس فوقها من مزيد
لا ذكرت العراق ما عشت إلا
…
أن أراه يؤمه في الجنود
قصيدة أبي القاسم ابن المنجم أولها
هي الدار قد عم الأقاليم نورها
…
فلو قدرت بغداد كانت تزورها
فلو خيرت دار الخلافة بادرت
…
إليها وفيها تاجها وسريرها
ولو قد تبقت سر من را بحالها
…
لسارت إليها دورها وقصورها
لتسعد فيها يوم حان حضورها
…
وتشهد دنياً لا يخاف غرورها
فما علمت عين الزمان بمثلها
…
وحاشا لها من أن يحين نظيرها
يقول الأولى قد فوجئوا بدخولها
…
وحبرهم تحبيرها وحبيرها
أفي كل قصر غادة وحليها؟
…
وفي كل بيت روضة وغديرها؟
فآبوا بها أثوابها من نقوشها
…
فلا ظلم إلا حين ترخي ستورها
معظمة إلا إذا قيل سمكها
…
بهمة بانيها فتلك نظيرها
هي الهمة الطولى أجالت بفكرها
…
مباني تكسوها العلى وتعيرها
فجاء بدار دارة السعد نجمها
…
وجنبت المحذور ليس بطورها
وقال لها الله الوفي صفاته
…
سأحميك ما ضم الليالي كرورها
أهنيك بالعمران والعمر دايم
…
لبانيك ما أفنى الدهور صرورها
وقد أسجل الإقبال عمدة ملكنا
…
وخطت بأعلام السعود سطورها
ودارت لها الأفلاك كيف أدرتها
…
ودانت إلى أن قيل أنت مديرها
وهاك ابنة الفكر التي قد خطبتها
…
وقدمت من قبل الزفاف مهورها
فإن كان للدار التي قد بنيتها
…
نظير ففي عرض القريض نظيرها
إلا جررت الذيل في ساحة العلى
…
وقلت القوافي قد أعيد جريرها
قال محمود الوراق:
إلهي لك الحمد الذي أنت أهله
…
على نعم ما كنت قط لها أهل
إذا ازددت تقصيراً تزدني تفضلاً
…
كأني بالتقصير أستوجب الفضلا
لبعضهم
بكت علي غداة البين حين رأت
…
دمعي يفيض وحالي حال مبهوت
فدمعتي ذوب ياقوت على ذهب
…
ودمعها ذوب در فوق ياقوت
سئل أبو فراس المشهور بالفرزدق، أحسدت أحداً على شعر؟ قال: ما حسدت إلا ليلى الأخيلية في شعرها هذا:
ومخرق عنه القميص تخاله
…
بين البيوت من الحياء سقيما
حتى إذا حمي الوطيس رأيته
…
تحت الخميس على اللواء زعيما
لا تقربن الدهر آل مطرف
…
لا ظالماً أبداً ولا مظلوما
ثم قال: مع أني قائل هذه الأبيات، شعر:
وركب كان الريح تطلب عندهم
…
لهاترة من جذبها بالعصائب
سروا يخبطون الليل وهي تلفهم
…
إلى شعب الأكوار من كل جانب
إذا أبصروا ناراً يقولون ليتها
…
وقد خصرت أيدهم نار غالب روي أن الفرزدق تعلق بأستار الكعبة، وعاهد الله على ترك الهجاء والقذف اللذين كان قد ارتكبهما، فقال شعراً:
ألم ترني عاهدت ربي وأنني
…
لبين رتاج قائماً ومقام
أطعتك يا إبليس تسعين حجة
…
فلما انقضى عمري وتم تمامي
فزعت إلى ربي وأيقنت أنني
…
ملاق لأيام الحتوف حمامي
يقال: إن أشعب مر يوماً فجعل الصبيان يعبثون به، فقال لهم ويلكم سالم بن عبد الله يفرق تمراً من صدقة عمر، فمر الصبيان يعدون إلى دار سالم بن عبد الله وعدا أشعب معهم وقال: ما يدريني لعله يكون حقاً.
رأت الضبع ظبية على حمار، فقالت: أردفيني على حمارك، فأردفتها، فقالت: ما أفره ارفه حمارك ثم سارت يسيراًن فقال: ما أفره حمارنا، فقالت الظبية: إنزلي قبل أن تقولي: ما أفره حماري، وما رأيت أطمع منك.
حكي أن بعض الفقراء أتى إلى خياط ليخيط به فتقاً كان في قميصه، فوقف المسكين متوقعاً ينتظر فراغه، فلما فرغ طواه، وجعله تحته وأطال في ذلك فقال أجير عنده: ما تدفعه إليه؟ قال: اسكت لعله ينساه ويروح.
لبشار بن برد
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة
…
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا بمن لا ترى تهوى فقلت لهم
…
الأذن كالعين توفي القلب ما كانا
قال علي رضي الله عنه: سرك أسيرك؛ فإن تكلمت به صرت أسيره، ونظم هذا بقوله رضي الله عنه شعراً:
صن السر عن كل مستخبر
…
وحاذر فما الحزم إلا الحذر
أسيرك سرك إن صنته
…
وأنت أسير له إن ظهر
مدح رجل هشام بن عبد الملك، فقال: يا هذا إنه قد نهي عن مدح الرجل في وجهه فقال: ما مدحتك ولكن ذكرتك نعم الله عليك لتجد ذلك شكراً. فقال هشام: هذا أحسن من المدح، فوصله وأكرمه.
لبعضهم
ما سمت العجم المهمان مهماناً
…
إلا لإكرام ضيف كا من كانا
فالمه سيدهم والمان منزلهم
…
والضيف سيدهم ما لازم المانا
قال محمد بن سليمان الطفاوي: حدثني أبي عن جدي، قال: شهدت الحسن البصري في جنازة النوار امرأة الفرزدق، وكان الفرزدق حاضراًن فقال له الحسن وهو عند القبر: ما أعدت يا أبا فراس لهذا المضجع؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة فقال له الحسن: هذا العمود فأين الطنب؟ فقال الفرزدق في الحال شعراً:
أخاف وراء القبر إن لم يعافني
…
أشد من الموت التهاباً وأضيقا
إذا جاء في يوم القيامة قائد
…
عنيف وسواق يسوقا الفرزدقا
لقد خاب من أولاد دارم من مشى
…
إلى النار مغلول القلادة أزرقا
يقاد إلى نار الجحيم مسربلاً
…
سرابيل قطران لباساً محرقا
لبعضهم
إذا عن أمر فاستشر فيه صاحباً
…
وإن كنت ذا رأي يشير على الصحب
فإني رأيت العين تجهل نفسها
…
وتدرك ما قد حل في موضع الشهب
أنشد بعضهم
يا رب قد أحسنت عوداً وبدأة
…
إلي فلم ينهض بإحسانك الشكر
فمن كان ذا عذر لديك وحجة
…
فعذري إقراري بأن ليس لي عذر
وقال الأحنف بن قيس: يضيق صدر الرجل بسره، فإذا حدث به قال اكتمه علي، وأنشده:
إذا المرء أفشى سره عند غيره
…
ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
…
فصدر الذي يستودع السر أضيق
وقال بعضهم: نقيض هذا المعنى شعر:
فلا أكتم الأسرار لكن أذيعها
…
ولا أدع الأسرار تعلو على قلبي
فإن قليل العقل من بات ليله
…
تقلبه الأسرار جنباً إلى جنب
وقال الحسن بن هاني
إذا نحن أثنينا عليك بصالح
…
فأنت كما نثني وفوق الذي نثني
وإن جرت الألفاظ يوماً بمدحة
…
لغيرك إنسان فأنت الذي نعني
قال بعضهم
إذا ما المدح صار بلا نوال
…
من الممدوح كان هو الهجاء
وقال
أخو كرم يغني الورى من بساطه
…
إلى روض مجد بالسماح مجود
وكم لجباه الراغبين لديه من
…
مجال سجود في مجالس جود
لأبي تمام تعود بسط الكف حتى لو أنه
…
أراد ثناها لم تطعه أنامله
هو البحر من أي النواحي أتيته
…
فلجته المعروف والجود ساحله
ولو لم يكن في كفه غير روحه
…
لجاد بها فليتق الله سائله
لأبي الطيب المتنبي
وفي النفس حاجات وفيك فطانة
…
سكوتي بيان عندها وخطاب
وما كنت لولا أنت إلا مسافراً
…
له كل يوم بلدة وصحاب
للأرجاني
إقرن بأيك رأي غيرك واستشر
…
فالحق لا يخفى على الاثنين
فالمرء مرآة تريه وجهه
…
ويرى قفاه بجمع مرآتين
للكميت بن زيد الأسدي
أتصرم الحبل حبل البيض أم تصل؟
…
وكيف؟ والشيب في فوديك مشتعل
لما عبأت لقوس المجد أسهمها
…
حيث الجدود على الإحسان تنتصل
أحرزت من عشرها تسعاً وواحدة
…
فلا العمى لك من رام ولا الشلل
الشمس آذتك إلا أنها امرأة
…
والبدر آذاك إلا أنه رجل
قيل: جاء الكميت إلى الفرزدق فقال: يا عم إني قلت: قصيدة أريد عرضها عليك فقال: قل فأنشده قوله: طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب فقال له الفرزدق: إلى ما طربت؟ ثكلتك أمك فقال: ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب:
ولم تلهني دار ولا رسم منزل
…
ولم يتطربني بنان مخضب
ولا أنا ممن يزجر الطير همه
…
أصاح غراب أم تعرض ثعلب
قال المرتضى رضي الله عنه: يجب الوقوف على الطير، ثم يبدء بهمه ليفهم الغرض.
ولا السانحات البارحات عشية
…
أمر سليم القرن أم مر أعضب
ولكن إلى أهل الفضائل والنهى
…
وخير بني حواء والخير يطلب
فقال الفرزدق: هؤلاء بنو دارم، فقال الكميت:
إلى النفر البيض الذي بحبهم
…
إلى الله فيما نابني أتقرب
فقال الفرزدق: هؤلاء بنو هاشم، فقال الكميت:
بنو هاشم رهط النبي محمد ص
…
بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب
فقال الفرزدق: لو جزتهم إلى سواهم لذهب قولك باطلاً.
للأرجاني
ما كنت أسلو وكان الورد منفرداً
…
فكيف أسلو؟ وحول الورد ريحان
قال السكاكي: المجاز عند السلف قسمان: لغوي وعقلي واللغوي قسمان: راجع إلى معنى الكلمة، وراجع إلى حكم، والراجع إلى الكلمة قسمان: خال عن الفائدة ومتضمن لها، والمتضمن قسمان: استعارة، وغير استعارة. أورده العلامة التفتازاني في الفصل الأول من آخر كتاب البيان.
لبعضهم ظرافة
كأننا والماء من حولنا
…
قوم جلوس حولهم ماء
فقال ابن الوردي فيه:
وشاعر أوقد الطبع الذكاء له
…
فكاد يحرقه من فرط إذكاء
أقام يجهد أياماً قريحته
…
وشبه الماء بعد الجهد بالماء
قال أحمد بن محمد أبو الفضل السكري المروزي من المزدوجة: ارتجم فيها أمثال الفرس شعر:
من رام طمس الشمس جهلاً أخطى
…
الشمس بالتطيين لا تغطى
أحسن ما في صفة الليل وجد
…
الليل حبلى ليس يدري ما تلد
من مثل الفرس ذوي الأبصار
…
الثوب رهن في يد القصار
إن البعير يبغض الحشاشا
…
لكنه في أنفه ما عاشا
نال الحمار من سقوط في الوحل
…
ما كان يهوى ونجا من العمل
نحن على الشرط القديم المشترط
…
لا الزق منشق ولا العير سقط
في المثل السائر للحمار
…
قد ينهق الحمار للبيطار
العنز لا يسمن إلا بالعلف
…
لا يسمن العنز بقول ذي لطف
البحر غمر الماء في العيان
…
والكلب يروي منه باللسان
لا تك من نصحي ذا ارتياب
…
ما بعتك الهرة في الجراب
من لم يكن في بيته طعام
…
فما له في محفل بيته مقام
كان يقال من أتى خواناً
…
من غير أن يدعى إليه هانا
ومما أحتويه من ذلك بعد المزدوجة:
إذا الماء فوق غريق طما
…
فقاب قناة وألف سوا إذا وضعت على الرأس التراب فضع
…
من أعظم التل أن النفع عنه يقع
في كل مستحسن عيب ولا ريب
…
ما يسلم الذهب إلابريز من عيب
ما كنت لو أكرمت أستعصي
…
لا يهرب الكلب من القرص
طلب الأعظم من بيت الكلاب
…
كطلاب الماء في لمع السراب
من مثل الفرس سار في الناس
…
التبن الشكر يسقى بعلة الآس
تبختر إخفاء لما فيه من عرج
…
وليس له، فيما تكلفه فرج
وله
ما أقبح الشيطان لكنه
…
ليس كما ينقش أو يذكر
إنتهز الفرصة في حينها
…
والتقط الجوز إذا ينثر
نطلب أصل المرء من فعله
…
ففعله عن أصله يخبر
فررت من قطر إلى منقب نفنف
…
علي بالوابل مثعنجر منفجر
إن تأت عوراً فتعاور لهم
…
وقل أتاكم رجل أعور
خذه بموت تغتم عنده ال
…
حمى فلا يشكو ولا يجأر
الباب فانصب حيث ما يشتهي
…
صاحبه فهو به أبصر
الكلب لا يذكر في مجلس
…
إلا تراءى عند ما يذكر
قال بعضهم
الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية. الكذوب متهم، وإن وضحت حجته، وصدقت لهجته. عثرة الرجل تزل القدم. ربما أصاب الأعمى رشده وأخطأ البصير قصده. لا تعادي أحداً فإنك لا تخلو عن معاداة عاقل أو جاهل. فاحذر حيلة العاقل وجهل