المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أقوال متناقضة للبيضاوي - الكشكول - جـ ١

[البهاء العاملي]

الفصل: ‌أقوال متناقضة للبيضاوي

يفديك كل خبير عن علاك وهم

كل البرية من عرب ومن عجم

اقصر حسين فلن تحصي فضائلهم

لو أن في كل عضو منك ألف فم

عليهم صلوات لا انتهاء لها

كمثل قدرهم العالي وعلمهم

‌أقوال متناقضة للبيضاوي

قال الفاضل البيضاوي عند قوله تعالى في سورة هود " ليبلوكم أيكم أحسن عملاً " إن الفعل معلق عن العمل. وقال في سورة الملك نقيض ذلك، وصرح في تفسير هود بأن نزول التوراة كان قبل إغراق فرعون، وقال في تفسير سورة المؤمنين: نقيض ذلك، وقال عند قوله تعالى في سورة مريم " وكان رسولاً نبياً " إن الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة وقال في سورة الحج نقيض ذلك، وصرح في سورة النمل بأن سليمان على نبينا وعليه السلام توجه إلى الحج بعد إتمام بناء بيت المقدس، وقال في سورة سبأ نقيض ذلك.

من رسالتي الموسومة بالجوهر الفرد، ومما سنح بخاطري في إبطال تركب الجسم من الأجزاء التي لا يتجزى سوى الوجوه الستة السابقة أن نفرض مثلثاً متساوي الساقين كل منهما ثمانية أجزاء، وقاعدته سبعة فما بين طرفي ساقيه خمسة من قاعدته، لاشتراك طرفيها، والثامن الذي هو رأس المثلث مشترك أيضاً فيما بين الساقين إن كان واحداً فبين السادسين اثنان، وبين الخامسين ثلاثة فبين الأولين سبعة، وقد كان خمسة هذا خلف وإن كان أكثر، فالفساد أشد فهو أقل من جزء فافهم.

وقد لاح لي وجه ثامن، وهو أن نفرض دائرة ونصل بين جزئين منها بالقطر ثم بين ثمانية يتوسطها القطر، وبين نظايرها بأوتار ثمانية، ونصل بين طرفي الأقصرين بخط مستقيم، فهو تسعة أجزاء ووتر القوس هو تسعة أيضاً، فقد ساوت قاعدة القطعة قوسها، ولنا وجه تاسع لطيف ذكرته في لغز زبدة الأصول فهذه وجوه تسعة في إبطال الجزء لم يسبقني إلى شيء منها أحد والله ولي التوفيق.

ص: 161

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين، الحمد لله الذي جعل صحيفة عالم إلا مكان مرآة لمشاهدة الآثار الملكوتية، وصير نشأة نوع الإنسان مشكلة لمطالعة الأنوار اللاهوتية، والصلاة على أكمل نوع البرية وأفضل النفوس القدسية أبي القاسم محمد قاسم موائد المواهب الربانية، ومنبع رحيق الفيوض السبحانية وآله الوارثين لمقامات العلية المكرمين بكراماته الخفية والجلية.

وبعد فهذا يا إخوان الدين وخلان اليقين ما غفلت حوادث الزمان عن المنع من تأليفه وتحريره، وذهلت صوارف الدهر الخوان عن الصرف عن ترصيفه وتقريره من شرح واف بإظهار ما ألهمني الله سبحانه من حقايق كنوز الصحيفة الكاملة من كلام سيد العابدين وإمام الموحدين وقبلة أهل الحق على اليقين، مولانا وإمامنا زين العابدين أبي محمد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

سلام من الرحمن نحو جنابهم

فإن سلامي لا يليق ببابهم كشفت به حجاب الاحتجاب عن خبايا كنوزها، مع قلة البضاعة، ورفعت به أستار الاستتار عن خفايا رموزها بقدر الاستطاعة، مشيراً إلى ما يلوح من جواهر عباراتها ويفوح من زواهر إشاراتها مما هو منبع كلام أعلام الحقيقة والعرفان، ومعدن مقالة أهل الطريقة والإيقان، بل هو أقصى غايات أرباب المجاهدة وأعلى نهايات أصحاب المشاهدة مما لم يهتد إليه غلا واحد بعد واحد ولم يطلع عليه إلا وارد بعد وارد وأسئل الله سبحانه أن يعينني على إتمام ما أرجوه وأن يوفقني لإكماله على أحسن الوجوه وأن يجعلني ممن تزود في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده وهو حسبي ونعم الوكيل، اعلموا أيها الإخوان المقصود على إدراك الحقايق كدهم المعروف في اقتناص المعارف جدهم أني اسخرت الله سبحانه، ووشحت صدر هذا الشرح بعدة من الحقايق ينطوي كل منها على نبذة من الحقايق يفيد المقتبسين لأنوار الصحيفة الكاملة كمال البصيرة ويجعل أيدي الراغبين في اجتناء ثمارها غير قصيرة، وتزيل عن بصايرهم غشاوة الارتياب، ويغنيهم عن الغوص في هذا البحر العجاب، ويشير إلى يسير من بدايع صنايع الله

ص: 162

جل بثنائه في أرضه وسمائه مما تضمن كلامه الإشارة إليه، وتنبيه أرباب الألباب عليه ويهدي إلى كشف الأستار عن بعض الأسرار طبق ما حققه المشاهدون من أهل العيان وشاهده المحققون من ذوي الإيقان، ويؤمي إلى التوفيق والتطبيق بين ما قادت إليه العقول الصحيحة السليمة وتطابقت عليه النقول الصريحة القويمة إلى غير ذلك من فوايد لا يطلع على أسرارها إلا واحد بعد واحد، وفوايد لم يرتشف من أنهارها إلا وارد بعد وارد.

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد الحمد والصلات فيقول الفقير إلى رحمة ربه الغني محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه يا من صرف في مطالعة النحو أياماً، وخاض فيه شهوراً وأعواماً أخبرني عن اسم ثنائي الآحاد، ثلاثي العشرات، ثالثه آخر الحروف، وهو بين الناس مشهور ومعروف، فمن جملة حروفه حرف ربما تحلى بحلية الأسماء فيجري غالباً في مضمار المضمرات، ويسلك نادراً مسالك المظهرات، فما دام في ضمير الإضمار مكتوماً، يكون من ارتفاع المحل مجزوماً وبسمة النصب والجر موسوماً، ولا يزال دائماً معمولاً، وعن رتبة العمل معزولاً، وربما انخرط في سلك الحروف، فيصير في بعض الأحيان عاملاً، وفي بعضها عن العمل عاطلاً ومعموله كمعمول أخواته الست لا يكون إلا ظاهراً وربما عمل في الضماير نادراً ومنها حرف هو رابع علايم الرفع في ثلاثة، خامس علايم النصب في ستة ولا يقع في أوشيء من الكلمات الثلاث ولكن يقع في آخر ما يتصف به من الإناث إن جاور الأفعال صار من الأسماء وارتفع محله ومقداره، وإن خالط الأسماء عاد إلى الحروف واختلف بالرفع والنصب آثاره، إن أسقطته من عدد الأسماء اللازمة الرفع بقي عدد الجمل التي لها محل من الإعراب، وإن نقصته من عدد الأسماء اللازمة النصب ومن الباقي عدد المنبهات بقي عدد الجمل التي لها عن إعراب المحل غاية الاجتناب، وإن أضفت إليه عدد أسماء تنصب تارة ولا تنصب أخرى ساوى عدد ما هو من المتبوعية ممنوع، وبالتابعية أحرى، وإن زادت عليه عدد ما يعتمد اسم الفاعلي عليه في التقوى على معموله ساوى عدد المواضع الموجبة لتأخير الفاعل عن مفعوله، ومنها حرف ربما ينتظم في سمت أخواته العشر فيتصف بالفصاحة في بعض الأحيان. وقد يندرج في سلك أخواته الخمس بعد إحدى الست فينصب تاليه عند أهل اللسان، ومنها حرف إن جرى مجرى الأسماء، فقد يكون محلى بكل من الحلى الثلاث محلاً فما دام مرفوعاً فهو ما يلصق بعامله في جميع الأطوار، وما دام منصوباً فهو مفترق عنه، لئلا يسري إليه الانكسار وبينهما فاصل يحفظه عن ذلك العار وهو في البحر داخل في عدد السمكات، وفي أفعال النساء مانع لها

ص: 163

عن الحركات، وإن جرى مجرى الحروف يكون في أوايل بعض الكلمات للغياب وفي أواخر بعضها للانتساب وقد يتصل به الثاني فيعمل في الأسماء بالنيابة عن الأفعال، وعن مقلوبه أيضاً عن هذا المنوال لكنه قد يدخل في سلسلة الأسماء فيختص بين أخواته وقد يلج في ربقة الحروف فيصير في عدد أخوته الستة الموجبة للإيجاب، ومنها حرف معدود في الأسماء غالباً وقد يعد في الحروف نادراً؛ فما دام في الأسماء مدرجاً وعن الحروف مخرجاً فهو عن الفتح عري وبالخفض والضم حري، فيخفض ما زال للأربعة من الحروف الجارة معمولا، ويضم ما دام للسبعة منها مدخولا ومتى صار بالحرفيه موسوماً، ومن الاسمية محروماً، فقد يتصل ببعض الكلمات لإفادة المبالغات، فيلبس المذكرين حلية المؤنثات وقد يبنى على السكون فيلزم السكون أين ما يكون، فهذه صفات حروف هذا الاسم قد فصلتها لك تفصيلاً شافياً وقررتها لك تقريراً وافياً وسأزيد في التوضيح بما يقارب التصريح فأقول إنه ظرف لحرف خص بالظرفية من بين أخواته وهو مع كمال ظهوره بعض المخفي في حد ذاته ثم أنك إن نقصت من رابعه موجبات الانفصال بقي عدد مانعات حذف حرف النداء وإن أضفت إلى خمس أوله ما يوجب في كل نصت من العشر المشهورة حصل عدد روابط الجملة الخبرية بالمبتدأ، وإن نقصت من رابعه حروف الزيادة النحوية، بقي عدد المواضع التي تعلق فيها العامل عن المعمول، وإن أسقطت من طرفيه عدد أخوات كان بقي عدد المواضع التي عود الضمير فيها على المتأخر لفظاً ورتبة مقبول، وإن نقصت من خمس ثالثة عدد موانع الصرف بقي عدد الأمور التي يتميز بها التمييز عن الحال وإن زدت ثانيه على رابعه حصل عدد الموضع التي يجب فيه استتار الفاعل عن الأفعال، وإن نقصت رابعه من الحروف الجارة بقي عدد الأمور التي يفترق بها البدل عن عطف البيان وإن أسقطت عدد الأسماء العامة للمشبه بالفعل من أخويه بقي عدد الأشياء التي يمتاز بها الصفة المشبهة عن اسم الفاعل في كل حين وزمان، ومما اختص بهذا الاسم الخماسي الحروف من الغرايب إنك إذا نقصت من حروفه حرفين بقي حرف واحد وهذا من أعجب العجايب!

بسم الله الرحمن الرحيم يقول أقل الأنام بهاء الدين محمد العاملي عفى الله عنه: أيها الأصحاب الكرام والإخوان العظام إن لي حبيباً جالينوسي المشرب، بقراطي المطلب، مسيحي الأنفاس، فلسفي القياس، مشهور بين الأنام مقبول عند الخاص والعام، مصاحب لا يعرف النفاق،

ص: 164

وخادم لا يحتاج إلى الإنفاق، ومعلم لا يطلب أجرة على التعليم، ولا يتوقع التواضع والتسليم، لباسه من الجلود، ليس بمتكبر ولا حسود، باق في سن الشباب على توالي الأزمان، مقبول القول في جميع الملل والأديان اسمه واحدي المئات، ثنائي الآحاد والعشرات آخره نصف اوله ومنقوطه أكثر من مهمله أوله جبل عظيم وآخره في البحر مقيم خماسي الحروف، فإن نقصت منها حرفين، بقي حرف واحد وهذا عجيب وعدد بعضها يساوي مجموع حاشيتيه، وهذا أيضاً غريب، إن سقط أوله بقي شكل اللحيان، وبزيادة خمسي أوله مع ثانيه يساوي عدد عظام الإنسان عدد علامات الامتلاء بحسب الأوعية يعلم من ضعف رابعه الاثانيه، وكون الامتلاء دموياً يظهر من أكثر مبانيه خمس أوله عدد المبردات، فإن نقصت منه ثانيه بقي عدد المسخنات رابعه ينبىء عن الست الضروريات وخمس آخره يخبر عن أجناس أدلة النبضات، وقد تولد من هذا الحكيم ولدان طبيبان لبيبان أحدهما أكبر والآخر أصغر أما الأكبر فنصفه الأعلى أيبس الأعضاء اليابسات ونصفه الأسفل بعدد القوى والأعضاء الرئيسة وأجناس الحميات شكله مع شكل نصرة الداخل متساويان والسرطان فيه متوسط بين العقرب والميزان وسطان بعدد ما للبحران الجيد من العلامات، وآخراه بعدد الأمور التي يجب مراعاتها في الاستفراغات، وأما الولد الأصغر فزايد على أبيه بعدد الغير المعتدل من المزاجات فإن زدت على آخريه أنواع الرسوب، حصل عدد كل من المرطبات والمجففات، وإن زدت على أحدهما مسطح آخره عادل بسايط مقادير النبض ومركباته الثنائيات، تم اللغز وتاريخ إتمامه لغز طبيبانه بي عديل وفيه صنعة المعمى، والمراد إذا سقط لفظ عديل من قولنا لغز طبيبانه يبقى التاريخ أعني ألف واثنان انتهى.

شرح: المرطبات هي السكون والنوم واحتباس ما يستفرغ استفراغ الخلط المجفف وكثرة الغذاء والغذاء المرطب والدواء المرطب وملاقات المرطبات وملاقات ما يبرد وملاقات ما يسخن تسخيناً لطيفاً والفرح المعتدل، والمجففات الجماع والحركة والسهر وكثرة الاستفراغ وقلة الأغذية وكونها يابسة والأدوية المجففة والحركات النفسانية وملاقات المجففات البرد المجمد منه ره وهي كونه بعد تمام النضج وفي يوم محمود كالسابع وإنذار يوم مناسبه كالرابع بالسابع وكونه باستفراغ لا بانتقال ولا بإخراج، وكون استفراغه من جهة مناسبة ويحمل الأعراض اللازمة وجريان النبض على ما ينبغي وكذا القوة وأعقاب الراحة منه رحمه الله، المزاجات ثمانية أربعة بسيطة وأربعة مركبة؛ حار - بارد - رطب - يابس - حار - رطب - حار - يابس - بارد يابس.

من كلام أفلاطون الإلهي: لا يكمل عقل الرجل حتى يرضى بأن يقال: إنه مجنون.

في سورة البرائة " انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم " الآية.

قال أمير المؤمنين رضي الله عنه إنما زهد الناس في طلب العلم لما يرون من قلة انتفاع من علم بما علم.

قال بعض الحكماء: ليس من احتجب بالخلق عن الله كمن احتجب بالله عنهم.

قيل لبعض الحكماء: قد شبت وأنت شاب فلم لا تغضب فقال إن الثكلى لا تحتاج إلى الماشطة.

بعضهم

آه يا ذلي ويا خجلي!

إن يكن مني دنى أجلي

لو بذلت الروح مجتهداً

ونفيت النوم عن مقلي

كنت بالتقصير معترفاً

خائفاً من خيبة الأمل

فعلى الرحمن متكلي

لا على علمي ولا عملي

ص: 165

وبين التراقي والترائب حسرة

مكان الشجى أعي الطبيب علاجها

إذا قلت ها قد يسر الله سوغها

أبت شقوتي وازداد سد رتاجها.

الرتاج ككتاب: الباب العظيم وهو الباب المغلق، وعليه باب صغير.

سلام عليكم من محب وداده

لكل ذوي الألباب والفضل صادق.

ولكنه من نحو عشرين حجة

تراءى له من عالم الغيب شارق.

وشام وميضا من نواحي تهامة

ويا حبنا من جانب الغور بارق.

فصار له شغل عن الخلق شاغلا

ورافقه الشوق الذي لا يفارق.

يبيت له حاد إلى السير سابق

ويضحي له من كامن الوجد سائق.

وهذا هو العذر الذي قلت عنده

لخلطه من لم أرضه أنت طالق.

وآثرت عنها عزلة في غصونها

حقائق للمغزى بها ودقائق.

وماذا عسى أن تستفيق للائم

أخو الوجد أو أن يسمع العذل عاشق.

قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنما زهد الناس في طلب العلم لما يرون من قلة انتفاع من علم بما علم.

قال بعض الحكماء: ليس من احتجب بالخلق عن الله كمن احتجب بالله عنهم.

قيل لبعض الحكماء: قد شبت وأنت شاب فلم لا تخضب؟ فقال: إن الثكلى لا تحتاج إلى الماشطة.

سأل أمير المؤمنين عليه السلام بعض أصحابه فقلا: يا أمير المؤمنين، هل تسلم على مذنب هذه الأمة، فقال: يراه الله للتوحيد أهلا ولا نراه للسلام أهلا.

وقال: لا تبدين عن واضحة، وقد عملت الأعمال الفاضحة.

وقال عليه السلام: إن السبب الذي أدرك به العاجز مأمولة، هو الذي حال بين حال الحازم وطلبته.

وقالعليه السلام: إذا عظمت الذنب. فقد عظمت حق الله، وإذا صغرته فقد صغرت حق الله وما من ذنب عظمته إلا صغر عند الله؛ وما من ذنب صغرته إلا عظم عند الله، وقال رضي الله عنه: لو وجدت مؤمناً على فاحشة لسترته بثوبي، أو قال بثوبه هكذا، وقال رضي الله عنه: من اشترى ما لا يحتاج إليه باع ما يحتاج إليه،

ص: 166

وقال عليه السلام: قال رسول الله في قوله تعالى: " ويخلق ما لا تعلمون، إن الله خلق إحدى وثلاثين قبة أنتم لا تعلمون بها، فذلك قوله تعالى: " ويخلق ما لا تعلمون ".

قال واليس الحكيم: محبة المال وتد الشر، ومحبة الشر وتد العيوب، وسئل وهو في أيام شيخوخته ما حالك؟ فقال هوذا، أموت قليلاً قليلاً، وقيل له: أي الملوك أفضل، ملك اليونان أم ملك الفرس؟ فقال: من ملك غضبه وشهوته فهو أفضل وقال إذا أدركت الدنيا الهارب منها جرحته، وإذا أدركت الطالب لها قتلته، وقال: إعط حق نفسك، فإن الحق يخصمك إذا لم تعطها حقها.

قال بعض الحكماء: إن الرجل ينقطع إلى بعض ملوك الدنيا، فيرى عليه أثره، فكيف من انقطع إلى الله سبحانه، وقال: نحن نسأل أهل زماننا إلحافاً وهم يعطوننا كرها فلا هم يثابون ولا نحن يبارك لنا، سرور الدنيا أن تقنع بما رزقت، وغمها أن تغنم لما لم ترزق.

قال بعض الحكماء: الدليل على أن ما بيدك لغيرك، أن ما بيد غيرك صار بيدك، ومن كلامه: عيشة الفقر مع الأمن خير من عيشة الغنى مع الخوف.

قال الكاظم رضي الله عنه لابن يقطين: إضمن لي واحدة أضمن لك ثلاثاً إضمن أن لا تلقى أحداً من موالينا في دار الخلافة إلا قمت بقضاء حاجته، أضمن لك أن لا يصبك حد السيف أبداً ولا يظللك سقف سجن أبداً ولا يدخل الفقر بيتك أبداً.

سئل رجل حكيماً: كيف حال أخيك فلان؟ فقال مات، فقال وما سبب موته؟ قال حياته.

سمع أبو يزيد البسطامي شخصاً يقرأ هذه الآية " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " فبكى، وقال: من باع نفسه كيف له نفس؟ ! وقال بعض الحكماء إن غضب الله أشد من النار ورضاه أكبر من الجنة.

قال بعض الأكابر: يقول ما أصنع بدينا إن بقيت لم تبق لي وإن بقيت لم أبق لها.

كان بشر الحافي يقول: لا يكره الموت إلا مريب وأنا أكرهه.

قال المسيح على نبينا وعليه السلام: ليحذر من يستبطي الله في الرزق أن يغضب عليه.

ص: 167

ومن كلام بعض الحكماء أقرب ما يكون العبد من الله إذا سأله، وأقرب ما يكون من الخلق إذا لم يسألهم.

قال بعض العباد إني لأستحيي من الله سبحانه أن يراني مشغولاً عنه وهو مقبل على شعر:

سلام عليكم من محب وداده

لكل ذوي الألباب والفضل صادق

ولكنه من نحو عشرين حجة

تراءى له من عالم الغيب شارق

وشام وميضاً من نواحي تهامة

ويا حبذا من جانب الطور بارق

فصار له شغل عن الخلق شاغل

ورافقه الشوق الذي لا يفارق

يبيت له حاد إلى السير سائق

ويضحى له من كامن الوجد شائق

وهذا هو العذر الذي قلت عنده

لخلطة من لم أرضه أنت طالق

وأثرت عنها عزلة في غصونها

حقايق للمغزى بها ودقايق

وماذا عسى أن يستفيق للائم

أخو الوجد أو أن يسمع العذل عاشق

قال بعض الحكماء: لست منتفعاً بما تعلم إذا لم تعمل بما تعلم، فإن زدت في علمك، فأنت مثل رجل حزم حزمة من حطب وأراد حملها فلم يطق فوضعها وزاد عليها.

قال بعض المفسرين في قوله تعالى: " وأما السائل فلا تنهر " ليس هو سائل الطعام، ولكنه سائل العلم.

قال بعض ولاة البصرة لبعض النساك: ادع لي، فقال: إن بالباب من يدعو عليك قال بعض الحكماء: إذا أردت أن تعرف قدر الدنيا فانظر عند من هي؟ وقال حق على الرجل العاقل الفاضل أن يجتنب مجلسه ثلاثة أشياء الدعابة وذكر النساء، والكلام في المطاعم.

قيل لإبراهيم بن أدهم: لم لا تصحب الناس؟ فقال إن صحبت من هو دوني آذاني بجهله وإن صحبت من هو فوقي تكبر علي، وإن صحبت من هو مثلي حسدني، فاشتغلت بمن ليس في صحبته ملال، ولا في وصله انقطاع، ولا في الأنس به وحشة. دعاء: يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، أسألك بنبيك نبي الرحمة وعترته أئمة الأمة أن تصلي عليه وأن تجعل لي من أمري فرجاً قريباً ومخرجاً وحياً وخلاصاً عاجلاً إنك على كل شيء قدير.

في الحديث: إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ومن كلام بعض الأكابر: ليس العيد لمن لبس الجديد إنما العيد لمن أمن من الوعيد.

سئل بعض الرهبان: متى عيدكم؟ فقال يوم لا نعصي فيه الله سبحانه فذلك عيدنا ليس العيد لمن لبس الفاخرة، إنما العيد لمن أمن عذاب الآخرة، ليس العيد لمن لبس الرقيق إنما العيد لمن عرف الطريق.

ص: 168

من كلام بعض الحكماء: لا تقعد حتى تقعد، وإذا قعدت كنت أعز مقاماً، ولا تنطق حتى تستنطق، فإذا استنطقه كنت أعلى كلاماً.

قال جامعه من خط جدي رحمه الله:

كم تذهب يا عمري في خسران

ما أإفلني عنك وما ألهاني.

إن لم يكن الآن صلاحي فمتى

هل بعدك يا عمري عمر ثاني.

ؤلبعضهم:

يا من هجروا وغيروا أحواللي

ما لي جلد على تواكم ما لي.

عودوا بوصالكم علة مدنفكم

فالعمر قد انقضى وحالي حالي.

لجار الله الزمخشري:

كثر الشك والخلاف وكل

يدعي الفوز بالصراط السوي.

فاعتصامي بلا إله سواه

ثم حبي لا حمد وعلي.

فاز كلب بحب أصحاب كهف

كيف أشقى بحب آل النبي.

نعم ما قال: أعيني لم لا تبكيان على عمري

تناثر عمي من لدي ولا أدري.

إذا كنت جاوزت خمسين حجة

ولم أتأهب للمعاد فملا عذري

وروى شيخ الطايفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي طاب ثراه في كتاب الأخبار بطريق حسن عن الباقر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً في المسجد فدخل رجل فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده، فقال النبي: نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهذه صلاته ليموتن على غير ديني.

من كلام بعض أكابر الصوفية: إن فوت الوقت أشد عند أصحاب الحقيقة من فوت الروح، لأن فوت الروح انقطاع عن الخلق وفوت الوقت انقطاع عن الحق.

قال أبو علي الدقاق وقد سئل عن الحديث المشهور من تواضع لغني ذهب ثلثا دينه، إن المرء بقلبه ولسانه وجوارحه، فمن تواضع لغني بلسانه وجوارحه ذهب ثلثا دينه، فإن تواضع بقلبه أيضاً ذهب دينه كله.

لم أكن للوصال أهلاً ولكن

أنت صيرتني لذلك أهلا

ص: 169

أنت أحييتني وقد كنت ميتاً

ثم بدلتني بجهلي عقلا

قال جامعه مما نقله جدي رحمه الله من خط السيد الجليل الطاهر ذي المناقب والمفاخر السيد رضي الدين علي بن طاووس قدس الله روحه من الجزء الثامن أو الثاني في كتاب الزيارات لمحمد بن أحمد بن داود القمي ره أن أبا حمزة الثمالي قال للصادق رضي الله عنه: إني رأيت أصحابنا يأخذون من طين قبر الحسين يستشفون به فهل في ذلك شيء مما يقولون من الشفا؟ فقال يستشفى ما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال وكذلك قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك قبر الحسن وعلي ومحمد فخذ منها فإنها شفاء من كل سقم وجنة مما يخاف، ثم أمر بتعظيمها وأخذها باليقين بالبرء وبختمها إذا أخذت.

ومن الكتاب المذكور عن الصادق رضي الله عنه من أصابته علة لا تتداوى فتداوى بطين قبر الحسين رضي الله عنه شفاه الله من تلك العلة إلا أن يكون علة السام، ومن الكتاب المذكور: روي أن الحسين رضي الله عنه اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوا والغاضرية بستين ألف درهم، وتصدق بها عليهم وشرط أن يرشدوا إلى قبره ويضيفوا من زاره ثلاثة أيام، وقال الصادق رضي الله عنه: حرم الحسين رضي الله عنه الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال فهو حلال لولده ومواليه حرام على غيرهم ممن خالفهم، وفيه البركة.

ذكر السيد الجليل السيد رضي الدين بن طاووس رحمه الله أنها إنما صارت حلالاً بعد الصدقة، لأنهم لم يفوا بالشرط، قال: وقد روى محمد بن داود عدم وفائهم بالشرط في باب نوادر الزيارات. في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه فاقبلوا رخص الله ولا تكونوا كبني إسرائيل حين شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم.

من خط جدي طاب ثراه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: صوم ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صوم الدهر ويذهب بوحر الصدر؛ الوحر: مشتق من الوحرة بتحريك الواو والحاء والراء وهي دويبة حمراء تلصق باللحم وتكره العرب أكله للصوقها به ودبيبها عليه.

قال الشاعر يذم قوماً ويصفهم بالبخل:

رب أضياف بقوم نزلوا

فقروا أضيافهم لحماً وحر

وسقوهم في إناء كلع

لبناً من دم مخراط فئر

ص: 170

الإناء الكلع: هو ما تراكم عليه الوسخ

المخراط: الناقة التي بها مرض ويكون لبنها معقداً، وفيه دم، والفئر ما شربت منه الفارة.

في الحديث: خير الخيل الأدهم الأرثم الأقرح المحجل طلق اليمين، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشبه. الأدهم: الأسود، والأقرح: الذي في جبهته بياض بقدر الدرهم، والأرثم ما في أنفه وشفته العليا بياض، والتحجيل بياض قوايم الفرس قل أو كثر بعد أن لا يجوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين والطلق بضم الطاء عدم التحجيل.

من كلام مولانا أمير المؤمنين رضي الله عنه: جهل المرء بعيوبه من أكبر ذنوبه.

ومن كلامه: احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأنعم على من شئت تكن أميره.

عن أمير المؤمنين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد سداد السهم. وسداد السهم: ذهابه على الاستقامة نحو الغرض.

قال بعض الأعلام: في الحديث دلالة ظاهرة على أنه ينبغي في الدعا ملاحظة الداعي لمعانيه وقصدها على الوجه الأتم مما يقرأ للأمر المهم وللأوجاع منقول عن الصادق رضي الله عنه يقول ثلاث مرات: الله الله ربي حقاً لا أشرك به أحداً اللهم أنت لها ولكل عظيمة ففرجها عني وإن قرأتها للوجع فضع يدك حال قرائته على المكان الوجع.

قال بعض الأكابر من السلف: التوبة اليوم رخيصة مبذولة، وغداً غير مقبولة شعر الحسين رضي الله عنه:

إغن عن المخلوق بالخالق

تغن عن الكاذب بالصادق

واسترزق الرحمن من فضله

فليس غير الله من رازق

من كلام العرب وهو يجري مجرى الأمثال قولهم: أعطني قلبك والقني متى شئت يريدون إن الاعتبار بخلوص المودة لا بكثرة اللقاء.

ص: 171