المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تحقيق معنى العلم والمعرفة - الكشكول - جـ ١

[البهاء العاملي]

الفصل: ‌تحقيق معنى العلم والمعرفة

واللاشيء وعن دين لا يقبل الله غيره؟ وعن مفتاح الصلاح وعن غرس الجنة؟ وعن صلاة كل شيء وعن أربعة فيهم الروح ولم يرتكضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء؟ وعن رجل لا أب له وعن رجل لا قوم له؟ وعن قبر جرى بصاحبه؟ وعن قوس قزح ما هو؟ وعن بقعة طلعت عليها الشمس مرة واحدة ولم تطلع عليها سابقاً ولا لاحقاً؟ وعن ظاعن ظعن مرة ولم يظعن قبلها ولا بعدها؟ وعن شجرة نبتت من غير ماء؟ وعن شيء يتنفس ولا روح له وعن اليوم وعن أمس وغد وبعد غد؟ وعن البرق والرعد وصوته؟ وعن المحق الذي في القمر؟ فقيل لمعاوية: لست هناك ومتى أخطأت في شيء من ذلك تسقط من عينه فاكتب إلى ابن عباس يخبرك عن هذه المسألة، فكتب إليه فأجابه بقوله: أما الشيء قال الله تعالى: " وجعلنا من الماء كل شيء حي " وأما قوله لا شيء: فإنما هو الدنيا، لأنها تبيد وتفنى. وأما دين لا يقبل الله غيره فلا إله إلا الله ومحمد رسول الله. وأما مفتاح الصلاة فالله أكبر، وأما غرس الجنة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وأما صلاة كل شيء فسبحان الله وبحمده. وأما الأربعة التي فيهم الروح ولم يرتكضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء فآدم وحواء وعصاء موسى والكبش الذي فدى به إسحاق.

وأما الرجل الذي لا أب له فالمسيح. وأما الرجل الذي لا قوم له فآدم: وأما القبر الذي جرى بصاحبه فالحوت سار بيونس في البحر. وأما قوس قزح فأمان الله تعالى لعباده من الغرق.

وأما البقعة التي طلعت عليها الشمس مرة واحدة فالبحر الذي انفلق لبني إسرائيل. وأما الظاعن الذي ظعن مرة ولم يظعن قبلها ولا بعدها فجبل طور سيناء كان بينه وبين الأرض المقدسة أربع ليال، فلما عصت بنوا إسرائيل، أطاره الله بجناحيه، فنادى مناد إن قبلتم التوراة كشفته عنكم، وإلا ألقيته عليكم فأخذوا التوراة معتذرين، فرده الله تعالى على يونس عليه السلام وأما الذي يتنفس ولا روح له فالصبح. وأما اليوم فعمل، وأما أمس فمثل وأما غد فأجل وأما بعد غد فأمل وأما البرق فمخاريق بأيدي الملائكة تضرب به السحاب وصوته زجره، وأما المحق الذي في القمر فقول الله عز وجل:" وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة " ولولا ذلك المحق لم تعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل.

‌تحقيق معنى العلم والمعرفة

قال الشريف حاشيته على شرح مطالع الأنوار في تحقيق معنى العلم

ص: 300

والمعرفة ثم إن ها هنا معنيين آخرين الإشارة في الكتاب إليهما أحدهما أن المعرفة تطلق على الإدراك الذي بعد الجهل، والثاني أنها تطلق على الأخير من الإدراكين لشيء واحد يتخلل بينهما عدم ولا يعتبر شيء من هذين القيدين في العلم، ولهذا لا يوصف الباري تعالى بالعارف ويوصف بالعالم.

وقال المحقق الدواني في هذا المقام: ومعنى آخر ذكره الراغب وغيره وهو أن المعرفة العلم بالشيء من قبل آثاره، وكأنه مأخوذ من العرف، بمعنى الرائحة كما يقال. بهذا المعنى، انتهى كلامهما.

القصيدة اللامية للطغرائي الأصفهاني

أصالة الرأي صانتني عن الخطل

وحيلة الفضل زانتني لدى العطل

مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع

والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل

ناء عن الأهل صفر الكف منفرد

كالسيف عرى متناه عن الخلل

فيم الإقامة بالزوراء لا سكني

بها ولا ناقتي فيها ولا جملي

فلا صديق إليه مشتكى حزني

ولا أنيس إليه منتهى جذلي

طال اغترابي حتى حن راحلتي

ورحلها وقرى العسالة الذبل

وضج من لغب نضوى وعج لما

ألقى ركابي ولج الركب في عذلي

أريد بسطة كفٍّ أستعين بها

على قضاء حقوق للعلى قبلي

والدهر يعكس آمالي ويقنعني

من الغنيمة بعد الكد بالقفل

وذي شطاط كصدر الرمح معتقل

بمثله غير هياب ولا وكل

حولوا الفكاهة مر الجد قد مرجت

بشدة البأس منه رقة الغزل

طردت سرح الكرى عن ورد مقتله

والليل أغرى سوام النوم بالمقل

والركيب ميل على الأكوار من طرب

صاح وآخر من خمر الهوى ثمل

فقلت أدعوك للجلى لتنصرني

وأنت تخذلني في الحادث الجلل

ص: 301

تنام عيني وعين النجم ساهرة

وتستحيل وصبغ الليل لم يحل

فهل تعين على غي هممت به؟

والغي يزجر أحياناً عن الفشل

إني أريد طروق الحي من أضم

وقد حماه رماة من بني ثعل

يحمون بالبيض والسمر اللدان به

سود الغدائر حمر الحلي والحلل فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً

فنفحة الطيب تهدينا إلى الحلل

فالحب حيث العدى والأسد رابضة

حول الكناس لها غاب من الأسل

نؤم ناشية بالجزع قد سقيت

نصالها بمياه الغنج والكحل

قد زاد طيب أحاديث الكرام بها

ما بالكرائم من جبن ومن بخل

تبينت نار الهوى منهن في كبد

حرى ونار القرى منهم على القلل

يقتلن أنضاء حبٍّ لا حراك به

وينحرون كرام الخيل والإبل

يشفى لذيع العوالي في بيوتهم

بنهلة من غدير الخمر والعسل

لعل إلمامة بالجزع ثانية

يدب منها نسيم البرء من عللي

لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت

برشقة من نبال الأعين النجل

ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني

باللمح من خلل الأستار والكلل

ولا أخل بغزلان أغازلها

ولو دهتني أسود الغاب بالغيل

حب السلامة يثني عزم صاحبه

عن المعاني ويغري المرء بالكسل

فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً

في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل

ودع غمار العلى للمقدمين على

ركوبها واقتنع منهن بالبلل

رضى الذليل بخفض العيش مسكنة

والعز عند رسوم الأنيق الذلل

فادرأ بها في نحور البيد حافلة

معارضات متون اللجم بالجدل

إن العلى حدثتني وهي صادقة

فيما تحدث أن العز في النقل

لو أن في شرف المأوى بلوغ منى

لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل

أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً

والحظ عني بالجهال في شغل

لعله إن بدا فضلي ونقصهم

لعينه نام عنهم أو تنبه لي

أعلل النفس بالآمال أرقبها

ما أضيق العمر لولا فسحة الأمل

ص: 302

لم أرض بالعيش والأيام مقبلة

فكيف أرضى؟ وقد ولت على عجل

غالي بنفسي عرفاني بقيمتها

فصنتها عن رخيص القدر مبتذل

وعادة النصل السيف أن يزهى بجوهره

وليس يعمل إلا في يدي بطل

ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني

حتى أرى دولة الأوغاد والسفل

تقدمتني أناس كان شوطهم

وراء خطوي لو أمشي على مهل

هذا جزاء امرء أقرانه درجوا

من قبله فتمنى فسحة الأمل

وإن علاني من دوني فلا عجب

لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل

فاصبر لها غير محتال ولا ضجر

في حادث الدهر ما يغني عن الحيل

أعدي عدوك أدنى من وثقت به

فحاذر الناس واصحبهم على دخل

فإنما رجل الدنيا وواحدها

من لا يعول في الدنيا على رجل

وحسن ظنك بالأيام معجزة

فظن شراً وكن منها على وجل

غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت

مسافة الخلف بين القول والعمل

وشأن صدقك عند الناس كذبهم

وهل يطابق معوج بمعتدل؟

إن كان ينجع شيئاً في ثباتهم

على العهود فسبق السيف للعذل

يا وارداً سؤر عيش صفوه كدر

أنفقت عمرك في أيامك الأول

فيم اقتحامك لج البحر تركبه

وأنت تكفيك منه مصة الوشل

ملك القناعة لا يخشى عليه ولا

يحتاج فيه إلى الأعوان والخول

إقنع تجل ولا تطمع تذل ولا

تعجل تزل ولا تغتر بالمهل

ترجو البقاء بدار لا ثبات لها

وهل سمعت بظل غير منتقل؟

ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً

اصمت ففي اصمت منجاة من الزلل قد رشحوك لأمر لو فطنت له

فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

لشهاب الدين ابن عنيز الوراق

شكا ابن المؤيد من عزله

وذم الزمان وأبدى السفه

فقلت له لا تذم الزمان

فتظلم أيامه المنصفه

ولا تعجبن إذا ما صرفت

فلا عدل فيك ولا معرفه

ص: 303