المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: الحبس في الدين - أقضية الحسن البصري في كتاب أخبار القضاة لوكيع

[منى الحجيلي]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌شكر وتقدير

- ‌المستخلص

- ‌المقدمة

- ‌مشكلة البحث:

- ‌أهداف البحث:

- ‌أهمية البحث:

- ‌مصطلحات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌منهج البحث:

- ‌تقسيمات البحث:

- ‌الفصل الأول: التعريف بالحسن البصري و الامام وكيع وكتابه أخبار القضاة

- ‌المبحث الأول: التعريف بالإمام الحسن البصري

- ‌المبحث الثاني: التعريف بوكيع وكتابه أخبار القضاة

- ‌المطلب الأول: التعريف بالإمام وكيع:

- ‌المطلب الثاني: التعريف بكتاب أخبار القضاة

- ‌الفصل الثاني: أقضية الحسن البصري في كتاب أخبار القضاة لوكيع وتطبيقاتها في المحاكم السعودية

- ‌المبحث الأول: دراسة لأقضية الحسن البصري في كتاب البيوع

- ‌المطلب الأول: الحبس في الدَّين

- ‌المطلب الثاني: المضاربة(1)في مال اليتيم

- ‌المبحث الثاني: دراسة لأقضية الحسن البصري في كتاب الأسرة

- ‌المطلب الأول: حكم العنين

- ‌المطلب الثاني: شرط الدار في عقد النكاح

- ‌المطلب الثالث: دعوى الزوجة الطلاق وانكار الزوج

- ‌المطلب الرابع: الحضانة

- ‌المبحث الثالث: دراسة لأقضية الحسن البصري في كتاب الحدود

- ‌المطلب الأول: إكراه المرأة على الزنا (الاغتصاب)

- ‌المبحث الرابع: دراسة لأقضية الحسن البصري في باب القضاء

- ‌المطلب الأول: كتاب القاضي

- ‌المطلب الثاني: الأجرة على القضاء

- ‌المبحث الخامس: دراسة لأقضية الحسن البصري في باب الشهادة

- ‌المطلب الأول: عدالة الشاهد

- ‌المطلب الثاني: الشهادة على رؤية الهلال

- ‌الخاتمة

- ‌المراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: الحبس في الدين

‌الفصل الثاني: أقضية الحسن البصري في كتاب أخبار القضاة لوكيع وتطبيقاتها في المحاكم السعودية

، وفيه خمسة مباحث:

‌المبحث الأول: دراسة لأقضية الحسن البصري في كتاب البيوع

، وفيه مطلبان:

‌المطلب الأول: الحبس في الدَّين

تمهيد:

• تعريف الحبس في الدَّين:

• تعريف الحبس في اللغة:

• تعريف الحبس في الاصطلاح:

هو منع المرء من التصرف المعتاد.

(1)

قال ابن القيم

(2)

: "الحبس الشرعي ليس هو السجن في مكان ضيق، وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه سواء كان في بيت أو مسجد، أو كان بتوكيل نفس الخصم أو وكيله عليه، وملازمته له".

(3)

• العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:

علاقة عموم وخصوص، فاللغوي أعم من الاصطلاحي لأنه يشمل أكثر من معنى.

• تعريف الدَّين في اللغة:

هو كلُّ شيءٍ لم يكن حاضراً، وجمعه دُيُون، وأَدَنْتُ فلاناً أي أَعطيتُه دَيْناً. ورجلٌ مَدْيُون: قد رَكِبَه دَينٌ، ورجلٌ دائِنٌ: عليه دَينٌ، وقد استَدانَ وتَدَيَّنَ وأدان بمعنى واحد.

(4)

(1)

انظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي ص: 537؛ الصحاح تاج اللغة للجوهري 3/ 915؛ لسان العرب لابن منظور 6/ 44؛ العين للفراهيدي 3/ 150. مادة "حبس"، " بتصرف".

(2)

انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 15/ 136 "بتصرف".

(3)

محمد بن أبي بكر بنِ أيوبَ الدمشقي، ابن قيم الجوزية، ولد سنة 691 م، تلميذ ابن تيمية، وكان عارفا بالتفسير وأصول الدين والحديث والفقه، وله في العربية وكلام أهل التصوف وطرقهم، صنف أكثر من ثلاثين مصنفا منها: زاد المعاد، شرح منازل السائرين، توفي سنة 751 هـ. انظر: التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول للقنوجي ص: 409.

(4)

الطرق الحكمية لابن القيم ص: 89.

ص: 45

• تعريف الدَّين في الاصطلاح:

اختلف العلماء في تعريفهم للدَّين:

عرفه ابن الهمام

(1)

بقوله: "اسم لمال واجب في الذمة يكون بدلا عن مال أتلفه أو قرض اقترضه أو مبيع عُقد بيعه أو منفعة عُقد عليها أو استئجار عين".

(2)

وقال الحموي

(3)

: "وجوب مال في الذمة بدلاً عن شيء آخر".

(4)

وعرفه ابن عابدين

(5)

بقوله: "ما وجب في الذمة بعقد أو استهلاك، وما صار في ذمته ديناً باستقراضه".

(6)

و عرفه القرطبي

(7)

بقوله: "عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقدا والآخر في الذمة نسيئة".

(8)

(1)

كمال الدين محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد، المعروف بابن الهمام، ولد تقريبًا سنة تسعين وسبعمائة، إمام من أئمة الحنفية، تقدم على أقرانه في أنواع العلوم، من الفقه والأصول والنحو والمعاني وغيرها، من تصانيفه: التحرير في أصول الفقه، فتح القدير، توفي سنة إحدى وستين وثمانمائة. انظر: حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة للسيوطي 1/ 474.

(2)

فتح القدير لابن الهمام 7/ 221.

(3)

أحمد بن محمد مكي، شهاب الدين الحموي، من علماء الحنفية، له تصانيف كثيرة منها: غمز عيون البصائر، نفحات القرب والاتصال وغيرها، توفي سنة 1098 هـ. انظر: الأعلام للزركلي 1/ 239.

(4)

غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر للحموي 4/ 5.

(5)

محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين، فقيه الديار الشامية وإمام الحنفية في عصره، ولد سنة 1198 هـ، له عدة تصانيف منها: رد المحتار على الدر المختار، نسمات الأسحار على شرح المنار. توفي بدمشق سنة 1252 هـ. انظر: الأعلام للزركلي 6/ 42.

(6)

حاشية ابن عابدين 5/ 157.

(7)

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري القرطبي، إمام متبحر في العلم، كثير الإطلاع ويدل على ذلك تصانيفه ومنها: الجامع لأحكام القرآن، التذكرة، توفي سنة 671 هـ. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي 15/ 229.

(8)

تفسير القرطبي 3/ 377.

ص: 46

وفي الموسوعة الفقهية عُرف الدَّين بأنه: "ما يثبت في الذمة من مال بسبب يقتضي ثبوته".

(1)

وفي مجلة الأحكام العدلية عُرف الدَّين بأنه:"ما ثبت في الذمة، كمقدار من الدراهم في ذمة رجل، ومقدار منها ليس بحاضر".

(2)

• العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:

علاقة عموم وخصوص، فاللغوي أعم من الاصطلاحي لأنه يشمل أكثر من معنى.

• أنواع الحبس وشروطه:

• أنواع الحبس:

ينقسم الحبس إلى نوعين:

1.

الحبس للعقوبة:

ويكون في الأفعال والجرائم التي لم تشرع فيها الحدود، سواء أكان فيها حق الله تعالى أم كان فيها حق الآدمي، والأصل في هذا أن الحبس فرع من التعزير.

(3)

2.

الحبس للاستيثاق

(4)

:

وهو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه بقصد الاستيثاق، وضمان عدم الهرب، لا بقصد التعزير والعقوبة.

(5)

وهي ثلاثة أقسام:

أ- الحبس للتهمة

(6)

:

(1)

الموسوعة الفقهية الكويتية 21/ 103.

(2)

مجلة الأحكام العدلية (المادة:158) ص 33 - 34.

(3)

انظر: الأحكام السلطانية للماوردي ص: 274؛ السياسية الشرعية لابن تيمية ص 91؛ الفروق للقرافي 4/ 79 - 80؛ أسنى المطالب للسنيكي 4/ 161.

(4)

وثق لغة: إحكام الأمر وأخذه بالشيء الموثوق به. انظر: لسان العرب لابن منظور مادة (وثق) 10/ 370.

(5)

الفروق للكرابيسي 1/ 286؛ بدائع الصنائع للكاساني 7/ 65؛ الموسوعة الفقهية الكويتية 16/ 292.

(6)

التهمة في كلام الفقهاء هي: إخبار بحق لله أو لآدمي على مطلوب تعذرت إقامة الحجة الشرعية عليه في غالب الأحوال. انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية 16/ 292؛ أو كما عرفها نزار رجا: ما ينسب إلى إنسانٍ من تصرف معين -محظور أو غير محظور-، بناءً على قرينة ما، يستوجب عقوبة، أو رد الحق، على تقدير ثبوته بالأدلة الشرعية. انظر: أحكام المتهم في الفقه الإسلامي مقارنة بالقانون الوضعي لنزار رجا ص 11.

ص: 47

هو تعويق ذي الريبة عن التصرف بنفسه حتى يبين أمره فيما ادعي عليه من حق الله أو الآدمي المعاقب عليه. ويقال له أيضا حبس الاستظهار ليكتشف به ما وراءه.

(1)

ب- الحبس للاحتراز

(2)

:

هو التحفظ للمصلحة العامة على من يتوقع حدوث ضرر بتركه، ولا يستلزم وجود تهمة.

(3)

ج- الحبس لتنفيذ عقوبة أخرى:

وهي إذا حال دون تنفيذ العقوبة المحكوم بها أمر عارض أرجئ التنفيذ حتى يزول العذر، فإذا خيف هرب المطلوب تنفيذ العقوبة عليه جاز حبسه

(4)

.

• شروط الحبس في الدَّين

(5)

:

1.

أن يكون الدَّين حالاً لا مؤجلاً.

2.

أن يكون المديون قادر على قضاء الدين.

3.

أن يكون مماطلاً.

4.

أن يكون من عليه الدين ممن سوى الوالدين.

5.

أن يطلب صاحب الدين من القاضي حبس المديون.

حكم الحبس في الدين:

• قضاء الحسن البصري:

(1)

انظر: الطرق الحكمية لابن القيم ص: 88 - 91؛ ومعالم السنن للخطابي 4/ 179.

(2)

الاحتراز لغة: التحفظ على الشيء توقياً. انظر: القاموس المحيط للفيروز آبادي مادة (حرز) 1/ 508.

(3)

انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية 16/ 294.

(4)

انظر: حاشية ابن عابدين 4/ 16؛ المدونة للإمام مالك 4/ 514؛ أسنى المطالب في شرح روض الطالب للسنيكي 4/ 133.

(5)

انظر: بدائع الصنائع للكاساني 7/ 173؛ المدونة للإمام مالك 4/ 59؛ الحاوي الكبير للماوردي 6/ 334؛ نهاية المطلب في دراية المذهب للجويني 6/ 418؛ شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/ 157؛ العدة شرح العمدة للمقدسي ص: 267.

ص: 48

قضى الحسن البصري رحمه الله بأن المديون المعسر لا يحبس

(1)

، وقضى بأن الموسر يحبس في الدين

(2)

.

• تحرير محل النزاع:

اتفق أئمة المذاهب الأربعة على أن لا حبس على المعسر، وأن من ادعى الافلاس ولم يعلم صدقه يحبس حتى يتبين أمره.

(3)

قال ابن رشد

(4)

: "وأما المفلس الذي لا مال له أصلاً، فإن فقهاء الأمصار مجمعون على أن العدم له تأثير في إسقاط الدين إلى وقت ميسرته، إلا ما حكي عن عمر بن عبد العزيز أن لهم أن يؤاخروه، وقال به أحمد

(5)

من فقهاء الأمصار

(6)

.

(1)

قال وكيع: قال حاتم بن الليث: حدثنا مسلم، قال: حدثنا أبو هلال، عن غالب القطان، قال: شهدت الحسن وهو قاض، أقر عنده رجل بدين، فقال: احبسه لي، قال: هل تعلم له مالاً فتأخذه فنعطيك، أو شيئاً له يبيعه فندفع إليك ثمنه؟ قال: لا، قال: فإني لا أحبسه حتى يكد على نفسه وعياله. انظر: أخيار القضاة لوكيع ص 237.

(2)

انظر: المغني لابن قدامة 4/ 339.

(3)

انظر: بدائع الصنائع للكاساني 7/ 173؛ المدونة للإمام مالك 4/ 59؛ شرح التلقين للمازري 3/ 386؛ المجموع شرح المهذب للنووي 13/ 276؛ فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي 5/ 25؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 5/ 275 - 280.

(4)

ابن رشد الحفيد محمد بن أحمد بن محمد القرطبي،، ولد سنة عشرين وخمس مائة، العلامة، فيلسوف الوقت، ولي القضاء، له عدة تصانيف منها: بداية المجتهد، الكليات في الطب، مختصر المستصفى، توفي سنة 595 ه. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 21/ 307.

(5)

أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، أحد الأئمة الأعلام، المحدث، الفقيه، ولد عام 164 هـ، طلب العلم وعمره خمسة عشر عاماً، من مؤلفاته: المسند. توفي عام 241 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 11/ 177.

(6)

قال ابن مفلح: " ونص أحمد وحققو أصحابه على حبسه" انظر: الفروع لابن مفلح 11/ 196.

ص: 49

وكلهم مجمعون على أن المدين إذا ادعى الفلس، ولم يعلم صدقه أنه يحبس حتى يتبين صدقه أو يقر له بذلك صاحب الدين، فإذا كان ذلك خلي سبيله"

(1)

.

• أقوال العلماء:

اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم الحبس في الدَّين على قولين:

القول الأول:

أن الحبس في الدَّين جائز، وقال به جمهور الفقهاء من الحنفية

(2)

، والمالكية

(3)

، والشافعية

(4)

، والحنابلة

(5)

، وشريح

(6)

، والشعبي

(7)

، والحسن البصري.

(8)

القول الثاني:

(1)

بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 4/ 76.

(2)

انظر: حاشية ابن عابدين 5/ 280؛ بدائع الصنائع للكاساني 7/ 173؛ المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازه 8/ 233؛ المبسوط للسرخسي 20/ 96.

(3)

انظر: المدونة للامام مالك 4/ 60؛ شرح التلقين للمازري 3/ 386؛ التفريع في فقه الامام مالك لابن الجلّاب 2/ 257؛ بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 4/ 75.

(4)

انظر: الأم للشافعي 3/ 217؛ الحاوي الكبير للماوردي 6/ 333؛ تكملة المجموع شرح المهذب للنووي 13/ 276؛ روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي 4/ 136؛ فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي 5/ 26.

(5)

انظر: مسائل الإمام أحمد راوية ابنه أبي الفضل صالح 2/ 274؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 5/ 275؛ المغني لابن قدامة 4/ 338 - 340.

(6)

مصنف عبد الرزاق الصنعاني، ح 15310، كتاب البيوع، باب الحبس في الدين، 8/ 305.

(7)

مصنف عبد الرزاق الصنعاني، ح 15311، كتاب البيوع، باب الحبس في الدين، 8/ 306.

(8)

انظر: المغني لابن قدامة 4/ 339.

ص: 50

أن الحبس في الدين لا يجوز، وقال به عمر بن عبد العزيز، والليث بن سعد

(1)

، وابن هبيرة

(2)

.

(3)

• سبب الخلاف:

اختلفوا في معنى العقوبة في قوله صلى الله عليه وسلم: "لَيُّ

(4)

الوَاجِدِ

(5)

يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ "

(6)

، فالقائلين بالجواز يرون أن الحبس نوع من العقوبة، والقائلين بعدم الجواز لا يرون ذلك.

• الأدلة:

• استدل القائلون بأن الحبس في الدَّين جائز بالسنة والأثر والقياس:

أولا: من السنة:

1.

قال صلى الله عليه وسلم: " إن لصاحب الحق اليد واللسان ".

(7)

(1)

الليث بن سعد بن عبد الرحمن، مولى خالد بن ثابت، الإمام، الحافظ، ولد سنة أربع وتسعين، استقل بالفتوى، وكان ثقة، كثير الحديث، توفي سنة خمس وسبعين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 8/ 136.

(2)

ابن هبيرة أبو المظفر يحيى بن محمد الشيباني، ولد سنة تسع وتسعين وأربع مائة، الإمام، الوزير العادل، جالس العلماء والفقهاء، وبرع في عدة فنون، وكان له عدة تصانيف منها: الإفصاح عن معاني الصحاح، العبادات، توفي سنة ستين وخمس مائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 20/ 426.

(3)

انظر: المدونة للامام مالك 4/ 60؛ الحاوي الكبير للماوردي 6/ 333؛ المغني لابن قدامة 4/ 339؛ المبدع في شرح المقنع لابن مفلح 4/ 283.

(4)

الليُّ - بِفَتْح اللَّام وَتَشْديد الْيَاء - المطل. انظر: البدر المنير لابن الملقن 6/ 656.

(5)

الواجد - بِالْجِيم- الْمُوسر. انظر: البدر المنير لابن الملقن 6/ 656.

(6)

صحيح البخاري، 3/ 118. ذكره البخاري معلقاً بصيغة التمريض، قال الحافظ: "إسناده حسن ". انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري 5/ 62. قال ابن الملقن: هذا الحديث صحيح. انظر: البدر المنير 6/ 656.

(7)

سنن الدارقطني، (ح 4553)، 5/ 415. الحكم على الحديث: حديث مرسل، ووجه ارساله: أنه من رواية مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: اتحاف المهرة لابن حجر 19/ 559.

ص: 51

وجه الدلالة:

يدل الحديث على أن المراد من اليد الحبس.

(1)

2.

قال صلى الله عليه وسلم: "لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ ".

وجه الدلالة:

يدل الحديث على أن العقوبة مطلقة، والحبس نوع من العقوبة فهو من جملة المطلق.

(2)

3.

"أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلاً في تهمة".

(3)

وجه الدلالة:

يدل الحديث على أنه إذا استحق الحبس في التهمة، فبالظلم أحرى أن يستحقه.

(4)

ثانيا: من الأثر:

1.

بَنَى علي رضي الله عنه سجنا فسماه نَافِعًا، ثم بدا له فكسره، وبنى أحصن منه

(5)

، وكان رضي الله عنه يحبس في الدين

(6)

.

ثالثاً: من المعقول:

1.

أن المديون تعدى على صاحب الحق بمنع ماله عنه، وحال بينه وبين منافع ماله، فيحال بينه وبين منافع نفسه، ليكون حيلولة بإزاء حيلولة.

(7)

2.

أن الحبس جزاء الظلم المتحقق بتأخير قضاء الدين.

(8)

(1)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازه 8/ 232؛ كفاية النبيه في شرح التنبيه لابن الرفعه 9/ 475.

(2)

انظر: نيل الاوطار للشوكاني 8/ 349 "بتصرف".

(3)

سنن أبي داوود، (ح 3630)، 2/ 314؛ سنن الترمذي، (ح 1417)، 3/ 80؛ السنن الصغرى للنسائي، (ح 4876)، 8/ 67؛ المعجم الكبير للطبراني، (ح 998)، 19/ 414؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، (ح 7063)، 4/ 114؛ السنن الصغير للبيهقي، (ح 2059)، 2/ 295؛ من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حَيْدَةَ القشيري، الحكم على الحديث: اسناده حسن للخلاف في بهز بن حكيم. انظر: نصب الراية للزيلعي 3/ 310.

(4)

انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص 3/ 171؛ الحاوي الكبير للماوردي 6/ 334.

(5)

مصنف ابن أبي شيبة، (ح 26034)، 5/ 275.

(6)

مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (ح 15312)، 8/ 306.

(7)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازه 8/ 232.

(8)

انظر: بدائع الصنائع للكاساني 7/ 173.

ص: 52

3.

أن القاضي وُضع لإيصال الحقوق إلى أربابها، فإذا امتنع المطلوب عن الأداء فعلى القاضي جبره عليه، ولا يجبر بالضرب فتعين الحبس.

(1)

4.

أن الحبس أمر ضروري في استيفاء الناس حقوقهم بعضهم من بعض.

(2)

5.

أن الحبس يتوصل به إلى استيفاء الحق، فكان واجباً لأن ما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب.

(3)

• استدل القائلين بأن الحبس في الدَّين لا يجوز بالآتي:

1.

"مضت السنة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أنه لا يحبس في الديون، لكن يتلازم الخصمان".

(4)

2.

أن النبي صلى الله عليه وسلم ما حبس في دين قط.

(5)

• مناقشة الأدلة:

اعترض على أدلة القائلين بأن الحبس في الدَّين جائز بالآتي:

• ما استدللتم به من حديث: "إن لصاحب الحق اليد واللسان" مردود:

بأن الحديث مرسل لأنه من رواية مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم

(6)

.

اعترض على أدلة القائلين بأن الحبس في الدَّين لا يجوز بالآتي:

• ما استدللتم به من "أن السنة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أنه لا يحبس في الديون، لكن يتلازم الخصمان"، و "أن النبي صلى الله عليه وسلم ما حبس في دين قط" مردود بالآتي:

1.

أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة فمن باب أولى حبس الظالم.

(7)

2.

أن علياً رضي الله عنه حبس في الدين.

(8)

(1)

انظر: الاختيار لتعليل المختار للموصلي 2/ 89 " بتصرف ".

(2)

انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 4/ 75.

(3)

انظر: كفاية النبيه في شرح التنبيه لابن الرفعه 9/ 475؛ الحاوي الكبير للماوردي 6/ 334.

(4)

انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 5/ 275.

(5)

انظر: الحاوي الكبير للماوردي 6/ 333.

(6)

انظر: اتحاف المهرة لابن حجر 19/ 559.

(7)

انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص 3/ 171؛ الحاوي الكبير للماوردي 6/ 334." بتصرف".

(8)

سبق تخريجه ص 40.

ص: 53

3.

أن القول بالحبس في الدين هو مما تقتضي به المصلحة لاستيفاء الناس حقوقهم بعضهم من بعض، وهذا من القياس المرسل.

(1)

• الراجح:

الراجح _ والله أعلم _ هو أن الحبس في الدَّين جائز وهو ما ذهب إليه الحسن البصري وجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة رحمهم الله للآتي:

1.

لقوة ما استدلوا به، وفعل الصحابة والسلف رضي الله عنهم.

2.

أن الحبس أمر ضروي لاستيفاء الحقوق إلى أصحابها، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

دراسة تطبيقية للحبس في الدين في المحاكم السعودية:

• النص القانوني:

نص نظام التنفيذ

(2)

الصادر بمرسوم ملكي رقم: م/53 وتاريخ: 13/ 8/1433 ه في الباب الخامس تحدث النظام عن إجراءات طلب اثبات الإعسار والعقوبات المترتبة على إدعاءه منها

(3)

:

في الفصل الأول: الاعسار:

المادة السابعة والسبعون:

إذا لم يف المدين بالدين وادعى الإعسار، ينظر قاضي التنفيذ في إثبات إعساره بعد استكمال إجراءات الإفصاح عن الأموال والاستجواب والتتبع، وفقًا لأحكام هذا النظام، وبعد إعلان يتضمن أسباب طلب الإعسار، وينشر في صحيفة يومية أو أكثر في منطقة المدين.

المادة الثامنة والسبعون:

1.

إذا ادعى المدين الإعسار وظهر لقاضي التنفيذ قرائن على إخفائه لأمواله، فعلى قاضي التنفيذ بموجب حكم يصدره استظهار حاله بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات مع مراعاة كثير المال وقليله، ويخضع الحكم لتدقيق محكمة الاستئناف.

(1)

انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 4/ 75.

(2)

وزارة العدل، الأنظمة واللوائح، اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ، استرجعت بتاريخ 10/ 7/1437 هـ من موقع https://www.moj.gov.sa ؛ المجلس الأعلى للقضاء، الأنظمة واللوائح، الأنظمة واللوائح العدلية، نظام التنفيذ ولائحته العدلية، استرجعت بتاريخ 10/ 7/1437 هـ من موقع https://www.scj.gov.sa .

(3)

اخترت من مواد النظام ما يُناسب المسألة الفقهية.

ص: 54

2.

يستدعي قاضي التنفيذ المدين خلال فترة حبسه الواردة في الفقرة (1) من هذه المادة ويستجوبه استظهاًرا لحاله بصفة دورية لا تتجاوز ثلاثة أشهر وفق ما تحدده اللائحة.

3.

تحدد اللائحة كثير مال الدين وقليله بحسب أنواع الديون وأحوال المدينين، ويكون ذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية ووزارة المالية.

المادة الثمانون:

إذا ادعى المدين الإعسار، وظهر لقاضي التنفيذ أن دعوى الإعسار احتيالية، أو كان عجز المدين عن الوفاء نتيجة تعدٍ أو تفريط منه؛ أثبت القاضي تلك الواقعة، واستكمل إجراءات التنفيذ، وأمر بإيقاف المتهم وإحالة ملف الاتهام خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لرفع الدعوى. ويجوز لذوي المصلحة تقديم بلاغ إلى الهيئة بطلب رفع الدعوى، وينظر القاضي في موضوع الدعوى، وفي حال الإدانة تطبق العقوبة المنصوص عليها في هذا النظام.

المادة الحادية والثمانون:

1.

يصدر قاضي التنفيذ أمره للجهات المسؤولة عن الأصول الواردة في هذا النظام بالحجز على الأموال التي ترد مستقبلاً للمدين المعسر.

2.

يُشعر القاضي أحد المرخص لهم بتسجيل المعلومات الائتمانية بواقعة الإعسار.

3.

للدائن التقدم بالسند التنفيذي نفسه مستقبلاً إلى قاضي التنفيذ إذا ظهر للمدين المعسر أي مال.

الفصل الثاني: الحبس التنفيذي:

المادة الثالثة والثمانون:

يصدر قاضي التنفيذ بناء على أحكام هذا النظام حكما بحبس المدين إذا ثبت له امتناعه عن التنفيذ

(1)

، ويستمر الحبس حتى يتم التنفيذ.

المادة الرابعة والثمانون:

لا يجوز الحبس التنفيذي للمدين في الأحوال الآتية:

1.

إذا كانت لديه أموال ظاهرة كافية للوفاء بالحق الذي عليه ويمكن الحجز والتنفيذ عليها.

2.

إذا قدم كفالة مصرفية، أو قدم كفيلاً مليئًا، أو كفالة عينية تعادل الدين.

(1)

المقصود بالامتناع في هذه المادة، لغيرِ عذرِ الإعسار. انظر: اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ.

ص: 55

3.

إذا ثبت إعساره، وفقًا لأحكام هذا النظام.

4.

إذا كان من أصول الدائن _ الآباء والأمهات وإن علو_، ما لم يكن الدين نفقة شرعية مقررة.

5.

إذا ثبت بشهادة الهيئة الطبية المختصة إصابته بمرض لا يتحمل معه الحبس.

6.

إذا كانت امرأة حاملاً، أو كان لها طفل لم يتجاوز الثانية من عمره.

المادة الخامسة والثمانون:

لا يؤدي تنفيذ الحبس إلى انقضاء الحق، وينفذ الحبس التنفيذي بمعزل عن المسجونين في القضايا الجزائية، وتُهيئ إدارة السجن للمحبوس ما يمكنه من الوفاء بديونه، أو تسويتها.

• التطبيق القضائي

(1)

:

رَقْمُ الصَّكِّ: 34290771 تاريخُه: 8/ 8/1434 ه.

رَقْمُ الدعوى: 34210751

رقم قرار التصديق من محكمة الاستئناف: 34360623 تاريخه: 13/ 11/1434 ه.

السند الشرعي أو النظامي:

1.

قوله صلى الله عليه وسلم "العهد قريب والمال أكثر من ذلك"

(2)

.

2.

قوله صلى الله عليه وسلم "فأصابت ماله جائحة"

(3)

.

3.

قوله صلى الله عليه وسلم "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"

(4)

.

ملخص القضية:

(1)

انظر: مجموعة الأحكام القضائية لعام 1434 هـ الصادرة من وزارة العدل 4/ 235.

(2)

السنن الكبرى للبيهقي، (ح 18387)، 9/ 231. قال الحافظ: اسناده رجال ثقات. انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر 7/ 479.

(3)

السنن الصغرى للنسائي، (ح 2591)، 5/ 96؛ صحيح مسلم، (ح 1044)، 2/ 722، بلفظ:"ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله".

(4)

مسند أحمد، (ح 20086)، 33/ 277؛ سنن أبي داوود، (ح 3561)، 5/ 414، بلفظ "حتى تودي". الحكم على الحديث: قال الأرناووط: حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، وحسنه الترمذي. انظر: مسند أحمد 33/ 277.

ص: 56

ادعى المدعي ضد غرمائه المدعى عليهم بأن في ذمته للمدعى عليهم مبالغ ماليه بموجب صكوك مبينة تفصيلاً في نص القضية، وتم إيداعه سجن الملز بسبب ذلك من تاريخ 5/ 4/1434 ه، و ما زال في السجن، وطلب إثبات إعساره في مواجهة غرمائه، وأقر أن الأموال أعطاها لشخص ولا يعلم أين هو الآن؟

أجاب المدعى عليهم الدائنون: بعدم مصادقتهم على إعساره وأنه محتال، علماً أنه تم القبض عليه في المطار عندما كان يريد التوجه إلى خارج المملكة.

قرر ناظر القضية: أنه ظهر له أن المدعي محتال على المساهمين، وأن دعاوى الإعسار لو أخذ بها لمجرد الدعوى لأصبحت وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل، وللأسباب التي ذكرها ناظر القضية ولقوله صلى الله عليه وسلم "العهد قريب والمال أكثر من ذلك"، وقوله صلى الله عليه وسلم:"فأصابت ماله جائحة"، وقوله صلى الله عليه وسلم "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"، فقد صدر الحكم بصرف النظر عن إثبات الإعسار، وأن يبقى المدعي بالسجن إلى حين سداد ما عليه، أو تنازل الدائنين عن حقهم، أو شموله بمكرمة ملكية.

قرر المدعي عدم القناعة.

صدر قرار محكمة الاستئناف بالمصادقة على الحكم.

• التحليل الفقهي لمضمون الحكم وعلاقته بالدراسة البحثية:

أولا: أن حكم القاضي بالسجن في الدين، يوافق قول الحسن البصري وجمهور الفقهاء رحمهم الله من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وهو الذي تؤيده الأدلة كما تقدم.

ثانيا: أن حكم القاضي استند على النص الشرعي _ كما تقدم _، والقانوني كما جاء في نظام التنفيذ باب الاعسار، لأن مدعي الإعسار متعد ويخفي أمواله ودعواه في الاعسار ليست صحيحة ولم تقم بينة على ذلك.

ص: 57