الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: دراسة لأقضية الحسن البصري في كتاب الحدود
وفيه مطلب واحد:
المطلب الأول: إكراه المرأة على الزنا (الاغتصاب)
تمهيد:
• تعريف الإكراه:
• تعريف الإكراه في اللغة:
كَرِهْتُ الشيءَ كَرْهاً وكُرْهاً وكَراهةً وكَرَاهِيَةً، فهو شيء كريه ومكروه، وأَكْرهْتُه: حَمَلْتُه عَلَى أَمْرٍ هُوَ لَهُ كارهٌ، وَجمع الْمَكْرُوهِ مَكارِهُ، وامرأَة مُسْتَكْرَهة: غُصِبَتْ نَفْسَها فأُكْرِهَتْ عَلَى ذَلِكَ
(1)
.
• تعريف الإكراه في الاصطلاح:
عرف الفقهاء الإكراه بعدة تعريفات منها:
1.
اسم لفعل بفعل الآمر لغيره، فينتفي به رضاه أو يفسد به اختياره
(2)
.
(1)
انظر: الصحاح تاج اللغة للجوهري 6/ 2247، لسان العرب لابن منظور 13/ 535، مادة (كره).
(2)
انظر: المبسوط للسرخسي 24/ 38.
2.
عبارة عن تهديد القادر غيره على ما هدده بمكروه على أمر، بحيث ينتفي به الرضاء
(1)
.
3.
حمل الغير على ما يكرهه بالوعيد
(2)
.
4.
هو إجبار أحد على أن يعمل عملاً بغير حق من دون رضاه بالإخافة ويقال له: المكرَه، ويقال لمن أجبر مجبِر، ولذلك العمل مُكرَهٌ عليه، وللشيء الموجب للخوف مُكْرَهٌ به
(3)
.
• العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:
علاقة عموم وخصوص، فاللغوي أعم من الاصطلاحي لأنه يشمل أكثر من معنى.
• تعريف الاغتصاب:
هو وَطْء حرَّة أو أمة جبراً على غير وجه شرعي
(4)
.
• أقسام الإكراه:
قسم الأصوليون من الحنفية والجمهور الإكراه إلى ملجئ وغير ملجئ، ولكنهم اختلفوا في تعريف كل منها:
أ- عند الجمهور
(5)
:
الإكراه الملجئ: هو الذي لا يكون للمكرَه فيه قدرة على الامتناع ويكون كالآلة في يد المكرِه.
وغير الملجئ: ماعدا ذلك من أنواع الإكراه كالتهديد بالقتل أو الضرب أو السجن.
ب- عند الحنفية
(6)
:
الإكراه الملجئ: هو أن يكون التهديد فيه بقتل أو قطع طرف أو جرح أو ضرب مبرح أو حبس مدة طويلة ممن يستطيع أن يفعل ذلك.
غير الملجئ عند أكثر الحنفية: هو ما كان التهديد فيه بأقل مما ذكر في الملجئ.
• شروط الإكراه
(7)
:
1.
كون المجبر مقتدراً على إيقاع ما تهدد به.
2.
خوف الْمُكْرَهِ من وقوع الْمُكْرَهِ بِهِ.
3.
كون الْمُكْرَهِ به متلفاً للنفس أو للعضو أو موجباً للغم ومعدماً للرضا.
(1)
انظر: أنيس الفقهاء للقونوي ص: 99.
(2)
انظر: التعريفات للجرجاني ص: 33؛ حاشية ابن عابدين 6/ 128.
(3)
انظر: مجلة الأحكام العدلية ص: 185؛ التعريفات الفقهية للبركتي ص: 33.
(4)
انظر: البهجة في شرح التحفة لعلي التُّسُولي 2/ 586.
(5)
انظر: أصول الفقه الذي الذي لا يسع الفقيه جهله لعياض السلمي ص: 87 - 88.
(6)
انظر: المرجع السابق ص: 88.
(7)
انظر: درر الحكام في شرح مجلة الأحكام لعلي أفندي 2/ 727.
4.
كون الْمُكْرَهِ ممتنعا عن المكره عليه قبل الإكراه، لأنه إذا لم يكن ممتنعا لا يكون إكراهاً، ويكون الامتناع بسبب من ثلاثة:
السبب الأول: في حق نفسه، كالإكراه على بيع ماله.
السبب الثاني: في حق شخص آخر، كالإكراه على إتلاف مال غيره.
السبب الثالث: في حق الشرع، كالإكراه على شرب الخمر والزنا.
حكم إكراه المرأة على الزنا:
• قضاء الحسن البصري:
قضى الحسن البصري رحمه الله على أن لا حد على المرأة المستكرهة، وأن على الرجل الحد ودفع مهر المثل
(1)
.
• تحرير محل النزاع:
اتفق أئمة المذاهب الأربعة على أنه إذا أَكره رجلاً امرأة على الزنا فعليه الحد، ولا حد على المرأة
(2)
.
قال ابن قدامة: "ولا حد على مكرَهة في قول عامة أهل العلم، روي ذلك عن عمر والزهري وقتادة والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفا"
(3)
.
واختلف الفقهاء في حكم المهر للمرأة المكرهة على الزنا.
• أقوال العلماء:
(1)
قال وكيع: _ روى عُمَر بْن عاصم، عَن حماد ابن سلمة، عَن يزيد الرشك، قال: كان الْحَسَن على القضاء وأتى بعَبْد استكره إمرأة عجوزاً حرة؛ فقلت. يا أبا سعيد خمسين جلدة، وغرم خمسين درهماً عقرها، فجلده خمسين وغرم خمسين درهماً.
_ قَالَ: ابن علية، عَن سوار. أن الْحَسَن أتى بإمرأة قد جلا مرسها وجيء معها بعَبْد، لقوم قد استكرهها، فقضى لها الْحَسَن بعقرها مائتي درهم، في رقبة العَبْد، وكتب لها بذلك على عامل الشرطة قال: وجعل الْحَسَن يبكي يومئذ. وهو قاض. انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 237.
(2)
انظر: الأصل للشيباني 7/ 151؛ بدائع الصنائع للكاساني 7/ 62؛ الاشراف على نكت مسائل الخلاف للثعلبي 2/ 871؛ الحاوي الكبير للماوردي 13/ 239؛ نهاية المطلب في دراية المذهب للجويني 14/ 405؛ المغني لابن قدامة 5/ 203؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 10/ 183.
(3)
انظر: المغني لابن قدامة 9/ 59.
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم وجوب المهر للمرأة المكرهة على الزنا على قولين:
القول الأول:
أن المهر لا يجب على الرجل _ الزاني المكرِه_، وهو مذهب الحنفية
(1)
.
القول الثاني:
أن مهر المثل يجب على الرجل _ الزاني المكرِه_ سواء كانت المرأة بكراً أو ثيباً، وهو قول الحسن البصري
(2)
، ومذهب المالكية
(3)
، والشافعية
(4)
، ومذهب الحنابلة
(5)
.
• الأدلة:
• استدل القائلون بأن المهر لا يجب على الرجل _الزاني المُكرِه_ بالقرآن والمعقول:
أولا: من القرآن:
قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}
(6)
.
وجه الدلالة:
أن ظاهر الآية فيه بيان جميع الحكم الواجب على الزاني، ولو كان يجب عليه غير الحد لذكر في الآية
(7)
.
ثانيا: من السنة:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مهر البغيّ
(8)
.
وجه الدلالة:
أن هذا الوطء زنا
(9)
، وإن كان إكراهاً.
ثالثا: من المعقول:
1.
أن الزنا ليس محل لوجوب المهر
(10)
.
(1)
انظر: التجريد للقدوري 7/ 3343؛ مجمع الضمانات لغانم البغدادي ص: 202
(2)
انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 237.
(3)
انظر: التلقين في الفقه المالكي للثعلبي 2/ 189؛ روضة المستبين في شرح كتاب التلقين لابن بزيزة 2/ 1283؛ الاشراف على نكت مسائل الخلاف للثعلبي 2/ 871.
(4)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 13/ 239 – 7/ 163؛ نهاية المطلب في دراية المذهب للجويني 14/ 405؛ البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني 7/ 74.
(5)
انظر: المغني لابن قدامة 5/ 203؛ الارشاد إلى سبيل الرشاد للشريف ص: 259.
(6)
سورة النور، آية:2.
(7)
انظر: التجريد للقدوري 7/ 3343.
(8)
صحيح البخاري، (ح 5346)، 7/ 61؛ صحيح مسلم، (ح 1567)، 3/ 1198.
(9)
انظر: التجريد للقدوري 7/ 3345.
(10)
انظر: المرجع السابق.
2.
أن الوطء واحد فلا يجب به حد ومهر
(1)
، وإنما يجب الحد فقط.
3.
لأن الأسباب الموجبة للحدود لا يتعلق بها المال
(2)
.
• استدل القائلون بأن المهر يجب على الرجل _الزاني المُكرِه_ من السنة والمعقول:
أولا: من السنة:
1.
عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها "
(3)
.
وجه الدلالة
(4)
:
يدل هذا الحديث على أن المهر يجب على الزاني المكرِه من ثلاثة أوجه:
أ- أن الزاني المكرِه مستحل لفرجها فوجب أن يلزمه مهرها.
ب- أن الزاني المكرِه وطء في غير ملك، فوجب عليه المهر كالواطئ بالشبهة.
ج- لما وجب المهر للموطوءة بنكاح فاسد، كان وجوبه للمستكرهة أولى من وجهين:
أ أن المنكوحة مع علمها عاصية، والمستكرهة غير عاصية.
ب أن المنكوحة ممكنة، والمستكرهة غير ممكنة.
2.
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مهر البغيّ
(5)
.
وجه الدلالة:
أن الرواية المشهورة (البغيّ) بالتشديد يعني الزانية، والمرأة المستكرَهة ليست زانية
(6)
.
ثانيا: من المعقول:
1.
أن الزاني المكرِه لزمه الحد فيلزمه المهر كالوطء بشبهة
(7)
.
(1)
انظر: المرجع السابق 7/ 3346.
(2)
انظر: المرجع السابق.
(3)
سنن الترمذي، (ح 1102)، 2/ 398؛ سنن الدارقطني، (ح 3520)، 4/ 313؛ السنن الكبرى للبيهقي، (ح 13599)، 7/ 169؛ المسترك على الصحيحين للحاكم، (ح 2706)، 2/ 182. قال الترمذي: هذا حديث حسن.
(4)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 13/ 240.
(5)
سبق تخريجه ص 110.
(6)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 13/ 240.
(7)
انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف للثعلبي 2/ 871؛ الحاوي الكبير للماوردي 13/ 240.
2.
أن هذا الوطء يتعلق به حقان: حق لله وحق لآدمي، فجاز أن يوجبا جميعا كقتل المحرم صيداً مملوكاً
(1)
.
3.
كل ما ضمن بالبدل من العقد الفاسد ضمن بالغصب والإكراه
(2)
.
• مناقشة الأدلة:
اعترض على أدلة القائلين بأن المهر لا يجب على الرجل _ الزاني المكره_ بالآتي:
• ما استدللتم به من قول الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}
(3)
مردود:
بأن وجوب الحد لا ينفي وجوب المهر
(4)
.
رد:
بأن بيان الحق الواجب للآدمي أولى، لأنه أحوج إلى حقه
(5)
، ومع ذلك لم يذكر في الآية.
• ما استدللتم به من حديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مهر البغي"
(6)
مردود من وجهين:
أ- في رواية التخفيف (البغيْ) تعني الزنا، وهذا ليس دليلا لهم؛ لأن هذا الوطء زنا في حق من حُد _ الزاني المكره_، وليس زنا في حق من لم يُحَد _ المرأة المكرهة _
(7)
.
ب- في رواية التشديد (البغيّ) بمعنى الزانية، والمرأة في هذا الوطء ليست زانية
(8)
.
• ما استدللتم به من أن الوطء واحد فلا يجب به حد ومهر مردود:
بأن اجتماع الحد والمهر في الواطئ ولكنه ينتفي في الموطوءة فلها المهر دون الحد
(9)
.
• ما استدللتم به من أن الأسباب الموجبة للحدود لا يتعلق بها مال فمردود:
بأن الأموال المسروقة تُضمن ويقام الحد على السارق.
اعترض على أدلة القائلين بأن المهر يجب على الرجل _الزاني المكره_ بالآتي:
(1)
انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف للثعلبي 2/ 871.
(2)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 13/ 240؛ البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني 7/ 74.
(3)
سورة النور، آية: 2
(4)
انظر: التجريد للقدوري 7/ 3343.
(5)
المرجع السابق.
(6)
سبق تخريجه ص 110.
(7)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 13/ 240.
(8)
المرجع السابق.
(9)
المرجع السابق 7/ 164 (بتصرف).
• ما استدللتم به من حديث: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها"
(1)
فمردود:
بأن لفظة استحل أي: استفعل، من التماس الحل، وهذا يوجد في النكاح والشبهة دون غيره
(2)
.
• ما استدللتم به من أن هذا الوطء يتعلق به حقان: حق لله وحق لآمي، فجاز أن يوجبا جميعا كقتل المحرم صيدا مملوكا، فمردود:
بأن الحد يجب لحق الله تعالى، والمهر يجب لحقه وحقها، فهما كالحقين (لمستحق) واحد، والمهر والحد لا يجتمعان لحق مستحق واحد، فلم يجتمعا لحق اثنين
(3)
.
• الراجح:
الراجح _ والله أعلم _ هو ما ذهب إليه الحسن البصري، ومذهب المالكية والشافعية والحنابلة، بوجوب مهر المثل على الرجل _ الزاني المكره_ سواء كانت المرأة بكراً أو ثيباً.
دراسة تطبيقية على إكراه المرأة على الزنا في المحاكم السعودية:
• التطبيق القضائي
(4)
:
رقم الصك: 33300169 تاريخه: 16/ 6/1434 ه.
رقم الدعوى: 33208270.
رقم قرار التصديق من محكمة الاستئناف: 343414 تاريخه: 5/ 1/1434 ه.
السند الشرعي أو النظامي:
1.
الرجوع عن الاعتراف مقبول ويدرأ عنهما الحدَّ عند جمهور الفقهاء
(5)
.
(1)
سبق تخريجه ص 111.
(2)
انظر: التجريد للقدوري 7/ 3347.
(3)
المرجع السابق 7/ 3349.
(4)
انظر: مجموعة الأحكام القضائية لعام 1434 هـ الصادرة من وزارة العدل 27/ 174.
(5)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 6/ 85؛ الشرح الكبير على متن المقنع لابن قدامة 10/ 194.
2.
لا يجب الحد على مُكرَهَة على الزنا في قول عامَّة أهل العلم وذلك لما جاء في الحديث " استُكرِهَت امرأةٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدرأ عنها الحد"
(1)
، ولما رُوِيَ عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال:" أن عمر أُتِي بإماءٍ من إماء الإمارة استكرَهَهُنَّ غلمانٌ من غلمان الإمارة فضرَب الغلمان ولم يضرب الإماء"
(2)
.
(3)
ملخص القضية:
ادعى المدعي العام على المدعى عليها بقيامها بفعل فاحشة الزنا مما تسبب في حملها وولادتها سفاحاً، ويطلب إثبات ما أسند إليها، والحكم عليها بحد الزاني المحصن.
حيث إنه تم القبض على المدعى عليها من قبل الدوريات الأمنية إثر بلاغ المواطن
…
المتضمن أنها تعمل خادمة في منزله، وأنها ولدت داخل المنزل سفاح من أشخاص لا يعرفهم، وبانتقال رجال الأمن إلى منزل المبلغ ومن خلال المعاينة داخل المطبخ عُثر على آثار دماء متناثرة من أثر الولادة، وقد ورد التقرير الطبي الخاص بالمدعى عليها المتضمن أنه بالكشف عليها بعد ولادة منزلية وجد جرح بمنطقة الفرج بجوار فتحة البول وتمت خياطته كما استخرج بعض الدم المتجلط من المهبل ولا يوجد نزيف وحالتها مستقرة.
وباستجواب المدعى عليها أقرت أنها مارست الزنا مع كل من
…
سعودي الجنسية، و
…
سعودي الجنسية، و
…
بنجلاديشي الجنسية، وأنهم ربما من تسبب في حملها وولادتها سفاحاً.
وقد انتهى التحقيق إلى اتهام
…
بفعل فاحشة الزنا مما تسبب في حملها وولادتها سفاحاً، أقرت المدعى عليها بما جاء في الدعوى، وأنكرت أن يكون ذلك برضائها، وإنما أكرهها الأول والثاني بالقوة والإكراه، وأن الثالث ساومها على فعل الفاحشة من أجل تسهيل إجراءات سفرها إلى بلادها.
(1)
مسند البزار، (ح 4489)، 10/ 348؛ مصنف ابن أبي شيبة، (ح 28420)، 5/ 504.
(2)
مصنف ابن أبي شيبة، (ح 28421)، 5/ 505.
(3)
انظر: الشرح الكبير على متن المقنع لابن قدامة 10/ 184 "بتصرف".
فبناء على ما تقدم وبما أنَّ الابتزاز على العرض لامرأة متغرِّبَة عن أهلها يعتبر من صور الإكراه، وبما أنَّ المدعى عليها قد أقرَّت أنها فعلت ذلك برضائها ثم رجعت عنه.
وقد فرَّطت المدعى عليها بالحفاظ على عرضها حيث مُورِس معها الفاحشة أكثر من سبع مرات، ولا ريب أن هذا تفريطٌ ظاهر بالمحافظة على العرض الذي هو من أعظم مقاصد الشرع فهذا التفريط موجب للعقوبة؛ لذلك فقد قررنا الآتي:
رددنا دعوى المدعي العام ضد المدعى عليها بإقامة حد الزاني المحصن، ودرأناه عنها، وتعزير المدعى عليها بالسجن لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ القبض عليها وجلدها مائتين وخمسين جلدة على دفعات متساوية، كل دفعة خمسون جلدة وبين كل دفعة وأخرى عشرة أيام، وإبعاد المدعى عليها من البلاد بعد استيفاء ما لها وما عليها من حقوق.
وبعرض الحكم على طرفي الدعوى قرر المدعى العام الاعتراض بغير لائحة، وصُدق الحكم من محكمة الاستئناف.
• التحليل الفقهي لمضمون الحكم وعلاقته بالدراسة البحثية:
أن حكم القاضي بدرء الحد عن المرأة المكرهة على الزنا، يوافق قضاء الحسن البصري رحمه الله واتفاق جمهور العلماء.