الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: دعوى الزوجة الطلاق وانكار الزوج
تمهيد:
• تعريف الدعوى:
• تعريف الدعوى لغة:
ادعيت الشيء: زعمته لي، حقاً كان أو باطلا
(1)
.
• تعريف الدعوى اصطلاحا:
الدعوى مؤنثة، وهي فعلى من الدعاء، وهي إضافة دين عند غيره إلى نفسه، أو دين على غيره لنفسه، أو حق قبل إنسان لنفسه
(2)
.
• العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:
علاقة عموم وخصوص، فاللغوي أعم من الاصطلاحي لأنه يشمل أكثر من معنى.
الحكم في اختلاف الزوجين على الطلاق:
• قضاء الحسن البصري:
قضى الحسن البصري رحمه الله لحفصة حينما طلقها أبا الهياج ثم جحدها باستحلاف زوجها
(3)
.
• تحرير محل النزاع:
اتفق جمهور العلماء من المالكية
(4)
والشافعية
(5)
والحنابلة
(6)
على أنه إذا ادّعت امرأة أن زوجها طلقها وأتت بشاهدين عدليين وقع الطلاق.
• أقوال العلماء:
إذا ادّعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج ولم تأت بشاهدين، فقد اختلف العلماء على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
إذا ادّعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فإن القول قول الزوج مع يمينه، وهذا قول ابن عمر رضي الله عنه
(7)
،
(1)
انظر: المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده 2/ 327؛ لسان العرب لابن منظور 14/ 261 مادة "دعى".
(2)
انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية للنسفي ص: 134.
(3)
قال وكيع: حدثنا عباس بن محمد الدوري، قال: حدثنا أبو عاصم، عن أمه، عن حفصة: أن أبا الهياج طلقها، ثم جحدها، فأتت به الحسن، فاستحلفه، ثم قال: لا إثم عليه. انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 238.
(4)
انظر: القوانين الفقهية لابن جزيء ص 153.
(5)
انظر: التهذيب في فقه الامام الشافعي للفراء 18/ 313.
(6)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 503.
(7)
انظر: السنن الكبرى للبيهقي 10/ 306.
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أمه زينب بنت مظعون، يكنى بأبي عبد الرحمن، أسلم مع أبيه ولم يكن بلغ يومئذ، وهاجر مع أبيه إلى المدينة، وكان له من الولد اثنا عشر وأربع بنات، وكان من المكثرين من رواية الحديث، مات بمكة سنة 74 هـ. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 142.
والحسن البصري
(1)
، وهو ظاهر الرواية عند الحنفية
(2)
، ومذهب الشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
القول الثاني:
إذا ادّعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فعليها أن تقيم شاهداً ويحال بينها وبين زوجها حتى يحلف، وهذا قول المالكية
(5)
.
القول الثالث:
إذا ادّعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فلا يحلّف الزوج، وهو رواية عند الحنابلة
(6)
.
• الأدلة:
• استدل القائلون بأنه إذا ادعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فإن القول قول الزوج مع يمينه بالسنة والمعقول:
أولا: من السنة:
1.
قال صلى الله عليه وسلم: " ولكن اليمين على المدعى عليه"
(7)
.
وجه الدلالة:
دلالة الحديث ظاهرة على أن على المدعى عليه _وهو الزوج في المسألة_ اليمين.
2.
قال صلى الله عليه وسلم: " اليمين على من أنكر"
(8)
.
وجه الدلالة:
دلالة الحديث ظاهرة على أن على من أنكر _وهو الزوج في المسألة_ اليمين.
ثانيا: من المعقول:
1.
يستحلف الزوج لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الطلاق
(9)
.
2.
أن الطلاق يصح من الزوج بذله فيستحلف فيه كالمهر
(10)
.
• استدل القائلون بأنه إذا ادعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فعليها أن تقيم شاهدا ويحال بينها وبين زوجها حتى يحلف بالسنة والمعقول:
أولا: من السنة:
(1)
انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 238.
(2)
انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازة 8/ 166.
(3)
انظر: المجموع شرح المهذب للنووي 17/ 260.
(4)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 503.
(5)
انظر: المدونة للامام مالك 2/ 95.
(6)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 503.
(7)
صحيح البخاري، (ح 2514)، 3/ 143؛ صحيح مسلم، (ح 1711)، 3/ 1336 واللفظ له.
(8)
سنن الدارقطني، (ح 3190)، 4/ 114. الحكم على الحديث: ضعيف. انظر: التلخيص الحبير لابن حجر 4/ 108.
(9)
انظر: المجموع شرح المهذب للنووي 17/ 260.
(10)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 503.
قال صلى الله عليه وسلم: " إذا ادَّعَتِ المرأة طلاق زوجها، فجاءت على ذلك بِشاهدٍ عدلٍ، اسْتُحْلِفَ زوجها، فإن حَلَفَ بَطَلَتْ شهادةُ الشاهد، وإنْ نَكَلَ
(1)
، فَنُكُولُهُ بِمَنْزِلَةِ شاهد آخر، وجاز طَلَاقُهُ "
(2)
.
وجه الدلالة:
أن هذا الحديث نص في المسألة
(3)
.
ثانيا: من المعقول:
أن في دعوى الطلاق بلا بينة ذريعة إلى الإضرار بالأزواج وامتهان أنسابهم فوجب حسم الباب فيه بمنع ذلك
(4)
.
• استدل القائلين بأنه إذا ادعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فلا يحلّف الزوج بالمعقول:
لأن الطلاق لا يُقضى فيه بالنكول
(5)
.
• مناقشة الأدلة:
اعترض على القائلين بأنه إذا ادعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فإن القول قول الزوج مع يمينه بالآتي:
• ما استدللتم به من حديث " اليمين على من أنكر" مردود:
بأن الحديث ضعيف، لأن في إسناده مسلم بن خالد الزنجي
(6)
، تكلم فيه غير واحد من الأئمة
(7)
، فوثقه قوم وضعفه آخرون
(8)
.
رد:
بأن هذه الزيادة ليست في الصحيحين، لكن إسنادها حسن كما قال ابن حجر
(9)
.
أجيب:
بأن الحديث كما قال ابن عبد البر: "في إسناده لين"، وفيه علتين:
(1)
أي: امتنع.
(2)
سنن ابن ماجه، (ح 2038)، 1/ 657؛ سنن الدارقطني، (ح 4048)، 5/ 111.
(3)
انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف للثعلبي 2/ 967.
(4)
انظر: المرجع السابق.
(5)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 503.
(6)
مسلم بن خالد بن سعيد الزنجي، يكنى بأبي خالد، مولى لآل سفيان المخزومي، ولد سنة مئة، وكان عابدا، كثير الحديث كثير الخطأ في حديثه، توفي بمكة سنة ثمانين ومئة. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 499.
(7)
انظر: نصب الراية للزيلعي 4/ 96.
(8)
انظر: البدر المنير لابن الملقن 8/ 513.
(9)
انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر 5/ 283.
أ أن ابن جريج
(1)
لم يسمع من عمرو بن شعيب
(2)
.
ب أن مسلم بن خالد قد خولف فيه، فرواه عبد الرزاق
(3)
عن
ابن جريج، عن عمرو مرسلا
(4)
.
اعترض على القائلين بأنه إذا ادعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فعليها أن تقيم شاهداً ويحال بينها وبين زوجها حتى يحلف:
• ما استدللتم به من حديث: "إذا ادَّعَتِ المرأة طلاق زوجها، فجاءت على ذلك بِشاهدٍ عدلٍ، اسْتُحْلِفَ زوجها
…
" مردود:
بأن الحديث ضعيف من ثلاثة أوجه:
(1)
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، مولى أمية بن خالد، أول من دون العلم بمكة، شيخ الحرم، وثقه ابن معين في ما يحدث من الكتاب، توفي سنة تسع وأربعين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 6/ 325.
(2)
عمرو بن شعيب بن محمد السهمي، أمه حبيبة بنت مرة، فقيه أهل الطائف ومحدثهم، توفي سنة ثماني عشرة ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 5/ 165.
(3)
عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني، يكنى بأبي بكر، ولد سنة ست وعشرين ومائة، عالم اليمن، من الثقات، توفي سنة إحدى عشرة ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 9/ 563.
(4)
انظر: البدر المنير لابن الملقن 8/ 513.
الحديث المرسل: الحديث الذي رفعه التابعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر: شرح التبصرة والتذكرة للعراقي 1/ 203؛ اليواقيت والدرر في شرح نخبة ابن حجر للمناوي 1/ 498 " بتصرف".
أ- أن في اسناده زُهَيْر
(1)
وهو ليس بالحافظ، كثير الخطأ، لا يحتج به
(2)
، ورواية أهل الشام عن زهير بن محمد غير مستقيمة، وعمرو بن أبي سلمة التِّنِّيسي
(3)
شاميٌّ، قال أبو حاتم الرازي
(4)
في زهير: محله الصدق، وفي حفظه سوء، وحديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه، وما حدث من حفظه فهو أغاليط
(5)
.
ب- أن عمرو بن أبي سلمة اختلف فيه فضعفه أبو حاتم ويحيى بن معين وغيرهم
(6)
.
ج- أن ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب
(7)
.
(1)
زهير بن محمد أبو المنذر التميمي الخراساني، نزل بالشام ثم بمكة، ما حدث به من كتابه فهو صالح، توفي سنة اثنتين وستين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 8/ 187.
(2)
البدر المنير لابن الملقن 4/ 51؛ بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام لابن القطان 2/ 204.
(3)
عمرو بن أبي سلمة، أبو حفص التنيسي، من موالي بني هاشم، صدوق، أحد أئمة الأخبار، توفي سنة أربع عشرة ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 10/ 213.
(4)
محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي الغطفاني، ولد سنة خمس وتسعين ومائة، من بحور العلم، برع في المتن والإسناد، جمع وصنف. توفي سنة سبع وسبعين ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 13/ 247.
(5)
انظر: البدر المنير لابن الملقن 4/ 52.
(6)
انظر: ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 262.
(7)
حكاه البيهقي عن البخاري، انظر: السنن الكبرى للبيهقي 4/ 289.
د- ضعف الحديث ابن الخراط
(1)
وابن القطان
(2)
، وقال ابن أبي حاتم: منكر الحديث
(3)
.
رد من وجهين:
أ أن الحديث حسنه البوصيري
(4)
فقال: "إِسْنَادٌ حسنٌ، رِجَاله ثِقَات"
(5)
.
ب قال ابن القيم: "إن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، لا يعرف من أئمة الإسلام إلا من احتج به، وبنى عليه، وإن خالفه في بعض المواضع، وزهير بن محمد الراوي عن ابن جريج ثقة محتج به في الصحيحين، وعمرو بن أبي سلمة، هو أبو حفص التنيسي، محتج به في الصحيحين أيضا، فمن احتج بحديث عمرو بن شعيب، فهذا من أصح حديثه."
(6)
أجيب من وجهين:
(1)
عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله، أبو محمد الأزدي الأشبيلي، المعروف بابن الخراط، ولد سنة عشر وخمسمائة، نزل بجاية بالأندلس وبث فيها علمه، وتولى الصلاة والخطبة بها، من تصانيفه: الأحكام نسختين " كبرى "" وصغرى "، الجمع بين الصحيحين، الرقائق، وغيرها، توفي سنة واحد وثمانون وخمسمائة. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي 12/ 729.
(2)
علي بن محمد الحميري الكُتَامِيّ، يكنى بأبي الحسن، ويُعرف بابن القطان، من أئمة الحديث، تولى القضاء، من مصنفاته: الوهم والإيهام، توفي سنة ثمان وعشرين وستمائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 22/ 306.
(3)
انظر: الأحكام الوسطى لابن الخراط 3/ 356، بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام لابن القطان 5/ 475؛ علل الحديث لابن أبي حاتم 4/ 119.
(4)
أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل الكناني البوصيري، ولد سنة اثنتين وستين وسبعمائة، من حفاظ الحديث، عمل في نسخ الكتب، من تصانيفه: زوائد ابن ماجة على باقي الكتب الخمسة، مع الكلام على أسانيدها، إتحاف المَهرة بزوائد المسانيد العشرة، وغيرها، توفي سنة أربعين وثمانمائة. انظر: الأعلام للزركلي 1/ 104.
(5)
انظر: مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للبوصيري 2/ 125.
(6)
انظر: زاد المعاد لابن القيم 5/ 259.
أ أن تحسين البوصيري مردود؛ لأن في الاسناد عنعنة ابن جريج
(1)
.
ب أن يحيى بن معين والرازي قد ضعفا عمرو بن أبي سلمة
(2)
.
اعترض على القائلين بأنه إذا ادعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فلا يحلّف الزوج بالآتي:
• ما استدللتم به من المعقول بأن الطلاق لا يقضى فيه بالنكول فمردود بالآتي:
أ أن الشاهد واليمين غيرَ مختصان بالأموال، فيدخل فيه النكاح والطلاق وسائر القضايا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم "قضى بيمين وشاهد"
(3)
وليس فيه أنه في الأموال، وإنما هو قول عمرو بن دينار
(4)
، ولو كان مرفوعاً عن ابن عباس رضي الله عنه فليس فيه اختصاص الحكم بذلك في الأموال وحدها، فإنه لم يخبر عن شرع عام شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأموال
(5)
.
ب أثر ابن عمر رضي الله عنه: " إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجِهَا فَتَنَاكَرَا ، فَيَمِينُهُ بِاللهِ مَا فَعَلَ "
(6)
.
• الراجح:
الراجح _ والله أعلم _ هو ما ذهب إليه ابن عمر رضي الله عنه والحسن البصري وظاهر مذهب الحنفية ومذهب الشافعية والحنابلة وهو _ إذا ادعت امرأة أن زوجها طلقها وأنكر الزوج فإن القول قول الزوج مع يمينه، للآتي:
أ لقوة ما استدلوا عليه وأن اليمين عامة في كل دعوى.
(1)
انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني 5/ 239.
(2)
انظر: ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 262.
(3)
صحيح مسلم، (ح 1712)، 3/ 1337.
(4)
عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الجُمَحِيُّ، من الموالي، ولد سنة خمس وأربعين، سمع من ابن عباس وابن عمر وجابر وأنس رضي الله عنهم وغيرهم، وهو شيخ الحرم في زمانه، فقد أفتى بمكة ثلاثين سنة، توفي سنة ست وعشرين ومئة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 5/ 300.
(5)
انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 1/ 77.
(6)
السنن الكبرى للبيهقي، (ح 20729)، 10/ 306.
ب أن احضار شاهد على الطلاق لا يتناسب مع خصوصية الحياة الزوجية فإن غالب الوقت ليس معهما أحد.
دراسة تطبيقية لدعوى الزوجة الطلاق و انكار الزوج في المحاكم السعودية:
• النص القانوني:
• جاء في وثيقة مسقط للنظام (القانون) الموحد للأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون الخليجي
(1)
:
الباب الأول: الطلاق.
المادة 88:
أ يقع الطلاق بتصريح من الزوج أمام القاضي.
ب على القاضي قبل تلقيه التصريح أن يحاول اصلاح ذات البين.
ج يجوز إثبات الطلاق الواقع خارج المحكمة بالبينة أو بالاقرار.
• التطبيق القضائي
(2)
:
رقم الصك: 33415408، تاريخه 19/ 9/1433 ه.
رَقْمُ الدَّعوَى: 33481495.
رقم قرار التصديق من محكمة الاستئناف: 3417597 تاريخه: 20/ 1/1434 ه.
النص الشرعي أو النظامي:
• قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}
(3)
.
• قال تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}
(4)
.
• "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أجازَ شهادةَ القَابلةِ وحدَها
(5)
"
(6)
.
(1)
وزارة العدل، العدد (47)، رجب، 1431 ه، ص:232.
(2)
انظر: مجموعة الأحكام القضائية لعام 1434 هـ الصادرة من وزارة العدل، 11/ 143.
(3)
سورة الطلاق، آية:2.
(4)
سورة المائدة، آية:106.
(5)
زيادة (وحدها) من حديث علي رضي الله عنه، انظر: معرفة السنن والآثار للبيهقي، (ح 19860)، 14/ 260.
(6)
سنن الدارقطني، (ح 4556)، 5/ 416. قال الدارقطني: محمد بن عبد الملك لم يسمعه من الأعمش بينهما رجل مجهول انظر: سنن الدارقطني 5/ 416.
• عنِ ابنِ عُمرَ رضي الله عنه، عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"يجزئ في الرِّضاعِ شهادةُ امرأةٍ واحدةٍ"
(1)
.
• حديثِ عُقبةَ بنِ الحارثِ
(2)
أنَّه تزوَّج أُمَّ يحيَى بنتَ أبي إهاب
(3)
، فجاءَتْ أمَةٌ سوداءُ فقالت: قَد أرضعْتُكما، فذكرتُ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ: فأعرضَ عنِّي. قال: فتنحيتُ، فذكرتُ ذلكَ لَه. قالَ:"كيفَ؟ وقَد زعمَتْ أنْ قَد أرضعَتْكُما" فنهَاهُ عنهَا
(4)
.
(1)
ورد الحديث في مسند أحمد _ في بعض طبعاته _ وفي مصنف عبد الرزاق: عن ابن عمر: أنه سئل صلى الله عليه وسلم ما الذي يجوز في الرضاع من الشهود؟، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"رجل أَو امرأة". انظر: مسند أحمد، (ح 4910)، 4/ 448؛ مصنف عبد الرزاق، (ح 13982)، 7/ 484. الحكم على الحديث: قال الهيثمي: فيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، وهو ضعيف. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 4/ 201.
(2)
عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل القرشي رضي الله عنه، أسلم يوم الفتح، مات في خلافة ابن الزبير رضي الله عنه. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 447؛ الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 4/ 427.
(3)
أم يحيى بنت أبي إيهاب رضي الله عنها، ثبت ذكرها في البخاري، وكانت تحت عقبة بن الحارث. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 8/ 491.
(4)
صحيح البخاري، (ح 2659)، 3/ 173.
• قالَ ابنُ القَيِّم ونصُّه: "شهادةُ القَريبِ لقَريبِه لا تُقبَلُ معَ التُّهمةِ، وتُقبَلُ بدونِها؛ هذَا الصَّحيحُ"
(1)
. وقالَ: الصَّحيحُ أنَّها تُقبَلُ شهادةُ الابنِ لأبيهِ، والأبِ لابنِه، فيمَا لا تُهمَة فيهِ، ونَص عليهِ، والتُّهمةُ وحدَها مُستقلةٌ بالمنعِ، مبدأُ كانَ قريبًا أوْ أجنبيًّا فشهادةُ القَريبِ لا تُردُّ بالقَرابةِ، وإنَّا تُردُّ لتُهمتِها
(2)
.
• بما أنَّ البيِّنةَ هيَ كُلُّ ما أبانَ الحقَّ وأظهرَهُ فلا تقتصِرُ على شهادةِ شهودٍ.
• لما قرَّرَهُ أهلُ العِلْمِ مِن أنَّ اليمينَ تشرعُ في جانبِ أقوَى المتداعينَ.
ملخص القضية:
أقامتِ المدعيةُ دَعْوَى على زوجِها تُطالبُه بإثباتِ طَلاقِه لها.
صادَقَ المدَّعَى عليهِ على النِّكاحِ، وذكرَ أنَّهُ لمْ يطلِّقِ المدعيةَ سوَى مرةٍ واحدةٍ وأنَّه راجعَها في عدَّتِها.
أنكرتِ المدعيةُ ما ذكرَهُ المدَّعَى عليهِ من أنَّه طلَّقَها مرةً واحدةً، وذكرَتْ أنَّه طلَّقَها عدَّةَ مراتٍ، وأنَّها خرجَتْ منَ العدَّةِ.
طلبَتْ مِنها المحكمةُ البيِّنةَ على ذلكَ فأحضرَتْ والدَها فشهدَ بأنَّ المدَّعَى عليهِ طلَّقَ المدعيةَ أكثرَ مِن أربعِ مراتٍ، كمَا أحضرتِ المدعيةُ معَها شاهديْنِ، رجلاً وامرأة، فشهِدَ الرجلُ بأنَّ المدَّعَى عليهِ طلَّقَ المدعيةَ، كمَا شهِدتِ المرأةُ بأنَّها سمِعتْ منَ المدعيةِ أنَّ المدَّعَى عليهِ قَد طلَّقَها.
ثمَّ جرَتْ محاورةٌ بنَ المدعيةِ والمدَّعَى عليهِ.
وبعدَ ذلكَ عرضتِ المحكمةُ على المدعيةِ اليمينَ على أنَّ المدَّعَى عليهِ قَد طلَّقَها، وأنَّهُ لمْ يراجِعْها حتَّى انقضاءِ عدَّتِها استعدَتْ بذلكَ ثمَّ حلفَتْ.
(1)
انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 1/ 87.
(2)
انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 1/ 87 - 92.
بناءً على ما تقدَّمَ ولإقرارِ المدَّعَى عليهِ بأنَّه طلَّقَ المدعيةَ وراجعَها، وما أقامتْهُ المدعيةُ مِن بيِّنةٍ على طَلاقِ المدَّعَى عليهِ لهَا مرةً أخرَى الثَّابتةِ في شهادةِ الشهودِ، ولأنَّ أحدَ الشهودِ والدُ المدعيةِ والراجحَ قبُولُ شهادةِ عمودَي النَّسبِ متَى ظهرَتْ عدالةُ الشَّاهدِ وانتفتِ التُّهمةُ، ولما قرَّرَهُ أهلُ العِلْمِ مِن أنَّ شهادةَ المرأةِ تُقبَلُ فيمَا لا يطَّلِعُ عليهِ الرِّجالُ غالبًا، ولأنَّ المرأةَ الَّتي شهِدتْ في هذهِ الدَّعوَى إنما شهِدتْ فيمَا سمِعتْهُ منَ المدعيةِ فلَا يُعتدُّ بشهادتِها كشهادةٍ وإنَّما هيَ قرينةٌ على صِحَّةِ ما ادَّعتْهُ، وبمَا أنَّ البيِّنةَ هيَ كُلُّ ما أبانَ الحقَّ وأظهرَهُ، ولأنَّ اليمينَ تشرعُ في جانبِ أقوَى المتداعيين، وحيثُ حلفَتِ المدعيةُ على وقوعِ الطَّلاقِ وعدمِ المراجعةِ حتَّى انقضاءِ عدَّتِها، ولأنَّ القولَ قولُها في انقضاءِ العدَّةِ متَى أمكَنَ ذلكَ، فقَد ثَبُتَ لدَى المحكمةِ طَلاقُ المدَّعَى عليهِ للمُدعيةِ.
اعترضَ المدَّعَى عليهِ، وصدقَ الحُكْم من محكمة الاستئناف.
• التحليل الفقهي لمضمون الحكم وعلاقته بالدراسة البحثية:
أولا: أن حكم القاضي بإثبات الطلاق لأن الزوجة أتت بشاهدين عدليين، يوافق اتفاق جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.
ثانيا: أن حكم القاضي يوافق ما جاء في النص القانوني من وثيقة مسقط المادة 88 (ج)، من أنه يجوز اثبات الطلاق الذي وقع خارج المحكمة بالإقرار والبينة، وفي هذه القضية أقر الزوج بالطلقة الأولى، وأثبتت الطلقة الثانية بالبينة وهي شهادة عدل، بالإضافة إلى قرينة ويمين الزوجة.