الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: دراسة لأقضية الحسن البصري في كتاب الأسرة
المطلب الأول: حكم العنين
تمهيد:
• تعريف العنين:
• تعريف العنين في اللغة:
عَنَّ لي كذا يَعِنُّ ويَعُنّ عَنَناً، أي عرض واعترض، والاسم منه العُنَّةُ، والْعُنَّةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا الِاعْتِرَاضُ بِالْفُضُولِ، ورجل معن: عريض وامرأة مِعَنَّةٌ. ورجلٌ عنّينٌ: لا يريد النساء، وامرأة عِنِّينَةٌ: لا تشتهي الرجال.
(1)
• تعريف العنين في الاصطلاح:
اتفق الفقهاء _ من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية _ على أن العِنّين هو من لا يقدر على اتيان زوجته
(2)
.
• العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:
علاقة عموم وخصوص، فالمعنى اللغوي أعم من المعنى الاصطلاحي لأنه يشمل أكثر من معنى.
حكم العنين:
• قضاء الحسن البصري:
(1)
انظر: الصحاح تاج اللغة للجوهري، مادة:(عنن)، 6/ 2166؛ لسان العرب لابن منظور، مادة:(عنن)، 2/ 432.
(2)
انظر: أنيس الفقهاء للقونوي ص: 58؛ البناية شرح الهداية للعيني 5/ 583؛ المعونة على مذهب عالم المدينة للثعلبي ص: 776؛ الحاوي الكبير للماوردي 9/ 368؛ نهاية المطلب في دراية المذهب للجويني 12/ 479؛ المغني لابن قدامة 7/ 199؛ المحلى لابن حزم 9/ 202.
قضى الحسن البصري رحمه الله في العنين: التأجيل سنة ليتداوى
(1)
، ثم يفرق بينهما إن لم يصل إليها، ولها الصداق كاملا.
(2)
• تحرير محل النزاع:
اتفق جمهور العلماء على أن العنين أن وطئ مرة واحدة لم تكن للزوجة مطالبة بما نزل به من العنة.
(3)
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين
(4)
رحمه الله معلقاً: "إذاً على كلام الفقهاء رحمهم الله العنة لا تحدث، فمتى جامع الرجل مرة واحدة فليس بعنين، وهذا القول ضعيف يخالف الواقع، فإن العُنَّة تحدث بلا ريب، لأن الإنسان معرض لفقد قواه كلها أو بعضها
…
فالصواب أن العنة تحدث، وأنها إذا حدثت فللزوجة الخيار"
(5)
.
• أقوال العلماء:
القول الأول:
(1)
قال وكيع: أخبرني ابن الحسن، عن النميري، عن موسى، عن ابن هلال، عن أشعث، قال: خاصمت إلى الحسن في بنت مؤذن لنا ادعت أن زوجها لا يقدر أن يدخل بها، وقال هو: بلى قد دخلت بها، فقال الحسن: فما ذنبي إن كان ما عندك مثل الهدبة، فأجله سنة يتداوى. انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 238.
(2)
انظر: مصنف ابن أبي شيبة، (ح 16500)، 3/ 503؛ المحلى لابن حزم 9/ 203. "بتصرف".
(3)
انظر: الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان 2/ 25.
(4)
محمد بن صالح بن عثيمين، ولد سنة 1347 ه بعنيزة، تتلمذ على يد الشيخ عبد الرحمن السعدي، ومحمد الأمين الشنقيطي، تولى القضاء، ودرس في المعاهد العلمية، من مؤلفاته: لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد، القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، توفي سنة 1421 ه بجدة. انظر: موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية للمغراوي 10/ 435.
(5)
انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين 12/ 210.
أن العنين إذا خاصمته زوجته يؤجل سنة، ويفرق بينهما إذا لم يصل إليها، وعليها العدة. وعلى هذا جمهور الفقهاء من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(1)
، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه
(2)
، وعبدالله بن مسعود رضي الله عنه
(3)
، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه
(4)
، وعطاء بن أبي رباح
(5)
، وإبراهيم النخعي
(6)
،
(1)
انظر: الآثار لأبي يوسف، (ح 642)، ص: 141؛ سنن سعيد بن منصور، (ح 2009)، 2/ 79؛ السنن الصغرى للبيهقي، (ح 2523)، 3/ 67.
(2)
انظر: مصنف عبد الرزاق، (ح 10725)، 6/ 254.
(3)
انظر: المعجم الكبير للطبراني، (ح 9704)، 9/ 342.
(4)
انظر: سنن الدارقطني، (ح 3816)، 4/ 471.
(5)
انظر: مصنف عبد الرزاق، (ح 10726)، 6/ 254.
عطاء بن أبي رباح، نشأ بمكة وهو مولى آل أبي ميسرة الفهري، يكنى بأبي محمد، ثقة، فقيه، محدث، انتهت إليه الفتوى في مكة، مات بمكة سنة خمس وعشرة ومائة. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 467.
(6)
انظر: الآثار لأبي يوسف، (ح 640)، ص 141.
إبراهيم بن يزيد بن الأسود النَّخَعِيُّ، يكنى بأبي عمران، من أئمة التابعين، يحدث الحديث بالمعاني، توفي سنة ست وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك بالكوفة. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 270.
والحسن البصري
(1)
، وسعيد بن المسيب
(2)
وغيرهم، ومذهب الحنفية
(3)
، والمالكية
(4)
، والشافعية
(5)
، والحنابلة
(6)
.
القول الثاني:
أن العنين إذا خاصمته زوجته لا يجوز للحاكم ولا لغيره أن يفرق بينهما أصلا، ولا أن يؤجل له أجلاً، وهذا قول الظاهرية
(7)
.
• سبب الخلاف:
اختلافهم في صحة الآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم، وأن قول الصحابي إذا خالفه آخر فهو ليس بحجة.
• الأدلة:
• استدل القائلون بأن العنين إذا خاصمته زوجته يؤجل سنة، ويفرق بينهما إذا لم يصل إليها، وعليها العدة بالكتاب والسنة والأثر والإجماع والمعقول:
أولا: من الكتاب:
1.
قال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}
(8)
.
وجه الدلالة:
أن الله خير الأزواج بين أمرين: الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، ومعلوم بأن استيفاء النكاح مع كون الزوجة محرومة الحظ من الزوج ليس من الإمساك بالمعروف في شيء، لأن الوطء هو المقصود بالنكاح، فإذا تعذر الإمساك بمعروف من هذا الوجه، تعيّن عليه التسريح باحسان، لأن من خُير بين شيئين إذا تعذر عليه أحدهما تعيّن عليه الآخر، فإن لم يسرح بنفسه، ناب القاضي منابه في التسريح.
(9)
(1)
انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 238؛ مصنف ابن أبي شيبة، (ح 16500)، 3/ 503؛ المحلى لابن حزم 9/ 203.
(2)
انظر: سنن الدارقطني، (ح 3813)، 4/ 470.
(3)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/ 322؛ حاشية ابن عابدين 3/ 495.
(4)
انظر: المدونة للامام مالك 2/ 184؛ بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 3/ 74.
(5)
انظر: الام للشافعي 5/ 42؛ الحاوي الكبير للماوردي 9/ 368.
(6)
انظر: مختصر الخرقي ص: 105؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 8/ 186.
(7)
انظر: المحلى لابن حزم 9/ 202.
(8)
سورة البقرة، آية:229.
(9)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/ 323؛ تكملة المجموع شرح المهذب للنووي 16/ 279. " بتصرف".
2.
قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
(1)
.
وجه الدلالة:
لما كان الوطء حق للزوج على زوجته وجب أن يكون حقاً لها عليه
(2)
.
ثانيا: من السنة:
قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"
(3)
.
وجه الدلالة:
أن الوطء مستحق على الزوج للمرأة بالعقد، وفي إلزام العقد عند تقرر العجز عن الوصول فيه تفويت المستحق بالعقد عليها، وهذا ضرر بالزوجة وظلم لها.
(4)
ثالثا: من الأثر:
1.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في العنين: «يؤجل سنة، فإن وصل إليها، وإلا فُرق بينهما ولها المهر كاملاً، وهي تطليقة بائنة»
(5)
.
2.
عن علي رضي الله عنه قال: «يؤجل العنين سنة، فإن أصابها، وإلا فهي أحق بنفسها»
(6)
.
3.
عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال:«يؤجل العنين سنة، فإن دخل بها، وإلا فرق بينهما، ولها الصداق»
(7)
.
4.
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال:«العنين يؤجل سنة»
(8)
.
رابعا: الإجماع:
(1)
سورة البقرة، آية 228.
(2)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 9/ 369.
(3)
انظر: موطأ مالك، (ح 600)، 4/ 1078؛ مسند أحمد، (ح 2865)، 5/ 55؛ سنن ابن ماجه، (ح 2341)، 2/ 784؛ المعجم الكبير للطبراني، (ح 1387)، 2/ 86.
(4)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/ 323.
(5)
انظر: الآثار لأبي يوسف، (ح 642)، ص: 141؛ سنن سعيد بن منصور، (ح 2009)، 2/ 79؛ السنن الصغرى للبيهقي، (ح 2523)، 3/ 67.
(6)
انظر: مصنف عبد الرزاق، (ح 10725)، 6/ 254.
(7)
انظر: المعجم الكبير للطبراني، (ح 9706)، 9/ 343.
(8)
انظر: سنن الدارقطني، (ح 3816)، 4/ 471.
إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه رُوي في العنين عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم، وكان قضاؤهم بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، ولم يُنقل أنه أنكر عليهم أحد منهم، فيكون إجماعا
(1)
.
قال ابن عبد البر
(2)
: "ولا أعلم بين الصحابة خلافاً في أن العنين يؤجل سنة من يوم يرفع إلى السلطان "
(3)
.
خامسا: من المعقول:
1.
أن الامتناع عن الوطء قد يكون للعجز وقد يكون لبُغضه زوجته، فإذا أُجل فيُقدم على الوطء دفعاً للعار عن نفسه إن كان عاجزاً.
(4)
2.
أن العنة مرض يُرجى زواله فلذلك يُؤجل سنة.
(5)
3.
أن خيار فسخ عقد النكاح حق للمرأة تستحق به الترافع عند القاضي.
(6)
4.
القياس على الجُب
(7)
، فللمرأة خيار الفسخ لفقد الإصابة المقصودة فكذلك العنة.
(8)
(1)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/ 322 - 323؛ المعونة على مذهب عالم المدينة للثعلبي ص 776؛ الحاوي الكبير للماوردي 9/ 369؛ المجموع شرح المهذب للنووي 16/ 279؛ المغني لابن قدامة 7/ 200، الاقناع في مسائل الإجماع لابن القطان 2/ 25.
(2)
أبو عمر: يوسف بن عبد الله، ابن عبد البر النمري، الإمام، حافظ المغرب، ولد سنة ثمان وستين وثلاث مائة، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرجال، ولي قضاء أشبونة، من تصانيفه: الاستذكار الجامع لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار؛ الاستيعاب في أسماء الصحابة، توفي سنة ثلاث وستين وأربع مائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 18/ 153.
(3)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر 6/ 193.
(4)
انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي 2/ 226.
(5)
انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة للثعلبي ص: 776.
(6)
انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة للثعلبي ص: 777.
(7)
الجب هو: مقطوع الذكر انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 1/ 233.
(8)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 9/ 369 "بتصرف".
5.
القياس على جواز الفسخ في الإيلاء
(1)
، ففي العنة أولى.
(2)
6.
القياس على وجوب الخيار في فسخ نكاح الزوجة بالرتق
(3)
لتعذر الجماع عليه مع قدرته على فراقها بالطلاق، فالأولى أن يجب لها بعنة الزوج لأنها لا تقدر على فراقه بالطلاق.
(4)
• استدل القائلون بأن العنين إذا خاصمته زوجته لا يجوز للحاكم ولا لغيره أن يفرق بينهما أصلا، ولا أن يؤجل له أجلا بالسنة والأثر:
أولا: من السنة:
(1)
الإيلاء هو: حلف الزوج القادر على الوطء بالله تعالى أو صفة من صفاته على ترك وطء زوجته في قبلها مدة زائدة على أربعة أشهر. انظر: المطلع على ألفاظ المقنع للبعلي ص 416.
(2)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 9/ 369؛ المجموع شرح المهذب للنووي 16/ 279 "بتصرف".
(3)
الرَتَق هو: التحام الفرج بحيث لا يمكن دخول الذكر. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه للنووي ص 255.
(4)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 9/ 369 "بتصرف".
أن عائشة
(1)
رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: جاءت امرأة
(2)
رفاعة القرظي
(3)
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالسة، وعنده أبو بكر، فقالت: يا رسول الله، إني كنت تحت رفاعة فطلقني فبتَّ طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير
(4)
، وإنه والله ما معه يا رسول الله إلا مثل هذه الهدبة، وأخذت هدبة من جلبابها، فسمع خالد بن سعيد
(5)
(1)
أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين، وكانت أحب نسائه إليه، وهي المبرأة من فوق سبع سماوات، من أكابر فقهاء الصحابة، ماتت سنة 57 هـ. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 8/ 46.
(2)
وهي: تميمة بنت وهب أبي عبيد القرظية. انظر: معرفة الصحابة لأبي نعيم 6/ 3281.
(3)
رفاعة بن سموال القرظي، له ذكر في الصحيح من حديث عائشة. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 2/ 408.
(4)
عبد الرحمن بن الزّبير القرظي، ويقال هو ابن الزّبير بن زيد بن أمية من الأوس، ثبت ذكره في الصحيحين من حديث عائشة، روى عنه ولده الزّبير بن عبد الرحمن، وهو من شيوخ مالك. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 4/ 258.
(5)
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، أمه أم خالد بنت خباب، خامس من أسلم، ولازم النبي صلى الله عليه وسلم، هاجر إلى الحبشة وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، وكان عامل النبي صلى الله عليه وسلم على اليمن، شهد فتح أجنادين واستشهد في وقعة مرج الصُّفَّرِ سنة أربع عشرة للهجرة. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 94 ..
قولها وهو بالباب لم يؤذن له، قالت: فقال خالد: يا أبا بكر، ألا تنهى هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلا والله ما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ»
(1)
.
وجه الدلالة:
أن زوج المرأة لم يطأها، وأن إحليله كالهدبة لا ينتشر إليها، وتشكو ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتريد مفارقته؟ فلم يشكها، ولا أجل لها شيئا، ولا فرق بينهما.
(2)
ثانيا: من الأثر:
عن هانئ بن هانئ
(3)
قال: كنت عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقامت إليه امرأة فقالت له:"هل لك إلى امرأة ولا أيم ولا ذات زوج؟ قال: فأين زوجك؟ فقالت: هو في القوم، فقام شيخ يجنح فقال: ما تقول هذه المرأة؟ قال: سلها هل تنقم في مطعم أو ثياب؟ فقال علي: فما من شيء؟ قال: لا، قال: ولا من السِّحر؟ قال: لا، قال: هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ؟ قالت فرّق بيني وبينه؟ قال: اصبري، فإن الله لو شاء ابْتَلَاكِ بأشدَّ من ذلك".
(4)
• مناقشة الأدلة:
اعترض على أدلة القائلين بأن العنين إذا خاصمته زوجته يؤجل سنة، ويفرق بينهما إذا لم يصل إليها بالآتي:
• ما استدللتم به من قول عمر بن الخطاب " يؤجل سنة فإن وصل إليها وإلا فرق بينهما
…
" مردود:
(1)
صحيح البخاري، (ح 5792)، 7/ 142؛ صحح مسلم، (ح 1433)، 2/ 1055.
(2)
انظر: المحلى لابن حزم 9/ 209.
(3)
هانئ بن هانئ الهمداني روى عن علي بن أبي طالب ، وكان يتشيع ، وهو منكر الحديث. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 223.
(4)
سنن سعيد بن منصور، (ح 2020)، 2/ 81.
بأن الأثر رُوي بطرق متعددة، وكلها منقطعة أو عن ضعفاء
(1)
.
أجيب:
أ- أن خبر عمر رواه المدنيون والكوفيون والبصريون ولم يختلفوا عنه فيه
(2)
.
ب- قال ابن حجر عن طريق سعيد بن المسيب الذي أخرجه ابن أبي شيبة
(3)
والدارقطني: "رجاله ثقات"
(4)
.
رد:
بأن اسناده ضعيف مرسل، للانقطاع بين سعيد بن المسيب وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وروايات سعيد عن عمر كلها منقطعة، قال ابن معين
(5)
: "لم يثبت سماعه منه"
(6)
.
• ما استدللتم به من قول علي رضي الله عنه " يؤجل العنين سنة، فإن أصابها، وإلا فهي أحق بنفسها " مردود:
بأن الاسناد ضعيف، ولا يصح
(7)
.
(1)
انظر: البدر المنير لابن الملقن 7/ 647؛ الجوهر النقي على سنن البيهقي لابن التركماني 7/ 226؛ الدراية في تخريج أحاديث البداية لابن حجر 2/ 77؛ المحلى لابن حزم 9/ 203، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 6/ 322.
(2)
انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر 6/ 193.
(3)
ابن أبي شيبة عبد الله بن محمد العبسي، الإمام، الحافظ، بحر من بحور العلم يضرب به المثل في الحفظ، من تصانيفه: المسند، المصنف، التفسير، توفي سنة خمسين وثلاثين ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 11/ 122.
(4)
بلوغ المرام لابن حجر ص: 389.
(5)
يحيى بن معين بن عون، أبو زكريا المري، ولد سنة ثمان وخمسين ومائة، أصله من الأنبار، رحل في طلب العلم، من أئمة الحديث، توفي في المدينة سنة ثلاث وثلاثين ومئتين. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي 5/ 965.
(6)
انظر: البدر المنير لابن الملقن 7/ 647؛ الجوهر النقي على سنن البيهقي لابن التركماني 7/ 226.
(7)
انظر: الدراية في تخريج أحاديث البداية لابن حجر 2/ 77؛ المحلى لابن حزم 9/ 203، الجوهر النقي على سنن البيهقي لابن التركماني 7/ 227، الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر 6/ 193.
• ما استدللتم به من قول ابن مسعود رضي الله عنه "يؤجل العنين سنة، فإن دخل بها
…
" مردود:
بأن الرواية عن ابن مسعود أتت من طريق عبد الكريم الجزري
(1)
ولم يولد إلا بعد موت ابن مسعودرضي الله عنه، أو من طريق حُصَيْن بن قَبِيصَة
(2)
وهو مجهول
(3)
.
أجيب عنه:
أ- أن حُصَيْن بن قَبِيصَة ثقة.
(4)
ب- إسناد رواية ابن أبي شيبة صحيح على شرط مسلم
(5)
، فإن رجاله كلهم ثقات من رجال مسلم، سوى حُصَيْن بن قَبِيصَة، لكن روايته متابعة، ثم هو ثقة.
(6)
• ما استدللتم به من قول المغيرة بن شعبة رضي الله عنه "العنين يؤجل سنة" مردود:
بأن الأثر لا يصح
(7)
.
أجيب:
(1)
عبد الكريم بن مالك أبو سعيد الجزري الحراني، مولى بني أمية، رأى أنس بن مالك رضي الله عنه، ثقة، كثير الحديث، توفي سنة سبع وعشرين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 6/ 80.
(2)
حصين بن قبيصة الفزاري الكوفي، روى عن ابن مسعود، وعلي، والمغيرة رضي الله عنهم، تابعي، وثقه ابن حبان. انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي 6/ 530.
(3)
انظر: المحلى لابن حزم 9/ 207
(4)
انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي 6/ 530؛ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 4/ 301.
(5)
مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، الإمام المحدث الثقة، صاحب الصحيح، ولد: سنة أربع ومائتين، رحل في طلب العلم إلى العراق والحرمين ومصر، توفي سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 557.
(6)
انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 6/ 324.
(7)
انظر: المحلى لابن حزم 9/ 207.
قال الألباني
(1)
: "إسناد رجاله كلهم ثقات، رجال مسلم غير أبى حنظلة هذا فلم أعرفه".
(2)
اعترض على أدلة القائلين بأن العنين إذا خاصمته زوجته لا يجوز للحاكم ولا لغيره أن يفرق بينهما أصلا، ولا أن يؤجل له أجلا بالآتي:
• ما استدللتم به من حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ، لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ
…
" مردود بالآتي:
(1)
المحقق المحدث محمد ناصر الدين بن نوح الألباني، ولد سنة 1332 هـ في مدينة أشقودرة، نشأ في أسرة فقيرة متدينة، هاجر والده إلى دمشق، ودرس الشيخ في دمشق وطلب العلم على يد علماء الشام، له جهود في التحقيق والتأليف منها: أحكام الجنائز، صحيح أبي داوود، توفي سنة 1420 ه. انظر: الألباني، محمد ناصر الدين، الترجمة، استرجعت سابقاً بتاريخ 2/ 1/1436 هـ، من موقع http://www.alalbany.net/ ؛ موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية للمغرواي 10/ 368.
(2)
انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 6/ 325.
1.
قالوا: لا حجة لكم في الحديث، لأن قول المرأة:" وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الهُدْبَةِ " لم يكن فيه دعوى العنة، فهي شكت ضعف جِماعه ولم تشكِ عجزه، وأنكر عليها زوجها تلك الدعوى، وقد اتضح ذلك فى رواية أخرى في صحيح البخاري
(1)
أنها قالت: "والله ما لي إليه من ذنب إلا أن ما معه ليس بأغنى عنى من هذه، وأخذت هدبة من ثوبها" فقال: "كذبت والله يا رسول الله، إنى لأنفضها نفض الأديم، ولكنها ناشز تريد رفاعة"
(2)
.
(3)
2.
أن في وجه الدلالة ترك لمقصد النكاح فالبغية منه الوطء وابتغاء النسل، وحكم الزوجة كحكم الزوج في أحقية الفسخ إذا كانت زوجته رتقاء.
(4)
3.
أن الحديث من رواية مالك
(5)
،
(1)
أبو عبد الله البخاري محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، الإمام، المحدث، صاحب الصحيح، كان حافظا لديه سعة في علمه وذكائه، توفي سنة ست وخمسين ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 391.
(2)
صحيح البخاري، (ح 5825)، 7/ 148.
(3)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/ 323؛ شرح صحيح البخارى لابن بطال 7/ 481؛ الحاوي الكبير للماوردي 9/ 369. " بتصرف"
(4)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر 5/ 445 "بتصرف".
(5)
الحديث في موطأ مالك: "
…
فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فاعترض عنها، فلم يستطع أن يمسها؛ ففارقها. فأراد رفاعة أن ينكحها. وهو زوجها الأول فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فنهاه عن تزويجها. وقال:"لا تحل لك، حتى تذوق العسيلة". انظر: موطأ مالك، (ح 499)، 3/ 759.
مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، ولد سنة ثلاث وتسعين، إمام دار الهجرة، لم يكن بالمدينة عالم يشبه مالكا في العلم والفقه والحفظ، من مؤلفاته: المدونة و الموطأ، توفي سنة ثمان وسبعين ومئة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 8/ 48.
وفي مسلم
(1)
أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها زوجها ولم يمسها، فأي تأجيل سيكون ها هنا؟
(2)
4.
أن هذا الحديث دليل عليهم لا لهم، لقوله صلى الله عليه وسلم:"أتحبين أن ترجعي إلى رفاعة"، ففيه دليل على أن شكواها يوجب الفراق، ولأنه قد ناكرها فى ذلك
(3)
.
• ما استدللتم به من قول علي رضي الله عنه"اصبري، فإن الله لو شاء ابْتَلَاكِ بأشدَّ من ذلك" مردود بالآتي:
1.
بأن هانئ بن هانئ مجهول كما قال ابن المديني
(4)
، وقال الشافعي: أن هانئاً لا يُعرف وأن أهل العلم لا يثبتون هذا الحديث لجهالتهم بهانئ فالحديث ضعيف
(5)
، لا يحتج به.
2.
إن صح الحديث فمعناه: أنه قد كان أصابها قبل ذلك
(6)
، فالزوج ليس بعنين.
• الراجح:
الراجح _ والله أعلم _ هو التفصيل في حالة العنين:
(1)
الحديث في مسلم: "عن عائشة، قالت: طلق رجل امرأته ثلاثا، فتزوجها رجل، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فأراد زوجها الأول أن يتزوجها، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: "لا، حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول" انظر: صحيح مسلم، (ح 1433)، 2/ 1057.
(2)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر 5/ 446، فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر 9/ 468.
(3)
انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض 4/ 608.
(4)
علي بن عبد الله بن جعفر المديني، أمير المؤمنين في الحديث، ولد سنة إحدى وستين ومائة، كان علماً في معرفة الحديث والعلل، وله تصانيف كثيرة منها: الأسامي والكنى، الضعفاء، الطبقات، المدلسون، وغيرها، توفي بسامراء سنة أربع وثلاثين ومائتين. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 11/ 41.
(5)
انظر: الجوهر النقي على سنن البيهقي لابن التركماني 7/ 227؛ إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 6/ 324.
(6)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر 6/ 193.
أ- إذا كانت العنة يرجى برؤها
(1)
، فيؤجل له.
ب- إذا كانت العنة لا يرجى برؤها
(2)
فلا يؤجل للعنين.
هل فرقة العنين فسخ أم طلاق؟
اختلف الفقهاء رحمهم الله على قولين:
1.
أن فرقة العنين طلقة بائنة، وبه قال أبو حنيفة
(3)
، ومالك
(4)
.
وذلك: لأن الفرقة من جهة الزوج، لأن فعل القاضي أضيف إليه، لامتناعه عن الإمساك بالمعروف
(5)
.
2.
أن فرقة العنين فسخ للنكاح، وبه قال الشافعي
(6)
، وأحمد
(7)
.
وذلك: لأن الفرقة خيار ثبت لأجل العيب فكانا فسخاً كفسخ المشتري لأجل العيب.
(8)
اثبات العنة:
يكون إثبات العنة بأحد أمرين
(9)
:
1.
إقرار الزوج.
(1)
كالعنة النفسية، مثل الخوف من الفشل، أو الاشمئزاز من العلاقة الجنسية، أو كره الطرف الآخر. انظر: العنة والعقم لـ د: حسين كامل ص 5.
(2)
كالعنة العضوية، مثل تشوه العضو الذكري. انظر: العنة والعقم لـ د: حسين كامل ص 5.
(3)
انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي 2/ 225؛ البناية شرح الهداية للعيني 5/ 585؛ المبسوط للسرخسي 5/ 100.
أبو حنيفة: أبو حنيفة هو النعمان بن ثابت التيمي، عالم العراق، ولد عام ثمانين، ورأى أنس بن مالك رضي الله عنه، وعني بطلب الآثار، وارتحل في ذلك، وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى، والناس عليه عيال في ذلك، توفي سنة 150 ه. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 6/ 390.
(4)
انظر: الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر 2/ 564.
(5)
انظر: البناية شرح الهداية للعيني 5/ 585.
(6)
انظر: الام للشافعي 5/ 42.
(7)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 201.
(8)
انظر: المرجع السابق.
(9)
انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي 2/ 226؛ بدائع الصنائع للكاساني 2/ 323؛ الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر 2/ 564؛ الحاوي الكبير للماوردي 9/ 370؛ المجموع شرح المهذب للنووي 16/ 281؛ المغني لابن قدامة 7/ 200.
فإن أنكر الزوج دعوى العنة، فالقول قول الزوج مع يمينه، فإن تراجع الزوج ثبتت في حقه.
2.
ظهور البكارة.
إن ادعى الزوج أنه وطء زوجته فأنكرت، فإن كانت بكراً، أُريت النساء
(1)
فإن قلن أنها بكراً، فالقول قولها، وإن كانت ثيباً، فالقول قول الزوج مع يمينه.
3.
الطب.
تثبت العنة بالكشف الموضعي، أو باجراء اختبار موضعي سطحي
(2)
.
دراسة تطبيقية لحكم العنين في المحاكم السعودية:
• النص القانوني:
• جاء في وثيقة مسقط للنظام (القانون) الموحد للأحوال الشخصية لدول مجلس التعاون الخليجي
(3)
:
في الباب الثالث: التطليق.
الفصل الأول: التطليق للعلل.
المادة 97:
أ لكل من الزوجين طلب التطليق لعِلّة في الآخر يتعذّر معها استمرار الحياة الزوجية ولا يرجى منها برء، أو يرجى بعد مضي أكثر من سنة، عقلية كانت أو عضوية، أصيب بها قبل العقد أو بعده.
ب إذا كانت العلة يرجى منها برء قبل مضي سنة، تعطي المحكمة للمعتل أجل سنة قبل التطليق.
المادة 97:
يستعان بأهل الخبرة من الأخصائيين في معرفة العلة.
الفصل السابع: أحكام مشتركة.
المادة 114:
يعتبر التطليق بموجب المواد (97، .... ) بائنا.
• التطبيق القضائي
(4)
:
رَقْمُ الصَّكِّ: 33455749 تاريخُه: 16/ 11/1433 ه.
رَقْمُ الدعوى: 33474935.
رقم قرار التصديق من محكمة الاستئناف: 34221660 تاريخه: 25/ 5/1434 ه.
السند الشرعي أو النظامي:
(1)
قيل: امرأة واحدة تكفي، وقيل امرأتان، وقيل أربع نسوة. انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي 2/ 225؛ المجموع شرح المهذب للنووي 16/ 281.
(2)
الاختبار الموضعي السطحي للتفريق بين منشأ العنة هل هو نفسي أو لا، انظر: العنة والعقم لـ د: حسين كامل ص 8.
(3)
مجلة العدل، العدد (47)، رجب، 1431 ه، ص:233.
(4)
انظر: مجموعة الأحكام القضائية لعام 1434 هـ الصادرة من وزارة العدل، 10/ 356.
1.
العقم عيب كافٍ في فسخ النكاح، وهو مروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
(1)
كما في الاختيارات، وتلميذه ابن القيم كما في زاد المعاد.
2.
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم
(2)
كما في الفتاوى: "فالعقم وهو عدم الولادة لا ريب أن الصحيح فيه أنه عيب فإن من أهم وأعظم مقاصد المرأة من النكاح تحصيل الولد"
(3)
أ. ه.
ملخص القضية:
ادعت المدعية المعرف بها من قبل والدها أن المدعى عليه تزوجها بولاية والدها بمهر قدره عشرون ألف ريال استلمته كاملاً، وأنه دخل بها، ولم ترزق منه بأولاد، وأن العشرة ساءت بينهما، وأنه تركها عند أهلها، كما أنه عقيم، وعنين وغير قادر على الجماع، وأنها ترغب في الأولاد والذرية وطلبت فسخ نكاحها منه.
بعرض الدعوى على المدعى عليه صادق على الزواج والمهر، وقرر أنها هي التي رفضت العودة إلى بيت الزوجية، كما صادق على ما ادعته من العقم، وقرر أنه لم يعلم بذلك إلا بعد سنتين من زواجه بالمدعية، وأنكر ما ادعته من العنة، ولم يوافق على طلبها الفسخ، وذكر أنه يحبها حباً شديداً.
جرى محاولة الإصلاح بن الطرفين فلم يصطلحا.
(1)
أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، أبو العباس ابن تيمية، ولد في حران سنة 661 ه، وصف بالاجتهاد، وكان واسع المعرفة في التفسير والفقه والحديث والعربية وغيرها، من تصانيفة: الفتاوى، السياسة الشرعية، توفي سنة 728 ه. انظر: ذيل التقييد في رواة السنن والأسانيد للفاسي 1/ 325؛ الأعلام للزركلي 1/ 144.
(2)
محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ، ولد سنة 1311 هـ، فقيه حنبلي، وكان المفتي الأول للملكة العربية السعودية، ثم عين رئيساً للقضاة، من تصانيفه: الجواب المستقيم، توفي سنة 1389 هـ. انظر: الأعلام للزركلي 5/ 306.
(3)
انظر: فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ 10/ 165.
إقرار المدعى عليه أنه عقيم لا يولد له، والمرء مؤاخذ بإقراره.
ما تقرر شرعاً من أن العقم عيب يثبت به الخيار للمرأة، وهو عيب كاف في فسخ النكاح، لذا تم الحكم بفسخ نكاح المدعية من زوجها المدعى عليه بلا عوض.
جرى إفهام المدعية بأن عليها العدة الشرعية ابتداء من تاريخ الحكم حيث ذكرت أنها من ذوات الأقراء، وأن عليها ألا تتزوج أو تتعرض لخاطب حتى يكتسب الحكم القطعية.
كما جرى إفهام المدعى عليه بأن المدعية قد بانت منه بينونة صغرى لا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، وأن عليه مراجعة الأحوال المدنية لتسجيل الواقعة وإنزال اسم المرأة من دفتر العائلة بعد اكتساب الحكم القطعية.
بعرض الحكم على الطرفين قررت المدعية القناعة، وقرر المدعى عليه عدم القناعة وطلب التمييز وجرى إفهامه بتعليمات الاعتراض.
تقدم المدعى عليه بلائحته الاعتراضية المكونة من أربع صفحات وطلب فيها مخاطبة المستشفى للإفادة عن حالته إذا كان هناك أمل في شفائه، جرت مخاطبة المستشفى فورد الجواب المتضمن الإفادة بالآتي:
أ متلازمة (كلاينفلتر)
(1)
حالة دائمة لا شفاء منها، وقد تم الأخذ بجميع الأسباب المعروفة طبيا لمحاولة المساعدة في حدوث حمل وإنجاب إلا أنها لم تنجح.
ب الدواء الذي يتناوله المريض حالياً ليس لعلاج صعوبة الإنجاب وإنما لتحسين جوانب صحية أخرى لدى المريض.
لم يجد ناظر القضية في اللائحة الاعتراضية ما يؤثر على الحكم، تم رفع المعاملة لمحكمة الاستئناف، ورد الحكم من محكمة الاستئناف مصدقاً.
• التحليل الفقهي لمضمون الحكم وعلاقته بالدراسة البحثية:
(1)
متلازمة تصيب الذكور فقط و لا تصيب الاناث، بحيث يملك المريض كروموسوم X زائد فيصبح طرازه الجيني لخلاياه الجسمية XXY بدلا من XY في الشخص الطبيعي. انظر: موقع الطبي، الرئيسية، الأمراض الوراثية، مصطلحات طبية، متلازمة كلاينفلتر، استرجعت بتاريخ 12/ 6/1438 ه من موقع https://goo.gl/aDlNcF .
أولا: يتضح في هذه القضية أن الزوجة اعترفت بدخول زوجها، ثم ادعت على زوجها العنة، وهذه الحالة ليست عنّة باتفاق الفقهاء
(1)
، لكنها عِنّة على رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وكذلك في الطب الحديث يمكن أن تكون عنة.
ثانيا: أن في هذه القضية لم يفسخ القاضي النكاح بعيب العنة، لأنها لم تثبت لسببين:
1.
اعتراف الزوجة بالدخول الشرعي فهي ثيب _ وهذه ليست عنة باتفاق الفقهاء كما أسلفنا_.
2.
إنكار الزوج للعنة.
ثالثا: حكم القاضي بفسخ النكاح في هذه القضية بعيب العقم لا العنة، لأن الزوج أقر بالعقم، وأثبت الأطباء أن مرضه هو متلازمة (كلاينفلتر) وهي حالة دائمة لا شفاء منها، وهذا الحكم استند فيه القاضي على النص الشرعي - كما تقدم - والقانوني كما جاء في المادة 97 (أ) والمادة (98) من وثيقة مسقط المتقدمة.
(1)
انظر: الاقناع في مسائل الإجماع لابن القطان 2/ 25.