الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: شرط الدار في عقد النكاح
تمهيد:
• تعريف الشرط:
• تعريف الشرط في اللغة:
أصل يدل على علم وعلامة
(1)
، والشرط: إلزام الشيء والتزامه
(2)
• تعريف الشرط في الاصطلاح:
ما يتوقف عليه الشيء وليس منه
(3)
، أو هو ما يتم به الشيء وهو داخل فيه
(4)
.
• العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:
علاقة عموم وخصوص، فاللغوي أعم من الاصطلاحي لأنه يشمل أكثر من معنى.
• مفهوم شرط الدار عند الفقهاء:
من سياق ذِكر الفقهاء لهذه المسألة يقصد بالدار أحد أمرين:
أ أن لا يخرجها من بلدها.
ب أن لا يخرجها من دارها التي تسكنها قبل عقد الزواج _ سواء كانت الدار تملكها، أو كانت مع والديها.
(1)
انظر: مقاييس اللغة للقزويني، مادة "شرط"، 3/ 260.
(2)
انظر: المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده، مادة "شرط"، 8/ 13.
(3)
انظر: أنيس الفقهاء للقونوي ص: 23.
(4)
انظر: الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة للسنيكي ص: 71.
ولا يتنافى أن يدخل ضمن معنى شرط الدار: أن يسكن الزوج زوجته في دار مستقلة.
• أقسام الشروط في عقد النكاح:
تنقسم الشروط إلى ثلاثة أقسام
(1)
:
1.
ما يبطل بها النكاح، مثل: توقيت النكاح.
2.
ما يبطل فيه الشرط ويصح النكاح، مثل: أن لا يكون لها مهر.
3.
ما لا تعلق له بالعقد فلا يقتضيه ولا ينفيه، مثل: أن لا يخرجها من دارها أو بلدها، وهذا الذي وقع فيه الخلاف بين العلماء.
حكم شرط الدار في عقد النكاح:
• قضاء الحسن البصري:
كان الحسن البصري رحمه الله لا يقضي بالشرط في الدار للمرأة
(2)
.
• أقوال العلماء:
القول الأول:
(1)
المنتقى شرح الموطأ للقرطبي 3/ 296؛ التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب 4/ 181؛ الحاوي الكبير للماوردي 9/ 505؛ المغني لابن قدامة 7/ 93.
(2)
قال وكيع: حدثني الصنعاني، قال: حدثنا عفان بن مسلم، عن محمد بن راشد، عن عبدالكريم بن أبي أمية. انظر: أخبارة القضاة لوكيع ص: 237؛ سنن سعيد بن منصور 1/ 213؛ مصنف عبد الرزاق 6/ 225.
أن شرط الدار في عقد النكاح، لا يلزم الوفاء به. وعلى هذا جماعة من السلف رحمهم الله، وقال به علي بن أبي طالب
(1)
رضي الله عنه، والحسن البصري
(2)
، وإبراهيم النخعي
(3)
، والشعبي
(4)
، وسعيد بن المسيب
(5)
، وعطاء
(6)
، ومذهب الحنفية
(7)
، والشافعية
(8)
، والمالكية
(9)
.
القول الثاني:
أن شرط الدار في عقد النكاح، يلزم الوفاء به، فإن لم يفعل فللمرأة فسخ النكاح. وعلى هذا جماعة من الصحابة والتابعين، منهم: عمر بن الخطاب
(10)
، ومعاوية
(11)
، وعمرو بن العاص
(12)
(1)
سنن سعيد بن منصور، (ح 667)، 1/ 213.
(2)
سنن سعيد بن منصور، (ح 668)، 1/ 213؛ مصنف ابن أبي شيبة، (ح 16459)، 3/ 499.
(3)
سنن سعيد بن منصور، (ح 669)، 1/ 213؛ مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (ح 10600)، 6/ 225.
(4)
مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (ح 10603)، 6/ 225.
(5)
سنن سعيد بن منصور، (ح 661)، 1/ 211.
(6)
مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (ح 10601)، 6/ 225.
(7)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ للزيلعي 2/ 148؛ حاشية ابن عابدين 3/ 125.
(8)
انظر: الأم للشافعي 5/ 78؛ الحاوي الكبير للماوردي 9/ 506 - 507.
(9)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر 5/ 441؛ المنتقى شرح الموطأ للقرطبي 3/ 296؛ المقدمات الممهدات لابن رشد 1/ 483.
(10)
سنن سعيد بن منصور، (ح 662)، 1/ 211.
(11)
مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (ح 10612)، 6/ 228.
معاوية بن أبي سُفْيَان بْن حرب، أمه هند بنت عتبة رضي الله عنهما، أسلم عام الحديبية، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنين والطائف، ولاه عمر رضي الله عنه دمشق، ثم ولاه عثمان رضي الله عنه الشام، تولى الخلافة عشرين عاماً ومات سنة ستين. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 406.
(12)
سنن سعيد بن منصور، (ح 664)، 1/ 212.
عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم رضي الله عنه، يكنى بأبي عبد الله، أسلم بأرض الحبشة، وهاجر إلى المدينة سنة ثمان، وكان قائدا لغزوة ذات السلاسل، فتح مصر في عهد عمر رضي الله عنه، توفي سنة ثلاث وأربعين. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 493.
رضي الله عنهم، وعمر بن عبد العزيز
(1)
، وطاووس
(2)
في قول له
(3)
، وشريح
(4)
، ومذهب الحنابلة
(5)
.
• سبب الخلاف:
اختلف الفقهاء هل شرط الدار يندرج تحت حديث: " ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل "
(6)
أو حديث: " أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"
(7)
و " المسلمون على شروطهم"
(8)
؟
• الأدلة:
• استدل القائلون بأن شرط الدار في عقد النكاح لايلزم الوفاء به بالسنة والأثر والمعقول:
أولا: من السنة:
1.
قال صلى الله عليه وسلم: "ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق".
وجه الدلاله:
أن شرط الدار ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم
(9)
.
(1)
مصنف ابن أبي شيبة، (ح 16454)، 3/ 499.
(2)
طَاوُوْسُ بن كَيْسَانَ الفارسي، مولى بَحِيْرِ الحميري، ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه، سمع من بعض الصحابة ولازم ابن عباس فترة، من سادات التابعين، عالم اليمن ، توفي سنة ستة ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 5/ 38.
(3)
مصنف عبد الرزاق الصنعاني، (ح 10616)، 6/ 228.
(4)
سنن سعيد بن منصور، (ح 665)، 1/ 212.
(5)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 93؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 8/ 155.
(6)
صحيح البخاري، (ح 2168)، 3/ 73.
(7)
صحيح البخاري، (ح 2721)، 3/ 190.
(8)
سنن أبي داوود، (ح 3594)، 5/ 445؛ المستدرك على الصحيحين للحاكم، (ح 2309)، 2/ 57؛ المعجم الكبير للطبراني، (ح 30)، 17/ 22. الحكم على الحديث: صححه الألباني. انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 5/ 142.
(9)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ للزيلعي 2/ 149، الاستذكار لابن عبد البر 5/ 444.
2.
قال صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً، وأحل حراماً"
(1)
.
وجه الدلالة:
أن هذا الشرط فاسد لأنه يمنع الزوج مما له حق أن يفعله
(2)
.
ثانيا: من الأثر:
عن علي رضي الله عنه في الرجل يتزوج المرأة وشرط لها دارها، قال: "شرط الله قبل شرطها
(3)
"
(4)
.
وجه الدلالة:
أن في هذا الأثر دلالة على أن شرط المرأة على زوجها أن لا يخرجها من دارها ولا يرحلها عنه، لا يلزم الوفاء به، فعلي رضي الله عنه لم ير لها شيئا
(5)
.
ثالثا: من العقل:
أن عقد النكاح لا تفسده الشروط، فهو يصح على بدل مجهول وهو مهر المثل
(6)
.
• استدل القائلون بأن شرط الدار في عقد النكاح يلزم الوفاء به بالسنة والأثر والمعقول:
أولا: من السنة:
1.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"
(7)
.
وجه الدلالة:
دلالة الحديث واضحة في وجوب الالتزام بشروط النكاح وهي أولى من غيرها.
2.
قال صلى الله عليه وسلم: " المسلمون على شروطهم"
(8)
.
وجه الدلالة:
دلالة الحديث واضحة في وجوب الوفاء بالشروط.
ثانيا: اجماع الصحابة:
(1)
سبق تخريجه ص 73.
(2)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 9/ 507.
(3)
يقصد بشرط الله في قوله " اسكنوهن من حيث سكنتم". انظر: الاستذكار لابن عبد البر 5/ 441
(4)
سنن سعيد بن منصور، (ح 667)، 1/ 213.
(5)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر 5/ 441 "بتصرف".
(6)
انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص 4/ 365.
(7)
سبق تخريجه ص 73.
(8)
سبق تخريجه ص 73.
قال ابن قدامة
(1)
: " ولأنه قول من سمينا من الصحابة، ولا نعلم لهم مخالفاً في عصرهم، فكان إجماعاً"
(2)
.
ثالثا: من الأثر:
1.
عن عبد الرحمن بن غنم
(3)
قال: شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي في امرأة جعل لها زوجها دارها، فقال عمر: لها شرطها، فقال رجل: إذا يطلقننا، فقال عمر:"إنما مقاطع الحقوق عند الشروط"
(4)
.
2.
أن معاوية رضي الله عنه أُتي في ذلك فاستشار عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال: "لها شرطها"
(5)
.
وجه الدلالة:
أن هذه الآثار صريحة الدلالة على وجوب الوفاء بالشروط.
رابعا: من المعقول:
أن شرط الدار للمرأة فيه منفعة لا تمنع المقصود من النكاح فكان لازماً
(6)
.
• مناقشة الأدلة:
اعترض على أدلة القائلين بأن شرط الدار لا يلزم الوفاء به بالآتي:
• ما استدللتم به من حديث "ما بال رجال يشترطون شروطا شروطا ليست في كتاب الله
…
"، و "المسلمون على شروطهم" مردود:
بأن شرط الدار لا يحرم حلالاً، وإنما يثبت للمرأة خيار الفسخ إن لم يفِ الزوج
(7)
.
أجيب:
بأن هذا ليس من مصلحة الزوج
(8)
.
رد:
(1)
ابن قدامة: عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي، ولد سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، رحل في طلب العلم، عالم أهل الشام في زمانه، من فقهاء الحنابلة، له مصنفات منها: المغني، الكافي، المقنع، وغيرها، توفي سنة عشرين وست مائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 22/ 165.
(2)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 93.
(3)
عبد الرحمن بن غنم الأشعري، ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومختلف في صحبته، وهو ثقة أرسله عمر إلى الشام ، شيخ أهل فلسطين، توفي سنة ثمان وسبعين. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 4/ 45.
(4)
سنن سعيد بن منصور، (ح 662)، 1/ 211.
(5)
سنن سعيد بن منصور، (ح 664)، 1/ 212.
(6)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 93."بتصرف"
(7)
انظر: المغني لابن قدامة 7/ 93.
(8)
المرجع السابق.
بأن هذا من مصلحة المرأة وما كان من مصلحة العاقد كان من مصلحة عقده
(1)
.
اعترض على أدلة القائلين بأن شرط الدار يلزم الوفاء به بالآتي:
• ما استدللتم به من حديث "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" مردود:
1.
أن المراد بالشروط هنا هو ما يقتضي العقد كالمهر والنفقة
(2)
.
2.
أن أحق هنا بمعنى أولى لا بمعنى الإلزام
(3)
.
أجيب:
1.
أن الشروط في الحديث عامة مطلقة.
2.
إذا كان الشرط الذي تستباح به الفروج ليس بواجب فغيره أحرى، ومعلوم أن شروط البيع وغيرها شروط لازمة، فكان في النكاح أولى لأن أمره أحوط وبابه أضيق.
(4)
• ما استدللتم به من إجماع الصحابة مردود:
بأن من الصحابة من خالفهم في ذلك، وهو ما ورد عن علي رضي الله عنه
(5)
.
• الراجح:
الراجح _ والله أعلم _ هو أن شرط الدار في عقد النكاح، يلزم الوفاء به، فإن لم يفعل فللمرأة فسخ النكاح، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين، منهم: عمر بن الخطاب، ومعاوية، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم، وعمر بن عبد العزيز، وطاووس في قول له، وشريح، ومذهب الحنابلة، للآتي:
1.
قوة ما استدلوا عليه.
2.
أن في الإيفاء بالشروط في عقد النكاح مصلحة للعاقدين.
3.
أن الله عز وجل أمر المؤمنين بالوفاء بالعقود.
4.
أن مقاطع الحقوق عند الشروط.
دراسة تطبيقية لشرط الدار في عقد النكاح في المحاكم السعودية:
• التطبيق القضائي
(6)
:
رَقْمُ الصَّكِّ: 34180146 تاريخُه: 6/ 4/1434 ه.
رَقْمُ الدعوى: 33248843.
(1)
المرجع السابق.
(2)
انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير لابن عابدين 2/ 418.
(3)
انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني 20/ 141.
(4)
انظر: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري للقسطلاني 4/ 437.
(5)
سنن سعيد بن منصور، (ح 667)، 1/ 213.
(6)
انظر: مجموعة الأحكام القضائية لعام 1434 هـ الصادرة من وزارة العدل، 10/ 316.
رقم قرار التصديق من محكمة الاستئناف: 34248843 تاريخه: 21/ 6/1434 ه.
النص الشرعي أو القانوني:
1.
قال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}
(1)
.
2.
قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني"
(2)
.
3.
قول البهوتي
(3)
: "فصل: وإن أعسر الزوج بنفقتها الواجبة، أو أعسر الزوج ببعضها، أي بعض النفقة، بأن أعسر عن نفقة المعسر فلها الفسخ، ولا تفسخ إذا أعسر بما زاد عنها، أي عن نفقة المعسر، لأن الزيادة تسقط بإعساره أو أعسر الزوج بالكسوة أو ببعضها أو أعسر بالسكنى أو أعسر بالمهر بشرطه .... خُيرت على التراخي بين الفسخ من غير انتظار، أي تأجيل ثلاثاً
…
، وبين المقام معه على النكاح وهذا قول عمر وعلي وأبي هريرة"
(4)
.
ملخص القضية:
ادعت زوجة بالدعوى تطالب زوجها بتأمين سكن مستقل لها.
أقر المدعى عليه بما جاء في دعوى المدعية، وذكر أنه لا مانع من توفير سكن مستقل لها متى ما استطاع وأنه لا يستطيع في الوقت الحاضر.
أنكرت المدعية ما ذكره المدعى عليه من أنه لا يستطيع تأمين السكن المستقل لأنه موظف في شركة .... .
سألت المحكمة المدعى عليه عن عمله وراتبه الشهري؟
(1)
سورة البقرة، آية:299.
(2)
سنن الدارقطني، (ح 3780)، 4/ 452. الحكم على الحديث: إسناده جيد ، لكن فى البخارى أن أبا هريرة سئل عن هذه الزيادة هل هى من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا ، هذا من كيس أبى هريرة. انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 3/ 316.
(3)
منصور بن يونس بن صلاح الدين البهوتي، ولد سنة ألف للهجرة، شيخ الحنابلة في مصر، له عدة تصانيف منها: الروض المربع شرح زاد المستقنع، دقائق أولي النهى لشرح المنتهى، توفي سنة 1051 ه. انظر: الأعلام للزركلي 7/ 307.
(4)
انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي 5/ 476.
فأجاب بأنه موظف في شركة .... ويتقاضى راتباً شهرياً قدره ثلاثة آلاف وستمائة ريال.
طلبت المحكمة عقد النكاح فأبرزته المدعية، وبعد الاطلاع عليه تبين أن من شروط المدعية في عقد النكاح بيت مستقل.
سألت المحكمة المدعى عليه عن المانع من استئجاره لسكن مستقل لزوجته مع وجود راتبه الشهري؟
أجاب: بأن لديه قسط شهري لسداد قيمة سيارة قدره ألف وسبعمائة وواحد وسبعون ريالاً.
أفهمته المحكمة بإحضار ما يثبت ذلك، وكتبت لقسم الخبراء لديها للإفادة عن مدى كفاية راتب المدعى عليه لاستئجار سكن.
وَرَدَ للمحكمة خطاب من مكتب الصلح بأنه تم الاجتماع بين الطرفين، وأنه تعذر الصلح بينهما واتضح أنه يتقاضى راتب قدره ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال، وأن عليه أقساط مستحقه، وأن راتبه في الوقت الحاضر لا يكفي لاستئجار سكن.
عرضت المحكمة قرار مكتب الصلح على الطرفين، فطالبت المدعية بفسخ نكاحها بلا عوض، ورفض المدعى عليه الفسخ.
وبعد تأمل المحكمة لقرار مكتب الصلح وما قرره المدعى عليه من عجزه عن السكن المستقل للمدعية واختيار المدعية للفسخ، ولما قرره الفقهاء من أن الزوج إذا اعسر بنفقة الزوجة ومنها تأمين السكن خُيرت الزوجة بين الفسخ من غير انتظار أو البقاء معه، ولقوله صلى الله عليه وسلم "امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني"
(1)
.
لذا فسخت المحكمة نكاح المدعى عليه من المدعية بدون عوض، وأفهمتها بأن عليه العدة الشرعية.
اعترض المدعى عليه، صدق الحكم.
• التحليل الفقهي لمضمون الحكم وعلاقته بالدراسة البحثية:
أن حُكم القاضي بفسخ النكاح بلا عوض _ لأن الزوج لم يفِ بشرط البيت المستقل الذي دُون في عقد النكاح _ يوافق قول جماعة من الصحابة والتابعين منهم: عمر بن الخطاب، ومعاوية، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم، وعمر بن عبد العزيز، وطاووس في قول له، وشريح، ومذهب الحنابلة.
(1)
سبق تخريجه ص 77.