الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: دراسة لأقضية الحسن البصري في باب الشهادة
، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: عدالة الشاهد
تمهيد:
• تعريف الشهادة:
• تعريف الشهادة في اللغة:
الشَهادة: خبَرٌ قاطع، وتعني الإِخبار بما شاهده الشاهد، والمشاهدة: المعاينة، وشهده شُهوداً: أي حَضَرَه، فهو شاهدٌ، وشَهِد له بكذا شَهادةً، أي أدَّى ما عنده من الشهادة.
(1)
• تعريف الشهادة في الاصطلاح:
هي إخبار
(2)
عن عيان بلفظ الشهادة في مجلس القاضي بحقٍ للغير على آخر
(3)
.
• مشروعيتها:
دلت مشروعيتها من الكتاب والسنة:
أولا: من الكتاب:
1.
(4)
.
2.
قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}
(5)
.
3.
قال تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ}
(6)
.
ثانيا: السنة:
1.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شاهداك أو يمينه"
(7)
.
2.
قال صلى الله عليه وسلم: "البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر إلا في القسامة"
(8)
.
(1)
انظر: الصحاح تاج اللغة للجوهري 2/ 494 - 495؛ شمس العلوم للحميري 6/ 3570، مادة "أجر".
(2)
الإخبارات الثلاث: إما بحقٍ للغير على الآخر فهو شهادة، أو بحق للمخبر على الآخر فهو الدعوى، أو بالعكس وهو بالإقرار، انظر: التعريفات للجرجاني ص: 129.
(3)
انظر: التعريفات للجرجاني ص: 129.
(4)
سورة البقرة، آية:282.
(5)
سورة الطلاق، آية:2.
(6)
سورة البقرة، آية:283.
(7)
صحيح البخاري، (ح 2515)، 3/ 143؛ صحيح مسلم، (ح 138)، 1/ 123.
(8)
سنن الدارقطني، (ح 3190)، 4/ 114. الحكم على الحديث: إسناده ضعيف، فقد روي مرسلا من طريق ابن جريج عن عمرو، وفي الإسناد مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف. انظر: التلخيص الحبير لابن حجر 4/ 108. " بتصرف ".
3.
عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يشهد بشهادة، فقال لي:"يا ابن عباس، لا تشهد إلا على ما يضيء لك كضياء هذا الشمس" وأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى الشمس
(1)
.
• أركان الشهادة:
أركان الشهادة عند الجمهور خمسة: الشاهد، والمشهود له، والمشهود عليه، والمشهود به، والصيغة.
(2)
ركن الشهادة عند الحنفية: هو اللفظ الخاص (أشهد).
(3)
• شروط الشاهد:
يشترط في الشاهد عدة شروط وهي:
1.
البلوغ
(4)
، فلا تقبل شهادة الصغير
(5)
.
2.
العقل، فلا تصح شهادة غير العاقل إجماعا
(6)
.
3.
الحرية عند جمهور الفقهاء
(7)
.
(1)
المستدرك على الصحيحين للحاكم، (ح 7045)، 4/ 110. الحكم على الحديث: قال الذهبي في التلخيص: واه.
(2)
انظر: حاشيتا قليوبي وعميرة 4/ 319؛ حاشية الجمل 5/ 377.
(3)
انظر: فتح القدير لابن الهمام 6/ 2؛ تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ للزيلعي 4/ 207.
(4)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 267؛ التاج والإكليل للمواق 8/ 161؛ فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي 13/ 5؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 12/ 37.
(5)
كان مالك رحمه الله يقبل شهادة الصبيان على الجِراح ويروي ذلك عن ابن الزبير رضي الله عنه، انظر: الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي 4/ 165؛ شرح السنة للبغوي 10/ 127.
(6)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 267؛ التاج والإكليل للمواق 8/ 161؛ فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي 13/ 5؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 12/ 38.
(7)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 267؛ التاج والإكليل للمواق 8/ 161؛ فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي 13/ 5.
4.
الإسلام، عند المالكية
(1)
والشافعية
(2)
والرواية المشهورة عن أحمد
(3)
.
5.
العدالة
(4)
.
• أحوال الشهود:
لا يخلو حال الشهود إذا شهدوا عند القاضي من ثلاثة أحوال
(5)
:
1.
أن يعلم عدالتهم في الظاهر والباطن فيجوز أن يحكم بشهادتهم ويعمل على علمه في عدالتهم.
2.
أن يعلم فسقهم في الظاهر والباطن، أو في الباطن دون الظاهر فلا يجوز أن يحكم بشهادتهم.
3.
أن لا يُعرفوا بعدالة ولا فسق: فلا يخلوا أن يعلم بإسلامهم أو لا يعلمه:
أ- إن لم يعلم بإسلامهم لم يجز أن يحكم بشهادتهم حتى يسأل عنهم، وهذا متفق عليه.
ب- إن علم بإسلامهم وجهل عدالتهم فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة وسيأتي بيانها.
حكم عدالة الشاهد:
• قضاء الحسن البصري:
أجاز الحسن البصري شهادة المسلمين بعضهم على بعض إلا من جرحه الخصم
(6)
.
• تحرير محل النزاع:
(1)
انظر: التاج والإكليل للمواق 8/ 161، بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 4/ 245.
(2)
انظر: فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي 13/ 5.
(3)
انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 12/ 39.
(4)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 267؛ التاج والإكليل للمواق 8/ 161؛ فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي 13/ 5؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 12/ 43.
(5)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 16/ 178 " بتصرف"
(6)
قال وكيع: _ ذكر حاتم، عَن سويد؛ قال: قَالَ: معتمر، عَن أبيه: كان الْحَسَن قاضياً فكان يجيز شهادة المسلمين بعضهم على بعض إِلَّا من جرحه الخصم.
_ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن مُحَمَّد بْن حسن؛ قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن معاذ؛ قال: حَدَّثَنَا المَعْمَر بْن سليمان، عَن أبيه، أن الْحَسَن كان قاضياً فكان يجيز شهادة المسلمين، إِلَّا أن يكون الخصم هو الذي يجرح شهادة الشاهد. انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 237 - 239.
اتفق الفقهاء في اشتراط العدالة في الشاهد، ولكنهم اختلفوا في ماهية العدالة
(1)
.
• أقوال العلماء:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في ماهية العدالة على قولين:
القول الأول:
يكتفى بظاهر عدالة المسلم ولا يسأل عن الشاهد حتى يطعن الخصم فيه، وهذا قول الحسن البصري
(2)
وأبو حنيفة
(3)
ورواية عن أحمد
(4)
.
القول الثاني:
أن العدالة صفة زائدة عن الإسلام وهو أن يكون ملتزماً لواجبات الشرع، مجتنباً للمحرمات، وهذا قول: أبو يوسف
(5)
، ومحمد من الحنفية
(6)
،
(1)
انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 4/ 245.
(2)
انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 237 - 239.
(3)
انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ للزيلعي 4/ 209؛ مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لشيخي زاده 2/ 189
(4)
انظر: المغني لابن قدامة 10/ 57.
(5)
أبو يوسف القاضي: يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن بجير، ولد بالكوفة سنة ثلاث عشرة ومائة، كان يعرف بحفظ الحديث، ثم تفقه على يد أبي حنيفة ولازمه، وأصبح من أعيان المذهب الحنفي، وهو أوّل من لُقّب بقاضي القضاة، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 330؛ تاريخ الإسلام للذهبي 4/ 1021.
(6)
انظر: البناية شرح الهداية للعيني 9/ 116.
محمد بن الحسن بن فرقد، أبو عبد الله الشيباني، ولد بواسط سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فقيه العراق وصاحب أبي حنيفة، تفقه على أبي حنيفة وأكمله على يد القاضي أبي يوسف، ولي القضاء وغلب عليه الرأي ويضرب به المثل في الذكاء، توفي سنة تسع وثمانين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 9/ 134.
والمالكية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
• سبب الخلاف:
اختلفوا في مفهوم اسم العدالة المقابلة للفسق
(4)
.
• الأدلة:
• استدل القائلون بأن ظاهر عدالة المسلم تكفي بالكتاب والسنة والمعقول:
أولا: من الكتاب:
1.
قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}
(5)
.
2.
قال تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}
(6)
.
وجه الدلالة:
أن الشاهد المرضي هو الشاهد العدل
(7)
.
3.
قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}
(8)
.
وجه الدلالة:
أن الله عز وجل وصف مؤمني هذه الأمة بالوساطة، وهي العدالة
(9)
.
ثانيا: من السنة:
1.
قال صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدوداً في فرية"
(10)
.
وجه الدلالة:
أ- دلالة الحديث ظاهرة على أن عدالة المسلم الظاهرة تكفي.
(1)
انظر: الذخيرة للقرافي 10/ 198؛ الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر 2/ 892؛ مواهب الجليل في شرح مختصر خليل للحطاب 6/ 151؛ التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب لخليل الجندي 7/ 461.
(2)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 16/ 178 - 185؛ فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي 13/ 6، النجم الوهاج في شرح المنهاج للدميري 10/ 287.
(3)
انظر: الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرادوي 12/ 43؛ الكافي في فقه الإمام أحمد لابن قدامة 4/ 272؛ المغني لابن قدامة 10/ 148؛ شرح الزركشي 7/ 335.
(4)
انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 4/ 245.
(5)
سورة الطلاق، آية: 2
(6)
سورة البقرة، آية:282.
(7)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 268.
(8)
سورة البقرة، آية:143.
(9)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 270.
(10)
انظر: مصنف ابن أبي شيبة، (ح 20657)، 4/ 325. الحكم على الحديث: ضعفه ابن الملقن في البدر المنير 9/ 626.
ب- أن العدالة أصلٌ في المؤمنين، وزوالها يكون بعارض
(1)
.
2.
أن أعرابيا شهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤية الهلال، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، فأمر الناس فصاموا.
(2)
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن عدالة الأعرابي، وعمل على ظاهر عدالة المسلم
(3)
.
ثالثا: من المعقول:
1.
أن العدالة الحقيقية مما لا يمكن الوصول إليها فتعلق الحكم بالظاهر، وقد ظهرت عدالتهم قبل السؤال عن حالهم فيجب الاكتفاء به، إلا أن يطعن الخصم؛ لأنه إذا طعن الخصم وهو صادق في الطعن فيقع التعارض بين الظاهرين، فلا بد من الترجيح بالسؤال
(4)
.
2.
أن المسألة عن الشهود أمر لم يكن في زمن السلف. قال ابن شبرمة: أنا أول من سأل عن الشهود، فلم يكن أحد يتحرى. ولو كان ذلك شرطًا لم يتركه من تقدمه
(5)
.
• استدل القائلون بأن العدالة صفة زائدة عن الإسلام وهو أن يكون ملتزما لواجبات الشرع ومستحباته، مجتنبا للمحرمات والمكروهات، بالكتاب والأثر والإجماع والعقل:
أولا: من الكتاب:
1.
قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ}
(6)
.
2.
قال تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}
(7)
.
3.
قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}
(8)
.
ثانيا: من الأثر:
(1)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 270 " بتصرف".
(2)
انظر: سنن أبي داوود، (ح 2340)، 2/ 302؛ سنن الترمذي، (ح 691)، 2/ 67؛ السنن الصغرى للنسائي، (ح 2113)، 4/ 132؛ سنن الدارقطني، (ح 2158)، 3/ 104.
(3)
انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لشيخي زاده 2/ 189.
(4)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 270.
(5)
انظر: التجريد للقدوري 12/ 6540.
(6)
سورة الطلاق، آية:2.
(7)
سورة البقرة، آية:282.
(8)
سورة البقرة، آية:143.
شهد رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بشهادة ، فقال له:" لست أعرفك ، ولا يضرك ألا أعرفك ، ائت بمن يعرفك ، فقال له رجل من القوم: أنا أعرفه ، قال: فبأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة والفضل ، قال: فهو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه؟ قال: لا ، قال: فمعاملك بالدينار والدرهم اللذين بهما يستدل على الورع؟ قال: لا ، قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا ، قال: لست تعرفه ، ثم قال للرجل: ائتِ بمن يعرفك "
(1)
ثالثا: من الإجماع:
أن عمر رضي الله عنه في الأثر السابق كان بحضرة الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه لم يكن يحكم إلا بمحضرهم ولم يخالفه أحد فكان اجماعا
(2)
.
رابعا: من العقل
(3)
:
1.
كل عدالة شرطت في الشهادة لم يجز الحكم بها مع الجهالة كالشهادة على الحدود.
2.
كل شهادة وجب البحث عن عدالتها في الحدود وجب البحث عن عدالتها في غير الحدود كما لو طعن فيها الخصم.
3.
كل عدالة وجب البحث عنها إذا طعن فيها الخصم وجب البحث عنها وإن لم يطعن الخصم كالحدود.
4.
اعتبار العدالة مجمع عليه، وإنما الاختلاف في صفة الاعتبار، فأصحاب القول الأول اعتبروها بالظاهر ونحن نعتبرها بالبحث، والبحث أقوى من الظاهر، فوجب أن يكون أحق بالاعتبار لما فيه من الاحتياط والاستظهار.
(1)
انظر: السنن الصغير للبيهقي، (ح 3260)، 4/ 134، الحكم على الحديث: قال الْعُقَيْلِيُّ: الْفَضْلُ مجهول، وما في هذا الكتاب حديث لمجهول أحسنُ من هذا، وصححه أبو علي بن السَّكَنِ. انظر: التلخيص الحبير لابن حجر 4/ 474؛ وصححه الألباني، انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 8/ 260.
(2)
انظر: الذخيرة للقرافي 10/ 199.
(3)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 16/ 180 "بتصرف".
5.
لما لم يجز أن يحكم بإسلامه بالظاهر من دار الإسلام لأن فيها كفارا، لم يجز أن يحكم بعدالته بظاهر الإسلام، لأن في المسلمين فساقاً.
• مناقشة الأدلة:
اعترض على أدلة القائلين بأن ظاهر عدالة المسلم تكفي بالآتي:
• ما استدللتم به من دلالة قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}
(1)
، {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}
(2)
فمردود بالآتي:
1.
أن {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} نص مطلق، فيقدم عليه النص المقيد {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}
(3)
.
2.
أن العدالة تكون برضا الحكام والمسلمين
(4)
.
• ما استدللتم به من دلالة قوله تعالى" {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}
(5)
فمردود بالآتي:
1.
أن المراد بها شهادتهم في الآخرة عند الله تعالى بأن الرسل قد بلغوا رسالة ربهم.
2.
أنهم شهدوا فيما أجمعوا عليه
(6)
.
• ما استدللتم به من دلالة قوله صلى الله عليه وسلم: " المسلمون عدول بعضهم على بعض" فمردود بالآتي:
1.
أن ما أوجبه الإسلام من عمل الطاعات واجتناب المعاصي موجب لعدالتهم، والبحث إنما يتوجه إلى العلم بالعدالة.
(7)
2.
أن الظاهر العدالة، ولا يمنع ذلك وجوب البحث، ومعرفة حقيقة العدالة، كما في الأثر المروي عن عمر
(8)
.
• ما استدللتم به من حديث الأعرابي الذي رأى الهلال: فقال صلى الله عليه وسلم: " أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ " قال: نعم
…
إلخ، فمردود بالآتي:
(1)
سورة البقرة، آية:282.
(2)
سورة الطلاق، آية:2.
(3)
انظر: الذخيرة للقرافي 10/ 200.
(4)
انظر: المرجع السابق.
(5)
سورة البقرة، آية:143.
(6)
انظر: الحاوي الكبير للماوردي 16/ 181.
(7)
انظر: المرجع السابق.
(8)
انظر: المغني لابن قدامة 10/ 57.
1.
أن ذلك في صدر الإسلام حيث العدالة غالبة بخلاف غيره.
(1)
2.
أن الأعرابي المسلم، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبتت عدالتهم بثناء الله عليهم، فإن من ترك دينه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إيثاراً لدين الإسلام، وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتت عدالته.
(2)
3.
أن السؤال عن الإسلام لا يدل على عدم السؤال عن غيره.
(3)
أجيب:
أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بشهادة الأعرابي في الحال، وأمر الناس بالصيام قبل أن تمضي مهلة المسألة، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا محدوداً في فرية"
(4)
، وهذا يدل على أن عدالة الإسلام تكفي.
(5)
اعترض على أدلة القائلين بأن العدالة صفة زائدة عن الإسلام وهو أن يكون ملتزما لواجبات الشرع ومستحباته، مجتنبا للمحرمات والمكروهات بالآتي:
• ما استدللتم به من قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}
(6)
وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}
(7)
فمردود بالآتي
(8)
:
1.
أن ذوا العدل عمن جعلت له عدالة، ومن كان مسلمًا، فله عدالة الإسلام. وإنما تزول بمخالفة الدين، وذلك لا يعلم، فالعدالة باقية.
2.
أن المسلم الذي لم تظهر منه حُرمة مَرضي، لأن الله تعالى ذكر هذا في حال التحمل، ولا خلاف أن عدالة الباطن لا تعتبر حال التحمل، فعلم أن المراد بذلك عدالة الظاهر.
• ما استدللتم به من الأثر عن عمر، فمردود بالآتي
(9)
:
(1)
انظر: الذخيرة للقرافي 10/ 200.
(2)
انظر: المغني لابن قدامة 10/ 57.
(3)
انظر: الذخيرة للقرافي 10/ 200.
(4)
سبق تخريجه ص 138.
(5)
انظر: التجريد للقدوري 12/ 6539.
(6)
سورة الطلاق، آية:2.
(7)
سورة البقرة، آية:282.
(8)
انظر: التجريد للقدوري 12/ 6541.
(9)
المرجع السابق.
1.
إن هذه الحادثة حكاية حال، يحتمل أن تكون الشهادة في الحدود وهو الظاهر؛ لأنه طلب من الشهود التعديل، ولو كان هناك خصم لالتمس منه التعديل، فلما التمس ذلك من الشاهد، دل على أن الشهود هم المدعون، وذلك لا يكون إلا في الحدود.
2.
أن كتاب عمر إلى أبي موسى أظهر وأشهر، فيجب أن يرجع إلى ظاهره، ويحمل هذا على الحدود وذلك على بقية الحقوق.
• ما استدللتم به من أن " كل عدالة وجب البحث عنها إذا طعن فيها الخصم وجب البحث عنها وإن لم يطعن الخصم كالحدود." فمردود:
بإنه إذا طعن الخصم، صارت المسألة حقا له، وإن لم يثبت قبل طعنه، كما أن العيب إذا ثبت وجب الرد به، فإذا ادعى البائع رضا المشتري، وجب على الحاكم أن يسأله عن ذلك، ولو لم تَدّع، لم يسأل.
(1)
• الراجح:
الراجح _ والله أعلم _ هو ما ذهب إليه: أبي يوسف ومحمد من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، من أن العدالة صفة زائدة عن الإسلام وهي فعل الواجبات، وترك المحرمات.
موانع قبول الشهادة:
• قال الحسن البصري رحمه الله: "أربعة لا تجوز شهادتهم: الخصم، والشريك، والمَريب، والدافع المغرم "
(2)
.
• "كان الحسن البصري لا يجيز شهادة الوالد لولده، ولا الزوج للمرأة، ولا المرأة للزوج، ويجيز شهادة الأخ لأخيه"
(3)
.
• اتفاق الفقهاء:
قال ابن القطان:" ولا تجوز شهادة الوالد لولده، وبه قال سائر فقهاء الأمصار
(4)
"
(5)
.
(1)
انظر: التجريد للقدوري 12/ 6542.
(2)
انظر: أخبار القضاة لوكيع ص: 237.
(3)
المرجع السابق ص: 238.
(4)
قال به أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد. انظر: بدائع الصنائع للكاساني 6/ 272؛ التفريع في فقه الإمام مالك لابن الجلاب 2/ 237؛ الحاوي الكبير للماوردي 17/ 163؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 12/ 66.
(5)
الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان 2/ 139.
• من موانع قبول الشهادة
(1)
:
1.
قرابة الولادة، فلا تقبل شهادة الوالد لولده وإن نزل، ولا ولد لوالده وإن علا.
2.
قرابة النكاح، فلا تقبل شهادة أحد الزوجين لصاحبه.
3.
لا تقبل شهادة السيد لعبده، ولا العبد لسيده.
4.
أن يدفع عن نفسه ضرراً.
5.
أن يشهد الفاسق بشهادة، فترد، ثم يتوب ويعيدها فإنها لا تقبل للتهمة.
6.
من شهد بشهادة ترد في البعض ردت في الكل مثل: من شهد على رجل أنه قذفه وأجنبياً.
7.
العداوة.
8.
الريبة.
9.
الخصم.
10.
المحدود في القذف.
11.
الغفلة وعدم الضبط.
12.
الحرص على القبول بزوال معرة الكذب.
13.
الحرص على منصب الشهادة بالابتداء بها حيث لا تجب.
دراسة تطبيقية على عدالة الشاهد في المحاكم السعودية:
• التطبيق القضائي:
القضية الأولى
(2)
:
رقم الصَّكِّ: 3436038 تاريخُه: 12/ 2/1434 ه
رَقْمُ الدعوى: 33412046
رقم قرار التصديق من محكمة الاستئناف: 34256805 تاريخه: 2/ 7/1434 ه
السند الشرعي أو النظامي:
1.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}
(3)
.
2.
قوله صلى الله عليه وسلم:"المسلمون على شروطهم"
(4)
.
3.
قوله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه"
(5)
.
4.
المادة (55) و (176) من نظام المرافعات الشرعية.
ملخص القضية:
(1)
انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازه 8/ 317؛ الذخيرة للقرافي 10/ 259؛ الحاوي الكبير للماوردي 17/ 159؛ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 11/ 66؛ الكافي في فقه الإمام أحمد لابن قدامة 4/ 276.
(2)
انظر: مجموعة الأحكام القضائية 4/ 33.
(3)
سورة المائدة، آية:1.
(4)
سبق تخريجه ص 73.
(5)
سنن الترمذي، (ح 1341)، 3/ 19. قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال، ومحمد بن عبيد الله العَرْزَمِيُّ يُضَعَّفُ في الحديث من قبل حفظه، ضعفه ابن المبارك، وغيره.
دعوى المدعى ضد المدعى عليه الغائب عن مجلس الحكم الذي بلغ بموعد الجلسة لشخصه.
ومضمون الدعوى: أن المدعي اقرض المدعى عليه مبلغا قدرة مائة وخمسون ألف ريال، تُسلم على ثلاثة أقساط، كل قسط خمسون ألف ريال، ولم يلتزم بسداد الأقساط في حينها، وطلب المدعي إلزام المدعى عليه بسداد المبلغ الذي في ذمة المدعى عليه كاملاً.
طلب ناظر القضية البينة على الدعوى.
أبرز المدعي إقراراً منسوبا للمدعى عليه يتضمن صحة الدعوى، احضر المدعي شاهداً شهد بصحة الدعوى وتم تعديله شرعاً، جرى عرض اليمين على المدعى وحلف على صحة دعواه.
بناء على الأسباب المرصودة في الحكم ولقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}
(1)
، صدر الحكم بإلزام المدعى عليه بالمبلغ المدعى به، تم تزويد المدعى عليه بصورة من الحكم.
قدم المدعى عليه لائحة اعتراضية اطلع عليها حاكم القضية ولم يظهر له ما يخالف ما حكم به، صدر قرار محكمة الاستئناف بالموافقة على الحكم.
وجاء في نص الحكم:
(بطلب زيادة بينة من المدعي على صحة دعواه أحضر للشهادة وأدائها
…
سعودي الجنسية، بموجب السجل المدني رقم
…
، وهو من مواليد 1400 ه، ويعمل في مجال المحاماة، وليس بينه وبن أطراف الدعوى قرابة، وهو صديق لطرفي الدعوى، وشهد قائلا:
أشهد بالله العظيم بأن المدعى عليه أقر أمامي وفي مكتبي بأن في ذمته للمدعي مبلغا قدره مائة وخمسون ألف ريال قرضة حسنة، وقد وقع على الإقرار المشار إليه في الدعوى أمامي وكنت أحد الشهود عليه.
وعدل من قبل
…
سعودي الجنسية، بموجب السجل المدني رقم
…
.)
• التحليل الفقهي لمضمون الحكم وعلاقته بالدراسة البحثية:
أن القاضي أخذ برأي جمهور العلماء في تعديل الشاهد، فلم يكتف باسلامه فقط وإنما بالسؤال عمّن يعدله كما جاء في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(1)
سورة المائدة، آية:1.
القضية الثانية
(1)
:
رقم الصك: 238/ 31.
التاريخ: 24/ 10/1425 ه.
تصنيف الحكم: عقار.
ملخص الحكم:
* الحكم بسقوط دعوى المدعي تجاه المدعى عليه بالمطالبة بمبالغ مالية، بدعوى أنه استلمها من عملاء المحل، وأن المدعى عليه يعمل لديه، استناداً إلى أن المدعى عليه هو المالك الحقيقي للمحل مع أنه سُجل باسم المدعي، وذلك ليمينه وعدد من القرائن التي ترجح جانب المدعي عليه.
ومنها: قيامه بالتوقيع على العقود والسندات مع عدم وجود أي توقيع للمدعى عليه، وعدم استلامه لأي راتب من المدعي، وعجز المدعي عن إثبات ذلك، وإعطاء المدعى عليه بطاقة صراف، وتفويضه بالسحب والتحويل، وأنه من كان يدفع إيجار المحل، وهذه الأمور تخالف العرف الجاري فيما يتعلق بصلاحية العامل الأجير، ويؤيدها ما قرره المدعي من عدم استلامه لإيرادات المحل لمدة عشر سنوات، وليس من العادة أن يسكت المالك عن المطالبة بالدخل طوال هذه السنوات.
* تقرير رد شهادة الشاهد لأنه غير ضابط.
* تقرير عدم الاحتجاج بورقة المخالصة لظهور الطمس والتعديل فيها.
* تقرير أن القرائن إذا اجتمعت تقوم مقام الشاهد وتكمل باليمين.
• التحليل الفقهي لمضمون الحكم وعلاقته بالدراسة البحثية:
أن القاضي أخذ برأي جمهور العلماء في أن عدم الضبط من موانع قبول شهادة الشاهد.
(1)
انظر: مدونة الأحكام القضائية 1/ 110.