المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابع عشر: كتب مبهمات القرآن - أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم

[مساعد الطيار]

الفصل: ‌رابع عشر: كتب مبهمات القرآن

‌رابع عشر: كتبُ مُبهمَاتِ القرآنِ

المبهم: ما انغلقَ من الكلامِ، وكان يحتاجُ إلى بيانٍ لفتحِ انغلاقِه.

ومبهماتُ القرآنِ: ما لم يُنَصَّ على ذكرِه من الأسماءِ، وقد يكونُ الإبهامُ لعَلَمٍ أو نباتٍ، أو حيوانٍ أو مكانٍ أو زمانٍ

إلخ.

وقد ألَّف العلماءُ في هذا العلمِ، ومن مؤلَّفاتِهم:

1 -

التعريفُ والإعلامُ فيما أُبهِمَ في القرآنِ من الأسماءِ الأعلامِ، لعبد الرحمن السُّهيليِّ (ت: 581) (1).

2 -

التَّكميلُ والإتمامُ لكتاب التعريفِ والإعلامِ، لأبي عبد الله محمد بن علي بن عسكر الغسَّانيِّ (ت: 636).

3 -

غرر البيان في مبهمات القرآن، لبدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة (ت: 733).

4 -

صِلَةُ الجمعِ وعائد التَّذييل لموصول كتابي الإعلام والتَّكميل،

(1) له عدَّة طبعات، منها طبعة بتحقيق: عبد الله محمد علي النقراط.

ص: 138

لأبي عبد الله محمد بن علي البَلَنْسِيِّ (ت: 782)(1).

5 -

مفحمات الأقران في مبهمات القرآن، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطيِّ (ت: 911) (2).

ومما يُورِدُه أصحابُ هذه الكتبِ ما وردَ في صحيحِ البخاري (ت: 256) ومسلم (ت: 261)، عن ابن عباسٍ (ت: 68)، قال: «مكثتُ سنةً أُريدُ أن أسألَ عمرَ بن الخطَّابِ عن آيةٍ، فما أستطيعُ هيبةً له، حتى خرج حاجًّا، فخرجتُ معه، فلما رجعتُ كنَّا ببعضِ الطريقِ، عدلَ إلى الأراكِ لحاجةٍ له، قال: فوقفتُ له حتى فرغ، ثُمَّ سرتُ معه، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، منِ اللَّتانِ تظاهرتا على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من أزواجِه. فقال: تلك حفصةُ وعائشةُ

» (3).

وقد حَرَصَ هؤلاءِ المؤلِّفون في هذا العلمِ على إبرازِ أهميَّتِه، غيرَ أنَّه لا أثرَ له في فهمِ التَّفسيرِ؛ إذ الأصلُ أنَّ ما أبهمَهُ اللهُ ـ من أسماء الأعلامِ وغيرِها ـ لا فائدةَ فيهِ. وهو ليسَ من متينِ العلمِ، بل يدخلُ في مُلَحِه، وما يكونُ للمذاكرةِ (4).

وتأمَّلْ، ما الذي يتوقَّفُ عليه التَّفسيرُ من معرفةِ اسمِ الشَّجرةِ التي أكلَ منها آدمُ عليه السلام، وأسماءِ أصحابِ الكهفِ، واسم كلبهم ولونه، واسم مؤمن آل فرعون، والرَّجلِ الذي أنذر موسى، وغيرها من المبهمات؟!

(1) طبع بتحقيق: حنيف بن حسن القاسمي، وعبد الله عبد الكريم محمد.

(2)

مطبوع بتحقيق: مصطفى ديب البغا.

(3)

فتح الباري، طـ: الريان (8:525).

(4)

لا تخلو هذه الكتبُ من فوائدَ علميَّة، لكنها في غالبِها في غيرِ موضوعِ المبهماتِ، واللهُ أعلمُ.

ص: 139

وقد كان من منهجِ إمام المفسِّرينَ الطَّبريِّ (ت: 310) الذي تميَّزَ به: أن يقفَ عند مبهماتِ القرآنِ، ويبيِّنَ أنَّهُ عِلْمٌ إذا عُلِمَ لم ينفع العالم به علمه، وإن جَهله جاهل لم يضره جهله به، ومن ذلك تعليقُه على نوعِ الشَّجرةِ التي أكل منها آدمُ عليه السلام، قال: «والقول في ذلك عندنا: أن الله جل ثناؤه أخبر عباده أن آدم وزوجه أكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما عن الأكل منها، فأتيا الخطيئة التي نهاهما عن إتيانها بأكلهما ما أكلا منها، بعد أن بيَّن الله ـ جلَّ ثناؤه ـ لهما عين الشَّجرة التي نهاهما عن الأكل منها، وأشار لهما إليها بقوله:{وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: 35].

ولم يَضَعِ اللهُ ـ جلَّ ثناؤه ـ لعباده المخاطَبين بالقرآنِ دلالة على أي أشجار الجنَّة كان نهيه آدمَ أن يقربَها، بنصٍّ عليها باسمها، ولا بدلالةٍ عليها، ولو كان للهِ في العلمِ بأي ذلك من أيٍّ رضًا، لم يُخْلِ عبادَه من نصبِ دلالةٍ لهم عليها، يصلون بها إلى معرفة عينها، ليطيعوه بعلمهم بها، كما فعل ذلك في كل ما بالعلم به له رضًا.

فالصوابُ في ذلك أن يقال: إن الله ـ جلَّ ثناؤه ـ نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فخالفا إلى ما نهاهما الله عنه، فأكلا منها، كما وصفهما الله ـ جلَّ ثناؤه ـ به، ولا علم عندنا بأي شجرةٍ كانت على التَّعيين لأن الله لم يضعْ لعباده دليلاً على ذلك في القرآن ولا في السُّنَّة الصحيحة، فأنَّى يأتي ذلك؟

وقد قيل: كانت شجرة البُرِّ، وقيل: كانت شجرة العنب، وقيل: كانت شجرة التين.

وجائز أن تكون واحدة منها، وذلك علمٌ، إذا عُلِمَ لم ينفع العالم به

ص: 140

علمه، وإن جَهِلَهُ جاهل لم يضره جهله به» (1).

وقد ذكرَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ (ت: 728) فيما طريقُه النَّقلُ من علمِ التَّفسيرِ، فقال: «

وهذا القسمُ الثَّاني من المنقولِ ـ وهو ما لا طريقَ لنا إلى الجزمِ بالصِّدقِ منه ـ فالبحثُ عنه مما لا فائدةَ فيه، والكلامُ فيه من فضولِ الكلامِ.

وأمَّا ما يحتاجُ المسلمونَ إلى معرفتِه، فإنَّ اللهَ نَصَبَ على الحقِّ فيه دليلاً.

فمثالُ ما لا يفيدُ ولا دليلَ على الصَّحيحِ منه: اختلافُهم في لون كلبِ أصحاب الكهفِ، وفي البعضِ الذي ضَربَ به موسى من البقرةِ، وفي مقدارِ سفينةِ نوحٍ، وما كانَ خَشَبُها، وفي اسمِ الغلامِ الذي قتله الخضرُ، ونحو ذلك

» (2).

ومن الأمثلةِ من كتبِ المبهمات:

في قوله: {نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة: 100]، قال السُّهيليُّ (ت: 581): «هو مالكُ بن الصَّيف، ويقالُ فيه: ابن الصيب

» (3).

ولا تخلو كتبُ المبهماتِ من فوائدَ تفسيريَّة، لكن غالبَها خارجٌ عن حدِّ المبهمِ وإن كانوا قد عدُّوه منه، ومن ذلك ما ذكره السُّهيليُّ (ت: 581) في قوله تعالى: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]، قال: «فمن سورةِ الحمد قوله تعالى: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]: هم الذين

(1) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (1:520 - 521). وينظر: (20:23).

(2)

مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية، تحقيق: د. عدنان زرزور (ص:56).

(3)

التعريف والإعلام، للسهيلي، تحقيق: عبد الله محمد النقراط (ص:63). وقد نقله عنه البلنسي في تفسير مبهمات القرآن (1:166).

ص: 141

ذكرهم الله في سورة النِّساءِ حين قال: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ} [النساء: 69]، الآية.

وانظر إلى قوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، واجمع بينه وبين قوله:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]، تجدْ شرحًا له؛ لأنَّ الصراطَ الطَّريقُ، ومن شأنِ سُلَاّكِ الطَّريقِ الحاجةُ إلى الرَّفيقِ، فلذلك قال:{وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}

» (1).

(1) التعريف والإعلام (ص:53).

ص: 142