الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: كتب معاني القرآن
ألَّفَ هذا النَّوعَ من الكتبِ لُغويُّو القرنِ الثَّاني، وقد نُسِبَ لجماعةٍ منهم مؤلَّفاتٌ فيه كمحمد بن الحسن الرُّؤاسيِّ (ت: 170) (1)، ويونس بن حبيب الضَّبِّيِّ (ت: 182) (2)، وعليِّ بنِ حمزةَ الكسائيِّ (ت: 189) (3).
وقد طُبِعَ من كُتبِ معاني القرآنِ مجموعةُ كتبٍ، وهي:
1 -
معاني القرآن للفراء، الكوفيِّ (ت: 207) (4).
2 -
معاني القرآنِ، لأبي الحسنِ سعيد بن مسعدة الأخفش، النحوي، البصري (ت: 215) (5).
(1) ينظر: إنباه الرواة (4:107).
(2)
ينظر: إنباه الرواة (4:77).
(3)
نصَّ على النقلِ منه الأزهريُّ في تهذيب اللغةِ (6:423)، وقد ذكره في مقدمة كتابه (1:16)، وهو أحد المصادر اللغوية التي اعتمدها الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان. ينظر: نسخة المحمودية بمكتبة المدينة المنورة (لوحة: 11).
(4)
طُبع بتحقيق: محمد علي النجار، وأحمد يوسف نجاتي.
(5)
طُبعَ بتحقيق: الدكتور فائز فارس، ثمَّ حقَّقته الدكتورة هدى محمود قراعة، وتحقيقها أجودُ.
3 -
معاني القرآن وإعرابه، لأبي إسحاق الزجاج، البصريِّ المذهبِ (ت: 311) (1).
4 -
معاني القرآنِ، لأبي جعفر النحاس (ت: 338) (2).
5 -
إيجاز البيانِ عن معاني القرآنِ، لمحمود بن أبي الحسن النيسابوري (ت: نحو 553) (3).
* يظهر من بدايات هذا العلمِ أنه نشأ وترعرع على يد علماء اللغةِ والنَّحوِ، وكان بعضهم بصريَّ المذهبِ وبعضهم كوفيَّ المذهب، وقد يكونُ سببَ ذلك التنافس العلميُّ المشهورُ بين البصرة والكوفةِ.
* ويعد علمُ المعاني: البيانَ اللغويَّ لألفاظِ وأساليبِ العربيَّةِ الواردةِ في القرآنِ، ولأجل هذا فإنَّ جلَّ المباحثِ التي في كتب معاني القرآنِ تتجهُ اتجاهًا عربيًّا في بيانِ القرآنِ، أي أنَّ جُلَّ مباحثِ هذه الكتبِ في علمِ العربيَّةِ، وسببُ ذلك أنَّ الذين كتبوا في علم معاني القرآنِ لغويُّونَ، فكتبوا فيه ما يتعلَّقُ بتخصُّصِهم؛ ولهذا لا تراهُ يَكْثُرُ فيها ما يعتمدُ على المنقولِ عن المفسِّرين، وإن كان ثمةَ تفاوت فيها في هذا المجال (4).
(1) طُبعَ بتحقيق: الدكتور عبد الجليل شلبي، وخدمته للكتاب ضعيفة، وهو بحاجة إلى إعادة تحقيقٍ، وموازنةٍ بما نقله عنه الأزهريُّ في تهذيبِ اللغةِ، إذ هو مكثرٌ من النَّقلِ عنه.
(2)
طُبعَ بتحقيق: محمد علي الصَّابوني، وفيه نقصٌ في أصل المخطوطات التي اعتمدها المحقِّقُ، والكتاب بحاجة إلى فهارس فنيَّة تسهلُ الوصول إلى فوائد الكتابِ.
(3)
طُبع بتحقيق: الدكتور علي بن سليمان العبيد.
(4)
ممن يخرجُ عن هذا بسبب كثرة روايته لتفسير السلف: ابن قتيبة في غريب القرآن، والنحاس في معاني القرآن.
ومن الملاحظِ أنَّ علمَ التَّفسيرِ كانَ علمًا قائمًا، له شيوخُه وحلقاته العلميَّةُ وصُحفُه المكتوبةُ ورواياتُه المشهورةُ، وكانوا يُطلِقون عليه «علمَ التَّفسيرِ» ، ومع ذلك تجدُ أنَّ اللُّغويِّينَ لما شاركوا في هذا العلمِ أثَّرَ فيهم التَّخصُّصُ في تسمياتِ كتبهم، وفي مناهجِ بحثِهم، ولو فتَّشتَ في لغويِّي القرن الثاني الذين كان تدوينُ اللُّغةِ على أيديهم، فإنك لا تجدُ من سمَّى منهم كتابَه «تفسير القرآن» ، بل جُلُّها باسم «معاني القرآنِ» أو «غريبِ القرآنِ» .
كما تجدُ أن اللُّغويِّينِ يُطلِقونَ على من شاركَ من السَّلفِ في التَّفسيرِ مصطلح «المفسِّرين» ، أو «أهل التَّفسير» ، مما يُشعرُ باختلافِهم عن منهجِ هؤلاء المفسِّرينَ، كما يُشعر بأن علم المعاني مما لا يؤخذ من طريق المفسِّرين الذين يؤخذُ منهم ما يتعلقُ بالنَّقلِ.
* يلاحظُ أن بعضَ كتبِ معاني القرآنِ تضمُّ إليها علمَ إعرابِ القرآنِ؛ لذا، فإنها من مراجِعِ كتبِ الإعرابِ القرآنيُّ.
ولقد كان لهذا الدَّمجِ بين العلمينِ في مؤلَّفٍ واحدٍ أثرٌ في غلبةِ أحدِهما على الآخرِ، وهو علمُ الإعرابِ، الذي طغتْ مباحثُه على كتبِ معاني القرآنِ؛ للفرَّاء (ت: 207)، والأخفش (ت: 215)، والزَّجَّاج (ت: 311)، حتى صارتْ مواضعُ كثيرةٌ من كتبهم موطنًا للتَّطبيقاتِ النَّحويَّةِ الخلافيَّةِ بين مدارسِ النَّحو = أكثرَ من كونها في بيانِ القرآنِ وتفسيرِه الذي هو المقصدُ الأولُ.
وقد كانَ من أثرِ طغيانِ المباحثِ النَّحويةِ على هذه الكتب أنِ ابتعدتْ في كثيرٍ من مباحثِها عن مفهومِ «المعاني» ، وكانَ من أكثرهم بُعْدًا عنه الأخفشُ (ت: 215)، إذ كان جُلُّ كتابِه في علم النَّحْوِ (1).
(1) ينظر فهارس المسائل النحوية لكتاب الفراء، في كتاب فهارس معاني القرآن =
وكان من أثرِ ذلك أيضًا أن كَثُرَتِ الشَّواهدُ النَّحويَّةُ، وقَلَّتِ الشَّواهدُ اللُّغويَّةُ في كتبِ معاني القرآنِ.
* وفاقهم النَّحاسُ (ت: 338) في ذكر روايات السَّلفِ التَّفسيريَّةِ (1)، وقد كان من منهجِه نَقْلُ المرويِّ عن السَّلفِ.
قال النَّحَّاسُ (ت: 338): «فقصدتُ في هذا الكتابِ تفسيرَ المعاني، والغريب، وأحكام القرآنِ، والنَّاسخ والمنسوخِ عن المتقدِّمينَ من الأئمَّةِ، وأذكر من قولِ الجِلَّةِ من العلماءِ باللُّغةِ وأهل النَّظرِ ما حضرني
…
» (2).
ثمَّ يتلوه الزَّجَّاجُ (ت: 311) الذي اعتمد في أغلب رواياته التَّفسيريَّة على تفسيرِ الإمام أحمد، قال: «
…
وجميع ما ذكرناه في هذه القصَّة مما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه، وكذلك أكثر ما رويتُ في هذا الكتابِ من التَّفسيرِ، فهو من كتابِ التَّفسيرِ عن أحمد بن حنبل» (3).
= للفراء، إعداد فايزة المؤيد (ص:115 - 163، 211 - 257)، وفهرس النحو، في الجزء الثاني من معاني القرآن، للأخفش، صنع المحققة هدى قراعة (ص:765 - 802).
(1)
استفاد النَّحَّاس في هذا البابِ من تفسيرِ ابن جريرٍ الطَّبريِّ، وكثيرًا ما اعتمد عليه في الإفادة من نقولِه عن السلفِ، والإفادة من ترجيحاتِه.
(2)
معاني القرآن، للنحاس (1:42).
وقد كان عدد وُرُودِ أسماء بعضِ مفسري السلف واللُّغويين كالآتي: ابن عباس (601)، ومجاهد (905)، وعكرمة (174)، والحسن (331)، وقتادة (681)، والكسائي (84)، والفراء (134)، وأبو عبيدة (102)، والأخفش (16)، والزجاج (47).
(3)
معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (4:166). وقال في موضع آخر (4:8): «قال أبو إسحاق: روينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه «كتاب التفسير» ، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه
…
». =
* ويدخل في علم معاني القرآنِ: علمُ غريبِ القرآنِ، وعلمُ مشكلِ القرآنِ، وعلمُ الأساليبِ العربيَّةِ التي جاءت في القرآن (علم إعجازِ القرآنِ، وعلم البلاغة كما بحثه المتقدِّمونَ).
وهذه العلومُ كلُّها لها ارتباطٌ ببيانِ المعنى العربيِّ للآياتِ الذي هو صلبُ بحثِ كتبِ المعاني.
وهذه العلومُ متفاوتةُ الطَّرح في كُتبِ معاني القرآنِ، وإن كان من أكثرِها علمُ غريبِ القرآنِ.
* فائدة:
معاني القرآن التي كتب فيها المتقدمون غير علم المعاني الذي صار قسمًا من علوم البلاغة.
= وهذا التفسيرُ أنكره الإمامُ المؤرِّخُ الذهبيُّ، فقال: «فتفسيره المذكور شيء لا وجود له، ولو وُجِدَ لاجتهد الفضلاء في تحصيله ولاشتهر، ثمَّ لو ألَّف تفسيرًا، لما كان يكون أكثر من عشرة آلاف أثر، ولاقتضى أن يكون في خمسة مجلدات، فهذا تفسير ابن جرير الذي جمع فيه فأوعى ما يبلغ عشرين ألفًا، وما ذكر تفسيرَ أحمد أحد سوى أبي الحسين بن المنادى
…
». سير أعلام النبلاء (11:328 - 329).
وهذا النقلُ عن الزجاج يقطع يقينًا بوجود هذا التفسيرِ العظيمِ، وهو من مفقودات الأمَّةِ.