المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم السميفع أشوع: - المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - جـ ٦

[جواد علي]

الفصل: ‌حكم السميفع أشوع:

وهناك شعر نسب إلى علقمة ذي جدن زعم أنه قائله، هو:

أو ما سمعت بقتل حمير يوسفًا

أكل الثعالب لحمة لم يقتبر؟

وقد استدل منه "فون كريمر" على أن ذا نواس لم يغرق في البحر كما في الروايات العربية الأخرى، بل قتل قتلًا كما ورد في روايات الروم1.

1 ZDMG، 35، 1881، S. 16، von Kremer، Sudarabische Sage، 92، 127

ص: 162

‌حكم السميفع أشوع:

وذكر "بروكوبيوس" أن الذي حكم حمير بعد مقتل ملكهم هو رجل اسمه esimiphaios = esimiphaeus اختاره النجاشي من نصارى حمير ليكون ملكًا على أن يدفع إلى الأحباش جزية سنوية فرضي بذلك وحكم. غير أن من تبقى من جنود الحبشة في أرض حمير ثاروا عليه وحصروه في قلعة، وعينوا مكانه عبدًا نصرانيًّا اسمه "إبراهام" abraham كان مملوكًا في مدينة "أدولس""عدول" adulis لتاجر يوناني، فغضب النجاشي وأرسل قوة قوامها ثلاثة آلاف رجل لتأديبه وتأديب من انضم إليه. فلما وصلت إلى اليمن، التحقت بالثوار، وقتلت قائدها وهو من ذوي قرابة النجاشي، فغضب hellestheaeus عندئذ غضبًا شديدًا، وسير إليه قوة جديدة لم تتمكن من الوقوف أمام أتباع abram فأنهزمت ولم يفكر النجاشي بعد هذه الهزيمة في إرسال قوة أخرى. فلما مات، صالح abraham خليفته على دفع جزية سنوية، على أن يعترف به نائبًا عن الملك على اليمن، فعين نائبًا عنه1.

وذكر "بروكوبيوس" أيضًا أن القيصر "يوسطنيانوس" أرسل رسولًا عنه إلى النجاشي ela atzbeha hellestheaeus وإلى esimiphaeus اسمه "جوليانوس" julianus ليرجو منها إعلان الحرب على الفرس وقطع العلاقات التجارية معهم؛ لأنهما والقيصر على دين واحد، فعليهما مساعدة أبناء دينهم الروم والاشتراك معهم في قضيتهم، وهي قضية عامة مشتركة، على النصارى جميعًا الدفاع عنها

1 Procopius، L، XX 1-2، Bury، II، P. 324، John Malalas، XVIII، 457

ص: 162

وطلب من ملك حمير homeritae خاصة أن يوافق على تعيين "قيس" kaisos = caisus "phylarch" سيدًا على قبيلة معد maddeni، وأن يجهز جيشًا كبيرًا يشترك مع قبيلة معد في غزو أرض الفرس، وكان قيس كما يقول "بروكوبيوس" من أبناء سادات القبائل، وكان شجاعًا قديرًا وكفئًا جدًّا وحازمًا، قتل بعض ذوي قرابة esimiphaeus فانهزم إلى البادية هائمًا. وقد وعد الملك خيرًا، غير أنه لم ينجز وعده، وإذ كان من الصعب عليه اجتياز أرض واسعة بعيدة وطرق طويلة تمر بصحاري وقفار لمحاربة أناس أقدر من قومه في الحرب1.

وقد وصل رسول "جستنيان""يوسطنيان" justinian سنة "531م" إلى ميناء "أدولس" من البحر، ثم ذهب منه إلى "أكسوم" حيث وجد النجاشي ela atybeba واقفًا على عربة ذات أربع عجلات، وقد ربطت بها أربعة فيلة، وكان عاربيا إلا من مئزر كتان مربوط بذهب، وقد ربط على بطنه وذراعيه حليًا من ذهب، وبعد أداء هذا الرسول رسالته، ثار "إبرام" abram على esimiphios، وقضى على حكمه2.

وقد رجع السفير فرحًا مستبشرًا بنجاح مهمته، معتمدًا على الوعود التي أخذها من الملكين. غير أنهما لم يفعلا شيئًا، ولم ينفذا شيئًا مما تعهدا به للسفير. فلم يغزوا الفرس، ولم يعين "السميفع أشوع""قيسًا""فيلارخًا" على قبيلة معد.

وقد تحرش abramos = abram بالفرس، غير أنه لم يستمر في تحرشه بهم، فما لبث أن كف قواته عنهم3.

ولا يعقل بالطبع توسط القيصر في هذا الموضوع لو لم يكن الرجل من أسرة مهمة عريقة، له عند قومه مكانة ومنزلة، وعند القيصر أهمية وحظوة، ولشخصيته ولمكانة أسرته، أرسل رسوله إلى "السميفع" لإقناعه بالموافقة على إقامته رئيسًا على قومه. وبهذا يكتسب القيصر رئيسًا قويًّا وحليفًا شجاعًا يفيده في خططه السياسية الرامية إلى بسط سلطان الروم على العرب، ومكافحة الساسانيين.

وقد زار "إبرام" abram والد "نونوسوس" nonnosus الذي أرسله

1 Procopius، I، XX، 9-13

2 Bury، II، P. 325. f

3 Procopius، I، XX

ص: 163

"جستنيان" justinian إلى النجاشي وإلى اليمن وإلى معد kaisos = caisos "قيسًا" هذا مرتين، وذلك قبل سنة "530م"، وزاره "نونوسوس" نفسه في أثناء حكمه، فأرسل "قيس" ابنه "معاوية" معه إلى القسطنطينية إلى "يوسطنيان" ثم استقال "قيس"، وصار أخوه رئيسًا على معد، وزار القسطنطينية، فعين "فيلارخا" على فلسطين1.

ويظهر من دراسة خبر المؤرخ "بروكوبيوس" أن قيصر الروم المذكور كان قد أرسل رسولًا عنه إلى "النجاشي" وإلى السميفع"، إبان حكم السميفع لليمن، أي قبل ثورة "أبرام" "أبرهة" عليه. ولهذا كلمه الرسول في أمر "قيس"، ولكنه أخفق في إقناعه بالعفو عنه وبالاعتراف به رئيسًا على معد، فلم يعترف به إلى مقتله. فلما توفي، جاء رسول القيصر ثانية إلى النجاشي وإلى أبرهة وإلى "قيس" بمهمة تحريضهم لمعارضة الفرس، وتوحيد كلمتهم. وكان "أبرهة" على عكس "السميفع" على علاقة طيبة بـ"قيس"، وقد قرر تنصيبه رئيسًا على معد.

وقد أشار المؤرخ "ملالا" إلى خبر الرسول الذي أرسله القيصر إلى النجاشي لإقناعة بالاشتراك مع الروم في محاربة الفرس، غير أنه لم يذكر اسم الرسول الذي أوفده القيصر إلى بلاط "أكسوم". وقد ذكر أن النجاشي بعد أن تغلب على ملك حمير عين أحد ذوي قرابته ويدعي aggan = anganes على الحميريين2.

وأما "يوحنا الأفسي"، فقد دعاه abramios، ودعاه "ثيوفانس""الحارث"3 arethas.

و esimiphaeus الذي نصبه النجاشي ملكًا على حمير بعد مقتل ملكهم اليهودي،

1 تأريخ العرب قبل الإسلام، لجواد علي "4/ 394".

Bury، II، P. 26، Fragmenta Historicorum Graecorum، IV، P. 179، Bulletin of the School of oriental and Argican Studies، University of londn، vol، XVI، Part: 3، p. 435.

2 Malala، P. 456، Fell in ZDMG، 35، 1881، S. 34، ZDMG، 7، 473، Bury، II، 324، Malala XVIII، 457

3 Theophanes، I، P. 377، Fell، in ZDMG، 35، 1881، S. 35، Glaser، Mitt، S. 428، S. 69، Seper

ص: 164

هو "السميفع أشوع"، صاحب النص الموسوم بـcih 621 بين العلماء. وقد دونه مع أولاده:"شرحبيل""يكمل" و"معديكرب يعفر"، وجماعة من سادات القبائل منهم: أبناء ملحم "ملحهم"، وكبراء "كبور" قبائل محرج سيبان ذو نف. وقد كان السميفع أشوع من "بني لحيعت يرخم"، وكان هو وأولاده سادة "الهت" على:"كلعن""كلعان" أي الكلاع ، "ذ يزن""ذي يزان""ذي يزأن" و"ذي جدن" و"مثلن""مثلان""مطلحن""مطلحان" و"شرفن""شرفان""شرقان" و"حب""حبم" ويثعن "يثعان" و"يشر" يشرم ويزر ومكرب "مكربم" و"عقهت""عقهة" و"بزاي""بزايان" ويلجب "يلجبم" وغيمن "غيمان""جيمان" ويسب وجبح وجدوى "جدويان" و"كزر""كزران" و"رخيت" وجردان "الجرد" وقبيل "قبلان" وشرجي "شرجا"1.

أما أبناء ملحهم، فقد كانوا على وحظت "وحظة" و"الهان""الهن" و"سلفن""سلفان""السلف"، و"ضيفتن""ضيفت""الضيفة" و"ريان""رثاج" و"رياح" و"ريحن" و"ركب""ركبن" و"مطلن""مطلان" و"مطلفن""مطلفان" و"ساكلن""ساكلان"، و"زكرد"2.

وقد دونوا النص المذكور، لمناسبة ترميمهم وإصلاحهم أسوار ودروب ومنافذ وصهاريج حصن "مويت""عرمويت"، "ماويت" ماوية" وتحصنهم فيه بعد أن جاء الحبش على أرض حمير ففتحوها، وقتلوا ملكها وأقياله الحميريين والأرحبيين، وذلك في شهر "ذو حجت" "ذي الحجة" من سنة "640" من

1 CIH 621، CIH، IV، III، I، P. 54، REP. EPIG. 2633، REP. EPIG، V، I، P. 5، Mlaker، in Zeitschrift fur Semitistik، Vii، I، 1929، S. 63، LE Muiseon، LXIII، 3-4، 1950، P. 271.

2 Glaser، Die Abessinier، 132

ص: 165

التأريخ الحميري الموافق لسنة "525" للميلاد1.

ويظهر أن "السميفع أشوع"، كان من أهل "نصاب"، وكان قد هاجر لسبب لا نعرفه هو وأولاده إلى الحبشة. فأقام بها، ثم عاد فاستقر في "عر مويت" أي في "حصن ماوية"، وأخذ يوسع من هذا الحصن أرضه ويفتح أرضين جديدة ويتقدم نحو الأرضين التي حكمها "ذو نواس" فلما جاهر "ذو نواس" بمناصبة النصرانية والحبش والروم العداء، كلفه الحبش والروم بمهاجمة "ذي نواس" وقدموا له المساعدات المادية من عون عسكري ومالي؛ ليستعين بها في تنفيذ مشروعه هذا. وأخذ يشتري القبائل ويفرض نفوذه عليها بالقوة وبالمال حتى انتهى الأمر بزوال ملك "ذي نواس"، فعين "السميفع" حاكمًا على اليمن ونائبًا عن ملك الحبشة عليها، إلا أن ثورة وقعت فيها، قضت على حكمه، فولى الأحباش شخصًا آخر في مكانه، وذلك بعد السنة "531" للميلاد2.

و"شرحب آل لحمى عت يرخم" شرحبيل لحيعت يرخم"، وهو والد "السميفع أشوع"، ولم يكن ملكًا، غير أنه لم يكن من العامة، بل كان من "أقول" الأقيال. وذلك لعدم ذكر لقب الملك بعد اسمه. وعدم نص ابنه "السميفع" على أن والده كان ملكًا. ويجوز أن يكون للمسيفع أشوع أبناء آخرون غير الولدين: "شرحب آل يكمل" "شرحبيل يكمل" و"معديكرب يعفر" المذكورين في النص3.

وفي متحف إستانبول نص اسم بـosma. mus. no: 281 نشره وترجمه العالم

1 "سطرو ذن مزندن بعرن مويت"، السطران السادس والسابع من النص، "عرن" الحصن في الحميرية، العرب قبل الإسلام لزيدان "125"، وقد اختلف الباحثون بعض الاختلاف في قراءة أسماء الأعلام الواردة في هذه النص السطر الحادي عشر من النص.

G. Hunt، Himyaric Inscriptions of Hisn Ghurab، Translated and Elucidated، 1848، Praetorius، Himjarische Inschriften، in ZDMG.، XXVI، 1872، S. 436، J.H. Mordtmann، Neue Himjarische Inschriften، in ZDMG.، XXXIX، 1885، S. 230، Von Maltzen، Reise nach Sudarabien، 1873، S. 225، REP. EPIG. 2633، REP. EPIG.، V، I، P. 5، Glaser، Zwei Inschriften، S. 86، M. Hartmann، Die Arabische Frage، 1909، S. 367، J. Raymond Wellsted، Travels to the City of

the Caliphs، P. 21 Rodiger، Versuch، S. 13

2 Beitrage، S. 92، 120

3 Le Museon LXIII، 3-4، 1950، P. 273

ص: 166

البلجيكي "ريكمنس" g.ryckmans في مجلة le museon، وردت في مطلعه جملة:"نفس قدس سميفع أشوع ملك سبا"، وفي آخره عبارة: بسم رحمنن وبنهو كرشتش غلبن" ومعناها "بسم الرحمن وابنه المسيح الغالب"1.

وفي هاتين الجملتين دلالة صريحة على أن السميفع أشوع كان ملكًا على سبأ وأنه كان على دين النصارى. وقد استعمل النص كلمة "كرشتس" بمعنى المسيح ويستعملها أهل الحبشة كذلك. وقد أخذوها، ولا شك من الروم. ويؤيد كون "السميفع أشوع" نصرانيًّا، ما ذكره المؤرخ "بروكوبيوس" من أن الحبشة عينت رجلًا نصرانيًّا من حمير اسمه esimiphaeus ملكًا على حمير، وذلك بعد قتل الملك الحميري الذي عذب النصارى في بلاده، ويقصد به ذو نواس.

ولم يكن "السميفع أشوع" ملكًا مستقلًّا كل الاستقلال يتصرف بملكه كيف يشاء، بل كان في الواقع تابعًا لحكومة "أكسوم". يُفهم ذلك صراحة من هذا النص الذي أتحدث عنه. جاء في السطر الثالث منه:"أمراهموا نجشت أكسمن برو وهوثرن"، أي "في أيام أميرهم نجاشي أكسوم بنوا وأسسوا". وجاء في السطر السادس:"أملكن الأبحه ملك حبشت"، أي "ملك الأبخة ملك الحبشة"، ويقصد بـ"الأبخه" نجاشي الحبشة "إلا أصبحة" elle ' asbeha الذي كان ملك الحبشة في ذلك العهد. وعاصمته مدينة "أكسوم"2.

وتعني كلمة "نجشت" الواردة في النص ملكًا أو أميرًا في العربية، وقد أخذها العرب من الحبش، وأطلقوها على ملوك الحبشة، وهي "نجاشي" و"النجاشي" في عربيتنا، كما أطلقوا كلمة "قيصر على أباطرة الروم3.

وقد ذكرت في النص أسماء "ذويزان""ذو يزن" و"حسن""حسان" و"شرحبال""شرحبيل" قيل "ذو معفرن"، أي قيل المعافر. و"أسودن" أي الأسود "وسميفع" قيل "دو بعدان""ذ بعدن"، وزرعة قيل مرحبم، أي مرحب "المراحب" و"حارث" و"مرثد" أمراء "ثعبان" و"شرحبيل"

1 Handbuch، S. 105، Note: 4، Le Museon، LIX، 1-4، 1964، P. 165، REP. EPIG. 3904، REP. EPIG.، VI، II، P. 376، Le MusSon، LXIII، 3-4، 1950، P. 272، Istanbul، 7600، Bis، Conti Rossini، Storia D'EUopia، Milano، 1925، Vol.، I، P. 180

2 LeMus6on، LIX، 1-4، 1946، P. 167

3 Ency.، m، P. 817

ص: 167

يكمل"1 وجاء بعض هذه الأسماء في نصوص أخرى، ومنها نص "حصن غراب" المتقدم وقد اشتهر بعض هذه القبائل في الإسلام.

ولدينا نص غفل من التأريخ وسمه العلماء بـ rep. Epig. 4069، وردت فيه جملة أسماء، هي:"شرحب آل يكمل""شرحبيل يكمل" و"شرحب آل يقبل""شرحبيل يقبل"، و"مرثد علن أحسن""مرثد علن أحسن""مرثد علان أحسن"، و"سميفع أشوع" أبناء "شرحب آل لحي عت يرخم""شرحبيل لحيعت يرخم" أقيال "أقول""ذو يزان""ذو يزن" و"جدنم""ذو جدن" و"يلجب" و"يصبر"2. ويظن أن "السميفع أشوع" المذكور هنا هو الملك الذي نتحدث عنه3. ولم يلقب في هذا النص بلقب ملك، كما لم يلقب به والده كذلك. والظاهر أنه كتب قبل عهد توليه الملك، وأنه لم يكن من الأسرة المالكة، ولكن من أبناء الذوات والأعيان.

ووردت في نهاية النص جملة "الرحمن رب السماء والأرض"، وهي عبارة تختلف عن العبارات المألوفة التي نعهدها في النصوص الوثنية القديمة، تظهر منها عقيدة التوحيد والابتعاد عن الآلهة القديمة بكل جلاء4. غير أننا لا نستطيع أن نستخرج منها أن صاحبها كان يهوديًّا كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين، أو أنه كان نصرانيًّا5، إنما نستطيع أن نقول إن أصحاب هذا النص كانوا على دين التوحيد وكفى.

ومن الأسماء الواردة في هذا النص: "ضيفتن""ضيفت""ضيفة" و"ريحم""ريح""رياح" و"مهرت""مهرة" وقبيلة "سيبن""سيبان"6.

وقد تكون مهرت "مهرة"، هي مهرة التي تنسب إلى "مهرة بن حيدان بن عمرو بن ألحاف بن قضاعة" في اصطلاح النسابين7.

ويقع "عرمويت"، أي حصن "مويت""ماوية "في جزيرة بركانية

1 Le Museon، LIX، 1-4، 1946، PP. 167، 171

2 REP. EPIG. VII، I، P. 66، Bosawen، 13

3 Ryckmans 63، Le Museon، LXIII، 3-4، 1950، P. 272، Beitrage، S. 92

4 السطر الحادي عشر من النص.

5 Le Museon، LXIII، 1950، PP. 273، 274

6 السطران الرابع والخامس من النص.

7 منتخبات "100".

ص: 168

تسمى "حصن الغراب" وهو الآن خرابز وقد عثر الباحثون في أنقاضه على كتابة وسمت بـ cih 728 دونها" صيد أبرد من مشن""صيد أبرد بن مشان"، أحد أقيال "بدش""باداش". وورد فيها اسم "قنا". وقد كان لهذا الحصن شأن كبير في تلك الأيام لحماية الجزيرة والميناء من الأعداء المهاجمين ومن لصوص البحر. وللدفاع عن التجار الذين كانوا يتاجرون مع إفريقيا والهند. ولهذا اهتم "السميفع أشوع" وأولاده بترميمه وبإصلاحه وتقويته1.

وأما ميناء "قنا" الذي ذكرته في مواضع من هذا الكتاب، وهو في الموضع المسمى بـ"بير علي" في الوقت الحاضر على رأي بعض الباحثين، فقد كان من الموانئ المهمة على البحر العربي. وقد كان مرفأ للتجارة الآتية من الشمال، أو من البحر لإرسالها إلى "شبوة" ومواضع أخرى في شمال هذا الميناء2.

ومما يلاحظ أن المواضع الآثارية التي على الساحل الجنوبي لجزيرة العرب قليلة معدودة. وتكاد تنحصر في أرض عدن وأبين وحصن الغراب وفي مواضع من أطراف "ظفار" وحول "المكلا" و"الشحر" وساحل مهرة. مع أن السواحل هي من المواضع التي يجب أن تكون في العادة عامرة بالمدن والمرافئ بسبب سهولة اتصالها بالعالم الخارجي. ووقوعها على طرق مائية تجلب إليهن السفن والناس. والظاهر أن وخامة الجو في هذه السواحل وصعوبة حماية الساحل من لصوص البحر، وتفشي الأمراض، وملوحة المياه الجوفية، وأسبابًا أخرى، كانت في جملة ما حال بين الناس وبين بناء المدن على هذه السواحل3.

وقد اشتهرت "ظفار" بأنها المرفأ المعد لتصدير اللبان والمر وحاصلات البلاد العربية الجنوبية الأخرى. وكان محاطًا بسور. أما المواضع الأخرى، فلم تكن مسورة في الغالب، وقد أشار "كرب أيل وتر" في أخباره عن حروبه في السواحل الجنوبية أنه خرب مدينة "تفض" في "أبين"، وأحرق مواضع أخرى على البحر، يظهر أنها لم تكن مسورة، ويظهر أن هذه السواحل لم تكن مأهولة مثل الأرضين الشمالية العالية، فلم يعثر الباحثون على كتابات كثيرة فيها

1 Beitrage، s. 910

2 Beitrage، s. 930

3 Beitrage، s. 870

ص: 169