الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ورد اسم "صنعاء" لأول مرة على ما نعلم في نص يعود عهده إلى أيام الملك "الشرح يحضب""ملك سبأ وذي ريدان"، ودعيت فيه بـ"صنعو"1.
وذكر الأخباريون أنها كانت تعرف بـ"أزال" وبـ"أوال"2. أخذوا ذلك على ما يظهر من "أزال" في التوراة بواسطة أهل الكتاب مثل "كعب الأحبار" ووهب بن منبه3. وذكروا أن قصر غمدان الذي هو بها قصر "سام بن نوح"، أو قصر "الشرح يحضب""ليشرح يحضب"4. وذكروا أيضًا أنها أول مدينة اختطت باليمن بنتها "عاد"5. ورووا قصصًا عن "غمدان"، فزعم بعضهم أن بانيه "سليمان" أمر الشياطين، فبنوا لبلقيس ثلاثة قصور: غمدان وسلحين وبينون. وزعم بعضهم أن بانيه هو: "ليشرح يحضب" أراد اتخاذ قصر بين صنعاء و"طيوة"، فانتخب موضع "غمدان"6. وقد وصف "الهمداني" ما تبقى منه في أيامه، وأشار إلى ما كان يرويه أهل الأخبار عنه7.
1 Giaser 424.
2 "وكانت تسمى أوال من الأولية بلغتهم"، مختصر تاريخ اليمن المنقول عن كتاب العبر لابن خلدون، "ص125"، تحقيق "h. C. Kay" لندن 1892م. Ency، iv، p. 144، glaser، Skimme، II، S. 310، 424.
3 الإكليل "ص18".
4 الإكليل "ص4"، القزويني، آثار البلاد "51".
5 مختصر تأريخ اليمن "125".
6 البلدان "6/ 301 وما بعدها".
Ency، ii. P. 166، niebuhr، reisebeschreibung nach arabien، i، s. 418، 421.
7 الإكليل "8/ 12 وما بعدها".
نجران:
وأما "نجران"، فقد كانت مستقلة بشئونها، يديرها ساداتها وأشرافها، ولها نظام سياسي وإداري خاص تخضع له، ولم يكن للفرس عليها سلطان، وكان أهلها من "بني الحارث بن كعب"، وهم من "مذحج" و"كهلان"،
وكانوا نصارى. ومن أشرافهم "بنو عبد المدان بن الديان"، أصحاب كعبة نجران1، وكان فيها أساقفة معتمون، وهم الذين جاءوا إلى النبي ودعاهم إلى المباهلة، مع وفد مؤلف من ستين أو سبعين رجلًا راكبًا، فيهم أربعة عشر رجلًا من أشرافهم، منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أمرهم. العاقب أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرن إلا عن رأيه، واسمه عبد المسيح، والسيد ثمالهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه الأيهم "وهب"، وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل، أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مِدْراسهم2.
ويذكر الأخباريون أن أبا حارثة كان قد شرف في أهل نجران ودرس الكتب حتى حسن علمه في دينهم، وصار مرجعهم الأكبر فيه. وكانت له حظوة عند ملك الروم، حتى إنه كان يرسل له الأموال والقلعة ليبنوا له الكنائس لما كانت له من منزلة في الدين وفي الدنيا عند قومه. وكان له أخ اسمه "كوز بن علقمة" وقد أسلما مع من أسلم من الناس بعد السنة العاشرة من الهجرة3.
ويظهر من الحبر المتقدم أن ملوك الروم كانوا على اتصال بنصارى اليمن، وأنهم كانوا يساعدون أساقفتهم ويمولونهم، ويرسلون إليهم العطايا والهبات. وقد أمدوهم بالبنائين والفعلة وبالمواد اللازمة لبناء الكنائس في نجران وفي غيرها من مواضع اليمن، وقد كان من مصلحة الروم مساعدة النصرانية في اليمن وانتشارها؛ لأن في ذلك كسبًا عظيمًا لهم. فبانتشارها يستطيعون تحقيق ما عجز عنه "أوليوس غالوس" حينما كلفه إمبراطور روما اقتحام العربية السعيدة والاستيلاء عليها.
وذكر أهل الأخبار أيضًا، أن رؤساء نجران كانوا يتوارثون كتبًا عندهم، كلما مات رئيس منهم فأضيفت الرئاسة إلى غيره، انتقلت الكتب إليه، وقد عرفت
1 الطبري "3/ 132""دار المعارف". صبح الأعشى "5/ 39 وما بعدها".
2 ابن هشام "2/ 222 وما بعدها"، ابن الأثير "2/ 122"، ابن خلدون "2/ 57""الوفود"، البلدان "8/ 258 وما بعدها"، الطبري "3/ 139"، تاج العروس "1/ 389"، raccoita، iii، p. 128.
3 ابن هشام "2/ 222 وما بعدها".
تلك الكتب بـ"الوضائع". وكانوا يختمونها، فكلما تولى رئيس جديد ختم على تلك الكتب فزادت الخواتم السابقة ختمًا1، وذكر علماء اللغة أن الوضائع هي كتب يكتب فيها الحكمة. وفي الحديث: أنه نبي وأن اسمه وصورته في الوضائع2.
ونجران أرض في نجد اليمن خصبة غنية، وفيها مدينة نجران من المدن اليمانية القديمة المعروفة قبل الميلاد. وقد ذكرها "سترابون" في جغرافيته، وسماها negrana = negrani في معرض كلامه على حملة "أوليوس غالوس" على العربية، كما ذكرها المؤرخ "بلينيوس" في جملة المدن التي أصابتها يد التخريب في هذه الحملة3. كما ذكرها "بطلميوس"، فسماها negara metropolis = nagera mytropolis4.
وفي ذكر "بطلميوس" لها على أنها "مدينة دلالة على أنها كانت معروفة أيضًا بعد الميلاد. وأن صيتها بلغ مسامع اليونان.
وبعد النص الموسوم بـglaser 418، 419، من أقدم النصوص التي ورد فيها اسم مدينة نجران؛ إذ يرتفع زمنه إلى أيام "المكربين". وقد ذكر كما سبق في أثناء كلامي على دور المكربين، في مناسبة تسجيل أعمال ذلك "المكرب" وتأريخ حروبه وما قام به من فتوح. وورد ذكرها في النص "glaser1000"، الذي يرتقي زمنه إلى أيام المكرب والملك "كرب إيل وتر" آخر "مكربي" سبأ، وأول من تلقب بلقب "ملك سبأ"5. فورود اسم "نجران" في النصين المذكورين يدل على أنها كانت من المدن القديمة العامرة قبل الميلاد، وأنها كانت من المواضع النابهة في أول أيام سبأ.
وورد اسمها في نصوص أخرى. كما ذكرت في جملة المواضع التي دخلها رجال
1 ابن هشام "2/ 222 وما بعدها".
2 اللسان:8/ 399"، "و/ ض/ ع".
3 Strabo، xvi، iv، 24، vol، iii، p. 212، pliny، nat. Histo، ii. P. 458، vi، 160
4 Ptolemy، vi، 7، 37
5 Beitrage، S،9
حملة "أوليوس غالوس" على اليمن. وذكرها نص "النمارة" الذي يرتقي زمنه إلى سنة "328" بعد الميلاد. وقد كانت في أيدي الملك "شمر يهرعش" إذ ذاك على رأي أكثر الباحثين. إذ كان قد وسع رقعة حكومة "سبأ وذي ريدان وحضرموت" وأضاف إليها أرضين جديدة منها أرض "نجران"1، وأشار إلى تدمير ذلك الملك لـ "نبطو"، أي النبط2.
وقد ذهب "ريتر" إلى أن negara mytropolis، هو الموضع المسمى بـ"القابل" على الضفة الغربية لوادي نجران3. أما "هاليفي"، فذهب إلى أنها الخرائب المسماة "الأخدود"4. وذهب "كلاسر" إلى أنها الأخدود أو "رجلة"، أو موضع آخر في "وادي الدواسر"5.
وقد ذكر "الهمداني" أن موضع "هجر نجران" أي مدينة نجران، هو الأخدود، ومدح خصب أرض نجران. ولم يكن "نجران" اسم مدينة في الأصل كما يتبين من النص cih 363، بل كان اسم أرض بدليل ورود أسماء مواضع ذكر أنها في "نجرن" نجران. ويرى بعض الباحثين أن مدينة "رجمت" كانت من المدن الكبرى في هذه الأرض، ثم تخصص اسم نجران فصار علمًا على المدينة التي عرفت بنجران6.
وذهب بعض الباحثين إلى أن "رجمت""رجمة" هي "رعمة" المذكورة في التوراة. وقد تحدثت فيما سلف عن "رعمة" وعن إتجار أهلها وإتجار "شبا" sheba مع "صور" 7tyrus.
1 Beitrage، s، 11
2 Beitrage، s، 11
3 Paulys - wissowa، 32 ter halbband، 1574
4 Halevy، Rapport sur une Mission Archeologique dans le yemen، in jornal Asia، VI، XIX، 1872، 39، 90
5 Glaser، skizze، ii
6 Beitrage، s. 10
7 أخبار الأيام، الأول، الإصحاح الأول، الآية 9، التكوين الإصحاح العاشر، الآية 7، حزقيال، الإصحاح 27، الآية 22، Beitrage، s. 11
ويذكر الأخباريون أن قومًا من "جرهم" نزلوا بنجران، ثم غلبهم عليها بنو حمير، وصاروا ولاة للتبايعة، وكان كل من ملك منهم يلقب "الأفعى". ومنهم "أفعى نجران" واسمه "القلمس بن عمرو بن همدان بن مالك بن منتاب بن زيد بن وائل بن حمير"، وكان كاهنًا. وهو الذي حكم على حد قولهم بين أولاد نزأر. وكان واليًا على نجران لبلقيس، فبعثته إلى سليمان، وآمن، وبث دين اليهودية في قومه، وطال عمره، وزعموا أنه ملك البحرين والمشلل.
ثم استولى "بنو مذحج" على نجران. ثم "بنو الحارث بن كعب"، وانتهت رياسة بني الحارث فيها إلى بني الديَّان، ثم صارت إلى بني عبد المدان، وكان منهم "يزيد" على عهد الرسول1.
ويرى بعض أهل الأخبار أن "السيد" والعاقب أسقفي نجران الذين أرادا مباهلة رسول الله هما من ولد الأفعى بن الحصين بن غنم بن رهم بن الحارث الجرهمي، الذي حكم بين بني نزار بن معد في ميراثهم، وكان منزله بنجران2.
وقد سميت "نجران" بنجران بن زيد بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قطحان على رأي بعض أهم الأخبار. وقد اشتهرت بالأدم3.
وقد أرسل الرسول خالد بن الوليد إلى "بني الحارث بن كعب" بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، فإن استجابوا إليه قبل منهم، وإن لم يفعلوا قاتلهم. فلما دعاهم إلى الإسلام أجابوه، ورجع خالد مع وفد منهم إلى رسول الله، فأعلنوا إسلامهم أمامه، ثم رجعوا وقد عين الرسول "عمرو بن حزم" عاملًا على نجران. فبقي بنجران حتى توفي رسول الله4.
ولما عاد خالد بن الوليد من نجران إلى المدينة، أقبل معه وفد الحارث بن
1 "مختصر تأريخ المنقول من كتاب العبر لابن خلدون "133 وما بعدها"، مطبوع من كتاب تأريخ اليمن لعمارة اليمني، سنة 1892، بلندن، بعناية: henry cassels kay. صبح الأعشى "5/ 45".
2 المحبر "132".
3 صبح الأعشى "5/ 40 وما بعدها"، الإكليل:"1/ 14".
4 الطبري "3/ 126 وما بعدها""سرية خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب وإسلامهم".
كعب"، فيهم قيس بن الحصين بن يزيد بن قنان ذي الغصة، ويزيد بن عبد المدان، ويزيد بن المحجل، وعبد الله بن قريظ الزيادي، وشداد بن عبد الله القناني، وعمرو بن عبد الله الضبابي. فلما رآهم الرسول، قال: "من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند؟ " ثم كلمهم، وأمر قيس بن الحصين عليهم، ورجعوا، وكان ذلك قبل وفاة الرسول بأربعة أشهر1.
وقد اشتهرت نجران بثيابها، ولما توفي الرسول، كفن في ثلاثة أثواب نجرانية2.
وقد زار "فلبي" وادي نجران، وعثر على خرائب قديمة، يرجع عهدها إلى ما قبل الإسلام، كما تعرف على موضع "كعبة نجران" ووجد صورًا قديمة محفورة في الصخر على مقربة من "أم خرق"، وكتابات مدونة بالمسند. وعلى موضع يعرف بـ"قصر بن ثامر"، وضريح ينسب إلى ذلك القديس الشهيد الذي يرد اسمه في قصص الأخباريين عن شهداء نجران. ويرى "فلبي" أن مدينة "رجمت""رجمة" هي "الأخدود"، وأن الخرائب التي لا تزال تشاهد فيها اليوم تعود إلى أيام المعينيين3. ويقع "قصر الأخدود" الأثري بين "القابل" و"رجلة"، وهو من المواضع الغنية بالآثار4. وقد تبسط "فلبي" في وصف موضع الأخدود، ووضع مخططًا بالمواضع الأثرية التي رآها في ذلك المكان5.
ويتضح من مخطط "فلبي" لمدينة "نجران" أنها كانت مدينة كبيرة مفتوحة وعندها أبنية محصنة على هيئة مدينة مربعة الشكل، وذلك للدفاع عنها، وبها مساكن وملاجئ للاحتماء بها ولتمكين المدافعين من صد هجمات المهاجمين لها6.
1 الطبري "3/ 128"، سيرة ابن هشام "2/ 347 وما بعدها".
2 اللسان "5/ 195"، "ن/ ج/ ر".
3 Philby، arabian highlands، pp. 221، 238، 252، 257
4 فؤاد حمزة، في بلاد عسير "190""القاهرة 1951م".
5.
Philby، arabian highlands، p 237
6 Beitrage، s. 11. beitrage، s. 17