الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويملكوا مقود الفكر والعاطفة، ليحققوا القاعدة الأساس التي يقوم عليها صرح البناء الجهادي. فيكون كما قال عز وجل:{ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون (1)} . إنها مواصفات واضحة للكلمة الطيبة. إنها من الأصالة والصدق ضاربة جذورها في الأرض، فلا يزعزعها كل بهرج الدنيا وزخرفها. وهي من جهة ثانية منتشرة في كل صقع، وطالت فروعها الباسقة حتى عمت الأرض وامتدت للسماء. وهيمن جهة ثالثة مثمرة ترعاها عناية الله، تحقق أهدافها التي قامت من أجلها. كاملة، ويكون ثمرها مذاقا لكل قارىء أو راء أو سامع. وفقدان أي من هذه المواصفات الثلاثة يعني أننا لم نصل بعد إلى الكلمة الطيبة التي نريد.
السمة العشرون
ازدياد العدد والعدة
لقد كانت أول سرية أرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس سبعة أشهر من مقدمه المدينة هي سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر يعترضون عيرا لقريش قد جاءت من الشام تريد مكة فيها أبو جهل في ثلاثمائة راكب.
وكان عدد أفراد هذه السرية ثلاثين راكبا، كلهم من المهاجرين.
وحين ينظر المرء إلى خطوات الجهاد الأولى التي ابتدأت بثلاثين راكبا ويلاحظ أنها ارتفعت وخلال خمس سنوات إلى ثلاثة آلاف جندي في غزوة الخندق، يلاحظ مدى التقدم الضخم الذي أحرزه الجيش الإسلامى في المدينة.
وملاحظة أخرى كذلك من حيث العدة.
فالخيل من أهم عناصر الحرب على الإطلاق، والخيل معقود في نواصيها
(1) سورة إبراهيم / 42 - 25.
الخير إلى يوم القيامة كما يقول عليه الصلاة والسلام. فإذا أعدنا إلى الذاكرة غزوة بدر وأنه لم يكن لدى المسلمين فيها إلا فرسان. ثم نذكر أن خيل المسلمين في الخندق بلغت مئتي فرس، تبين مدى التقدم العسكري الضخم في هذا المجال. حتى الإبل في بدر كان كل ثلاثة من المسلمين يتعقبون بعيرا. أي كان عند المسلمين حوالي سبعين من الإبل، يكفي أن نذكر أن غنائمهم من بدر وحدها كانت مائة وخمسين بعيرا.
أما السلاح فحدث ولا حرج. كان سلاحهم في بدر السيوف في الخرق. فلننظر إلى بعض الغنائم التي حصل عليها المسلمون من أعدائهم في هذا المجال. كانت غنائم بني قينقاع من السلاح: ثلاث قسي، وثلاثة سيوف وثلاثة رماح ودرعين ووجدوا في منازلهم سلاحا كثيرا وآلة الصياغة. ولم تكن غنائم بنى فينقاع لتذكر في هذا المجال لأنهم مضوا بسلاحهم. وكان اليهود يمثلون ترسانة أسلحة عندهم ويقومون بصنعها. وعندما حاول بنو النضير أن يخرجوا بأسلحتهم منعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتسليم سلاحهم وكما يقول النص:(ثم نزلت يهود على أن لهم ما حملت الإبل إلا الحلقة (أي السلاح (1)). (وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال والحلفة فوجد خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاثمائة وأربعين سيفا (2)).
أما غنائم بني قريظة فكانت كالتالي:
(وجمعت أمتعتهم وما وجد في حصونهم من الحلقة والأثاث والثياب فوجد فيها ألف وخمسمائة وثلاثمائة درع وألفا رمح، وألف وخسمائة ترس وجحفة .. (3). وبذلك غدا للمسلمين قوة ضخمة من السلاح والرجال وتحولت معظم قوة العدو من اليهود إلى المسلمين. إضافة إلى ما كانوا يبتاعونه من الأسواق. فكانت كل أنواع السلاح متوفرة عندهم.
صحيح أن المسلمين ما خاضوا معركة مع عدوهم إلا كانوا أقل من عدوهم عددا وعدة، وكانوا بإيمانهم وثباتهم أقوى من خصومهم، لكن هذا
(1) و (2) إمتاع الأسماع 1/ 181.
(3)
إمتاع الأسماع 1/ 245.