الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - أبواب: البعث والحشر وأحوال يوم القيامة
(متن الحديث)(إسناده)(درجته)(تخريجه)(موضعه في كتب الشيخ).
131/ 1 - (أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا بلحمٍ، فرفع إليه الذراعُ، وكانت تُعْجِبُهُ. فنهسَ منها نهسةً، فقال: "أنا سيِّدُ النَّاسِ يومَ القيامة. وهل تَدْرُونَ بِمَ ذاك؟ يجمع الله يومَ القيامةِ الأولين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ، فيُسمِعُهُمُ الداعي، وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، وتدنو الشمس فيبلغُ الناس مِنَ الغمِّ والكربِ ما لا يُطِيقُونَ، وما لا يحتملون، فيقولُ بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون مَنْ يشفعْ لكم إلى ربكم؟. فيقولُ بعض الناس لبعض: ائتوا آدَمَ. فيأتون آدَمَ، فيقولون: يا آدَمُ! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك مِنْ روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إنَّ ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولنْ يغضب بعده مثله. وإنه نهاني عن الشجرة فعصيتُهُ. نفسي، نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوحٍ. فيأتون نوحًا، فيقولون: يا نوحُ! أنت
أولُ الرُّسِلِ إلى الأرض، وسمَّاك الله عبدًا شكورًا. اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إنَّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوةٌ دعوتُ بها على قومي، نفسي، نفسي. اذهبوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم. فيأتون إبراهيم، فيقولون: أنت نبيُّ الله وخليلُهُ مِنْ أهلِ الأرض، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟. فيقولُ لهم إبراهيمُ: إنَّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضبُ بعده مثله، وَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ. نفسي، نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى.
فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم، فيقولون: يا موسى! أنت رسولُ الله، فَضَّلك الله برسالته، وبتكليمه على الناس، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقولُ لهم موسى صلى الله عليه وسلم: إنَّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسًا لم أؤمر بقتلها. نفسي، نفسي. اذهبوا إلى عيسى صلى الله عليه وسلم، فيأتون عيسى، فيقولون يا عيسى! أنت رسولُ الله، وَكَلَّمْتَ النَّاس في المهد، وَكَلِمَةٌ منه ألقاها إلى مريم وروح منه، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟! فيقولُ لهم عيسى - صلى الله
عليه وسلم -: إنَّ ربي قد غضب اليوم غضبًا، لم يغضب قبله مثله، ولنْ يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبًا. نفسي، نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فيأتوني، فيقولون: يا محمّد! أنت رسولُ الله، وخاتم الأنبياء، وغفر الله لك ما تقدّم مِنْ ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلق فآتي تحتَ العرش، فأقع ساجدًا لرب، ثمّ يفتح الله عليَّ ويلهمُني مِنْ محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه لأحدٍ قبلي. ثمّ يقال: يا محمّد! ارفع رأسك، سل تُعْطَهْ. اشفع تُشَفَّعْ. فأرفع رأسي، فأقول: يا رب! أمتي أمتي. فيقال: يا محمّد! أدخل الجنَّة مِنْ أمتك مَنْ لا حساب عليه مِنَ الباب الأيمن مِنْ أبواب الجنَّة، وهم شركاءُ الناس فيما سوى ذلك مِنَ الأبواب والذي نفسي بيده! إنَّ ما بين المصراعين مِنْ مصاريع الجنَّة لَكَمَا بين مكّة وهجر، أو كما بين مكّة وبُصْرَى").
(عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:
…
فذكر الحديث). (هذا حديثٌ صحيحٌ، متفقٌ عليه)(صحيح القصص / 65 - 67).
132/ 2 - (إذا كان يومُ القيامة، اجتمعتِ الجِنُّ والإنْسُ في صعيدٍ واحدٍ، لا يذكر بعضُهُم بعضًا، فيكونُ الجنُّ والإنسُ عَشْرَةَ أجزاءٍ، فيكونُ الجِنُّ تسعةَ أجزاء، ويكونُ الإنسُ جزءً واحدًا، ثمّ تنشقُّ
السَّماءُ الدُّنيا، فتنْزِلُ الملائكةُ صُفُوفًا، على كلِّ صَفٍّ رأسٌ، فيدعو أهلُ الأرضِ منهُم، فيقولون: فيكم رَبُّنَا عز وجل؟ قالوا: ليس فينا وهو آتٍ، فيكونُ أهلُ السَّماء الدُّنيا والإنسُ عَشْرَةَ أجزاءٍ، فيكونُ أهلُ السَّماء الدُّنيا تسعةَ أجزاءٍ، ويكون الجنُّ والإنسُ جزءً واحدًا.
ثمّ تَنْشَقُّ السَّماءُ الثانية، فتنزل الملائكةُ صُفُوفًا، على كُلِّ صفٍّ رأسٌ، فيقولُ أهلُ الأرضِ: أفيكم ربُّنَا تبارك وتعالى؟ فيقولونَ: ليس فِينَا، وهو آتٍ، فيكونُ أهلُ السَّماءِ الثَّانية وأهلُ السَّماءِ الدُّنيا والجنُّ والإنسُ عَشْرَةَ أجزاءٍ، فيكونُ أهلُ السَّماءِ الثَّانية تسعَةَ أجزاءٍ، ويكونُ أهلُ السَّماءِ الدُّنيا والجنُّ والإنسُ جزءً واحدًا، ثمَّ تنشقُ السَّماءُ الثَّالثةُ، فتنزلُ الملائكةُ صُفُوفًا، على كلِّ صفٍّ رأسٌ، فيقولُ أهلُ الأرضِ: أفيكم ربُّنا تبارك وتعالى؟ فيقولون: ليس فِينا، وهو آتٍ، فيكونُ أهلُ السَّماءِ الثَّالثةُ وما أسفَلَ منها من السماوات والجنِّ والإنسِ عَشْرَةَ أجزاءٍ، فيكونُ أهلُ السَّماءِ الثَّالثة تسعَةَ أجزاءٍ، ويكون ما أسفَلَ مِنْ ذلك من السَّماواتِ والجنِّ والإنسِ جُزءً واحدًا، ثمَّ يكونُ أهلُ السموات على هذا حتَّى يبلغَ للسابعة، حتَّى يجيئ ربُّك في ظُلَلٍ من الغَمَامِ والملائكةُ صُفُوفًا لا يتكلمون).
(عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله). (إسناده قويٌّ، رجاله ثقات)(الزهد / 43، 44 ح 52).
133/ 3 - (الصِّراطُ كَحَدِّ السَّيفِ -أو كحرف السَّيفِ-، دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، بِجَنْبَتَيهِ ملائكةٌ معهم كَلالِيبٌ، يقولونَ: اللَّهُمَّ سَلِّم سَلِّم. قال: فيمر النَّاسُ عليه: كالبرقِ، وكالطَّيرِ! وكالرِّيح، وكأَجْوَدِ الخَيلِ، والرَّاكِبِ. فَمِنْ مُسَلَّمٍ ناجٍ، ومِنْ مَخْدُوشٍ ناجٍ، ومن مَرْكُوسٍ في النّار. وفي الحاشية: في هامش الأصلين: "مكدوس").
(رواه مجاهد، عن عُبَيد بن عُميَر موقوف عليه). (إسناده صحيحٌ)(ش، يعقوب ابن سفيان الفسوي، هناد، ابن جرير، نعيم حلية)(الزهد / 39 ح 45).
134/ 4 - (إنَّ الغَادِرَ يُرْفَعُ له لواءٌ يوم القيامة، يقال: هذه غدرةُ فلان ابن فلان).
(عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا). (صحيحٌ متفقٌ عليه)(التّوحيد / 1421 هـ / شعبان؛ سد الحاجة ح 2873؛ الإنشراح 111 / ح 135).
135/ 5 - (إنَّ الله سيُخَلِّصُ رجلاً مِنْ أُمَّتِي له تسعٌ وتسعونَ سِجلاً كُلُّ سِجِلٍّ مَدُّ البصر، فيقولُ له: أتُنكِرُ من هذا شيئًا؟ أَظَلَمَك كَتَبَتِي الحافظون؟ فيقولُ: لا يا ربّ، فيقولُ: بلى إنَّ لك عندي حسنةً، وإنه لا ظُلمَ عليك اليومَ، فيُخرجُ له بطاقةً، فيها: أشهد أن لا إله إِلَّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقولُ: احضر وزنَك، فيقولُ: ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فتثقُلُ البطاقةُ، ولا يثقلُ اسم الله شيئًا).
(رواه: اللَّيث بنُ سعد، قال: حدّثنا عامر بنُ يحيى المَعَافريّ، عن أبي عبد الرّحمن الحُبُلِّيُّ، عن عبد الله بنِ عَمرو رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم). (قال الطبرانيُّ: لا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به: عامر بنُ يحيى. انتهى. قلتُ: رضي الله عنك! فلم يتفرد به عامر بنُ يحيى، وهو ثقةٌ؛ فتابعه عبد الرحمن بنُ زياد بنِ أنعُم الإفريقيّ، وهو ضعيفٌ)(طب أوسط، عبد)(تنبيه 12 / رقم 2427).
136/ 6 - (إِنَّ أناسًا في زَمَنِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسولَ الله! هل نرى ربَّنا يومَ القيامة؟ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نعم". قال: "هل تُضَارُّون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوًا ليس معها سحابٌ؟!، وهل تُضَارُّون في رؤية القمر ليلة البدر صحوًا ليس فيها سحاب؟ " قالوا: لا يا رسول الله! قال: "ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما. إذا كان يومُ القيامة أذَّنَ مُؤَذِّنٌ: لِيَتَّبعْ كلُّ أُمَّةٍ ما كانت تعبدُ، فلا يبقى أحدٌ كان يعبد غير الله سبحانه مِنَ الأصنامِ والأنصابِ إلا يتساقطونَ في النَّار. حتّى إذا لم يبق إلا مَنْ كان يعبد الله مِنْ بَرٍّ وفاجر، وغُبَّرِ أهلِ الكتاب.
فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟، قالوا: كُنَّا نعبدُ عزير ابنَ الله. فيقال: كذبتم، ما اتخذ الله مِنْ صاحبةٍ ولا ولد. فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربَّنا!، فاسقنا. فيشارُ إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضًا، فيتساقطون في
النّار. ثمّ يدعى النصارى. فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟: قالوا كنا نعبد المسيح ابنَ الله. فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا رَبَّنَا! فاسقنا. قال: فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سرابٌ يحطم بعضها بعضًا، فيتساقطون في النّار، حتّى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى مِنْ بَرٍّ وفاجر، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة مِنَ التي رأوه فيها قال فماذا تنتظرون؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ ما كانت تعبدُ. قالوا يا رَبَّنَا! فارقنا النَّاس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئًا - مرتين أو ثلاثًا - حتّى إنَّ بعضَهم ليكاد أن ينقلب. فيقولُ: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق. فلا يبقى مَنْ كان يسجدُ لله مِنْ تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى مَنْ كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقةً واحدةً، كلما أراد أنْ يسجدَ خرَّ على قفاه. ثمّ يرفعون رؤوسهم، وقد تحول في صورته الّتي رأوه فيها أول مَرَّةٍ. فقال: أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربُّنا. ثمّ يضرب الجسر على جهنم وتَحِلُّ الشفاعةُ، ويقولون: اللَّهُمَّ سَلِّم سَلِّم". قيل: يا رسول الله! وما الجسرُ؟ قال: "دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فيه خَطَاطِيفُ وكَلالِيبُ وَحَسَكٌ.
تكون بِنَجْدٍ، فيها شويكةٌ يقال لها: السعدان. فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل، والركاب. فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، ومخدوشٌ مُرْسَلٌ، ومكدوسٌ في نارِ جهنَّمَ. حتّى إذا خلص المؤمنين مِنَ النَّارِ، فوالذي نفسي بيده! ما منكم مِنْ أحدٍ بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق مِنَ المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار. يقولون: ربَّنَا! كانوا يصومُون معنا، وَيُصلُّونَ، ويحجُون. فيُقال لهم: أخرجوا مَنْ عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقًا كثيرًا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه، وإلى ركبتيه. ثمّ يقولون: ربَّنَا! ما بقي فيها أحدٌ ممّن أمرتنا به فيقولُ: ارجعوا. فمَنْ وجدتم في قلبه مثقال دينار مِن خير، فأخرجوه. فيُخرجون خلقًا كثيرًا ثمّ يقولون: ربَّنَا! لم نَذَرْ فيها أحدًا ممّن أمرتنا. ثمّ يقول: ارجعوا، فَمَنْ وجدتم في قلبه نصف دينار مِنْ خير، فأخرجوه. فيُخرجون خلقًا كثيرًا، ثمّ يقولون: ربَّنَا! لم نذر فيها مما أمرتنا أحدًا. ثمّ يقول: ارجعوا، فَمَنْ وجدتم في قلبه مثقال ذرةٍ مِنْ خير فأخرجوه. فيُخرِجون خلقًا كثيرًا، ثمّ يقولون: رَبَّنَا! لم نذر فيها خيرًا! " وكان أبو سعيد يقول: إِنْ لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرأوا إنْ شئتم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}
[النساء: 40]"فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين. فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قطُّ، قد عادوا حُمَمًا، فيُلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبَّةُ في حميل السيل. ألا ترونها تكون إلى الحجر، أو إلى الشجر، ما يكون إلى الشمس أُصَيفر وأُخَيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟! ". فقالوا: يا رسول الله! كأنك كنت ترعى بالبادية! قال: "فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم، يعرفهم أهلُ الجنَّة. هؤلاء عُتَقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه. ثمّ يقول: أدخلوا الجنَّة فما رأيتموه فهو لكم. فيقولون: ربَّنَا! أعطيتنا ما لم تُعط أحدًا مِنَ العالمين. فيقول: لكم عندي، أفضل من هذا. فيقولون: يا ربَّنَا! أيُّ شيءٍ أفضلُ مِنْ هذا؟. فيقول: رضاي. فلا أسخط عليكم بعده أبدًا". هذا لفظ مسلم).
(رواه: حفص بنُ ميسرة - وهذا حديثه -، وسعيد بنُ أبي هلال (1)، كلاهما عن زيد بنِ أسلم، عن عطاء بنِ يسار، عن أب سعيد الخدري رضي الله عنه به) (متفقٌ عليه).
(1) يأتي ذكرُ حديثه في الجزء الثّاني من المنيحة، في أبواب:(البعث والحشر وأحوال يوم القيامة). وخرَّجتُ لهذا الحديث في الجزء الثّاني أيضًا شاهدًا عن أبي هريرة وحذيفة معًا في أبواب: (الجنَّة والنار: صفتهما وذكر نعيم أهل الجنَّة وجحيم أهل النّار).
(خ، م)(صحيح القصص / 60 - 62).
137/ 7 - (تُدْنِي الشّمسُ يومَ القيامةِ مِنْ الخلقِ، حتّى تكونَ منهم كمقدارِ مِيلٍ. قال سُلَيْمُ بنُ عامرٍ: فواللهِ ما أدرِي ما يعني بالميلِ؟ أَمَسَافَةَ الأَرضِ، أم المِيلَ الّذي تُكْتَحَلُ بهِ العينُ؟ قالَ: فيكونُ النَّاسُ على قَدْرِ أعمَالهم في العَرَقِ، فمنهم مَنْ يكونُ إلى كَعْبَيْهِ، ومنهم مَنْ يكونُ إلى رُكْبَتَيْهِ، ومنهم مَنْ يكونُ إلى حَقْوَيْهِ، ومنهم مَنْ يُلْجِمُهُ العَرَقُ إِلْجَامًا، قالَ: وأشارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إلى فِيهِ).
(قال مسلمٌ: ثنا الحكم بنُ موسى أبو صالح: ثنا يحيى بنُ حمزة، عن عبد الرّحمن ابن جابر: حدثني سُلَيم بنُ عامر: حدثني المقداد بنُ الأسود رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يقول: .. فذكره. وأخرجه الترمذيُّ وأحمد من طريق ابن المبارك، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر، بسنده سواء مسلسلاً بالتحديث).
(صحيحٌ. قال أبو عَمرو -غفر الله له-: وفيه إثباتُ سماع سليم بنِ عامر من المقداد بن الأسود رضي الله عنه. وردٌّ على قول أبي حاتم الرازي، فيما نقله ابنُهُ عبد الرّحمن عنه في "المراسيل" (ص 85): "سُلَيم بنُ عامر لم يدرك المقداد بنَ الأسود". اهـ.
وانظر القاعدةُ التي ذكرها شيخُنا فيما مضي الحديث رقم 9، ورقم 83، ورقم 94 ونظيرها في الأحاديث أرقام 299، 362، 473، 495).
(م، ت، حم)(التسلية / ح 31؛ تنبيه 9 رقم 2124؛ 11 رقم 2310).
138/ 8 - (نحنُ يومَ القيامةِ على كَوْمٍ، فوق الناس، فتُدْعَى الأُممُ بأوثانها، وما كانت تعبد الأوّل فالأول، حتّى يأتينا رَبُّنَا بعد ذلك،
فيقول: ما تنتظرونَ؟ فيقولونَ: ننتظرُ رَبَّنَا عز وجل، فيقولُ:"أنا ربكم"، فيقولون: حتى ننظُرَ إليك، فيتجلَّى لهم يَضْحَكُ. قال جابرٌ: فسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثم ينطلقُ، ويَتْبَعُونَهُ).
(عن أبي الزبير، أنَّهُ سألَ جابر بنَ عبد الله عن الورود؟ فقال جابرٌ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: .. وذكره). (هذا حديث صحيحٌ)(حم، م)(الزهد / 44 ح 54).
139/ 9 - (يتجلَّى ذُو العزُّةِ، فيقول: سَيَعْلَمُ الجمعُ لِمَنِ الكَرَمُ اليومَ، ثلاثًا. لِيَقُم الذين: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]، قال: فيقومونَ. ثم يقولُ: سَيَعْلَمُ أهلُ الجمع لِمَنِ الكَرَمُ اليومَ، ثلاثًا، لِيَقُمِ الذين: {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]، فيقومُون، ثم يقولُ: سَيَعْلَمُ أهلُ الجمع لمن الكَرَمُ اليومَ، ثلاثًا. لِيَقُمِ الحمَّادُون. قال فُضَيلٌ: فسألتُ أبا إسحاق: من الحمَّادَون؟ قال: أمَّةُ محمد صلى الله عليه وسلم).
(رواه: فُضَيل بنُ مرزوق، عن أبي إسحاق السَّبِيعِيّ، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، موقوفًا عليه). (إسناده صحيحٌ، لولا تدليس أبي
إسحاق. ولكن يأتي له شاهد في الحديث القادم. يعني: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفي أوله: يقوم منادٍ فينادي ..) (الزهد / 60 ح 77).
140/ 10 - (يَرِدُ عَلَيَّ الحوضَ رجالٌ من أصحابي، فَيُحَلَّؤُونَ عنه، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القَهْقَري).
(قال ابنُ وهب: أخبرني يونس، عن الزهري، عن ابن المسيب، أنه كان يُحدث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال .. فذكره. وقال شعيبٌ: عن الزهري: كان أبو هريرة يُحدث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فَيُجْلَونَ).
(قال البخاري: وقال الزُّبَيدي: عن الزهري، عن محمد بن عليّ، عن عبيد الله ابن أبي رافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر الحافظُ في "الفتح" (11/ 474)، أن الدارقطني وصلَ رواية الزُّبيدي هذه في "الأفراد"، من طريق عبد الله بن سالم، عن محمد بن الوليد الزُّبيدي، بهذا الإسناد سواء).
(خ)(تنبيه 12 / رقم 2503).
141/ 11 - (يقول الله عز وجل يومَ القيامةِ: يا ابنَ آدمَ! أَلَمْ أَحْمِلْكَ على الخَيلِ والإبِلِ، وأُزَوِّجْكَ النساء، وجَعَلْتك تَرْبَعُ وتَرْأَسُ؟ فيقولُ: بلى. فيقولُ الله تعالى: يا ابنَ آدمَ! فأينَ شُكْرُ ذلك).
(رواه: إسحاق بنُ عبد الله بنِ أبي طلحة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أَنَّ
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال:
…
فذكره). (إسناده صحيحٌ)(حم)(الزهد / 68 ح 84).
142/ 12 - (يقومُ مُنادٍ فينادي: سَيعْلَمُ أهلُ الجمعِ مَنْ أصحابُ الكَرَمِ؟ أين الحَمَّادُون على كُلِّ حالٍ؟ فيقومُون، فيُؤْمَرُ بهم إلى الجنَّة، ثَّم يقومُ فيُنَادِي الثانيةَ، فيقولُ: سَيَعْلَمُ أهلُ الجمعِ اليومَ مَنْ أصحابُ الكَرَمِ؟ أين الذين كانت {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16] قال: فيقومُونَ، فيُؤمَرُ بهم إلى الجنَّة. ثم يقومُ فيُنادِي الثالثةَ، فيقولُ: سَيَعْلَمُ أهلُ الجمعِ اليومَ مَنْ أصحابُ الكَرَمِ؟ أين الذين كانت {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]، فيقومُونَ، فيُؤمَرُ بهم إلى الجنَّة. ثم يخرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ حتَّى يُشرِفَ على الخَلاِئِقِ، لهُ عَيْنَانِ بَصِيرَتَانِ، ولسانٌ فَصِيحٌ، فيقولُ: إنِّي أُمرتُ بثلاثٍ: بكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، فهو أَبْصَرُ بهم مِنَ الطَّيرِ بِحَبِّ السِّمْسِم، فَيَلْقُطُهُم ثم يَخِيسُ بهم في جهنَّم. ثم يخرجُ الثانيةَ فيقولُ: إنِّي أُمِرْتُ بالذين كانوا يُؤذُونَ الله ورسولَه، فهو أَبْصَرُ بهم مِنَ الطير بِحَبِّ السمسم، فَيَلْتَقِطُهُم، ثم يخيسُ بهم في جهنَّمَ، ثم يخرجُ الثالثةَ فيقولُ: إِنِّي أُمِرْتُ بالمصَوِّرِينَ، فهو أَبْصَرُ بهم
مِنَ الطير بحبِّ السِّمسِم، فَيَلْتَقِطُهُم، ثم يخيسُ بهم في جهنَّمَ، ثمَّ تَطَايَرُ الصُحفُ مِنْ عَلَى النِّسَاء والرِّجَال).
(رواه: سيار بنُ سلامة الرياح، عن أبي العالية الرياحي، عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا عليه). (إسناده قويٌّ، رجاله ثقات. ورواه: سيار بنُ سلامة أيضًا، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس فذكره. وفي شهر بن حوشب كلامٌ يسير. قال الحافظُ في "المطالب" (4629): إسناده حسنٌ. اهـ. فلربما كان سيار ابنُ سلامة يرويه على الوجهين. ولبعضه شواهد) (الحارث، نعيم حلية، ابن جرير)(الزهد 60 - 61 ح 78).
143/ 13 - (يُؤْتَى بالصِّراطِ، حَدُّه كَحَدِّ المُوسَى، فتقول الملائكة: يا ربنا! -أو كلمة غير هذا، أكبرُ ظَنِّي أنه- مَنْ يُجِيْزُ على هذا؟ فيقول: مَنْ شِئْتُ مِنْ خَلقي. قال: فيقولون: ربنا ما عبدناكَ حَقَّ عبادتك).
(قال أسد بنُ موسى -المصري الملقب، بأسد السنة-: نا حماد بنُ سلمة، عن ثابت البُنَانّي، عن أبي عثمان النَّهدِيّ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه فذكره موقوفًا عليه.
ورواه: ابنُ أبي شيبة، قال: ثنا الحسن بنُ موسى الأشيب عن حماد بن سلمة بسنده سواء، دون آخره. وأخرجه الآجري في الشريعة من طريق معاذ بنِ معاذ، قال: ثنا حماد بنُ سلمة بسنده سواء: "يوضع الصراط يوم القيامة وله حدٌّ كَحَدِّ الموسى .. " ثم رواه: الآجري من طريق ابنِ مَهدي، قال: ثنا حماد ابن سلمة به. هكذا رواه: أسد بنُ موسى والحسن بنُ موسى الأشيب ومعاذ بنُ معاذ
وابنُ مهدي عن حماد بن سلمة به موقوفًا على سلمان. وخالفهم: هدبة بنُ خالد، فرواه عن حماد بن سلمة بسنده سواء، لكنه رفعه). (إسناده صحيحٌ. ولا منافاة بين رواية الرفع والوقف، فإنَّ رواية الوقف لها حكم الرفع كما لا يخفى إذ لا مجال للرأي في مثل هذا)(ش، الآجري، ك)(الزهد / 38 ح 43).
144/ 14 - (يؤتى بالصراط حدُّه كحدِّ الموسى، فتقول الملائكة: يا ربنا مَنْ يجيز على هذا؟ فيقول: مَنْ شئتُ مِنْ خَلقي. قال: فيقولون: ربنا! ما عبدناك حق عبادتك).
(رواه هدبة بنُ خالد، قال: ثنا حماد بنُ سلمة، عن ثابت البُنَاني، عن أبي عُثمان النَّهدي، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه مرفوعًا به. وخولف هدبة في رفعه، خالفه: أسد ابنُ موسى، والحسن بنُ موسى، ومعاذ بنُ معاد، وعبد الرحمن بنُ مهدي، فرووه عن حماد بن سلمة بسنده سواء، موقوفًا على سلمان). (حديثٌ صحيحٌ. فإن كان لابد من الترجيح، فرواية الجماعة أقوى، ولكن لا منافاة عندي بين رواية الوقف والرفع، فإن هذا كثيرٌ في الروايات. لا سيما ورواية الرقف لها حكم الرفع كما لا يخفى، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل هذه الأمور التي لا تعرف إلا عن طريق الرسل. والله أعلم)(أسد السنة، ك، ش، الآجري)(التوحيد / شعبان / 1414 هـ).
145/ 15 - (يُؤْتَى بالعبدِ يومَ القيامةِ، فيقال: ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا ومالاً وولدًا، وسخرتُ لك الأنعامَ والحرثَ، وتركتُك تَرْأَسُ وتَرْبَعُ، أفكنتَ تظُن أَنَّك مُلاقى يومَك هذا؟. فيقول: لا. فيقولُ: اليومَ أنساك كما نسيتني. قال ابنُ أبي داود. في "البعث": أما قولُهُ: تربع:
تأخذ المرباع. والمرباعُ: كان أهل الجاهلية إذا أغاروا فغنموا غنيمةً أعطوا سيدهم ربع ما غنموا، يضيف به الضيف، ويقومُ به على نوائب الحيّ. فهذا المرباع. اهـ).
(عن مالك بنِ سعير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وعن أبي سعيد الخدري مرفوعًا). (وسنده حسنٌ)(ت، ابن أبي داود)(الزهد / 68 - 69؛ البعث / 73 - 74 ح 34).
146/ 16 - (يُؤْتَى بالميزانِ يومَ القيامة، فلو وُضِعتْ في كِفَّتِهِ السمواتُ والأرضُ ومَنْ فِيهنَّ، لَوَسِعَتْهُ. فتقولُ الملائكةُ: ربنا! مَنْ تَزِنُ بهذا؟ فيقولُ: ما شِئْتُ مِنْ خَلْقِي. فتقولُ الملائكةُ: ربنا! ما عبدناكَ حقَّ عبادَتِك).
(قال أسد بنُ موسى: نا حماد بنُ سلمة، عن ثابت البُنَانّي، عن أبي عثمان النَّهدِيّ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه فذكره، موقوفًا عليه). (إسناده صحيحٌ)(ش، الآجري، ك)(الزهد / 54 ح 66).
147/ 17 - (يُوقَفُ ابنُ آدم يومَ القيامَةِ كأنَّهُ بَذجٌ، فيقولُ الله تعالى: ابنَ آدمَ! أين ما خوَّلْتُكَ؟ فيقولُ: أَيْ ربِّ! قد وفَّرتُه وثَمَّرتُهُ، وتَرَكْتُهُ أوفَرَ ما كان. البذج: بموحدة تحتانية، هو ولد الضأن).
(رواه: حماد بنُ سلمة، عن حميد وثابت جميعًا، عن الحسن البصري - قوله)(إسناده صحيحٌ)(الزهد / 67 ح 82).